أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد الحليم فضل الله - الرأسمالية الاحتكارية في لبنان ثلاثة اتجاهات تتجاذب النظام















المزيد.....

الرأسمالية الاحتكارية في لبنان ثلاثة اتجاهات تتجاذب النظام


عبد الحليم فضل الله

الحوار المتمدن-العدد: 244 - 2002 / 9 / 12 - 04:08
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


 

أسست تطورات العقدين الأخيرين في العالم، لقطيعة نهائية مع الماضي القريب، الموافق في الروزنامة اللبنانية، لمرحلة ما قبل الحرب، وقتذاك كان بوسع الاحتكارات الداخلية تصميم السياسات الاقتصادية بمفردها وتحديد أهدافها وأدواتها بناء على قواعد مبسطة، لكن مع هذه التحولات العالمية الثورية، فإن من الصعوبة ان تتكيف النخبة الاقتصادية التقليدية، ذات الجذور المحلية في لبنان، مع الموجة الجديدة من موجات السوق التي تتسم بالقوة، وتستمد طاقاتها وقدراتها مباشرة، من المحركات المركزية للاقتصاد العالمي، وقد أدى تحطيم التقاليد السياسية التي حكمت العلاقات الدولية سابقا، الى الكشف عن مواطن الضعف الكثيرة في تركيبة الرأسمالية اللبنانية، وتخلفها وغرابة قواعد عملها، وخصوصا أنها جمعت بين الاستعانة الدائمة بالدولة، وبين دعوتها الى نظام سوق غير اجتماعي يحظى بفائض من الحرية.
هناك عملية إحلال متسارعة تجري في لبنان بين رأسمالية وأخرى، تتفقان على قواعد العمل نفسها، لكن تختلفان على تحديد الظرف الذي ينبغي الاعتماد عليه، فبدلا من الاستعانة بالدولة، هناك محاولات للاستقواء بقوى العولمة وبيروقراطياتها الصاعدة، عمليات الاحلال هذه تزيد من احتكارية الاقتصاد اللبناني، لكنها تؤدي الى تصديع نادي النخبة فيه، او على الأقل الى تقليص هذا النادي.
الدولة والعقلانية الاقتصادية
ستعاني الرأسمالية الاحتكارية في لبنان، من عواقب التدمير المنهجي للأساس الذي يمكن الدولة من التدخل، فهي في أمس الحاجة الى دولة قوية نسبيا، بوسعها فرض تسويات غير عادلة لصالحها، وإدارة توزيع مجحف للموارد عند الحاجة. هذا في غير أزمة، أما معها فإن حضور الدولة يجعل من الممكن الإخلال بالتوازن، أثناء تحديد من سيقع عليه عبء احتواء الأزمة واستيعاب نتائجها. هذا ما يحصل اليوم بالفعل وعلى نحو معكوس ومقصود في آن. فآليات الضبط والتحكم التي لا تزال فاعلة داخل النظام، تعمل على انتاج سياسات هجينة، جعلت من الأزمة سببا لتحويل الثروة من أدنى السلم الاجتماعي الى أعلاه، وسببا ايضا في تحويل الموارد من المستقبل الى الحاضر لتغطية الفجوة المالية الناشئة عن سياسات الماضي.
إن عقلنة الادارة الاقتصادية، وإطلاق تصحيحات جوهرية، يستلزم تفعيل ديموقراطية النظام، وتحريره تحديدا من قيود الاستثناءات، التي تمنعه من حسم اكثر التباينات عمقا، وهذا مآله الى العثور على نقطة تقاطع وتوازن بين الاتجاهات الثلاثة التي تتجاذب النظام في ذروة اشتداد الأزمة وفي البحث عن مخارج لها.
الاتجاه الأول: اتجاه النمو، ويرعى أفكارا تقف أحيانا الى يمين السياسات الدولية التي يبشر بها البنك الدولي وصندوق النقد منذ حوالى عقد ونصف، وفي اعتقاده، ان الرزمة الكبيرة من برامج التحرير الاقتصادي التي يتبناها، كفيلة بتوليد حلقات نمو تتنامى وتتسع حتى تحتوي الأزمة، وتكرس اهمية الاقتصاد اللبناني في محيطه. تشتمل هذه الرزمة على العديد من البنود التي باتت معروفة في زمن العولمة، كالخصخصة، وتخفيض الانفاق الاجتماعي، ونزع الحواجز من أمام حركة التبادل الدولي، لكنها تستثني من التحرير بنودا مالية/ نقدية يصر عليها البنك الدولي.
مأزق هذا الاتجاه، وهو المسيطر حاليا، أنه يتجاهل العديد من الحقائق:
يتجاهل اولا عمق وضخامة الأزمة، التي تعقم أثر اية سياسة لا تبدأ من تخفيض المخاطر، ويتجاهل ثانيا، ان نقطة البدء في اطلاق المنافسة، ليست في مراجعة دور الدولة المحدود أصلا، بل في معالجة شروط عمل القطاع الخاص، حيث تفتقر السوق الى أدنى مقومات المزاحمة المتكافئة، ويهمل هذا الاتجاه ثالثا، بوادر التطور في فكر البنك الدولي رغم انه الركيزة النظرية لأيديولوجيا النمو (في مقابل التنمية).
فقد ركز البنك الدولي، في البداية على سياسة التمويل للمشروع Project Finance ثم انتقل في الستينات الى سياسة النمو مع التوزيع، قبل ان يدفعه تفاقم ازمات المديونية في الدول النامية الى الاتجاه نحو ما يعرف ببرامج التكييف الهيكلي Structural Adjustement Loans SAL المقترنة بسياسات التثبيت النقدي المعتمدة لدى صندوق النقد، وهو ما يتحدد عادة بثلاثة مؤشرات: تخفيض عجز الموازنة، تحرير اسعار الصرف، والتحديد الاقتصادي لأسعار الفائدة.
ماذا أولا؟ التنمية ام النمو؟
بعد ان انحازت البيروقراطية الدولية اليوم، الى وصفات ذات سياق لا تنموي/ لا اجتماعي صريح، بدأت تصدر من داخلها دعوات جادة بالتغيير، لا تتناهى ربما الى اسماع صانعي السياسة الحكومية في لبنان، فمسودة تقرير التنمية العالمية للعام 2000، الذي يصدره البنك الدولي سنويا، قدم دفاعا عن بعض سياسات التقييد الاقتصادي. صحيح انه استهل بالتأكيد على اهمية النمو الاقتصادي في تقليص الفقر، إلا أنه عاد وأكد على ضرورة ان تسبق شبكات التنمية الفعالة، طريق الاصلاحات الحرة للسوق. أدى تدخل وزارة الخزانة الاميركية، الوصية ضمنا على اعمال البنك الدولي، الى ادراج تعديلات جوهرية في التقرير، أعادت دمجه في أدبيات التحرير الاقتصادي الموسع، وقد دفع جوزيف شتيغليتز، كبير اقتصاديي البنك سابقا، منصبه ثمنا لإصراره على تغليب نظرية التنمية اولا على نظرية النمو اولا، وهذه الأخيرة هي المفضلة في ردهات القرار الاميركي. وعلى أي حال، فإن ذلك يعني ان الليبرالية الموسعة، تتعرض لمراجعات في بلدان منشئها، بينما هي ملهم ايديولوجي خارج المراجعة في بعض انحاء العالم النامي،... وفي لبنان على وجه التأكيد.
الاتجاه الثاني، اتجاه الاصلاح: يؤكد هذا الاتجاه على ان سلة مدروسة وعميقة من الاصلاحات، لا بد من إسقاطها على هياكل النظام الاقتصادي اللبناني، وامتداداته المؤسسية والتنفيذية، وأن اولوية الاصلاح، لا تتعارض مع الشروط الطارئة للأزمة بل تقع منها في مقام السياسات من الأهداف.
وبرأي هذا الاتجاه، فإن ازمة السلطة التنفيذية، لا تكمن فقط في عجزها عن تحقيق التوازن المالي بين ايراداتها ونفقاتها واحتواء المديونية العامة المرتفعة، بل ترتبط اولا بعدم كفاءة هذه السلطة في مرحلتي التخطيط الاستراتيجي ومرحلة التنفيذ، التي تتطلب جهازا متماسكا وسليما، وقادرا على تحقيق سياسات مستقرة.
لم يستند هذا الاتجاه الى أساس مفهومي واضح، ولم يدع الارتباط بمدرسة محددة، فلو فتش عن أساس كهذا، لوجده فعلا في بعض افكار التنمية، التي اشتقت في الثمانينات مفهوم <<الحكم الصالح>> "Good Governance" كمصطلح ملائم لشرح العلاقة بين نجاح التنمية، وسلامة أساليب الحكم، وملائم ايضا للتأكيد ايضا على العلاقة الجدلية بين اقتصاد السوق ودولة القانون.
لا يرى انصار اولوية الاصلاح الصعوبات الجمة التي واجهتها الدول التي تخوض هذه التجربة، ولم يعتن هؤلاء بالفشل المتوقع قياسا الى تلك الصعوبات، الا حينما وقعت التجربة اللبنانية في مأزق التباطؤ والتراجع، وقد زاد من حدة هذا المأزق، ان الخريطة الاجتماعية/ السياسية المعقدة للبنان، تحظر الكثير من المعارك الديموقراطية المطلوبة لانجاز مخطط الاصلاح.
مع ذلك، لا يزال هذا الاتجاه بعيدا عن استخلاص العبر، فهو يفصل احيانا بين المبادئ والأفكار النوعية، وبين المعايير الاقتصادية الكلية، المطلوب مراعاتها، من اجل تحويل النوعي الى كمي ولتحديد امكانية الاصلاح وأدواته ونتائجه. ثم إن اي اختراق تصحيحي في جسم النظام اللبناني، هو عملية سياسية واقعية، تراهن على تجنيد العناصر الفعلية المتوافرة، وتقتضي الدمج بين فكرتي الديموقراطية ودولة القانون، بدلا من العمل على عزل إحداهما عن الاخرى.
الاتجاه الثالث: الاتجاه الاجتماعي/ التنموي، ولا يرى في الأزمة الا بعدها البنيوي تارة، ونتائجها الاجتماعية تارة اخرى.
ويحالف هذا الاتجاه الصواب في أمرين، الاول: في أن تفسير الأزمة الراهنة متعذر بمعزل عن وصلها بسياقها التاريخي. الثاني: في أن مخارج الأزمة لا يمكن توفيرها خارج تخطيط يحفظ مصالح كل الاطراف، ويعتني تماما بالنتائج الاجتماعية والانمائية لأية سياسة.
يتوقع لهذا الاتجاه، ان يشق خطاه بثقة، مع انه على العموم اتجاه معارض وخارج السلطة دائما. فهو مكون محتمل من مكونات الفكر الاقتصادي المستقبلي، الذي سيشكل ربما، ملجأ متوقعا من النتائج الكارثية لهيمنة الليبرالية المتوسعة على العلاقات الاقتصادية الدولية. وكما هو واضح ينتسب هذا الاتجاه الى تيار عالمي كبير، هو الرأسمالية/ الاجتماعية، التيار الذي لم ينهزم تماما برغم انحساره عن مراكز نفوذه السابقة، ويقدر له الانبعاث حالما يفرضه من جديد تزايد التطرف المقابل.
لكن اتجاه التنمية يشكو في لبنان من خللين: الاول: عدم تمتع انصاره بحس واقعي مطلوب احيانا لتكييف احتياجات التنمية مع شروط الازمة، ومطلوب احيانا اخرى لاشتقاق برامج تفصيلية واضحة، بدلا من الاقتصار على اطلاق احكام عامة لا تراعي الموازين العلمية لتوزيع الموارد الداخلية.
الثاني: تغليب اعتبارات التمثيل على الاعتبارات الاقتصادية، بحيث يبسط هؤلاء مقولاتهم التنموية على سوية اقتصادية غير متفق عليها، وذلك بناء على الأهمية التي يوليها لوظيفة تمثيل الفئات الأكثر تضررا في السلم الاجتماعي، من سياسات انتاج الازمة وسياسات انتاج الحلول لها. مع أن بالوسع الجمع ما بين مجموعتي الاعتبارات هاتين، وبالوسع ايضا مراعاة مصالح كل الاطراف، وليس فقط مجتمع الفقراء وحده.
من جديد إن تحقيق هدفي الاندماج في الاقتصاد العالمي والخروج من الأزمة، يفترض البحث عن نقطة تقاطع بين هذه التيارات الممثلة، عساه يكسر حدة اختزال المصالح الوطنية العامة، بمصالح فئة متضائلة حجما ومتزايدة نفوذا، مع انها تعمل منذ نصف قرن على حرف العمليات الاقتصادية، عن خياراتها الأمثل. واليوم يضاف الى ذلك مزيد من الانحراف جراء انقسام هذه الفئة على نفسها، بين فئة تقليدية مقيمة تستظل بحماية الدولة وتبادل مجتمعها المنافع والمصالح، وأخرى اكثر حداثة تطمح الى احتلال موقعي القطاع العام والقطاع الخاص معا.
(مقتطف من دراسة مطولة).
() نائب رئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق.

 
©2002 جريدة السفير



#عبد_الحليم_فضل_الله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- النفط يُمنى بأكبر خسارة أسبوعية في 3 أشهر
- ما تداعيات تعليق تركيا علاقاتها التجارية مع إسرائيل؟
- ماسك يحذر من نهاية الدولار الوشيكة
- الخزانة الأمريكية تشطب شركة طيران -Emperor Aviation- من قائم ...
- قلق واسع في إسرائيل إثر قرار تركيا قطع علاقاتها التجارية
- يمثل ثلثي الاقتصاد .. قطاع الخدمات الأميركي يتراجع في أبريل ...
- الأناضول: عالم الأعمال التركي يدعم قطع التجارة مع إسرائيل
- أسعار المواد الغذائية ترتفع للشهر الثاني على التوالي
- تركيا توقف التبادل التجاري مع إسرائيل.. من -سيتألم- أكثر؟
- الكويت.. إزالة جميع المباني المخالفة في -جزيرة مسكان- (فيديو ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد الحليم فضل الله - الرأسمالية الاحتكارية في لبنان ثلاثة اتجاهات تتجاذب النظام