أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شرف حسان - الخدمة -المدنية- .. خدمة الدولة الرأسمالية ورأسمالييها وتطوير لسياسة السيطره والضبط ضد الجماهير العربية















المزيد.....

الخدمة -المدنية- .. خدمة الدولة الرأسمالية ورأسمالييها وتطوير لسياسة السيطره والضبط ضد الجماهير العربية


شرف حسان

الحوار المتمدن-العدد: 1108 - 2005 / 2 / 13 - 11:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الخدمة "المدنية" هو الاسم التجاري الذي اختارت المؤسسة الحاكمة اطلاقه على مشروع يختلف كلياً عن مشاريع مدنية يقوم بها المجتمع المدني. فيدور الحديث عن مشروع رسمي لخدمة الدولة، برعايتها واشرافها. اما اختيار عبارة "مدني" فجاء بهدف تسويقي بحت حيث يعتقد معدو هذا البرنامج ان هذا سيسهل على مئات الشباب من فئات معينة مثل العرب و"الحريديم" تقبل المشروع. الخدمة القومية-الوطنية (المدنية) ارتبطت في اسرائيل ومنذ السنوات الاولى لقيام الدولة بالخدمة العسكرية فكانت الوجه الاخر المكمل لها، فليس صدفة ان يقترح هذا المشروع على اوساط لم تخدم في الخدمة العسكرية. بناء مشروع واقامة سلطة للخدمة المدنية الان هو ايضاً تحضير للتغيرات التي بوشر عملياً بتنفيذها في الجيش بسبب التطور التكنولوجي والاعتماد اكثر على الاسلحة المتطورة واقل على الجنود.
الجهد المكثف الذي بذلته المؤسسة الحاكمة في السنوات الاخيرة بهدف اعداد خطط لفرض الخدمة المدنية واخراجها الى حيز التنفيذ لم يكن وليد الصدفة، بل بسبب التحولات التي يمر بها المجتمع الاسرائيلي في المجالات المختلفة وخصوصاً السياسية والاقتصادية. فلهذا المشروع جوانب عديدة نوقش قسم منها جماهيرياً. في هذا المقال ساتركز بتناول جانبين اساسين للخدمة المدنية. الجانب الاول هو الطبقي اما الثاني فهو سياسي ومتعلق بسياسة الدولة تجاه الجماهير العربية في البلاد وتطوير اليات السيطرة والضبط ضدها.

خدمة للرأسماليينيمر الاقتصاد الاسرائيلي منذ حوالي ثلاثين عاماً بعمليات تغيير بنيوية تسارعت بشكل كبير في السنوات الاخيرة بفعل مرحلة العولمة وسيطرة الايديولوجية النيؤو-ليبرالية على العالم. هذه العمليات والتوجهات ادت الى خصخصة قطاعات هامة سيطرت عليها الدولة في السابق ما ادى الى تقليص اجهزة الدولة وتقليص الخدمات التي قدمتها الدولة للمواطنين واستفادت منها بشكل خاص الطبقات والفئات المستضعفة في المجتمع. بطبيعة الحال، المستفيد من هذه التحولات هي حفنة ضئيلة من الطبقة الرأسمالية التي استفادت من عمليات الخصخصة حيث حُولت قطاعات وشركات حكومية هامة لسيطرتها واستفادت ايضاً من التخفيضات الضريبية التي تقوم المؤسسة الحاكمة باجرائها باستمرار بسبب تقليص حجم الصرف على الخدمات.
هذه التقليصات ادت الى تفاقم مشاكل عديدة مثل البطالة والفقر والجوع واتساع الطبقات المسحوقة وما الى ذلك. الدولة الرأسمالية تعي ان وجود مشاكل من هذا النوع وبهذا الحجم داخلها من الممكن ان يزعزع استقرارها فلا بد ان يهب المتضررون من هذه الضربات للاحتجاج. لذلك اهتمت الطبقات المستفيدة والانظمة الرأسمالية بـ"علاج" هذا المشاكل بطرق مختلفة لا اريد ان اتوسع بها في هذا المقال. لكن لا بد من الاشارة الى ان لمؤسسات المجتمع المدني (المدعومة بشكل خاص من تبرعات الرأسماليين) والقطاع الخاص دوراً بملأ قسم بسيط من هذا الفراغ بواسطة مشاريع مختلفة في مجالات الصحة والتربية والتعليم وتوزيع الطعام الخ.
والسؤال المطروح هنا ما هي علاقة هذا التحليل بالخدمة المدنية؟

مشاريع الخدمة المدنية تسعى لتحويل الاف الشباب والشابات في البلاد عرباً ويهوداً الى ايدي عاملة رخيصة جداً، وبدون حقوق تعمل في القطاعات الخدماتية والامنية (بشكل مباشر وغير مباشر) وبذلك تنشئ المؤسسة المسيطره جهازاً اضافياً يساهم في ملأ قسم اخر من الفراغ الذي انتجته الدولة الرأسمالية بعد تصفية ما يسمى بدولة الرفاه.
حتى تستطيع الدولة تجنيد "المتطوعين" لهذا الجهاز تعمل في عدة اتجاهات اهمها الاتجاه الايديولوجي. فالغطاء الايديولوجي لمثل هذه المشاريع هو خدمة المجتمع وقيم التطوع والعطاء والانسانية فالاعمال التي يقوم بها المجندون للخدمة المدنية بشكل عام تحمل طابع انساني. كذلك تستغل الايديولوجيا القومية في عملية التجنيد ففي نهاية الامر هذا المشروع يصب في "خدمة الدولة والوطن والقومية". هناك مرونة في انتقاء الايديولوجية التي تساهم على التجنيد فعند العرب تستعمل الايديولوجيا "الانسانية" وخدمة المجتمع وفي اوساط الاغلبية العلمانية ممكن استعمال الايديولوجية الصهيونية الخ.
جهاز الخدمة المدنية هو ذراع من اذرع الدولة تستغله لخدمة اهدافها ومصالحها فلا استغرب مثلاً ان تستعمل الدولة هذا الذراع لكسر اضراب قطاعات عمالية معينة حيث لوحت في السابق في استعمال الجيش. فلكسر اضراب المعلمين في جهاز التربية والتعليم يمكن في حالات معينة استعمال الموارد البشرية الموجودة في اطار هذا الجهاز. وتستطيع الدولة بعد ان تضمن بناء هذا الجهاز ان تعتمد عليه في وظائف معينه وبالتالي يمكنها ان تفصل العمال الذين قاموا في السابق بمثل هذه الاعمال. فليس غريباً ان يجري الحديث في بعض المدن باستعمال الموارد البشرية في الخدمة الوطنية لملأ برنامج يوم التعليم الطويل في اطار تنفيذ توصيات دوفرات.
تجنيد الاف الشباب والشابات للقيام باعمال مختلفة قد يساهم في المس باجور العمال وظروف عملهم خصوصاً في اوقات البطالة وتفاقم الازمات الاقتصادية. فبواسطة هذا المشروع تقوم الدولة عملياً بانزال الالاف الى سوق العمل.

الية جديدة للسيطره على الجماهير العربية - حديثة ومتطورة ومتقنة اكثرلقد اتبعت المؤسسة الحاكمة في اسرائيل سياسة الضبط والسيطرة ضد الاقلية الفلسطينة في البلاد وقد كان لهذه السياسة مركبات عديدة. وقد ميز سياسة واليات السيطره في اسرائيل مرونتها وتطورها الدائم وملائمتها للتحولات التي تجري في المجتمع. ففي السنوات الاولى للدولة استعملت المؤسسة الحاكمة الحكم العسكري والجيش لاحكام السيطره على الجماهير العربية. في مرحلة معينة تأكل هذا الجهاز واصبح غير ملائم للتحولات التي جرت في الدولة وبين الجماهير العربية فطورت اليات واجهزة اخرى غير مباشرة مثل تكثيف نشاط اجهزة المخابرات وما الى ذلك.
السلطة لم تدخر في الوسائل للسيطره على الجماهير العربية فاستعملت الطائفية وسيطرت على جهاز التربية والتعليم وعملت على كسب بعض "النخب" العربية الى صفها مستغلة طرق التوظيف وموارد الدولة المختلفة. وتحكمت السلطة بالميزانيات وطرق توزيعها وعملت على اخراج العرب من دائرة التأثير السياسي بواسطة التشكيل باخلاصهم للدولة. واستثنت العرب من الاندماج في اجهزة الدولة خصوصاً الاجهزة الامنية وبعد ان قامت السلطة بضرب الزراعة العربية ومصادرة الارض زادت من تعلق العرب باماكن العمل الموجودة في المدن اليهودية وتحكمت بمصدر رزق العائلات العربية.
مشروع الخدمة المدنية هو الية جديدة للضبط والسيطره على العرب تلائم المرحلة التي نعيشها اليوم.
لقد باشرت المؤسسة الحاكمة بادخال مراكز الشرطة الجماهيرية الى مدننا وقرانا العربية وتجنيد الاف المتطوعين العرب اليها، بعد هبة اكتوبر 2000، لتنفيذ اهداف سلطوية وكمقدمة اولى لحملات تجنيد اوسع في اطر مختلفة مثل الجيش وبرامج الخدمة المدنية والحرس المدني. باعتقادي ان الشرطة الجماهيرية وخلال فترة وجيزة من الزمن اكتسبت نوع من الشرعية خصوصاً انها تقوم باعمال هامة لم يقم بها احد في السابق. مثل هذه الاعمال شجعت الكثيرين للتجند لهذا الاطار.
السلطة تحاول بواسطة هذه المشاريع فرض أمر واقع والابتعاد عن مواجهة التحديات الديمقراطية الحقيقية التي تفرضها الجماهير العربية وبالتالي يتم إضعاف هذه الجماهير اكثر وهكذا تستطيع المؤسسة الحاكمة أن تبقي الوضع القائم بعلاقتها مع المواطنين العرب، من حيث الجوهر، كما هو.
مشاريع من هذا النوع لم تقترح بعد حوار بين السلطة والجماهير العربية بل بالعكس. فيجري تجاهل قيادات هذه الجماهير والتوجه مباشرة للشباب والشابات بغية التجنيد. فهذا التوجه يستهدف ضرب هذه القيادات والتقليل من قدرتها على التأثير على الجماهير (علماً بأن هذه القيادات هي المتهمة الاولى بعد حدوث كل "خرق للقانون والنظام) . لم تسع السلطة من خلال المشاريع المختلفة الى فتح صفحة جديدة واعادة رسم العلاقات مع الاقلية على أسس ديمقراطية والاعتراف بالعرب وبحقوقهم اليومية والقومية وانما هدفها هو فرض اليات ووسائل سيطره حديثة ومتطورة ومتقنة اكثر.
الامر الذي يميز هذه الوسائل بانه يصعب انتقادها بل بالعكس يمكن ان تحسب كانجاز ديمقراطي. هذا التوجه لفرض وسائل ضبط وسيطرة "ديمقراطية" لا يقتصر على هذا المشروع فقط بل موجود في مجالات مختلفة فعلى سبيل المثال الاقتراح بالغاء وظيفة رجل المخابرات في جهاز التربية والتعليم وفرض رقابة امنية في هذا الجهاز على اليهود والعرب.

(*) عضو سكرتارية الجبهة الديمقراطيّة ومسؤؤول الدائرة الطلابيّة فيها.



#شرف_حسان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول اشكالات ومحدوديات النضال الاجتماعي وظروف المرحلة ودورنا


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شرف حسان - الخدمة -المدنية- .. خدمة الدولة الرأسمالية ورأسمالييها وتطوير لسياسة السيطره والضبط ضد الجماهير العربية