|
حــــدو
محمد عبدالله الاحمد
الحوار المتمدن-العدد: 1063 - 2004 / 12 / 30 - 11:19
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
ليست النكتة روح الشعب فقط بل هي سلاحه احيانا ، سلاحه الذي يحارب به أعداؤه و الظواهر التي تحرمه من حياته الطبيعية حتى داخل الوطن....
ولكن ما تمتاز به النكتة بأنها سلاح المجتمعات المأزومة في الحقيقة لأنها تأتي أصلا من المعاناة و كلما كبرت هذه المعاناة كان وقع (المفارقة) أي وقع النكتة أكبر و بالتالي ستضحك أكثرك و كلما كان القمع شديدا كانت النكتة اكثر اضحاكاً بسبب سريتها... حيث أذكر أننا في المدرسة كنا نمارس بعض الشغب فقط عندما يكون المدرس قاسياً و غير عادل و ربما إذا كان قد أخطأ المهنة أصلاً...فشغب التلاميذ هو في الحقيقة ظاهرة لا تبتعد في كثير من الحالات عن حالة احتجاج الشعب على الحاكم او على ما يتعرض له من غرم...وهذا لا يقتصر على النكتة السياسية بل و الاجتماعية و غيرهما .
الكاتب الاخ فراس سعد لمَّح مرة عليَّ عندما بدأت أرسل للمرآة بعد أن رأيت فيها ساحة حوار مهمة و محترمة ، لمَّح عليَّ منتقدا عنونتي لمقالاتي الأولى (الغناء من داخل السرب) حيث كنت أسلسها ترقيماً و هو أي هذا الأستاذ الذي يمتاز برصانة المعرفة رغم اختلافي معه في بعض الأولويات السياسية ، تساءل محتجاً أي تُغني و البلاد تحترق؟
بالتأكيد لو كان الأستاذ فراس يعرف أصولي الحمصية لما احتج عليَّ هكذا و لكان قبلها (على طريقة) الشرطي الذي وفَّر مخالفة مرور على سائق مر على الاشارة الحمراء صائحاً :حمصي...حمصي
فأشار له الشرطي أن يتابع دون أن يخالفه اسوق المثال على نفسي ليفهمه العاقلون فقط ...
و لهذه جذورها يا سادتي فلقد أنقذ الحماصنة مدينتهم من الهلاك من جور تيمورلنك برفع الأذان يوم الأربعاء حيث بدأت من هناك قصتهم مع الحمصنة ، بينما احترقت باهلها مدن كثيرة...و نُكلَ بأهلها (انظر معجم البلدان)...
هل تعرفون أمة مظلومة لا ينكت أهلها .. أشك بذلك!!
بل أن الامم (الظابطة) لا تفهم النكتة..او نكاتها سمجة و على خلاف المصري و الحمصي و اللبناني السويسريون و النمساويون لا ينكتون الا نادراً و اذا سمعوا نكاتنا تدهشهم المفارقة فيها .. فحياتهم مرتبة على (سنجي طق) و لا مفارقة ..و تعبير (سنجي طق ) عامي جداً و قد يكون تركي الأصل و يعني (مظبوطاً مئة بالمئة )...
- عسكري سوري يدعى (حدو) كان يخدم عسكريته حاجباً لدى عدد من الضباط المستغنى عن خدماتهم حيث وجدوا فيه ضالتهم لممارسة الامر و النهي الذي افتقدوه...قال احدهم مرة لزملائه .. يا شباب و الله حرام ما نفعله مع حدو..يعني لماذا لا نعامله بانسانية.. كفى بنا نعاقبه طول النهار و نشتمه و هو يخدمنا و يصنع الشاي و القهوة .. والله حرام!.. وافق الاخرون و صاحوا على (حدو) لابلاغه قرارهم بمعاملته بانسانية و ما ان جاء و ادى التحية ققال له ضابط منهم فحوى القرار.. فنظر اليهم حدو و سالهم .. اكيد سيدي.. اكيد!!
فقال له الضابط: نعم اكيد يا حدو ..
قال لهم حدو بكل بساطة: شكراً سيدي شكراً و أنا أيضاً أعدكم بأنني لن أتبوًّل بعد الآن في شايكم و قهوتكم !!!
هذه النكتة تذكر بالتعاقد في الأدوار بين الجميع و ربما هي التي تفسر بجلاء ذلك الإهمال السلوكي و حتى التخريبي أحياناً من قبل الناس العاديين للمرافق العامة و الملكيات العامة و حتى عدم الخضوع للنظام العام مثل نظام السير و اللوائح المشابهة له....و بما تفسِّر هذه النكتة حتى سرقة المال العام لجهة ان البعض سيحلل هذه السرقة على اعتبار أن النظام (التعاقدي) مخترق أصلاً ، وبالتالي فالطرف الثاني في حلٍّ من عقده...
كثير من الناس هم (حدّو) في الواقع و ذلك هو التفسير الوحيد الأكثر منطقية للعديد من الظواهر المخفية لدينا و التي لا تشرحها ببساطى إلا النكتة . في الوقت الذي يتم فيه إلغاء أو الرقابة الشديدة على اعلام النقد و المعارضة ، فتولد هنا ظواهر (حدّو) و نكات (حدّو) و يصير الجميع ينتظرون ما ستجترحه عبقرية الناس في محاولة شرح الصور السياسية و الاجتماعية على طريقة (حدّو).و هنا أقول للأخ المحترم فراس سعد (متأخراً ) أن هذا الغناء الضاحك في الحقيقة ما هو إلا ولادة قيصرية لضحكات (شر البليّة) ....التي يعرفها جيداً .
و إني اذا اختلفت معه و مع غيره على (الأجندة ) فأنا لن أبدل قناعتي بأن السلطة هي عقد اجتماعي بالتراضي بين طرفين و أن الوسيلة إلى تحقيقها يجب أن تكون صندوق الاقتراع الحر....
قمة المصائب حسب رأيي هي الفصل بين برنامج تحقيق هذا التعاقد الديموقراطي و البرنامج الوطني القومي و التاريخي الهادف ل :
1- تحرير فلسطين.
2- تحقيق الوحدة العربية.
3- انجاز برنامج عدالة اجتماعي سمّوها (اشتراكية) أو سموّها ما شئتم !!
لأن بعض الأصوات المهيجة لقضية الديموقراطية و الحريات تبنت للأسف قضية نسف هذه الثوابت الوطنية على اعتبار أنها المصيبة الكبرى التي صادرت منا الديموقراطية و الحرية ...هنا تكمن المشكلة حيث لا يجد المرء منا مفرّاً للحفاظ على هوية الأمة و محراك نضالها الذي هو الوعي أساساً إلا الوقوف ضد هؤلاء و بالتالي الظهور بمظهر اللاديموقراطي....
أختم بأن أحيّي كل (حدّو) على هذه الأرض ، (حدّو) الذي يصنع الشاي و القهوة على طريقته و (حدّو) الذي فاض به الكيل و المسألة ليست داخل حدود بلد بعينه . بل أجزم أن هناك من يصنع الشاي و القهوة لجورج بوش على طريقة (حدّو) ....
د.محمد عبدالله الاحمد -------------------------------------------------------------------------------- Yahoo! Messenger - Communicate instantly..."Ping" your friends today! Download Messenger Now
Attachment
heddo.doc .doc file
Attachment scanning provided
#محمد_عبدالله_الاحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاخوان و الحب و الميكروبروتسيسورز
المزيد.....
-
اجتماع بين إيران وتركيا وروسيا في الدوحة لبحث الوضع في سوريا
...
-
علي معتوق.. تعرف إلى رجل تحدى القصف الإسرائيلي لإنقاذ الحيوا
...
-
الجولاني: سقوط النظام السوري -بات وشيكًا-.. والمعارضة تعد ال
...
-
مسؤولون إيرانيون ينفون فرار الأسد من سوريا
-
ناسا تؤجل إطلاق مهمات برنامج -أرتميس- القمري
-
دراسة: القلب يملك -دماغا صغيرا- خاصا به
-
احتمال سقوط الأسد والشكوك حول استراتيجية إيران؛ -تم المتاجرة
...
-
من طب العيون في لندن إلى الحرب في سوريا.. سيرة بشار الأسد
-
سكان دمشق يعيشون حياة طبيعية وسط مخاوف من تقدم الفصائل المعا
...
-
إيران تزيد تخصيب اليورانيوم وسط توتر دبلوماسي متصاعد
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|