البحرينيون.. والمرحلة الجديدة

أحمد الربعي

الحوار المتمدن-العدد: 249 - 2002 / 9 / 17 - 03:48
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

 هناك ملاحظات جدية قدمتها مؤسسات المجتمع المدني البحريني على مشروع الانتخابات وفكرة المجلسين، المنتخب والمعين، والسلطات الدستورية لكل منهما، وهي ملاحظات تستحق الدرس والاهتمام من متخذي القرار السياسي في البحرين، ولكن هذه الملاحظات يجب ألا تكون دافعا لمقاطعة الانتخابات ودعوة الناس الى عدم المشاركة. فهذا النوع من التفكير السياسي لا يتفق مع ما قطعته البحرين من خطوات جدية على طريق الاصلاح السياسي،

وهذا النوع من التفكير السياسي يمكن ان تمارسه قوى صغيرة معزولة عن المجتمع، لكنه لا يتفق مع تفكير جمعيات أهلية ستخوض الانتخابات ووراءها قاعدة شعبية كبيرة، فهذه الجمعيات تستطيع بدعم من جمهورها ان تشكل قوة فاعلة في البرلمان القادم، وان تقوم بالتغير من الداخل بدلا من المقاطعة، وخاصة ان الانتخابات ستتم في كل الاحوال، ومن الظلم لمسيرة الاصلاح ان يتم انتخاب برلمان ضعيف وغير قادر على الانجار بسبب مقاطعة القوى الفاعلة في المجتمع للانتخابات.
الاخطر من ذلك ان البرلمان القادم امامه مهمة تنموية وليست فقط مهمة سياسية، وعنوان هذه المهمة تحسين ظروف محدودي الدخل، ومعالجة مشكلات البطالة والتعليم والخدمات، وهي امور جوهرية حتى لا تتحول الديمقراطية الى ديكور سياسي يستخدم في المناسبات، وحتى لا تقوم ديمقراطية سياسية في ظل غياب ديمقراطية اقتصادية واجتماعية وهو خطر ساحق على المجتمع وتعزيز للروح الطائفية والتشرذم الاجتماعي على حساب الانتماء الوطني، وهو حال الكثير من الدول العربية، حيث يمثل البرلمان والانتخابات مجرد ديكورات للتفاخر السياسي والضحك على ذقون الناس، بينما الحقيقة ان عددا كبيرا من هذه البرلمانات توليفة قبلية وطائفية ومناطقية، تمثل قلة من المجتمع في ظل غياب الاغلبية في تلك المجتمعات وعزوفها عن المشاركة بسبب عدم الشعور بالجدية، وبسبب ان معظم هذه البرلمانات لها الحق في النقد ولكن ليس لها يد في اتخاذ القرارات.
البحرينيون دخلوا مرحلة من الاصلاح السياسي كان اقرب الى الحلم منها الى الواقع، وهذه النقلة لها تكلفتها، ولا يمكن ان تمارس المجتمعات سياسة القفز من الانتقال من حال الى حال، ولا بد من قراءة الواقع بعين مسؤولة وفاحصة، واسهل طريقة هي المقاطعة والتفرج، ولكن التحدي هو المشاركة مع النقد، وحشد عدد كبير من القادرين على تغيير الواقع بروح السلم الاجتماعي والانتقال الهادئ، وهي مهمة كبيرة.

 

 

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل