أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - فريد زهران - مسيحى ما علاقتك بالانتفاضة













المزيد.....

مسيحى ما علاقتك بالانتفاضة


فريد زهران

الحوار المتمدن-العدد: 245 - 2002 / 9 / 13 - 02:00
المحور: القضية الفلسطينية
    


 

إذا كنت مسيحى فهل من الجائز أن تكون متضامناً مع الانتفاضة الفلسطينية ومتعاطفاً معها ؟ للإجابة على هذا السؤال الذى قد يبدو للبعض غريباً، دعونا نذكر لكم القصة منذ البداية.
عقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الباسلة فى 28/9/2000 شرفت مع عدد من المثقفين والساسة المصريين بتأسيس اللجنة الشعبية لدعم انتفاضة الشعب الفلسطينى، ونجحت هذه اللجنة التى ضمت عناصر مختلفة المشارب والتوجهات الفكرية فى تقديم دعم سياسى ومادى ملموس للانتفاضة، فعلى الصعيد السياسى نظمت حملة لجمع مليون توقيع على عريضتين، الأولى موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة تطالبه بإقرار حق عودة اللاجئين وتوفير حماية دولية لفلسطينى الداخل، والثانية موجهة لرئيس الجمهورية تطالبه بإغلاق السفارة الإسرائيلية فى مصر ووقف كافة خطوات التطبيع مع إسرائيل، كما قامت اللجنة بتنظيم نشاط إعلامى مناصر للانتفاضة حتى أنها نظمت ما يزيد على عن ثلاثين مؤتمر واحتفالية فى كافة محافظات مصر، وعلى صعيد توفير الدعم المادى للانتفاضة نجحت اللجنة فى تنظيم أربع قوافل كانت الأولى فى وحملت 90 طن مواد غذائية وأدوية وجرت وقائع تسليمها فى مظاهرات جماهيرية حاشدة بمدينة العريش وصاحبها حوالى 150 مواطن مصرى، أما الثانية فقد انطلقت بصحبة ما يقدر بضعف مرافقى القافلة الأولى وثلاثة أضعاف ما حملته القافلة الأولى من مواد غذائية وأدوية، ونتيجة تعنت سلطات الاحتلال فى إدخال المواد الغذائية حتى أن القافلة الثانية لم تدخل إلا بعد حوالى 45 يوماً من الانتظار فى المخازن الفلسطينية بمدينة العريش، فقد قامت اللجنة الشعبية بحملة من أجل فك الحصار توجتها بإضراب تبادلى عن الطعام للضغط من أجل فتح المنافذ، وكثمرة لكل هذه الجهود تشكلت فى ثلاثة عشر محافظة مصرية لجان شعبية لدعم الانتفاضة شارك بعضها فى القافلة الثانية ونجحت واحدة منها وهى لجنة الدقهلية بالتحديد فى الإعداد لقافلة ثالثة انطلقت من هناك – مع بعض الأدوية والمواد الطبية من القاهرة – إلى العريش وبعد أسبوعين فقط نجحت ميت غمر وقرية سنفا فى جمع 30 طن مواد غذائية فى بضعة ساعات.
هذا وتقوم اللجنة الآن بالإعداد لقافلة إغاثة مجمعة سيصحبها أشكال متنوعة من التضامن يومى 28، 29/6/2001 فى إطار ما نسميه بـ "يوم التضامن مع انتفاضة الشعب الفلسطينى" ومن المقرر أن يجتمعً بمقر اللجنة ممثلين عن الأحزاب والنقابات والمنظمات غير الحكومية لتدارس تنظيم ذلك.
قبل انطلاق قافلة الدقهلية ببضعة أيام أرسلنا بيان صحفى حول هذه القافلة لوسائل الإعلام المختلفة ولان من بينها برنامج رئيس التحرير، وفوجئنا بالأستاذ حمدى قنديل يشير إلى اللجنة وأرقام تليفوناتها كسبيل إلى تقديم الدعم وهو ما كان له أكبر الأثر فى دفع حركة جمع التبرعات العينية وساعد كثيراً على نجاح ميت غمر فى إعداد القافلة الرابعة.
كان من بين أرقام التليفونات التى أذاعها الأستاذ حمدى قنديل رقم "الموبايل" الخاص بى وسعدت للغاية بتلقى عشرات – بل مئات – المكالمات من أطفال ونساء وشيوخ وكلهم فى غاية الحماس ويريدون تقديم يد العون السياسى والمادى للشعب الفلسطينى الصامد، وبعض الناس كان يبكى ألماً وحزناً على ما آلت إليه الأوضاع وما وصلت إليه معاناة الشعب الفلسطينى فى ظل عجز البعض وتواطؤ البعض الآخر.
كان من بين أرقام التليفونات التى أذاعها الأستاذ حمدى قنديل رقم تليفون الزميل والصديق المهندس عادل واسيلى عضو لجنة تنسيق اللجنة الشعبية وأحد أهم العناصر النشطة باللجنة، وقد حكى لى "عادل" كيف أن عدد كبير من اللذين تحدثوا معه تليفونياً قد سألوه بدهشة واستنكار بعد أن عرفوا اسمه : انت مسيحى ؟! وعندما كان عادل يؤكد انه مسيحى كانوا يسألونه مرة أخرى بمزيد من الدهشة والاستنكار : "طيب وانت مالك ومال الانتفاضة ؟!"، ولعل ذلك كان فرصة لعادل واسيلى – أو بالأحرى للجنة الشعبية – لكى يشرح لمئات الناس كيف يمكن أن تكون مسيحى مصرى وتكون ضد إسرائيل أو مع الانتفاضة الفلسطينية.
الذين سألوا عادل عن كيف يكون مسيحى ومؤيد للانتفاضة يتبنون فهماً دينياً للصراع العربى الإسرائيلى يراه مجرد صراع بين اليهود والمسلمين ومن ثم فكيف يكون لمسيحى دور فى هذا الصراع ؟! هؤلاء الناس كانوا يسألون "عادل" انطلاقاً من أن المطروح هو "الجهاد" من أجل استعادة الأماكن المقدسة من أيدى اليهود، وأنا بوضوح شديد أعتقد أن هذا الفهم المتنامى – بكل أسف – للصراع العربى الإسرائيلى هو بالضبط ما تدفع إسرائيل فى اتجاهه بدأب وإصرار منذ وجودها غير المشروع وغير الدائم – بإذن الله – وحتى الآن.
يقول اليهود أنه صراع بين اليهود ، وكأنهم شعب موحد أو قومية محددة، وبين المسلمين وكأنهم شعب واحد وقومية واحدة، ويضيف اليهود بالطبع أنهم أقلية محدودة جداً بالنسبة للمسلمين، ومن ثم فإنهم الطرف الأجدر بالعطف والتعاطف، ومسلمى فلسطين يمكنهم أن يعيشوا فى العالم الإسلامى الواسع جداً والغنى بثرواته الطبيعية أو حتى يستطيعوا أن يعيشوا فى العالم العربى انطلاقاً من أنهم عرب والعرب أمة واحدة كما يقولون هم أنفسهم ، فلماذا لا يتم توطين المسلمين فى الأمة الإسلامية ؟! لماذا لا يتم توطين العرب فى الأمة العربية ؟!
من ناحية أخرى : إذا كان الصراع بين اليهود والمسلمين صراع دينى فإن ذلك يساعد اليهود فى كسب الرأى العام الغربى انطلاقاً من خطاب دينى توراتى، وكلنا يعرف أن التوراة جزء من الكتاب المقدس للمسيحيين ومن ثم فإن الخطاب الدينى اليهودى هو أقرب للمسيحيين من خطاب دينى إسلامى، ذلك أن اعتراف المسلمين باليهودية والمسيحية لا يقابله اعتراف مقابل من المسيحيين بالإسلام، كما لا يقابل اعتراف يهودى بالمسيحية والإسلام، والخلاصة أن وضع الصراع بيننا وبين إسرائيل على أرض دينية يجعل اليهود أمام الرأى العام الغربى – المسيحى فى موقف أفضل منا بسبب العلاقة الوثيقة بين الثقافتين اليهودية والمسيحية إذا ما وضعت الأمور على أرض دينية.
من ناحية ثالثة – وهذه أخطر نقطة – فإن طرح كل الطموح العربى فى صيغة "الجهاد من أجل استعادة المقدسات الإسلامية من اليهود" يقابله من الطرف الآخر – وهو اليهودى هنا بالنسبة للصياغة الإسلامية – زعماً بأن القدس بها مقدسات يهودية أيضاً، فإن الحديث عن ما هو أكثر قداسة عند كل طرف يفتح الباب أما اقتسام السيادة أو تداولها على القدس أو الأماكن المقدسة، ونحن نرفض ذلك كله لأننا ببساطة نرى أن الكعبة مقدسة عند كل مسلم ولكن هذا لا ينفى أن الكعبة المشرفة موجودة فى مكة، وأن مكة أرض سعودية حتى لو لم يكن البعض منا – أى المسلمين – معجباً بالنظام السعودى لأنه ملكى مثلاً أو غير إسلامى أو .. أو..، فرغم كل هذه الاعتراضات المحتملة تبقى الكعبة خاضعة بالكامل للسيادة السعودية.
يذكر أن الثورة الإسلامية الإيرانية فى البداية حاولت أن تفتح بوابات جهنم عندما دعت إلى إشراف إسلامى متعدد على الأماكن المقدسة بالسعودية، بل وحاولت أن تجعل من مناسك الحج مناسبة سنوية للصدام والاحتكاك، ونحن لم نوافق أبداً على ما قامت به إيران مثلما لا يمكن أن نوافق مثلاً لو أن بعض المسيحيين فى أوروبا طالبوا باستعادة بعض الكنائس والأديرة فى مصر من أيدى المسلمين !! فالأماكن المقدسة عند أصحاب أى عقيدة أو دين لا تعطى أبناء هذه العقيدة أو الدين مبررات للمطالبة بالسيادة على الأماكن المقدسة تتجاوز وجود هذه الأماكن نفسها داخل هذه الدولة أو تلك.
إن المطالبة بالقدس لمجرد أن بها أماكن مقدسة إسلامية يضعف من حجتنا المشروعة فى استعادتها من براثن الاحتلال الصهيونى، ويشوش على طبيعة الصراع ويدخل بنا فى مماحكات حول ما إذا كان بالقدس أماكن أكثر قدسية لليهود أم لا، وكل ذلك يبدو متوائماً بالكامل مع ما ترمى إليه إسرائيل، ومن ناحيتنا فنحن نرى بوضوح وحدة أن القدس فلسطينية أولا وفلسطينية ثانياً وفلسطينية ثالثاً وفلسطينية أخيراً، ولابد للفلسطينيين أن يستعيدوا فلسطين أولاً وثانياً و ثالثا وأخيراً قبل أى حديث عن أى وحدة عربية مستهدفة (ونراها ضرورية) وقبل أى رابطة إسلامية مستهدفة (لا نستبعد جدواها وأهميتها)، ذلك أنه ينبغى على الشعب الفلسطينى أن يستعيد فلسطين، ذلك أننا نؤكد أنه لا مستقبل لدولة إسرائيل لأنها ببساطة دولة صهيونية عنصرية، ونفى هذه العنصرية قادم لا محال من خلال نضال الشعب الفلسطينى المشروع لاستعادة أرضه وحقوقه المهدرة، وهو نضال يستند على أسس عقلانية وديموقراطية، وليس على أسس عنصرية دينية مضادة، إن تحرير فلسطين يحتاج إلى نضال كل القوى الوطنية والديموقراطية الإنسانية فى العالم العربى، وفى العالم بأسره، ونحن لا يمكن أن ننسى مناضلى الجيش الأحمر اليابانى اللين انخرطوا فى النضال الفلسطينى فى السبعينات، ونحن لا يمكن أن نتجاهل أن هناك أصوات يهودية غير صهيونية – على قلتها – ترتفع هنا وهناك ضد إسرائيل، ونحن على يقين أن استمرار النضال الفلسطينى العادل وغير العنصرى وبمساندة كل القوى الإنسانية والتقدمية المعادية للفاشية والعنصرية سيزيد من أعداد اليهود اللذين سيتخلون عن عنصريتهم، ومثلما اكتشف البعض فى جنوب أفريقيا بفضل نضال الزنوج غير العنصرى أن مصلحتهم تقتضى منهم التخلى عن عنصريتهم، فإن اليهود – أو أغلبهم – على الأقل سيكتشف من خلال النضال الفلسطينى العادل وغير العنصرى أن مصلحتهم تقتضى منهم التخلى عن عنصريتهم والتعايش مع الفلسطينيين فى سلام، وعندئذ ستنتفى طبيعة إسرائيل العنصرية فينتفى وجودها ذاته وتعود فلسطين، كل فلسطين، فلسطينية، وعربية طبعاً لانها تنتمى لمحيط عربى وليس غربى أو آسيوى، وسيكون لها أيضاً انتماء إسلامى واضح لان فلسطين المتعددة الديانات تنتمى للحزام الحضارى الإسلامى وشأنها فى ذلك شأن لبنان التى تسكنها أغلبية مسيحية.
الصراع بيننا وبين إسرائيل ليس دينياً إذن إلا من منظور اليهود العنصرى وبعض الاتجاهات الإسلامية فى العالم العربى – بكل أسف – إذ تتبنى هذا المنظور الدينى فإنها فى الحقيقة إنما تؤكد على مزاعم اليهود العنصرية و تضع الرأى العام فى وضع المفاضلة بين رؤيتين عنصريتين على عكس الواقع الذى يؤكد عنصريتها ووحشيتها فى مواجهة الفلسطينيين العرب.


 



#فريد_زهران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصر.. نجل وزير سابق يكشف تفاصيل خطفه
- ذكرى تحارب النسيان.. مغاربة حاربوا مع الجيش الفرنسي واستقروا ...
- لبنان.. لقطات توثق لحظة وقوع الانفجار بمطعم في بيروت وأسفر ع ...
- القبض على الإعلامية الكويتية حليمة بولند لاتهامها بـ-التحريض ...
- مصر.. موقف عفوي للطبيب الشهير حسام موافي يتسبب بجدل واسع (صو ...
- -شهداء الأقصى- التابعة لـ-فتح- تطالب بمحاسبة قتلة أبو الفول. ...
- مقتل قائد في الجيش الأوكراني
- جامعة إيرانية: سنقدم منحا دراسية لطلاب وأساتذة جامعات أمريكا ...
- أنطونوف: عقوبات أمريكا ضد روسيا تعزز الشكوك حول مدى دورها ال ...
- الاحتلال يواصل اقتحامات الضفة ويعتقل أسيرا محررا في الخليل


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - فريد زهران - مسيحى ما علاقتك بالانتفاضة