أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء الديب - - كناري - أجمل مجموعة قصصية منذ - أرخص ليالي -














المزيد.....

- كناري - أجمل مجموعة قصصية منذ - أرخص ليالي -


علاء الديب

الحوار المتمدن-العدد: 3736 - 2012 / 5 / 23 - 16:45
المحور: الادب والفن
    


هذه مجموعة قصصية لكاتب استثنائي . صدرت " كناري " في ديسمبر 2010 وعلى الرغم من كل الأيام غير العادية التي نعيشها منذ وقت صدورها ، فإنها تزداد أهمية وتفصح كل يوم عن قيمة جديدة ، وقول يستحق التأمل فيه والوقوف عنده . أحمد الخميسي واحد من النادرين المتفرغين حقا للكتابة الأدبية ، إنه يأخذ كلماته بقدر نادر من الجدية ويشتغل على جمله وقصصه ومعانيه كصائغ يشتغل في الذهب الغالي ، أو كمحارب يدافع عن أرض الوطن ، إنه صاحب إدراك مثقف لمعنى ووظيفة الأدب ، وصاحب حس جمالي لايرضى إلا عندما تشف اللغة وتستقر على شاطيء الموسيقى . عشرون قصة قصيرة تطوف بك على أهم وأخطر قضايانا الاجتماعية ، كما تحاول طرق كل أشكال القصة القصيرة من أول شكلها الكلاسيكي عند تشيكوف ( مثلا قصتي : ممشى بين الأعشاب ، وبدلة ) ، إلي أشكالها التجريبية الحديثة في ( بط أبيض صغير ، فرصة سعيدة، حديقة ) .
لم أتعود في هذا الباب الذي أنشغل فيه بتقديم الكاتب للقارئ أن أستغرق في العمل النقدي ، ولكن الكنز الغني الذي يقدمه أحمد الخميسي يفتح مجالا خصبا لمناقشة شكل القصة القصيرة الآن ، كما يضع القارئ أمام أخطر وأهم القضايا السياسية والاجتماعية بدون مباشرة فجة أو خطابية جوفاء ، وأهم ما في الأمر هو البلاغة والاقتصاد اللذان تتميز بهما جمل الكاتب والعناية الفائقة بشكل القصة وبنائها بما يكشف عن عمق قضيته وأبعاد موضوعه ، لذلك قارنت بين مجموعة " كناري " والعمل الخالد لعبقري القصة المصرية يوسف إدريس ( 1927-1991) . فمجموعة " أرخص ليالي " ( صدرت عام 1954) هي بشكل أوبآخر ، إلي جانب قيمتها الفنية ، قد ارتبطت بثورة 1952 ، كما ترتبط " كناري " بدون افتعال وتزيد بالأجواء التي كانت مقدمة لثورة يناير 2011 .
اسمع هذا المقتطف الطويل من القصة رقم 3 والتي عنوانها " انتظار " :
" أحس رمضان الصايع بالأسى .. وشعر لأول مرة في حياته بأن شيئا ما لابد أن يقع فتتبدل بعده الحياة . بعيدا عن القاهرة على أطراف الطريق الزراعي استراح الجميع في أرض خلاء فسيحة ، رقدوا في أماكنهم كيفما اتفق . وفي الصباح تأملوا المكان حولهم واستقروا فيه . ثلاث ليال امتد حبل الحكايات بينهم ، ودفق كل منهم قصته للآخرين مرة كالوجع ومرة كالأمل . البعض كان ينسحب عائدا إلي المدينة ، إلا أن صفوف الوافدين واصلت تدفقها . أناس من كل ناحية يأتون ، يضعون حقائبهم ، ويقصون حكاياتهم ، وأخبار المليارات التي تسرق هناك ، والحرائق المدبرة التي تلتهم الوثائق والتاريخ والمباني العريقة ، العبارات التي تغرق في البحر بمن فيها ، والجميلات اللواتي يقتلهن رجال الأعمال العشاق لحظة غضب ، والقطارات المغلقة على الموت ، وانفجارات المظاليم في قرع الطبول الأعمي ، وحينما تتراخى أذرعهم بجوارهم ولا يعود لديهم ما يقصونه يقف رمضان الطويل ضاربا بمغارف كفيه صائحا " الفرج " . كان كل منا ينتظر وحده ، لكننا الآن معا ، قوة من الآمال ، وقوة من اليأس الصلب ، ولابد لانتظارنا أن يشق بصوتنا السماء والأرض . الرجل الذي لم يعرف أحد اسمه انحنى على الأرض ببطء وتناول فرع شجرة اتجه به إلي المرتفع وغرسه في الطين ، ثم عقد على طرفه خرقة صغيرة ، تطلع الحشد الصامت إليها وهي ترفرف بتراخ ثم وهي تخفق في الريح بكل قوتها ، علما على طين يختلج بالانتظار " .
في تلك السطور أشم رائحة ثورة شعب لا تطفئها مياه البحر !
يطرق أحمد الخميسي في القصة رقم 5 بعنوان " باب مغلق " في براعة ونبل إنساني نادر قضية العلاقة بين المسلم والمسيحي في هذه الأيام الغريبة التي أبنتت في الجانبين شرورا مجهولة ، ووضعت بين الناس بابا مغلقا ، ونسيت أو تناست أن ( الرحمن الرحيم تساوي الله محبة ) . وكان الخميسي قد أصدر عن هذا الموضوع دراسة مستقلة عام 2007 بعنوان " الباب المغلق بين الأقباط والمسلمين " . وفي تجربة إبداعية مجنونة سجل المؤلف في القصة رقم 6 وعنوانها " قصة " تجربة علاقة بين الكاتب وقصته ومنح العمل من الخيال والجمال ماحول العلاقة إلي قصة حب ملتهب نادرة المثال . وفي قصته " نظام جديد " يحمل المؤلف على كل ما يمكن أن يقال عن النظام القمعي الذي سيطر على روح الأمة وصبغ حتى فكاهتها بلون أسود مر المذاق . كذلك قصة " بدلة " التي تحدثنا عن الضباط والعسكر وسيطرتهم على الواقع . أما أنا فقد أحببت بشكل خاص قصة " فرصة سعيدة " التي تروى في سطور قليلة ألم أب يفتقد إبنه الذي يعيش بعيدا مع والدته التي أخذته ورحلت به .
في أبريل الماضي 2012 كان قد مر ربع قرن على رحيل " القديس " . و" القديس هو الشاعر والفنان الشامل والمناضل السياسي والإنساني عبد الرحمن الخميسي (1920-1987) وهو نموذج لم يتكرر في حياتنا الثقافية والفنية ، وهو بالنسبة لأحمد الخميسي ليس فقط والده ، ولكنه روح فنية وأخلاقية وثورة فكرية وإنسانية تسكن روحه . من أشهر كلمات الخميسي الكبير والتي تحاول تلخيص كفاحه من أجل الفن الذي وهب له نفسه وحياته كلها قوله " عشت أدافع عن قيثارتي .. فلم أعزف ألحاني " ملخصا في تلك الكلمات الصعاب التي كانت توضع في طريقه والطاقة الإبداعية التي كانت تسكن عمره وأيامه . وقد عزف عبد الرحمن الخميسي ألحانا ، وأشعارا ، وأهدى لنا يوسف إدريس حين قدمه بجريدة المصري ، ثم الجمهورية ، وسعاد حسني ذلك الشهاب الذي أطلقه في فيلمه الخالد " حسن ونعيمة " ، إلي جانب أشعار وأعمال فنية لم تجد من يعيد تقديمها بعد .
أحمد الخميسي المولود 1948 ، والحاصل على دكتوراه الأدب من موسكو 1992، يدافع عن قيثارته ويعزف ألحانه ويعيد لنا في نبله وكرمه وفروسية أخلاقه ذكرى شاعر وفنان عظيم . يقول أحمد في ختام مقال رائع كتبه عن والده بسطور من شعر القديس :
" وأحب هذا السهل منبسطا كما
أهوى الجبال وأعشق الوديانــــا
وأقاسم الليل الحزين شجـــــونه
وأساجل الفجر الجميل حنانا ... "
هذا صوت القديس مازال يتردد . ويقول أحمد لوالده : " ويظل صوتك المغرد في ضميري " .

***



#علاء_الديب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء الديب - - كناري - أجمل مجموعة قصصية منذ - أرخص ليالي -