أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاتح الخطيب - الرعب القادم















المزيد.....

الرعب القادم


فاتح الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 1075 - 2005 / 1 / 11 - 09:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ان تاريخ الولايات المتحدة الامريكية على وجه الخصوص يؤكد العلاقة بشكل صارخ بين نفقات التسلح والحروب ,من ناحية , والتخفيف من الازمة الاقتصادية من ناحية اخرى . فقد كانت الولايات المتحدة قبل الحرب العالمية الاولى دولة مدينة تجاه الدول الاخرى . لكنها خرجت من الحرب وهي الدولة الدائنة الكبرى, مما سمح لها بارساء اسس هيمنتها المالية العالمية. ثم عادت الازمة الاقتصادية مرة اخرى تفرض نفسها في عقد الثلاثينات الى ان تفجرت الحرب العالمية الثانية وكانت العلاج الشافي للازمة ونقطة انطلاق لمرحلة طويلة الامد من النمو الاقتصادي السريع في الدولة الرأسمالية المهيمنة والتي لا يعنيها بالطبع تصدير نظامها الرأسمالي لباقي دول العالم الا بالقدر الذي يعود عليها من هذه الدول بالنفع .
خرجت الولايات المتحدة من الحرب وهي القوة الاعظم , المهيمنة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا على العالم , لتقفز موازنة وزارة الدفاع الامريكية قبل الحرب حوالي 1.5 مليار دولار الى 81 مليار دولار عام 1945 . وكانت طاقة التصنيع 6000 طائرة سنويا لترتفع الى مئة الف طائرة عام 1945 .وانتجت هذه الصناعة خلال اربعة اعوام الحرب 275 الف طائرة . وخلال نفس الفترة تضاعف الناتج الوطني الامريكي مرتين , محققا بذلك معدل نمو سنوي نحو 25% والتي هي نسبة عالية جدا ربما لم يشهدها أي بلد في التاريخ .
ومن ثم جاءت الحرب الكورية الممتدة من سنة 1950 حتى ثلاث سنوات لاحقة فاعطت للاقتصاد الامريكي قوة جديدة انقذته من ازمة الركود الدورية الاولى سنة 1949 والتي تلت الحرب . وهكذا استمر نمو الاقتصاد الامريكي على انغام الحرب الباردة والتسلح والحروب الساخنة في مناطق العالم الثالث وتصدير الاسلحة اليها .
وباحصائية سريعة للحروب التي تدخلت فيها الولايات المتحدة الامريكية سوف نجد انه خلال الخمسينات , اندلعت 25 حربا اهلية ودولية , وخلا الستينات 21 حربا , و خلال السبعينات 25 حربا وزادت الحروب في فترة الثمانينات لتصل الى 35 حربا . ولم تقتصر السياسة الامريكية على تاجيج الحروب الاهلية في العالم الثالث كما عملت في ( ايران , افغانستان , نيكاراغوا ولبنان ) بل تجاوز ذلك الى التدخل العسكري والغزو المباشر كما في ( غزو غرينادا وغزو بناما والعراق ) .وبلغ عدد ضحايا هذه الحروب اكثر من خمسة ملايين شخص خلال الاربعين عاما المذكورة , عدا ملايين المعاقين والمشردين .ان الحرب كانت دائما هي الحل الامثل للخروج من ازماتها الاقتصادية من جهة , والحرب نفسها هي التي عملت على ارساء سياستها لتخيم بظلها الثقيل على معظم مناطق العالم .
ومع انتهاء الحرب الباردة , نشبت الحرب المدمرة ضد العراق ( حرب الخليج الاولى) باسم الشرعية الدولية , وبمشاركة عسكرية ومالية من القوى المتحالفة , وهنا اود ان اشير الى نقطة مهمة جدا , حيث انه في اعقاب الحرب قامت الانتفاضة العراقية والتي سقطت فيها اربع عشرة محافظة عراقية من اصل ثمان عشرة , وكاد ان يسقط صدام حسين بنظامه , لولا الحماية الامريكية , وهنا يتوجب علينا الوقوف طويلا عند هذه النقطة ! انها لتبدو مفارقة ان تقوم حرب على نظام ما لعدم امتثاله للشرعية الدولية وما ان يقترب هذا النظام من السقوط لتقوم الولايات الامريكية بحمايته ! لكن المتابع للسياسة الامريكية سوف يجد ان لها حكمة في بقاء صدام حسين على رأس الحكم في ظل كل المعطيات لتلك الفترة , اذ ان حجم المكاسب المرجوة في حالة سقوط صدام حسين في تلك الفترة سوف تكون اقل بكثير مما لو تمكنت الولايات المتحدة من التفرد بالحالة العراقية, ولن تقاسمها الدول الاخرى الغنائم بل على العكس , سوف تكون هذه الدول تحت المطرقة الامريكة, لذلك لم يعد سقوط صدام حسين في تلك الفترة قد حان , وكان لا بد له ان يبق في السلطة الى ان يات الوقت المناسب للتخلص منه , فعملت على مساعدته بضرب الانتفاضة.

ما الذي حصل بعد حرب الخليج الاولى ؟
على الرغم من ان الولايات المتحدة كان لها نصيب الاسد من غنائم هذه الحرب اللا انها لم تكن ابدا لتغطي عجزها الاقتصادي الكبير. فكان لا بد للولايات المتحدة من البحث عن طريق لانقاذ اقتصادها المنهار . وفي تلك الفترة بدأت تتسرب اخبار الفساد في الشركات الامريكية الكبرى واشتدت الازمة لولا ان جاء ضرب برجي التجارة العالميين في 11-09 2001 ( والتي يشكك كثير من الباحثين في مدى صحة الادعاءات الامريكية بضربهما ), والتي راح ضحيتها 2700 شخص ,وهذا العدد الكبير من الضحايا يذكرنا بالخمسة الاف جندي امريكي, الذين سقطوا نتيجة للهجوم الياباني على ميناء( بيرل هاربر) ابان الحرب العالمية الثانية والذي اتخذ ذريعة لدخول امريكا الحرب حيث كان الرأي الامريكي العام قبل الحادثة معارضا لذلك الدخول بشدة. فكان سقوط البرجين مبررا مقنعا لدافعي الضرائب داخل الولايات الامريكية نفسها , ولكل دول العالم , الصديقة وغير الصديقة , من اجل افتعال حرب تحت عنوان ( الحرب على الارهاب ) والتي كان شعارها " اما ان تكون مع الولايات المتحدة او تكون ارهابيا " . وعلى الرغم من المظاهرات التي سارت في شوارع بلدان كل العالم , من استراليا حتى الولايات المتحدة نفسها معارضة للحرب , الا ان الغلبة كانت للارادة الامريكية فجاء دور الحرب على العراق . وعندما تات مشاركة الدول الباقية فيما بعد الحرب,لن تات هذه المشاركة من اجل تحقيق شرعية دولية او من اجل تقسيم غنائم, بل فقط من اجل ان تحمي نفسها من الرعب القادم .

سقطت بغداد وقبض على صدام حسين ,ولم يعد فتى الولايات المتحدة المدلل كما كان في الثمانينات عندما كان العراق يستلم من المساعدات الامريكية كثاني دولة بعد اسرائيل. وكما قامت باستخدام اسامة ابن لادن في حربها الباردة ضد الاتحاد السوفيتي , وكما كان الذريعة الذي اعطى الولايات المتحدة فرصة اعلانها حربا ضروسا ضد كل شيء باسم الحرب ضد الارهاب , ها هي تستخدم الزرقاوي لنفس الغرض , ويبدو ان القائمة طويلة تنذر بتواجد امريكي طويل الامد. فمنذ سقوط بغداد والولايات الامريكية المتحدة دائبة بزرع فتيل حرب طائفية في المنطقة لسببين مهمين:
· السبب الاول :ابقاء المنطقة في حالة اضطراب وحالة حرب , من اجل بقاء القوات الامريكية في المنطقة بحجة المحافظة على الامن .
وهنا تدهشني سذاجة الفكرة القائلة بان الولايات المتحدة تعمل على ترسيخ الديمقراطية في المنطقة ,اذ ان الديمقراطية هي اكبر خطر ليس على التواجد الامريكي في المنطقة فحسب , بل وعلى النظام الراسمالي المهيمن كله, اذ ان شعوب العالم الثالث يجب ان تبقى مقموعة بعيدة عن سدة الحكم من اجل استعبادها . وما دعوتها لشرق اوسط كبير من خلال انتشار مراكز دعم الديمقراطية في الوطن العربي المزعومة اللا اكذوبة كبيرة وستارة تخفي وراءها الولايات المتحدة كل ما هو ضد هذا التوجه من نواياها الحقيقية , فاذا كان هناك بعض المتنفس لبعض الحركات المعارضة للنظم العربية ما قبل هذه الدعوة لتصبح فيما بعد هي الخطر بعينه واصبحت هذه المعارضة تلاحق وتحاصر ليس في بلدانها فحسب , بل ذهبت المسألة لابعد من ذلك , لتلاحق خارج اوطانها , من خلال اغلاق مكاتبها او القبض عليهم باسم الحرب على الارهاب .ولم تكن الدعوة الامريكية لشرق اوسط كبير الا عبارة عن شدة اذن لحكام هذه الشعوب من اجل تضييق الخناق على شعوبها وعزل كل من يخطر بباله زعزعة النظام .
· السبب الثاني : ابعاد فوهة النار عن الجندي الامريكي نسبيا .
فكما ان مع كل حالة احتلال وجب وجود مقاومة , فان التواجد الامريكي هنا لا يعدو كونه احتلال, على الرغم من ان المنظور العام الخارجي له كان ليبدو مخلصا للبلاد من نظام دكتاتوري, فلو كانت المسألة بهذا الشكل ,فكل النظم العربية دكتاتورية , فهل ستقوم الولايات المتحدة باسقاطها جميعا ؟ فالولايات المتحدة تتصرف ب يعود عليها بالنفع . لذلك عملت الولايات المتحدة على تشويه صورة المقاومة , من خلال قطاعي الرؤوس الملثمين باسم الدين ( ومن يعلم الى ايه جهة ينتمون ! ) وقتل العراقيين الغير مبرر , ومن خلال عمليات الخطف للاجانب والعراقيين على حد سواء, و التي يقوموا بها من اجل فدية مالية . وبذلك خلط الاحتلال الاوراق بعضها ببعض ولم يعد هناك ما يسمى مقاومة وطنية , او بالاحرى قامت بتشويهها وتجريدها من الطابع الوطني .

لقد حاولت السياسة الامريكية منذ بسطت سيطرتها على العراق زرع فتيل الحرب الطائفية بين شيعة وسنة من جهة , وبين عرب واكراد من جهة اخرى , لكن يبدو انها لم تنجح امام ارادة شعب لم تكن لديه مشكلة ابدا حينما كانوا يعيشون سوية . وهنا كان لا بد للاحتلال الامريكي الاستعانة بطرف خارجي .

لماذا يثير خطباء مساجد الاردن حربا شعواء ضد الشيعة ؟ ولماذا هذه التعبئة ولماذا في مثل هذا الوقت الحرج؟ ان الشعوب العربية عاطفية بطبعها, وميالة لتصديق ما تسمعه في المساجد , وعندما تجد ما تؤكده بعض القنوات الفضائية , سوف تفرز فيما بعد بمثل ما يسمى بالزرقاوي , او السلطي او العماني , والذين عبئوا بشكل مباشر وغير مباشر , وان انتقالهم للعراق ليس بالمعجزة , فها هي الحدود على امتدادها من الواجهة الغربية تحت تصرف هؤلاء , وعندها لن تجد الولايات المتحدة الصعوبة بايجاد السيناريو المناسب لضرب هاتين الطائفتين بعضهما ببعض داخل العراق , ويكفيها شر هاتين القوتين عن جنودها , وها هو السيناريو يبدا بانسحاب الحزب السني من الانتخابات المزمع عقدها في اواخر الشهر الاول لسنة 2005.

ان سفارة امريكية تعداد موظفيها يتجاوز الثلاثة الاف وبادارة السفير (نيكروبونتي المعروف بدوره الارهابي في امريكا الوسطى في الثمانينات ايام حكم الرئيس ريغان حيث كان يدير من سفارته في السلفادور حربه الارهابية على نيكاراغوا وغيرها ), ما هي بسفارة دولة لدى دولة اخرى من اجل خدمة رعاياها او من اجل تبادل ثقافي بين بلدين , وانما هذا العدد المهول من الموظفين في مبنى ضخم لا يمثل اللا مركزا ارهابيا عالميا جديدا, او انه انتقال للبنتاجون من واشنطن الى بغداد.فما يا ترى يخبأ لنا القدر في تلك السفارة المزعومة ؟
يبدو ان ظروف العالم سوف تتغير في عالم احادي القطب , فمنذ سنة 2002 حتى نهاية سنة 2004 زادت الهوة في صرف سعر الدولار مقابل اليورو الى 35% والتي كانت سببا لاستقطاب معظم الاسواق نحو الولايات المتحدة , وعلى الرغم ان اقتصاد هذه الدول الغربية متضرر من هذه الحالة والتي قد تؤدي باقتصاده الى ازمة كبيرة من حيث كساد منتجاتها وارتفاع نسبة البطالة نتيجة لهذا التفاوت في سعر صرف العملتين ,الا اننا لا نسمع أي تصريح حكومي يبدى حتى امتعاظه جراء هذا التخفيض في سعر صرف الدولار.
ان الخطر الامريكي القادم سوف يفوق كل توقع , ليشمل السيطرة التامة على العالم باسره , وتشكيل عالم طبقي , تكون الولايات المتحدةالامريكية فيه هي السيد اما باقي العالم فهم عبيد بتفاوت.

فاتح الخطيب
2005-01-09





#فاتح_الخطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- من أجل صورة -سيلفي-.. فيديو يظهر تصرفا خطيرا لأشخاص قرب مجمو ...
- من بينها الإمارات ومصر والأردن.. بيانات من 4 دول عربية وتركي ...
- لافروف: روسيا والصين تعملان على إنشاء طائرات حديثة
- بيسكوف حول هجوم إسرائيل على إيران: ندعو الجميع إلى ضبط النفس ...
- بوتين يمنح يلينا غاغارينا وسام الاستحقاق من الدرجة الثالثة
- ماذا نعرف عن هجوم أصفهان المنسوب لإسرائيل؟
- إزالة الحواجز.. الاتحاد الأوروبي يقترح اتفاقية لتنقل الشباب ...
- الرد والرد المضاد ـ كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟
- -بيلد-: إسرائيل نسقت هجومها على إيران مع الولايات المتحدة
- لحظة تحطم طائرة -تو-22- الحربية في إقليم ستافروبول الروسي


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاتح الخطيب - الرعب القادم