أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسماء المنصوري - أبجديات الفرح














المزيد.....

أبجديات الفرح


أسماء المنصوري

الحوار المتمدن-العدد: 1051 - 2004 / 12 / 18 - 12:21
المحور: الادب والفن
    


فقد الانكليزي هارولد أبوت كل ثروته التي قضى سنوات عمره في استثمارها خلال عشر دقائق كانت كافية لتجريده من كل ما يملك في صفقة خاسرة وغرق في الديون التي يلزمه سبع سنين للتخلص منها.. يقول أبوت عن هذه التجربة" كنت أسير كالرجل المهزوم وقد فقدت ثقتي وشجاعتي وفجأة رأيت رجلا وقد بترت قدماه كان يجلس على مقعد يرتكز على عجلات ويزحف في الشارع بمساعدة قطع من الخشب يثبتها في كل يد. التقيت به بعدما عبر الشارع وبدأ يرفع نفسه للوصول الى الرصيف وفيما هو يفعل ذلك التقت عيناه بعيني فابتسم لي ابتسامة عريضة قائلا: صباح الخير يا سيد صباح جميل أليس كذلك؟" أدرك حينها أبوت كم هو غني.

تعودت شعوب أخرى عانت في تاريخها من ويلات الحروب والمجاعات والفقر والمرض على خلق طقوس للسعادة كحاجة إنسانية ملحة للتقدم إلى الأمام وهي عملية في غاية البساطة لو تعلمناها واتخذناها حرفتنا.. اليابانيون لديهم أوقات خاصة لخلق السعادة مثل اجتماعهم على مائدة طعام ياباني على ضوء الشموع والروائح العطرية وهي طريقة تقليدية لتقديم الطعام في الدول الآسيوية وتساعد على خلق جو من الألفة والراحة النفسية.. لو أتينا إلى وطننا العربي فان الشعب اللبناني خير مثال أمامنا على قدرة اللبناني على خلق الفرح فحين كانت تدك بيروت بالقنابل كانت الملاجئ الأرضية تصدح بصوت فيروز وتهتز الأرض تحت أقدام راقصي الدبكة.. أيما سخرية من الموت.. و لا يعد ذلك تغييب عن الواقع المرير الذي كانوا فيه بل إصرار على الحياة فلن يزيد واقعهم سوءا سوى تحطمهم النفسي الذي هو الهلاك الحقيقي للإنسان وهم وعوا ذلك جيدا لذا نراهم نهضوا سريعا وشقوا عباب الحياة بنجاح كبير. صنع إبريق من الشاي العراقي والتلذذ بشربه أمام شاشة التلفزيون-إن لم تكن الكهرباء مقطوعة- أمر عادي يمر علينا مرور الكرام لأننا لم نتعود أن نخلق الفرح.. مرت علينا سنين عجاف نسينا فيها أن نتطلع إلى الأعلى إلى زرقة السماء فوق رؤوسنا إلى سرب طيور مهاجرة إلى مواطن أخرى جميع هذه الأمور لم تعننا مع أنها تحمل فرحا بصري الاستماع مساء لأغنية كلثومية أو لصوت شجي يقرأ القرآن فيحسن تجويده بحد ذاته فرح للأذن والروح.. نحن في العراق لا نرى إلا الحزن ولم نلاحظ أنا تشربنا هذا الحزن حتى أصبح جزء من ذواتنا وبات بمقدورنا استيلاد الفرح منه.. حزننا التاريخي الأول بحد ذاته يحمل فرح صامت فالموال الكربلائي الحزين يروي حكاية بطولة تفخر بها الانسانية جمعاء هذه البطولة هي ابنتنا نحن الشرعية مما يجعلنا نرفع أعناقنا عاليا أمام الامم الاخرى . فإحياء ذكرى الثائر الحي سنويا فيه تمسك بمبادئه وقيمه وافتخارنا بقدرتنا الجبارة علىالصمود والتمسك بموقفه.. موقف عمره 1400 سنة هو أقدم موقف أخلاقي اتخذناه واستمررنا نجدده كل عام وهذا بحد ذاته يشبع أرواحنا بمبادئ سامية تقودنا إلى تلك السعادة التي لم نتعود الإحساس بها..

وإذا انتقلنا لصورة بعيدة نسبيا إلى نهر دجلة تحديدا فان رحلة صيد وما يرافقها من صوت عبيب المياه وهي تضرب قارب قديما يشيع الفرح في النفس لو تأملناه فهذا قارب قديم يعاكس نهرا قويا بشقاوة الأطفال المحببة ومغامرتهم الطائشة الممتعة فماذا عن بالصياد بمنظر الأسماك وهي تتراقص في شباكه أي سعادة ونشوة انتصار يشعر بها.

علينا اليوم أن نتعلم كيف نخلق الفرح فلن ننتظره قادما مع الانتخابات القادمة أو من وراء البحار على دبابة عسكرية لن يحضره لنا سياسي أو فيلسوف إن أردناه علينا أن نخلقه كما يجتمع رجل وامرأة ليخلقا كائنا جديدا, هذا هو واجبنا الوطني الأول الآن فقبل إعادة الاعمار علينا إعادة الروح إلى أنفسنا إعادة الإنسان إلى العراقي التعس..ولدينا كل معامل الأرض لخلق روح فرحة في الرمل الأصفر المتبعثر مع الرياح شرقا وغربا الشاهد على أن لا بقاء لحال والتغيير بحد ذاته يحمل الأمل.. فافرحوا.
إن تأملنا نخلنا العجاف العطشى بمنظار آخر غير منظار الدمع المر سنراها شامخة رغم مرور الحقب ورغم الضعف الذي احتواها وهذا كذلك يدعو للفرح. في تأمل أطفال حوارينا وهم يتراكضون غير آبهين بالوضع الامني وتخيلهم رجالا يقودون البلد, كل السعادة.

بامكاننا أن نخلق الفرح حين نقول نحن عراقيو الحزن قررنا منذ الان أن نصنع فرحا نوزعه على جيراننا ومدننا فليركب كل منا وسيلته ليذهب الى بيت جاره البعيد ومعه برطمانا من الطرشي ليشاركه اياه فمذاقه اللاذع يبعث على السعادة.. السعادة في بضع قطرات من الدم نضخها في وريد عراقي وما أكثر حاجة مستشفياتنا للتبرع بالدم.
السعادة سنجدها في هبة النجف لنجدة الفلوجة وهبة الفلوجة لنجدة النجف بعيدا عن أي ابعاد سياسية . تلك المواقف تؤسس لسعادتنا المستقبلية يوم نتطهر نحن أبناء الحارات أبناء العراق الحقيقيين من رجس الازمات السياسية التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل.

باختصار مجمل السعادة يكمن في أشياؤنا الصغيرة التي نمر عليها كل لحظة دون أن نتلمسها..كملمس ملمس رمالنا الناعمه, منظرنهريناالساخرين واستبدال البكاء بالضحك عند قبور الأعزة زهوا بهم, ذلك هو استيلاد الفرح



#أسماء_المنصوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...
- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسماء المنصوري - أبجديات الفرح