إعلان تنصل

ناصر الماغوط

الحوار المتمدن-العدد: 252 - 2002 / 9 / 20 - 02:26
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

 

أخبار الشرق - 18 أيلول 2002

إٍلى من يهمه أو لا يهمه الأمر: إذا قرأتم في الصحف، أو سمعتم في الأخبار أن الجماهير العربية ترفض، تشجب، تستنكر، تؤيد، تبارك، تبايع، تقرر، تعلن، إلى آخر ما هنالك من كلمات مختصة بالقاموس العربي ويعرفها الجميع، فلا تصدقوا ذلك. لأن الجماهير العربية نائمة والرجاء عدم الإزعاج، ولا علاقة لها بما يحدث لا من قريب ولا من بعيد. فهي لم تكن يوم وعد بلفور ولا يوم إنشاء ما يسمى بدولة إسرائيل، ولا حتى في تلك الحروب المخزية التي خاضتها الحكومات العربية ضد إسرائيل، كما أن أكثر من 95 في المائة من المواطنين العرب الذي يعيشون اليوم لم يكونوا قد ولدوا يوم جاءت هذه الحكومات الحالية قبل خمسين عاماً ولا تزال ذاتها - رغم تغير بعض الأشخاص ظاهرياً - بنفس العقلية ونفس الخطاب ولنفس الهدف الذي يمكن تلخيصه بمهمة إبقاء الشعوب العربية نائمة تحت مظلة الخطابات والإرهاب بشكل متواصل.

وأثناء نوم هذه الشعوب فقد جرت أحداث عظام: تم تزوير انتخابات وتوقيع معاهدات وإجراء تنازلات وعقد مؤتمرات وطرح شعارات وتبني مواقف وإقامة مهرجانات وهذر خطابات وغير ذلك الكثير. وعندما يستيقظ الشعب العربي من سباته الطويل ولو بعد ألف عام سيسمع نفس الشعارات والادعاءات والتبجحات، وسيتمنى لو أنه لم يستيقظ.

لذلك فإن المواطن العربي بريء من كل ما حوله لأنه منهك ومشوش وغير قادر على اتخاذ أي قرار لانعدام التجربة.

وبناء على ما تقدم فإننا: نحن - الشعب العربي - نعلن ما يلي:

من هنا ونحن نتابع مسلسلاتنا ومبارياتنا الرياضية وبرامج فن الطبخ، وبعد كل ما عانيناه من تخدير وتجويع وإرهاق وإرهاب في التاريخ، نعلن تنصلنا من جميع ما صدر وما يصدر وما سيصدر بالنيابة عنا من نتائج انتخابات وإعلان مواقف وإجراء تنازلات وعقد معاهدات ومؤتمرات، ولسنا مسئولين عن أي التزامات ترتبها هذه الحكومات بالنيابة عنا. وإننا ما إن نستيقظ فكل شيء سيتغير. وأعذر من أنذر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وتصبحون على خير.

ملاحظة

أنا من جهتي كمواطن صالح أنام وأصحو وبيدي مسبحة حباتها بعدد رؤساء وملوك وأمراء وسلاطين وشيوخ وزعماء وقادة العرب، بل وبعدد نوابهم ووزرائهم وضباط مخابراتهم وعناصر مرافقتهم وخدمهم وحشمهم وبعدد سياراتهم وقصورهم، أسبح بأسمائهم واحداً فواحداً بكرة وأصيلاً. لأنه ورد في الكتب القديمة أن للمسئولين العرب وحاشيتهم أسماء مباركة من أُعجب بها وحفظها ولهج بها وتغنى بصفات أصحابها الأسطورية، ضمن لنفسه النوم الهادئ والمريح والعلف الوفير.

وإلى اللقاء على فرشة "عمي ناح".

__________ 

* محام وكاتب سوري - دمشق

 

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل