أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - بافل علي - سياسة الاستبداد في عصر الاستعباد















المزيد.....

سياسة الاستبداد في عصر الاستعباد


بافل علي

الحوار المتمدن-العدد: 1074 - 2005 / 1 / 10 - 09:35
المحور: القضية الكردية
    


الاستبداد داء تبتلى به بعض الشعوب في بعض مراحل التاريخ وهو أسوأ أنواع السياسة وأكثرها فتكاً بالإنسان وبغير الإنسان في المجتمع المحكوم بالظلم والطغيان مما يؤدي إلى التراجع في كافة مرافق الحياة ووجوهها والى تعطيل الطاقات وهدرها وإلى سيادة النفاق والرياء بين مختلف فئات الشعب حكاماً ومحكومين .

وقد قدر الله تعالى على شعبنا الكردي من بين الشعوب التي تعرضت للاستبداد وما تزال حتى عصرنا هذا(عصر الاستبداد) نعم عصر الاستبداد عصر يعبد فيه المحكوم الحاكم والمظلوم الظالم والفقير الغني والضعيف القوي.... هذا هو شعار حكومات الشرق الأوسط مترسخاً في ضمير الحكام أن العدل طريق التخلف والتأخر وإن الظلم والاستبداد طريق البناء والتقدم ويندرج هذا ضمن مثل تتناقله ألسن المستبدين وتتوارثه الحكومات وفيه:((الظلم إن دام عمّر، والعدل إن دام دمّر)). ويأتي هذا المثل على عكس المثل الشعبي:((الظلم إن دام دمّر، والعدل إن دام عمّر)).

وفي قوله تعالى اكبر دليل على واقعنا الحالي:((إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون)). (1)

وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أفضل الجهاد:كلمة عدل عند سلطان جائر)).

"الاستبداد صفة للحكومة المطلقة العنان، التي تتصرف في شؤون الرعية كما تشاء بلا خشية حساب ولا عقاب محققين"

لقد ساد الانحطاط الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية، فالاستبداد هو بيت الداء ولن يكون شفاء من هذا الداء إلا باستبداله بالعدالة التي يصبح الإنسان في ظلها مطمئناً على ذاته وعلى ذويه متمتعاً بحقوقه من غير نقصان وآمن على عائلته ووطنه. أما الاستبداد فانه يجعل الإنسان((فاقدا حب وطنه لأنه غير آمن على الاستقرار وبود لو انتقل منه، وضعيف الحب لعائلته لأنه لا يملك مالاً غي معرض للسلب ولا شرفاً غير قابل للإهانة)) (2)

" ما من مستبد سياسي إلا ويتخذ له صفة قدسية، يشارك بها الله أو تعطيه مقام ذي علاقة مع الله "

ينبغي على الملوك أن يستشيروا الرعية وان لا يقطعوا أمراً إلا برأيهم وان تحفظ القوة والبأس في يد الرعية وأن يخصص الملوك بالتنفيذ وكما ورد في قصة موسى عليه السلام مع فرعون في قوله تعالى:((قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون)). (3)

والناظر المدقق في تاريخ الاسلام يجد للمستبدين من الخلفاء والملوك الأولين والعلماء المنافقين، أفعالا مريعة في إطفاء نور العلم ويجد إنهم طالما أرادوا أن يطفئوا نور الله ولكن أبى الله أن يتم نوره فحفظ للمسلمين كتابه الكريم الذي هو شمس العلوم وكنز الحكم من أن تمسه يد التحريف وهي إحدى معجزاته لأنه قال فيه: ((إن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)). (4)

فما مسه المنافقون إلا بالتأويل وهذا أيضاً من معجزاته لأنه اخبر عن ذلك بقوله: ((فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله)). (5)

"المستبد لا يخشى علوم اللغة المقومة للسان إذا لم يكن وراء اللسان حكمة حماس تعقد الأولوية، أو سحر بيان يفل الجيوش"

((العوام هم قوت المستبد وقوته، بهم عليهم يصول وبهم على غيرهم يطول، يأسرهم فيتهللون لشوكته ، وينصب أموالهم فيحمدونه على إبقاء الحياة، ويهينهم فيثنون على رفعته، ويغري بعضهم على بعض فيفتخرون بسياسته، وإذا أسرف بأموالهم يقولون عنه إنه كريم، وإذا قتل ولم يمثل يعتبرونه رحيماً، ويسوقه إلى خطر الموت فيطيعونه حذر التأديب، وان نقم عليهم منهم بعض الأباة قاتلوهم كأنهم بغاة)). (6)

"الحكومة المستبدة تكون مستبدة في كل فروعها، من المستبد الأعظم إلى الشرطي إلى الفرّاش الى كنّاس الشوارع"

المستبدون يخافون من العلم كثيراً فأفئدتهم هواء ترتجف من صولة العلم، وكأن أجسادهم من بارود والعلم من نار نعم يخافون من العلم حتى من علم الناس معنى كلمة ((لا إله إلا الله)) ولماذا كانت أفضل الذكر، ولماذا بني عليها الاسلام بني الإسلام بل وكافة الأديان على ((لا إله إلا الله)) ومعنى ذلك أنه لا يُعبد حقاً سواء، أي سوى الصانع الأعظم، ومعنى العبادة التذلل والخضوع، فيكون معنى ((لا إله إلا الله)) هو (لا يستحق التذلل والخضوع شيء غير الله). فهل والحالة هذه يناسب المستبدين أن يعلم عبيده ذلك ويعملوا بمقتضاه.

أما الفقراء فيخافه المستبد خوف النعجة من الذئاب ويتحجب إليهم ببعض الأعمال التي ظاهرها الرأفة ويقصد بذلك أن يغضب ايضا قلوبهم التي لا يملكون غيرها . والفؤاد كذلك يخافونه، خوف دناءة ونذالة خزف البغاة من العقاب منهم لا يجسدون على الافتكار فضلاً عن الإنكار كأنهم يتوهمون أن داخل رؤوسهم جواسيس عليهم وقد يبلغ فساد الأخلاق في الفقراء أن يسرهم فعلاً رضاء المستبد عنهم بأي وجه كان رضاؤه.

((ومن أين لأسير الاستبداد أن يكون صاحب ناموس؟ وهو كالحيوان المملوك العنان يقاد حيث يراد ويعيش كالريش يهب حيث تهب الريح لا نظام ولا إرادة، وما هي الإرادة؟ هي أم ناموس الأخلاق، هي ما قيل فيها، تعظيماً لشأنها، لو جازت عبادة غير الله لاختار العقلاء عبادة الإرادة، هي تلك الصفقة التي تفضل الحيوان على النبات في تعريفه بأنه متحرك بإرادته، فأسير الاستبداد الفاقد الإرادة هو مسلوب حق الحيوانية فضلاً عن الإنسانية لأنه يعمل بأمر غيره لا بإرادته، ولهذا قال الفقهاء: لا نية للرقيق في كثير من أحواله، إنما هو تابع لنية مولاه)). (7)

نجد من الأقوال السابقة للكواكبي التقارب الفكري بين الشعوب نح التخلص من الاستبداد وهذه الأقوال تنطبق على عصرنا هذا وكأنه الكواكبي بيننا ويعرف ما يحدث وما يعانيه الشعوب ويعبر عن ذلك بكل حرية.

لذلك انصح الحكام العرب جميعاً بالتوقف عن استبدادهم لشعوبهم وجعلها مستغرقة بالحرية لا مستعمرة لمصالحهم الخاصة وان يلتفتوا حول شعبهم لأنهم في البداية والنهاية النواة الأساسية لتكوين الدولة وإذا لم يتم هذا فإنهم سوف يدفعون الثمن غالياً .

وأوضح مثال على ذلك شقيقهم صدام حسين الذي لقي نهاية استباده للعراقيين في حفرة لم تكن تسعه لأن يمدد قدميه فيها، وأقول بأن نهايتهم ستكون كنهاية شقيقهم.

أن الاستبداد داء أشد وطأة من الوباء، أكثر هولاً من الحريق، أعظم تخريباً من السيل، أذل للنفوس من السؤال داء إذا نزل بقوم سمعت أرواحهم هاتف السماء ينادي: القضاء القضاء، والأرض تناجي ربها بكشف البلاء.

---------------------------------------

الهوامش:



(1)- سورة يونس الآية /44/.

(2)- طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد لعبد الرحمن الكواكبي تقديم الدكتور أسعد السحمراني الصفحة /84/.

(3)- سورة الاعراف الآية /109/ والآية /110/.

(4)- سورة الحجر الآية /9/.

(5)- سورة آل عمران الآية /7/.

(6)- طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد لعبد الرحمن الكواكبي تقديم الدكتور أسعد السحمراني الصفحة /52/.

(7)- نفس المصدر السابق الصفحة /88/.



#بافل_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سجون الانترنت!
- صراع الإرادات أم صراع الإدارات


المزيد.....




- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...
- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن
- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - بافل علي - سياسة الاستبداد في عصر الاستعباد