أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - أ?. بوديلو - أفي طليعة النضال أم في المؤخرة منه؟















المزيد.....

أفي طليعة النضال أم في المؤخرة منه؟


أ?. بوديلو

الحوار المتمدن-العدد: 1071 - 2005 / 1 / 7 - 09:29
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


"إن الوعي لدى الطبقة العاملة لا يمكن أن يكون وعياً سياسياً حقيقياً ما لم يكن العمال مدربين على الرد على كل صنوف الظلم والتعسف، العنف والاستباحة، أيا تكن الطبقة التي تنسب إليها أمور كهذه، بل الرد بالذات من وجهة نظر الاشتراكية الديموقراطية، وليس من أية وجهة نظر أخرى".
لينين. ""ما العمل؟"، 1902.

في غرب وجنوب شرق أوكرانيا، في أوروبا وفي روسيا، اختلف تقييم فريقي يانوكوفيتش ويوشنكو للأحداث التي جرت في كييف والعديد من مدن أوكرانيا بعد الانتخابات الرئاسية. لكن الأمر الذي لا يختلفان عليه هو أن وضعاً اجتماعيا واقتصاديا جديدا نشأ بعد الحادي والعشرين من تشرين الثاني من العام المنصرم. فقبل هذا التاريخ كان الرأي السائد في أروقة السلطة وخارجها أن الأوكرانيين مهما تنغص عيشهم، ومهما كانت صارخة وقائع الظلم والفساد والعنف والاستبداد من جانب السلطات فهي لن تخرِج الناس إلى الشوارع احتجاجاً. وينظر الجميع اليوم مندهشين إلى هذا المستوى غير المسبوق من النشاط السياسي لسكان أوكرانيا.
فكيف بات هذا ممكناً؟ ولماذا استطاع فريق يوشنكو أن يغير وجهة الأمور لصالحه على الرغم من أن يانوكوفيتش كان مدعوماً من قبل أضخم مجموعة صناعية ومالية في طبقة البرجوازية، وأن كل الإدارة الرئاسية الأوكرانية عملت لصالحه، كما أيد ترشيحه بقوة الرئيس الروسي بوتين، وأنه كان رئيسا للوزراء وأعلنته اللجنة الانتخابية المركزية بعد الدورة الثانية رسمياً مثابة المرشح الفائز؟
معظم الصحف الشيوعية واليسارية تفسر اليوم هذه الظاهرة تفسيرا غير مقنع. فهي ترى أن فريق يوشنكو استطاع بواسطة التقنيات الانتخابية الجديدة أن يستثير "هوساً جماهيرياً" ويخبّل عقول فئات من السكان غير مستقرة من الناحية السيكولوجية بشعارات ودعوات تمجد يوشنكو وبشارات "الثورة البرتقالية" ذات النزعة العدوانية. كما أن هذا الفريق تمكن من جذب الكثير من الفنانين والموسيقيين من ذوي الشعبية بين الشبيبة. وكذلك أن نشاطى "الثورة البرتقالية" الذين كانوا يحاصرون المباني الرسمية قد دفِعت لهم لقاء "عملهم" مبالغ طائلة، وأن الغرب دعم يوشنكو بقوة مالياً وتنظيمياً ومعنوياً إلى ما هنالك.
ولكن يطرح نفسه السؤال: أولم يكن فريق يانوكوفيتش هو الآخر يضم أيضا خبراء أقحاحاً في إجراء الانتخابات لصالح مرشحهم وشراء أصوات الناخبين بالجملة، كالمسنين مثلا، وتخبيل عقول أوسع فئات السكان بشعارات بدائية؟ أولم يدعم ترشيح يانوكوفيتش أيضا الكثير من الموسيقيين والفنانين المعروفين جدا بين الشباب؟ وهل اشتغل النشاطى الداعون إلى التصويت لصالح يانوكوفيتش "ببلاش"؟ أولم يستخدم جماعة يانوكوفيتش في مناطق الجنوب الشرقي وغيرها نفوذهم السلطوي والشعارات "الوطنية" البرجوازية المثيرة للهستيريا بالجملة بغية إسقاط الخصم؟ وروسيا بوتين ألم تقدم ليانوكوفيتش كل دعم مالي وتنظيمي وأدبي؟
طبعا لا. كل هذا كان عند يانوكوفيتش مثلما عند يوشنكو وأكثر، لا سيما أنه كان مرشح السلطة، وليس المعارضة. فوسائل الإعلام التي كانت تحت تصرفه كانت الأقوى من تلفزة وإذاعات وصحف، ومع ذلك خسرت الحرب الإعلامية من أجل أصوات الناخبين. فالمسألة ليست إذاً في تقنيات انتخابية ما، أو في دعم غربي ليوشنكو وللمعارضة اليمينية مالي وغير ماليّ. فهذا كان شرطاً ضروريا ولكنه غير كاف لفوز يوشنكو.
الأمر الأهم كان في أن عشر سنوات من حكم الرئيس الأوكراني ليونيد كوتشما كانت كافية لجعل سمعة السلطة تهبط في أعين السكان إلى "ما تحت النعلة" كما يقول الأوكرانيون. ويانوكوفيتش كان ممثلا لهذه السلطة ومجسدا لثبات نهجها المعادي للشعب. وكان الجميع، ويانوكوفيتش نفسه، يظن أن المنصب الذي يتولاه سيمنحه من القوة ما لن يقوى أحد على قهرها، غير أن الأيام أثبتت أن منصبه كرئيس للحكومة كان في الواقع، على عكس ذلك، نقطة ضعفه الرئيسية لأنه حمل وزر كل المرحلة السابقة. ولئن حاول بعد الدورة الثانية التي رفضت نتائجها وتقرر إجراء دورة انتخابية ثالثة أن يظهر في مظهر المعارض، وأن يُظهِر يوشنكو وكأنه مرشح السلطة بعد أن انحاز إلى هذا الأخير الرئيس كوتشما والمجلس النيابي الأوكراني، والكل يدرك أنهما ما كانا ليفعلا ويتنازلا لولا تحركات الاحتجاج الجماهيرية التي قادتها المعارضة اليمينية، فإن الفترة المتبقية حتى الدورة الثالثة لم تكن كافية أبدا لخلع صورة الرجل الذي كان طويلا جدا في السلطة من أذهان الناخبين وإكسابه صورة المناضل ضد النظام المعادي للشعب.
والسؤال المطروح هو كيف استطاع فريق يوشنكو المؤلف في معظمه من أشخاص كانوا بالأمس القريب في مناصب عالية في السلطة والدولة، وهم اليوم نواب، وفي أحيان كثيرة رجال أعمال كبار في الوقت نفسه بينهم حتى رجال أوليغارشيا، أن يستقطب عدم رضى الجماهير العريضة ويوجهه ضد السلطة ومرشحها، علما أن معظم هؤلاء يستخدم الانتخابات فقط لمنافسة مجموعات أخرى من الطبقة البرجوازية على أفضل الشروط لتجارته وأعماله؟ لقد تمكن هذا الفريق من أن يصل إلى هذا بفضل كون الفريق الداعم ليوشنكو من رجال الأعمال حظي بدعم البرجوازية الصغيرة والمتوسطة. فتحت رايات يوشنكو كان ثمة ما يقرب من 20 حزبا برجوازياً صغيراً بينها الحزب الاشتراكي الذي طالما عارض حكم الرئيس كوتشما بقوة. وقد يبدو النجاح الباهر لأعمال الاحتجاج دعما ليوشنكو في انتخابات العام 2004 أمرا عجيبا وغير معقول ولا تفسير له إذا لم نعد إلى ما قبل الانتخابات الأخيرة. فالواقع أن طريق يوشنكو إلى السلطة بدأ مع اغتيال الصحافي غونغادزة والذي اتهمت السلطة بالقيام به وأدى إلى تفاعلات أثارت تحركات احتجاج واسعة تحت شعار "أوكرانيا من دون كوتشما!" (نهاية العام 200 وحتى آذار من العام 2001) وشعار "أوكرانيا، انتفضي!" (أيلول عام 2002)، وهي تحركات تنصل منها يوشنكو شكليا حين كان في ذلك الوقت رئيسا للوزراء. وحدها إقالة يوشنكو أتاحت للمعارضة البرجوازية الصغيرة (التي تضم الاشتراكيين من حزب موروزوف) أن تجعل منه رمزا للنضال ضد حكم كوتشما. اعمال الاحتجاج هذه وحالات فضح أدنى فعل رشوة أو ظلم أو عسف ترتكبه السلطة في وسائل الإعلام التابعة للمعارضة اليمينية أقنعت أوسع فئات السكان بأن مركز مقاومة النظام المقيت هو هنا بالذات، فسارت وراءه.
أين هم الشيوعيون من كل هذا يا ترى؟ من المرارة بمكان الاعتراف بأننا كحزب سياسي عجزنا عن تركيز وتكثيف موجات الاحتجاج من قبل الجماهير الواسعة وترؤسها وتوجيهها الوجهة الصحيحة ضد أطراف البرجوازية جميعاً. فكنا كل هذه السنوات لا نناضل بقدر ما نتكلف النضال ونتظاهر بمظهر أننا حركة شيوعية مناضلة حقاً.
خير مثل على ما نقول الانتخابات الرئاسية عام 1999. فمرشح الحزب الشيوعي الأوكراني بيوتر سيموننكو ارتقى إلى الدورة الثانية في مواجهة كوتشما. فما كان من السلطة إلا أن استخدمت كل وسائل الضغط الإداري والإعلامي والمالي ولجأت إلى التزوير على نطاق واسع (كان هناك عشرات ألوف الشهود على هذا التزوير) منعاً لمرشحنا من الفوز. وأعلنت اللجنة الانتخابية المركزية طبعاً فوز كوتشما. فماذا كانت ردة فعل الشيوعيين؟ لا شيء، اللهم إلا بعض التشكي والانتحاب الكلامي من أن السلطة "هيك وهيك!" وأنها سرقت منا الفوز، وليس أكثر. لا أعمال احتجاج ولا تقديم شكاوى إلى القضاء. فقط سخط معنوي ليس بالفعل أكثر من دليل على العجز عن القيام بأي فعل. وهذا مع وجود 120 نائبا في البرلمان كانوا يشكلون الكتلة الشيوعية آنذاك. ولقد كان بوسعنا أن نقطع احتجاجا، مثلا، لبضع ساعات مع أنصارنا طرق السيارات والسكك الحديدية في كل أرجاء أوكرانيا، أو أن نمنع عمل الإدارات في المدن والمحافظات، وأن نحاصر في كييف القصر الرئاسي، وأن نعقد على الأقل اجتماعات حاشدة ونتظاهر احتجاجا في المناطق التي حظي فيها مرشحنا بالقدر الأكبر من الأصوات. طبعا كان من غير الممكن آنذاك أن ندفع بمئات ألوف الناس إلى شوارع مدننا وأن نصل إلى إلغاء نتائج الانتخابات وإعادة الاقتراع. غير أنه كان بمقدورنا أن نقود عشرات الآلاف وأن نعلن عن أنفسنا ونثبت وجودنا بأننا لسنا حزباً برلماني الطراز، بل نحن طليعة للجماهير الكادحة، وأن نلزم السلطة بأن تأخذ برأي ملايين الناس الذين صوتوا لمرشحنا ونجعلهم يشعرون بقوتهم. غير أن شيئا من هذا لم يحصل. فهل من عجب في أن مرشحنا حصل هذه المرة من الأصوات على أقل مما حصل عليه مرشح الحزب الاشتراكي موروزوف، فأضحينا عمليا في مؤخرة جماهير الشغيلة بدلا من أن نكون في طليعتها، وباتت الطبقة العاملة تسير في ذيل البرجوازية، فأيد اليوم قسم منها يانوكوفيتش والقسم الآخر يوشنكو، وبات الكثير منا في حالة ضياع لا يعرف أيٌّ هو الموقف الذي عليه أن يقفه، لدرجة أن الحزب قد لا يستطيع في الانتخابات النيابية عام 2006 أن يجتاز حاجز النسبة المئوية المطلوبة للفوز بمقاعد في البرلمان.
وإنْ هذا إلا الثمن الباهظ للأوهام البرلمانية، للنزعة الانتهازية، للثقة الزائدة بأن نسبة الـ20 بالمائة من اأصوات الناخبين التي كنا نلناها بالأمس لن تذهب إلى أحد غيرنا، وأن المقاعد النيابية مؤمنة لنا ما دمنا نحن نعتبر أنفسنا طليعة الجماهير الكادحة وننتقد النظام المعادي للشعب ومعه يوشنكو ونشتمه أقذع الشتيمة.
غير أن الطامة الكبرى تكمن لا في هذا ولا في ذاك، بل في أن الهزيمة تلحق لا بنا وحدنا، بل بالطبقة العاملة معنا في النضال ضد البرجوازية، فتضحي مجرد دمى في أيدي سياسيي البرجوازية وأيديولوجييها ومدبجي انتخاباتها، لا تحافظ على مصالحها بل على مصالح أعدائها الطبقيين. ولهذا يبقى النضال في سبيل حزب يقف فكرياً وتنظيمياً في استراتيجيته وتكتيكه بكل قوة في مواقع الماركسية الثورية هو المهمة الرئيسية الآن بالنسبة إلى الشيوعيين والعمال الواعين. فإذا تمكنا من تنفيذ هذه المهمة سيصبح الانتصار على كل من هم على شاكلة يانوكوفيتش ويوشنكو مسألة ذات طابع تقني وحسب بالنسبة إلى الطبقة العاملة.
----------------------------------------------



#أ?._بوديلو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ما علاقته بمرض الجذام؟ الكشف عن سر داخل منتزه وطني في هاواي ...
- الدفاع المدني في غزة: مقتل 7 فلسطينيين وإصابة العشرات بقصف إ ...
- بلينكن يبحث في السعودية اتفاق إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق ...
- مراسل بي بي سي في غزة يوثق أصعب لحظات تغطيته للحرب
- الجهود تتكثف من أجل هدنة في غزة وترقب لرد حماس على مقترح مصر ...
- باريس تعلن عن زيارة رسمية سيقوم بها الرئيس الصيني إلى فرنسا ...
- قبل تصويت حجب الثقة.. رئيس وزراء اسكتلندا يبحث استقالته
- اتساع رقعة الاحتجاجات المناصرة لغزة في الجامعات الأمريكية.. ...
- ماسك: مباحثات زيلينسكي وبايدن حول استمرار دعم كييف -ضرب من ا ...
- -شهداء الأقصى- تنشر مشاهد لقصف قاعدة -زيكيم- العسكرية


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - أ?. بوديلو - أفي طليعة النضال أم في المؤخرة منه؟