فلسطين والدوله الثمانيه

تيسير خروب
كاتب وباحث
(Taiseer Khroob)

الحوار المتمدن-العدد: 1052 - 2004 / 12 / 19 - 11:17
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

000استولت السلطنه العثمانيه على المشرق العربي الذي يمتد من مصر حتى العراق المحتل الان بعد ثلاث معارك حاسمه مع الدوله الصفويه في جالد يران عام 1514 ومع دولة المماليك في مرج دابق بالقرب من مدينة حلب السوريه عام 1516 ومع المماليك
المصريه في موقعة الريدانيه عام 1517
ولم تغير الدوله العثمانيه النظام الاجتماعي والسياسي او البينيه الاقطاعيه التي كانت قائمه على الاقطاع00وانما غيرت الاقطاعيين المالكين للاراضي الشاسعه القدماء باقطاعيين جدد بما يخدم مصالحهم ويؤمن لهم مصادر ضريبيه جديده تسد نفقات الجيوش الجراره التي كانت تعتمد عليها الدوله لتضيف الى املاكها مساحات شاسعه من الاراضي الزراعيه0
وقد اجرت التقسيمات الاداريه التي تسهل عليها السيطره على الملاك الجدد واخضاعهم لسيطرتها والتصرف بهم بما يخدم مصالحهم00واتصف الاقطاع العثماني بالشكل الهرمي ففي القمه يتربع السلطان وهو الذي كان يعين الولاة الاقطاعيين وهؤلاء يقسمون اقطاعاتهم الدنيا الى اقطاعات ادنى وكان السلطان يعطي هؤلاء تفويضه لجباية الاعشار وسائر الرسوم والضرائب المترتبه عليهم حسب حاجة الخزينه او ان يقوم اصحاب المقاطعات بتجهيز اعداد من الخياله والفرسان المحاربين وان يجهزوهم بما كانو يحتاجون اليه في حروب السلطان العثماني ضد اعداءه0
00ويتضح من هذا البناء الهرمي مدى الاستغلال الذي كان يتعرض له الشعب في كل المقاطعات العثمانيه فقد كان عليهم ان يدفعو الضرائب المركبه فالاقطاعي في ادنى السلم كان يأخذ بعين الاعتبار ما عليه من الالتزام للاقطاعي الاعلى واحتياجاته وهكذا بالتتابع بحيث كان العبء الاكبر يقع كله على المزارعين او المنتجين الصغار من صناعيين وحرفه صغار0
00وقد سمح هذا الوضع بأنتشار الرشوه والفساد بين المقربين من مراكز السلطه والموظفين حيث كانو يتقبلون الاموال والهدايا للعمل على اصدار المراسيم السلطانيه ( الفرامانات) بتعيين هذا الاقطاعي او ذاك في هذه الولايه او تلك بعد عزل هذا او ذاك000! ووقعت اعباء كل ذلك على عاتق الفلاحين الذين كان عليهم ان يسددوا الضرائب الباهضه بل الرشاوي ايضا في معظم الاحوال لتفادي خطر وفساد ونقمة الجباه مما ادى كل ذلك الى افقارهم وسوء معيشتهم0
000وفي عام 1858م صدر قانون جديد للاراضي السلطانيه بغية القيام بأصلاحات للتخفيف من ثورة الاهالي من جهه ومن جهة اخرى لاضفاء الشرعيه على الدوله العثمانيه كونها خليفة الدوله العباسيه الاسلاميه من جهة اخرى. وفي عام 1859م اصدرت الدوله انظمه جديده بحق سندات الطابو وهي عباره عن تعليمات تسجيل الاراضي بأسماء اصحابها المالكين لها شخصيا والتخلي تدريجيا عن نظام الاقطاع الذي بداء يتلاشى تدريجيا بتلاشي وظعف السلطنه العثمانيه نفسها وعدم قدرتها على السيطره في مناطق الشرق العربي خصوصا في سوريا وفلسطين ومصر وقد بقي هذا النظام معمولا به في فلسطين حتى اثناء الانتداب البريطاني على فلسطين وبقيت اراضي فلسطين تتبع هذا النظام وتابعه في الوقت نفسه لدائرة تسجيل الاراضي في دمشق حتى العام 1891م وبعد هذا التاريخ اصبحت تتبع دائرة تسجيل اراضي بيروت000!
0000وبهذا الاجراء لم يكن من السهل على الفلاحين الفلسطينيين ملاحقة امور التسجيل لبعد هاتين العاصمتين عن فلسطين اضافة الى جهل الفلاح بالقانون واجراءاته المعقده او خوفا منهم من دفع الضرائب المستحقه عليهم سواء عند تسجيل الاراضي باسماءهم او ما يترتب عليهم بعد ذلك من دفع الضرائب عليها0
000ومن مساويء هذا القانون والذي كان له الخطر الاكبر على فلسطين لاحقا نصه على تاليف لجان محليه من المخاتير والمتنفذين لمسح الاراضي وتحديد ملكيتها وهؤلاء كانوا يرجحون مصالحهم الخاصه على مصالح العامه الفقراء مما دفع الاغنياء في المدن والقلاى لتسجيل مساحات واسعه من الاراضي بأسمائهم ثم تأجيرها للفلاحين بشروط استغلاليه فاحشه0
000وهنا نشأت فئة من اسياد الارض الكبار خارج فلسطين الذين استغلوا فقر الفلاح الفلسطيني ووجود دوائر التسجيل في عواصمهم وانهيار ركائز الدوله العثمانيه وانهيارها فسجلو مساحات شاسعه من الاراضي بأسمائهم سواء كانو من سوريا او من لبنان مما ساعد هذا النظام الاستغلالي الى انتقال اراضي واحيانا قرى بكاملها الى المستوطنين اليهود الذين كانو يفدون الى فلسطين قبل قيام المنظمه الصهيونيه العالميه فقد قامت هيئات ومؤسسات اجتماعيه واقتصاديه بالاستيلاء على مساحات واسعه من الاراضي في فلسطين فعلى سبيل المثال استولت جمعية الاليانس الاسرائيليه على حوالي3000دونم من الاراضي قرب يافا واقامت عليها مستوطنة مكفيه يسرائيل عام 1870م00
وفي العام 1871م اقيمت مستوطنة بيتح تكفا 0 وحتى نهاية العام 1889م اقيمت 32 مستوطنه زراعيه يهوديه على مساحة 300الف دونم
000والمعروف ان اسياد الارض الغائبين خارج فلسطين من سوريا ولبنان هم الذين بادروا الى بيع اكثرية الاراضي لليهود والذين كانو يجهلون مكان هذه الاراضي وحدودها فقط معتمدين على سند تسجيل الملكيه ابان تسجيل الاراضي في الطابو بعواصمهم بابخس الاثمان وباعوها بأسعار مرتفعه!!!!!!
000وكل ذلك جرى على حساب الشعب الذي شرد واضطهد وقام محله العبيد الذين هاجرو من اوطان اسيادهم في امريكا وروسيا ومختلف بلدان العالم الى ارض غير محدودة الحريه الذي ولد لديهم ميلا نحو العنف والطغيان الذي اخذ ينمو ويكبر ليصبح العبد سيد!!!

#تيسير_خروب (هاشتاغ)       Taiseer_Khroob#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات