أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد نبيل الصالحي - الدولة المدنية ، مفهوم على المحكّ














المزيد.....

الدولة المدنية ، مفهوم على المحكّ


محمد نبيل الصالحي

الحوار المتمدن-العدد: 3803 - 2012 / 7 / 29 - 12:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بعد ما شهده العالم العربي من ربيع عربي ووصول تيارات الاسلام السياسي الى سدّة الحكم في بعض الدول واقترابهم منها في البعض الآخر يجري الحديث عمّا يسمّى بالدولة المدنية ذات المرجعية الاسلامية وهو جزء من خطاب متناقض وتلفيقي يجمع ما لا يمكن جمعه (المدنية أو العلمانيه من جهة والاسلام من جهة أخرى) وهو ما سيتم شرحه وتشريحه لاحقاً في هذا المقال:
إنّ مصطلع الدولة المدنية غير موجود في هذا السياق البتّة حيث أنّ الدولة امّا أن تكون علمانية أو أن تكون دينية، المدنية هي شكل للسطلة وليس للدولة بحيث لا تكون عسكرية، ومثال ذلك ما جرى في تركيا في الثمانينيات عندما انقلبت المؤسسة العسكرية على الحكم فانقلبت بذلك على الشكل المدني للسلطة، غير أنّ هنالك مجموعة من المفكّرين التنويريين العرب التقدّميين الذين برزوا في نهايات القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين وقد نادوا بمفهوم الدولة المدنية للدلالة على الدولة العلمانية وذلك لما باتت تحمله كلمة العلمانية من استفزاز للمجموع في بلادنا، وقد جرى التعامل مع المفهوم بهذه الصيغة، صيغة المواطنة والحياد تجاه الأديان الى أن أصبحت تيارات الاسلام السياسي (الاخوان المسلمون والسلفيون الجدد) يقولون بالدولة المدنية ذات المرجعية الاسلامية، ما يضعنا على شفا سؤالين بديهيين، الأول : ما مدى صحّة جواز قيام الدولة المدنية بوصفها حياداً حيال الأديان بمرجعية دينيه ؟ وهو ما تمّ طرحه أعلاه، والثاني: هل هذه التيارات التي تنطلق من خطاب له جذر ديني ماضوي قادرة على فرز شكل مدني يتوافق ومرحلة التحرر الوطني الشامل (التحرر غير القابل للتجزئة)؟.
تجدر الاشارة هنا الى أنّ هذه التركيبة العجيبة (الدولة المدنية ذات المرجعية الاسلامية) لا تصحّ من الناحية النظرية وذلك لعدة أسباب ذاتية تتجذّر في أنّ الأولى تقوم على أساس المواطنة الكاملة التي وفي سياقها الطبيعي يتم فهم أمور مثل الأقليّة والأغلبيّة على أنها( نصاباً سياسياً لا نصاباً طائفياً) مما يتناقض مع نصف الخطاب الآخر (الاسلام) الذي ينطلق من أساس جذرة الحاكميّة وأنّ الحاكم هو الله الأعلم بشؤون دنياكم ما لا يصحّ وضعه في صناديق الاقتراع وتحكيم الناس فيه هذا من جهة ومن جهة اخرى فبكونه سماوياً فتشريعاته الثابتة يترتّب عليها الكثير من المفاهيم التي تتناقض في جوهرها مع الدوله المدنية الحديثة (علمانية الطابع) والتي نستطيع أن نلمسها في بعدها النظري والتاريخي خاصّةً في ما يخصّ تقسيم الشعب طائفياً في ذهن الدولة والمجتمع الى مواطنين (مسلمين) ورعايا و أهل ذمّة وما الى ذلك، لكلٍّ منهم حقوق وواجبات تختلف في أحيانٍ كثيرة..
تستلهم تيارات الاسلام السياسي رؤيتها من نماذج محددة للدولة الاسلامية مثل عهد النبي والعهد الراشدي وبعض النماذج هنا وهناك من تاريخ الدولة الاسلامية، هذه النماذج التي يتم اختيارها بعنايةٍ بالغة لتعزلها بذلك عن الطابع العام للدولة الأموية أو العباسية أو غيرها والذي لا يمكن أن يتوافق مع شكل الدولة المدنية الحديثة، دولة كل مواطن يساوي اي مواطن آخر في الحقوق والواجبات.
عندما نرى هذه التيارات ترفع شعارات من قبيل الاسلام هو الحل أو الدولة المدنية ذات المرجعية الاسلامية ونراها تلجأ للإنتخابات وصناديق الاقتراع ومجالس البرلمان وما الى ذلك من هذه المظاهر علمانية الشكل والبنية قطعاً فإننا نستطيع أن نستشفّ نفاق هذا الخطاب وتهافته ووقوعه في مأزق حضاري لم يجد له مخرجاً منه سوى بالتقية والنفاق وبالابتعاد عن أدبياتهم وتنظيراتهم التي اعتدنا عليها (والتي أعطتهم شرعية وجودهم من الأساس) بخصوص الدولة وشكل الدولة وهنا أقصد أدبيات السيد قطب وحسن البنّا تحديداً، وهذا المأزق الحضاري الذي أقصده هو مأزق العلمانية كضرورة حضارية وكاستحقاق حضاري ، اذ اصبح العالم الحديث الآن يتجه نحو شكل الدولة الذي يلتزم الوقوف على مسافة واحدة من الجميع، الشكل الذي يرفض ممارسات التمييز الاثني والطائفي وكل مظاهر ما قبل الدولة -نظراً لأن الفارق الرئيسي بين القبيلة الأولى والمجتمع المدني الحديث يكمن في العلمانية، العلمانية التي هي مبدأ أساسي في الدولة الحديثة- الشكل الذي يرفض التمييز بين الذكر والأنثى فلا يعزّز ثقافة المرأة ككيان ناقص وثقافة العورة وتغليف المرأة، الشكل الذي لا يكرّس العنصرية ولا يقولبها في قوالب بأشكال مختلفة ليحفظ ديمومته بل يرفضها ويمنعها لطبيعة تكوينه المدني، الشكل الذي يستطيع الجميع في ظله ممارسة مرجعياتهم الدينية ولكن لا يحقّ لأحدٍ فيه فرض مرجعيته على الآخر كفرض الجزية وما الى ذلك الى آخره من هذه المظاهر، وبين هذا وذاك، بين الحنين لأمجاد الماضي وبين الواقع الذي يفرض نفسه نهاية المطاف يقع هؤلاء (الاسلامويون) في هاوية أدّت بهم الى ما نراه الآن.
إنّ نهضة أي أمّة وأي مجتمع لا يمكن أن تناقض نفسها، اذ إنّ النهضة شامله بتكوينها لا تتجزّاً، ولا تأتي لا بالسعي لإسقاط الماضي على الحاضر ولا برفع شعارات متناقضة في جوهرها ومنافقة مثل الدولة المدنية ذات المرجعية الاسلامية ، عن أي نهضه نتحدّث ونحن لم نتجاوز بعد مسألة فصل الدين عن مؤسسات الدولة ؟، نحن نغنّي للنهضة، للنهضة وليدة شرطها، نحن نغنّي للفرح الكونيّ ضد كل ظلامية ورجعية في هذا العالم انطلاقاً من ايماننا بأننا بغير هذا لا يمكن أن ننهض بالمعنى النهضوي الشامل وبأننا لا يمكن أن نبني أوطاناً حرّة دون أن نبني انساناً حرّاً...






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ستُّ شهواتٍ لهذا الليل


المزيد.....




- “بدون تشويش أو انقطاع” استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة 2025 ...
- بابا الفاتيكان يدعو لوقف ’وحشية الحرب’ في قطاع غزة
- الرئيس الروسي يلتقي في موسكو كبيرَ مستشاري قائد الثورة الإسل ...
- هآرتس: تصدع في دعم الإنجيليين الأميركيين لإسرائيل بسبب استهد ...
- بابا الفاتيكان يدعو لإنهاء -وحشية الحرب- ووقف العقاب الجماعي ...
- بابا الفاتيكان يدعو لإنهاء -وحشية الحرب- ووقف العقاب الجماعي ...
- تفاصيل خطيرة.. مصر تحبط مخطط -حسم- الإخوانية لإحياء الإرهاب ...
- الرئاسة الروحية للدروز تطالب بسحب -قوات دمشق- من السويداء
- الاحتلال يسرع السيطرة على المسجد الإبراهيمي
- نار السويداء وثلج الجولان وحلف الدم بين اليهود والدروز


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد نبيل الصالحي - الدولة المدنية ، مفهوم على المحكّ