أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - يوسف العادل - الإدارة الأمريكية و العراق في قبضة شرم الشيخ















المزيد.....



الإدارة الأمريكية و العراق في قبضة شرم الشيخ


يوسف العادل

الحوار المتمدن-العدد: 1083 - 2005 / 1 / 19 - 11:31
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


يوم أدارت الإدارة الأميركية ظهرها للمجتمع الدولي عشية حربها الاستعمارية الغاشمة على العراق(ربيع/2003) أطلق وزير دفاعها رامسفيلد عبارته : سينتظم العالم على إيقاع الحرب ، ويبدو أنه كان يعبّر عن عمق مأزق إدارته التي لم تجد أمامها غير خيار ترحيل استحقاقات مرحلة المأزق ( مأزق عزلة أميركا الدولية ) آنذاك من ربيع/2003 إلى سلة مؤتمر شرم الشيخ في مصر (خريف/2004) حيث يحضرا لمجتمع الدولي بكامل النصاب ( الثماني الكبار- الصين-- الأمم المتحدة- الجامعة العربية– المؤتمر الإسلامي- دول طوق العراق ..)وينتظم العالم على إيقاع الخيبة المريرة للإدارة الأميركية التي وجدت نفسها بعد عقد ونصف من انهيار الإتحاد السوفيتي خارج الإحداثيات التي رسمتها مخيلة هذه الإدارة من حيث تطبيق نظرية القطب الأوحد التي تعني في نهاية المطاف أيلولة العالم إلى قبضة السيد الأمير كي الذي آل(مع العراق) من حيث (لا يحتسب ) إلى قبضة شرم الشيخ صاغرًا يطلب الغوث من حلفاء الخندق الواحد (خندق النظام الرأسمالي العالمي) كي يخرجوه من ورطته في العراق ، لكن ليس بلا ثمن.
وبالطبع فإن ورطة وغرق الإدارة الأميركية في الوحل العراقي سيسجل في حسابات صراعاتها الجارية عجزاً في موازنة هيمنتها المرجوة في المدى المنظور رغم بقائها الطرف الأقوى في ميزان الصراع العالمي مع اختلال موازين القوى لصالح هذه الإدارة بعد انهيار الإتحاد السوفيتي. ذلك أن ثمة فرقا ًبين التفوق العسكري الأمير كي عالمياً وبين إمكانية ترجمة هذا التفوق إلى هيمنة مطلقة على العالم ( نظرية القطب الأوحد ) .وسأعمل عبر هذا المقال على تعقب عجز الإدارة الأميركية في تحقيق حلمها بارتقائها عرش العالم (نظرية القطب الأ وحد) وذلك أمام تنامي قوة أطراف المجتمع الدولي الذاتية والموضوعية , واختلال ميزان الصراع الدولي في غير صالح هذه الإدارة .
لقد حطم الأمريكيون بصلاً كثيراً على أنوفهم قبل أن يفردوا أوراقهم صاغرين أمام معشر شرم الشيخ الذي تعرف أطرافه كيف ستقتص من( عزيز قوم ذل) كانوا في حساباته قطيعاً يساق حسب مشيئته ومصالحه ، فباتوا شركاء أنداد في عملية إعادة ترتيب و اقتسام العالم ومن أية بؤرة توتر كانت،( العراق- فلسطين – أفغانستان – كشمير – تايوان – الشيشان – لبنان- أوكرانيا الخ) ،حيث تمتلك هذه الأطراف ما يكفي من الأوراق للعب الفعال والمجدي في الميدان والمؤتمرات على السواء.الأمر الذي يكره الإدارة الأميركية على إلقاء الثمن المناسب في قبضة مؤتمر شرم الشيخ لقاء
فاتورة خروج هذه الإدارة من ورطتها في العراق كما يلي:
أولاً: دول طوق العراق: ( سوريا- تركيا- إيران- السعودية – الكويت – الأردن ) : ليست الإدارة الأميركية طليقة اليد في جر سلطات البلدان الثلاثة الأولى( سوريا- تركيا- إيران ) إلى الإذعان المطلوب لهذه الإدارة التي خبرت جيداً وعلى مدى عقود ما لهذه النمور الثلاثة من خبرات و إمكانيات مادية وسياسية وتأثيرات فعالة وهوامش مناورة في ميدان الصراع الدائر في منطقتنا لاسيما في جنوب لبنان وفلسطين (بؤرتي توتر منطقة المشرق العربي) علماً أن مصدر فاعلية هذه الدول ليس ذاتياً( كما يتراءى ) بقدر ماهو حصيلة تقاطع خطوط موازين قوى الصراع( العالمي- الإقليمي) لصالح صيرورة أنظمة هذه الدول نموراً على قاعدة كل العوامل المتاحة.
1- محور( سوريا - إيران ): لقد تمكن هذا المحور انطلاقا من المصالح الخاصة به من تعقيد المشروع الأمير كي الصهيوني على صعيد تسوية الصراع العربي الإسرائيلي وذلك عبر مستويين:
1- 1 اجتراح سابقة انتصار من خلال كنس الكيان الصهيوني من جنوب لبنان (عام2000) عبر رأس الحربة (حزب الله) مهما كانت تسمية ذلك الكنس، (تحرير، انسحاب إسرائيلي تكتيكي ، الخ ) .
2- 1 استمرا ر المقاومة الفلسطينية في فلسطين عبر رأس الحربة (حماس – الجهاد الإسلامي ) بشكل رئيسي، بكل ما لهذا الاستمرار من انعكاس على مسار التسوية السياسية المطروحة (لاسيما خارطة الطريق) حيث وصل مشروع شارون إلى عمق الأزمة السياسية داخل حكومته ( إقالة خمسة وزراء تشرين الثاني/2004) وذلك على خلفية الانسحاب الإسرائيلي المرتقب من قطاع غزة الذي ينوي شارون تنفيذه . ويبدو أن انتخاب أبو مازن رئيساً للسلطة الفلسطينية (بداية 2005) سيعمق مأزق المشروع الإمبريالي الصهيوني على صعيد تسوية المسار الفلسطيني وغيره من المسارات على خلفية فاعلية خط المقاومة المسنود من قبل هذا المحور و المستعصي على محاولات السحق أو الترويض الإمبريالي الصهيوني.
ويبدو أن هذا المحور لا يزال يمتلك من الأوراق الشيء الكثير للعب دور فاعل في إطار الترتيبات الأميركية للبيت العراقي ( كما البيتين الفلسطيني واللبناني)،وتأتي الجغرافية في طليعة هذه الأوراق، حيث يشترك العراق مع كل من سوريا وإيران بحدود جغرافية يستعصي على التحالف العدواني في العراق أمر مراقبتها وحصانتها الأمنية ،و ضبط حجم ونوعية الحضانة و الإسناد الذي يقدمه هذا المحور لقطاع واسع من المقاومة العراقية التي تستمد من هذا المحور مقومات الاستمرار والديمومة .
وأعتقد أن الصفقة التي ستكره أميركا على إبرامها مع هذا المحورللمشاركةالفعالة ومساندة التحالف العدواني في إنجاز ترتيب البيت العراقي سيكون فيها العرض الإيراني أكثرتكلفةً وأقل مراناً من العرض السوري للأسباب التالية:
أ- الارتكاز المعنوي إلى ماضي إمبراطوري فارسي أكسب إيران أنفةً وكبرياء و أصالة تاريخية واعتداداً بالنفس.
ب- الارتكاز إلى حاضر ثوري كسر الإيرانيون خلاله حاجز الخوف من المستعمرين باقتلاعهم أرسخ ركيزة استعمارية (خلع شاه إيران /1978) عبر ثورتهم الخمينية التي حملوا إرثها إلى حيث المواجهة مع التحالف الاستعماري الجديد في العراق.
ت - الارتكاز إلى إمكانيات مادية وبشرية جعلت من إيران قوة إقليمية يحسب لها حساب في ميزان الصراع الإقليمي، ( نفط ، مساحة جغرافية، عدد سكان‘ موقع جغرافي متميز حيث تشاطيء الخليج العربي و نفط بحر قزوين ، وتجاور الور قة الأفغانية، امتلاكها لقاعد ة صناعية متطورة تكنولوجياً،لاسيما على صعيد صناعة السلاح بشقيه التقليدي الذي شاهده العالم في استعراضات عسكرية عديدة و النووي الذي تثار حوله وتشن ضده الحملات الإعلامية والدبلوماسية،الخ..)
ث - الارتكاز إلى كتلة بشرية شيعية عراقية تشكل رأس جسر إيراني متقدم يخترق عمق الترتيبات الأميركية في العراق ( نصف سكان العراق من الشيعة).
د - الارتكاز إلى هامش مناورة في ميدان الصراع ( الدولي / الإقليمي) الذي مكن الإيرانيون من اللعب الفعال على وتر هذا الصراع ، لاسيما في إطار الثماني الكبار الذين تشكل السلطة الإيرانية حليفاً استراتيجياً لبعضهم مثل روسيا والصين اللذين وقفا بحزم ضد تدويل القضايا المثارة حول إيران (تخصيب اليورانيوم ورعاية الإرهاب. الخ..) .
و?- الارتكاز إلى فاعلية ومردود المحور ذاته ( سوريا / إيران) بتداخلاته الإقليمية والدولية .
ز?- التعقيدات التي تواجهها السلطة الإيرانية على صعيد اختراق إيديولوجيا العداء المزمن داخل المجتمع الإيراني لأميركا، ،فيما لو أرادت هذه السلطة تسويق أي مشروع تقارب بين الطرفين( الإيراني- الأمير كي) في المدى المنظور وربما البعيد .
ويبدو أن الأمير كان وعلى أساس ما ذكر آنفاً لن يجدوا ضالتهم لدى السلطة الإيرانية التي لن تقبل إلا الحصاد المناسب في حقل الصراع . وذلك على خلاف السلطة السورية التي مرغت صرامة وحزم الشعار السياسي- الإيديولوجي (القومي السلفي، شعار ستينات القرن الماضي), بتراب الخطاب السياسي- الإيديولوجي النفعي (الواقعي) الذي تم تدجينه وأعيدت صياغته تمشياً( بالزمان والمكان) مع الترتيبات الإمبريالية – الصهيونية الجارية ،الذي يتماشى معها العرض السوري في إطار نشدان الدور الإقليمي الذي تطمح السلطة السورية أن يناط بها انطلاقا من جملة عوامل كما يلي:
أ - الموقع الجغرافي الذي يجعل من سوريا بلداً في طوقين بآن معاً، فهي من بلدان طوق فلسطين المحتلة، ومن بلدان طوق العراق المحتل، إضافة إلى الوجود العسكري السوري في لبنان، وللسلطة السورية في كل ذلك (في الجغرافية و السياسة ) أوراق سياسية وهوامش مناورة تجعل من هذه السلطة عصية على اللي السهل للذراع (رغم اضطراد الضغوط الأميركية في مداها الإعلامي) ، وعلى كسر العنق وتكرار مصير النظام العراقي المخلوع .
ب - الدور السياسي الذي لعبته السلطة السورية في ظل الحرب الباردة وصبيب محصلته في السلة الأميركية على صعيد الهدف والنتيجة، حيث مقاومة المد الشيوعي و ضرب مرتكزات المشروع السياسي الوطني على الساحتين السورية واللبنانية والساحات العربية الأخرى في إطار النظام العربي الرسمي كجزء لا يتجزأ من النظام الرأسمالي الإمبريالي العالمي .
وتسعى السلطة السورية علي صعيد القضية العراقية إلى إعادة إنتاج الدور السياسي الإقليمي في مساندة التحالف العدواني لإنجاز ترتيبات البيت العراقي تماماً كدورها التاريخي في إخراج الساحة اللبنانية من مستنقع الحرب الأهلية ( 1975) ، ولعل المقارنة بين لبنان (1975) والعراق ( 2003 2004، 2005 الخ) تسعفنا في تلمس التشابه بين الوضعين كما يلي:
• الفلتان الأمني الذي يعيشه العراق ( الآن 2005) يشابه الفلتان الأمني الذي كان يرزح تحته لبنان في ظل الحرب الأهلية ( 1975) وما بعدها، وكان ثمن استقرار الساحة اللبنانية، الوجود العسكري السوري المزمن في لبنان برضي جانب مهم من أطراف المجتمع الدولي وفي المقدمة الإدارة الأميركية التي تضغط على السلطة السورية ( في بازار السياسة مع الإسناد الإعلامي) كي تخرج من لبنان أو تذعن للشروط الأميركية في العراق .
• المشروع الذي كانت تحمل لواءه القوى الوطنية (اللبنانية والفلسطينية) وتنوي بجدية الكفاح المسلح إقامته على الساحة اللبنانية كركيزة متقدمة لمشروع المد الشيوعي العالمي، يشابه في المدى والشدة والخطورة على النظام الرأسمالي العالمي، المشروع الإسلامي( بشقيه السني والشيعي) والذي فتح سقوط نظام صدام الباب على مصراعيه لانفلات قوى هذا المشروع من كل عقال منسابة في أرجاء العراق، بحيث تصبح جغرافية المشروع الإمبريالي الصهيوني الممتدة من إسرائيل غرباً إلى كشمير شرقاً( ما يسمى الشرق أوسطية) مزروعة (كحقل الألغام)بالقوى الإسلامية والخلايا النائمة أو النشطة سياسياً وعسكرياً والمدعومة من أنظمة سياسية إقليمية والمستندة إلى قاعدة جماهيرية واسعة ( مسلمة) تقدم دمها ومالها وأضعف إيمانها لدحر الشيطان الأكبر (الاستكبار العالمي)، ولنافي (حماس والجهاد الإسلامي و حزب الله وهيئة علماء المسلمين وأنصار الإسلام وأبو مصعب الزرقاوي وبن لادن وفلول حركة طالبان والحركة الإسلامية الباكستانية.... الخ) أمثلة تبين المخاطر التي تواجه الوجود العسكري الأمير كي في العراق وفي غيره من خلال هذا المارد الإسلامي الفاعل كماُ ونوعاً ، كما تبين هذه الأمثلة فاعلية الأوراق السياسية التي يمتلكها النظام السوري ضمن جغرافية هذا المارد من خلال العلاقة الوطيدة مع فصائل منه ( حماس والجهاد الإسلامي و حزب الله ) التي استطاعت بدعم ومساندة هذا النظام نقل عمليات المقاومة من الساحتين ( اللبنانية والفلسطينية) إلى الساحة العراقية ، مما يحصن هذا النظام من مغبة اختراق ساحته الداخلية ( التي تنعم بسلعة الأمن والاستقرار)أوهوا مشه الإقليمية بأية مشاغلات مفروضة من قبل القوى الإسلامية على الساحات الأخرى وهي كثيرة كما نعلم .
ونضيف إلى ماسبق العلاقة الوطيدة التي تربط النظام السوري تاريخياً بالمعارضة العراقية الموجودة في سوريا التي احتضنها هذا النظام مع ربع مليون عراقي لسنوات طويلة في مواجهة النظام العراقي المخلوع والتي يشكل قسم منهاقوام السلطة العراقية الآن(2005)، كما أن زيارات التواصل لا تنقطع بين كوادر ورموز الشعب العراقي، بعشائره وطوائفه وقومياته وبين رموز السلطة السورية.
لذلك، ولكل ماسبق وأمام تفاقم الورطة الأميركية أمنياً في العراق (مقتل وجرح العشرات من القوات الأميركية عبر نسف قاعدتهم في الموصل/أواخرعام 2004 بعد عشرين شهراً من الإحتلال)، وفي ظل الأوراق السياسية التي تملكها السلطة السورية إقليمياً أوعلى الصعيد العالمي ، حيث اللعب على وتر الصراع الدولي بالإحداثيات الإقليمية
( فلسطين، العراق، النفط ...الخ) فإن الإدارة الأميركية لا تملك خياراً آخر في ترتيب البيت العراقي غير الاستدارة مع كيس التنازلات إلى السلطة السورية التي خبرتها هذه الإدارة في ترتيب البيت اللبناني الذي التهم ذات يوم مئات جنود المار ينز(1983)، كما خبرتها جيداً في كنس النفوذ الفرنسي والاحتلال الصهيوني من لبنان ، وأعتقد أن الأمير كان لن ينسوا الخدمات الجليلة التي طالما قدمها النظام السوري على مدى عقود بما يخدم المشروع الإمبريالي الصهيوني من خلال ضرب مرتكزات أي عمل وطني في الساحة السورية ، وفي غيرها. أو من خلال شبكة التحالفات في إطار الصراع الدولي بين الضواري الكبارلإقتسام مناطق الثروة والنفوذ عبر العالم.كما لن ينسوا أن السلطات السورية لم تعلن وعبر أي منبر بغير ضرورة الحوار الأمير كي- السوري وأن قنوات الاتصال لم تنقطع بين الطرفين وكذلك التمثيل الدبلوماسي، وذلك انطلاقاً من تقدير الطرفين لأهمية وكم ونوعية المصالح الإستراتيجية التي تربطهما، فعن أي توتر بينهما يمكن لأي إعلام أن يتحدث؟.
2- الدور التركي : لعله من قبيل المفارقة أن يخذل بروتوس التركي الإدارة الأميركية ثلاث مرات (خلال أقل من ثلاث سنوات) والطرفان حليفان استراتيجيان يفترض أن يكون لهما نفس الأجندة ، سواء على صعيد عضويتهما المشتركة في حلف الناتو أوعلى صعيد اعتبار تركيا قاعدة عسكرية متقدمة وشرطي إقليمي لهذه الإدارة في المشرق العربي:
• - في المرة الأولى حينما استفاقت الإدارة الأميركية من وهمها وزعمها بالتخلص من التيار الإسلامي التركي عبر إقصاء حزب الرفاه الإسلامي وزعيمه أربكان عن النشاط السياسي على الساحة التركية ، ثم فوجئت هذه الإدارة بالتحولات على هذه الساحة والتي أدت إلى صعود التيار الإسلامي مرة أخرى و استلام حزب العدالة الإسلامي ( توأم حزب الرفاه) السلطة السياسية في تركيا ( المعادل السياسي لحراك عشرات ملايين المسلمين الأتراك) من خلال ورقة الاقتراع(غير الشمولية وغير الإرهابية) والغالية على قلب الإدارة الأميركية التي بدأت تتحسس بدايات خروج الورقة التركية من يدها عبر التغيرات التي حصلت في السياسة الخارجية التركية لاسيما اضطراد التقارب التركي السوري اقتصاديا وسياسياً (زيارة رئيس الوزراء التركي إلى سوريا أواخر 2004) الذي أبطل مفعول الضغوط الأميركية في بعدها التركي على السلطة السورية في إطار الإحتلال الأمير كي للعراق ، فولت إلى أمد بعيد كماشة التحالف التركي الإسرائيلي التي أطبقت ذات يوم على النظام السوري (عام 1996 ) ، كما يتنامىالتبادل التجاري بين البلدين إلى مستوىً متقدم .
• في المرة الثانية حينما لم تستجب السلطة التركية( الحليف الناتوي) كما يجب في تقديم التسهيلات المطلوبة لنقل القوات الأميركية عبر الجغرافية التركية في سياق الاستعدادات لاحتلال العراق(شتاء 2003).
• في المرة الثالثة حينما بدأت إجراءات انضمام تركيا إلى الإتحاد الأوربي تأخذ منحىً جديا غير مسبوق وذلك عبر كثافة النشاط الدبلوماسي التركي والزيارة عميقة الدلالة التي قام بها رئيس الوزراء التركي ( منتصف كانون أول 2004) إلى اجتماع الإتحاد الأوربي الذي أعلن عن قبوله الشروع في مباحثات انضمام تركيا إلى الإتحاد الأوربي( ولو بشروط يتكفل الزمن بحلها ).
ويبدو أن النظام التركي أدرك الفرو قات الكبيرة بين العائدات الهزيلة والوعود الكاذبة التي تجنيها تركيا من حليفها الأمير كي الذي اختصرها إلى شرطي حارس وخادم للمصالح الأميركية، وبين الحلم الإمبراطوري التركي الذي يرتكز النظام التركي في تحقيقه على التاريخ والموقع الجغرافي والكتلة البشرية وواردات السياسة والدبلوماسية.

ثانياً- الإتحاد الأوربي : لقد خرجت أوربا من الحرب العالمية الثانية مثقلةً بارتهان عميق للسيد الأمير كي بفعل عاملين:
1. الدعم الكبير و المساعدات الضخمة التي قدمتها أميركا إلى أوربا في إطار ما يسمى مشروع مارشال (13 مليار دولار من العام 1945 إلى 1961) لإعادة إعمارها بعد الدمار والخراب الذي ألحقته الحرب العالمية الثانية بها.
2. الحماية التي وفرتها أميركا للنظام الرأسمالي العالمي من المد الشيوعي وذلك بعد تبوئها عرش هذا النظام انتقالاً من بريطانيا العظمى الآفلة.
و شكل انهيار الإتحاد السوفيتي( تسعينات القرن العشرين ) بداية النهاية لعهد الوصاية الأميركية على أوربا التي شرعت بالتخلص من عبء فاتورة شبح المد الشيوعي الزائل واستعادت جزأها الشرقي( أوربا الشرقية) وأنجزت خطوات نوعية وحاسمة على طريق وحدتها(تضم 25 دولة وحوالي نصف مليار نسمة) ، لتخرج في نهاية المطاف إلى مسرح السياسة الدولية باستقلالية وفاعلية أكثر على صعيد قضايا الصراع العالمي لاسيما على صعيد المسألة العراقيةو منذ بداية الحرب على العراق حيث لعب الطرفان الفرنسي والألماني(من داخل الإتحاد الأوربي) دوراً مركزياً داخل التحالف الدولي والرأي العام العالمي المناهضين لهذه الحرب، فوجد ت الإدارة الأميركية نفسها عشية الحرب خارج سرب مجلس الأمن و في عزلة دولية شبه تامة، إذ لم تستطع هذه الإدارة أن تذهب إلى هذه الحرب، لا في إطار الأمم المتحدة ولافي إطار رأي عام عالمي راض ، وهاهي الحرب بعد أكثر من عشرين شهراً تعيد تأكيد عزلة الإدارة الأميركية على المستوى العالمي وتفاقم أزمتها داخل العراق،على خلفية ترنح حليفها الأساس داخل المجموعة الأوربية، طوني بلير رئيس الوزراء البريطاني بفعل الصدمات الموجعة لهذه الأزمة التي انعكست على الصراع السياسي البريطاني الداخلي، وفي سياق سحب الحليف الإسباني لقواته من العراق جراء الأزمة السياسية التي عصفت بالنظام السياسي الإسباني فجلبت الاشتراكيين الديمقراطيين الذين انسحبوا من التحالف العدواني على العراق.والإدارة الأميركية خلال الربع الأول من هذا العام 2005 على موعد مع انسحاب قوات ثلاثة حلفاء لها من العراق ( أوكرانيا- رومانيا- البرتغال ، والحبل على الجرار ) ، الأمر الذي يجهزعلي التحالف العدواني الضيق الذي ارتكزت عليه في احتلال العراق.
ثالثاً- روسيا: يفصلنا الآن(أوائل2005) عن زمن انهيار الإتحاد السوفيتي( بداية تسعينات القرن العشرين) حوالي عقد و نصف، استطاعت خلاله روسيا الاتحادية الخروج من بين أنقاض الإتحاد السوفيتي والارتفاع فوق الذل السياسي ومواجهة الاستحقاقات التي حملتها في حينه مخيلة قادة حلف الناتو لاسيما السيد الأمير كي الذين حلموا بعد تمدد هذا الحلف شرقاً، باجتياح وتمزيق الكائن السياسي الروسي وترحيله إلى مزبلة التاريخ، لكنهم أخفقوا من حيث المآل ورغم أنه في مرحلة ولاية الرئيس الروسي السابق( يلتسن) كانت روسيا تقف على عتبات السبعة الكبار تتسقط جرعات الإنعاش الاقتصادي التي تعمق إذعانها السياسي، إلا أنها سرعان ما بدأت في عهد الرئيس( بوتن) تستعيد المكانة والوزن السياسيين ، وبما يتناسب مع مرتكزات هذا البلد(جغرافية مترامية الأطراف غنية ومتنوعة الموارد، ،كتلة بشرية فاعلة كماً ونوعا في إطارا لتأهيل وا لبحث العلمي والتكنولوجياالمتقدمة على المستويين المدني والعسكري، ماضي عريق في حضارته القيصرية والسوفيتية...الخ ) إلى أن أخذت موقعها الطبيعي ، ولا شك أن ارتفاع أسعار النفط على المستوى العالمي قد سرع في خروجها النسبي من أزمتها الاقتصادية وأصبح الإعلام العالمي يردد مصطلح (الثماني الكبار) مما يعني إضافة روسيا إلى قائمة الكبار الذين لن يستطيعوا تجاهلها كقوة اقتصادية عسكرية سياسية يحسب لها حساب في ميزان الصراع العالمي عبر كل المواقع ، لاسيما الموقع العراقي حيث وقفت و منذ بداية الأزمة ولا تزال إلى جانب التحالف الدولي الرافض لاحتلال العراق في قطيعة شبه نهائية مع ( روسيا/ يلتسن تسعينات القرن العشرين) التي ارتهنت للإرادة الأميركية فسلبتها إرادتها الدولية.
لم يقف الدور الروسي عند تخوم الأزمة العراقية وحسب، باعتبار العراق جزءاً حيوياً من المعادلة الجغرافية الأمنية على حدود روسيا الجنوبية وإنما وجدنا الروس يحصنون أنفسهم في القوس الجغرافي الجنوبي( شغلهم الشاغل في المرحلتين القيصرية والسوفيتية و في كل حين)، حيث يساندون إيران في الاستهداف الأمير كي لها لاسيما في برنامجها النووي ويتقاربون مع تركيا البوابة الأهم في الطريق إلى منطقة النفط والسوق الواسعة (الزيارة التي قام بها الرئيس الروسي إلى تركيا أواخر2004، وسيتبعها تبادل زيارات بين قادة البلدين) ، والروس الآن(الشهور الأولى من2005) بصدد العودة إلى المعاقل السوفيتية القديمة على أرض الصراع العربي الإسرائيلي و إعادة تفعيل المكنة العسكرية السورية لترا بض خلف المكنة السياسية وذلك من خلال صفقة الصواريخ الروسية(س 300 المحمولة على الكتف، الدفاعية التكتيكية التي ستطال المدن الإسرائيلية بمداها المجدي) والمزمع بيعها إلى السلطة السورية التي لن تسمح لقضية الديون السوفيتية على سوريا بإفساد الورقة الروسية المستجدة والغالية على قلب السوريين الذين سيعرفون كيف سيدرجونها في أجندتهم على الساحة العراقية، مما يفسر الضجة الأميركية- الإسرائيلية التي أثيرت حول صفقة السلاح المزمع إخراجها إلى النور من خلال الزيارة المرتقبة للرئيس السوري إلي موسكو(أواخر كانون الثاني2005).
والروس كذلك على موعد مع إجراء مناورات عسكرية مشتركة مع الصين ( منتصف 2005) ، ولا أعتقد أن هذا الإجراء سيروق للإدارة الأميركية التي سيكلفها غالياً أمر ترويض هذين الجبارين ( روسيا- الصين ).أوتركهما طليقين في عراء الصراع العالمي.
رابعاً- الصين: رغم سياسة التحييد التي تتبعها الإدارة الأميركية حيال الصين تاريخياً حيث تعطيها مرتبة الدولة ذات الأولوية في الرعاية الأميركية،إلا أن هذا المارد القابع باسترخاء على البر الآسيوي وفي مجلس الأمن ( الفيتو الصيني) معاًلن يبقى كذلك ، حيث سيتحرك على مستويين :
1. مستوى تحقيق كامل السيادة على التراب الصيني بعودة (تايوان ) إلى الوطن الأم – الصين التي لن يهدأ لها بال مادامت قضية تايوان عالقة في خيوط الصراع الأمير كي – الشرق والجنوب شرق آسيوي، ولا يهمن عندئذ الكيفية التي تستعاد بها تايوان ( بحد السيف أو بمقايضة سياسية) وفي الحالتين فالإدارة الأميركية على موعد مع مشاغلة استحقاق بغيض .
2. مستوى صحوة الصين من رقادها الطويل على رصيف الصراع العالمي ، وخروجها من حيادها شبه المجاني وشروعها بتبؤ موقعها الحقيقي على رقعة الصراع وفي المربع اللائق بكم ونوعية الأجندة والأوراق التي تمتلكها في الميادين السياسية والاقتصادية( معدلات نمو الاقتصاد الصيني ملفتة لنظر المعايير العالمية) والعسكرية و الدبلوماسية,مما يعقد من مهمة الأمير كان في نزوعهم إلى تفصيل العالم على مقاس قطبهم الأوحد ثروةً ونفوذاً ،حيث بدأوا من العراق ، وقد تصل الصين إلى هذا العراق ، وما أدراك ما الصين في العراق .
*********
يبدو أن الإدارة الأميركية حينما شرعت باستنزاف الإتحاد السوفيتي( عبر سباق التسلح وحرب النجوم /مشروع ريغان- ثمانينات القرن العشرين) ودقت أول المسامير في نعشه، وصولاً إلى انهياره المدوي ( تسعينات القرن العشرين) لم تكن تدري هذه الإدارة أنها أصيبت بلعنة هذا الإنهيارالذي جرها إلى تفعيل غرور المشروع الإمبريالي الأمير كي، الأمر الذي دفع الرئيس الأمير كي الأسبق ( بوش الأب) إلى إعلان بداية النظام العالمي الجديد بزعامة الولايات المتحدة الأميركية في الاحتفال بما يسمى تحرير الكويت(1991)، لكن الأيام خذلت بوش الأب الذي كنسه المقترع الأمير كي من الساحة السياسية ولم يجدد له ولايته الرئاسية الثانية غير آبه بهذه الانتصارات الأميركية الخارجية ( انهيار الإتحاد السوفيتي- تحرير الكويت.. الخ) ، مادام خط الفقر يلاحق هذا المقترع في اقتصاد تستنزفه همجية المكنة العسكرية الاستعمارية.
ووصل غرور وكبرياء الإمبراطورية الأميركية( المزعومة) إلى الحضيض التاريخي حينما جرها خذلان الأيام إلى كمينين متراكبين:
• مذبحة 11 أيلول 2001 التي أظهرت للعالم مستوى النخر المستفحل والمزمن الذي يغشى النظام الأمير كي الذي وقف بكل جبروته المزعوم عاجزاً أمام صبية تنظيم القاعدة .
• مذبحة العراق المستمرة منذ نيسان 2003 وحتى تاريخه التي يستفحل فيها مأزق الإدارة الأميركية بخسائرها وعدد قتلاها و التي خرت سجوداً أمام المجتمع الدولي في شرم الشيخ كما أشارت بداية المقال.
نعم وأمام انفلات قوى المجتمع الدولي من كل عقال واستعصائهم علي الحظر الأمير كي لهم في جب القطب الأوحد، سيكون العراق مقبرة لحلم الإدارة الأميركية في بناء نظام عالمي جديد بزعامتها، وستتعلم هذه الإدارة في العراق أن فاتورة إنقاذها من المستنقع العراقي على يد أطراف مؤتمر شرم الشيخ الآنف الذكر لاسيما دول طوق العراق ستكون باهظة الثمن تماما كفاتورة زلزال تسونامي الذي حمل الموت والدمار الشامل على أكف الموج لحياة بشر لن يخطر لهم على بال مثل هذا القدر الأحمق .
ويبدو أن المشروع الإمبريالي الأمير كي الصهيوني في طريقه إلى مأزق مزمن يشابه الإفلاس، و يصير الجبروت الأمير كي( الاقتصادي والتكنولوجي والعسكري) في العراق قزماً سياسياً يستقوي بجبروت مكنته الإعلامية للملمة هزائمه هنا وهناك وتحويلها إلى انتصارات وبرامج تغيير خادعة. ويستقر مشروع مؤسس الكيان الصهيوني بن غوريون المنطلق من منصة بلفور العتيدة في فضاء استعماري واسع الأرجاء، في داخل سور إسمنتي عازل لتسرب المقاومة الفلسطينية التي جعلت هذا الكيان وحلفاءه يترحمون على قبر بن غور يون المرحوم المتفائل وسيترحمون على مخترع الجدار العازل( شارون).
مرة أخرى لم ولن ينتظم العالم على إيقاع الحرب أيها السيد الأمير كي رامسفيلد ، لكنكم ستنتظمون على إيقاع العالم وستتعلمون الديمقراطية على يديه .
انتهى كانون الثاني 05 20
يوسف العادل




#يوسف_العادل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آفاق التغيير الديمقراطي في سوريا


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - يوسف العادل - الإدارة الأمريكية و العراق في قبضة شرم الشيخ