تولي نبي بني هاشم - وهذا نبي بني يعرب!! الباطنية في الفكر الإسلامي!!

مختار العربي

الحوار المتمدن-العدد: 1051 - 2004 / 12 / 18 - 12:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

ما هو التاريخ؟
كلمة التاريخ في الماضي كان لها معني واحد وهو لدي سقراط (المعرفة) ولدي بيكون العلم بالأمور الجزئية لا بالأمور العامة . ونقول أن تاريخية النصوص هي ( القول أن الأمور الحاضرة ناشئة عن التطور التاريخي) ونؤكد على أن الأخلاق واللغة كلها نتاج إبداع جماعي لا يتحقق إلا بدراسة تطور هذه الأشكال دراسة تاريخية ، فالباطنية ورغماً عن اختلاق القصص وإلصاق التهم بهم تراني أؤكد بأنهم يحملون الاعتقاد بالرأي لا الرأي باليقين. فاكتشاف قوانين تطور البشرية يتم عن طريق دراسة التاريخ ولكننا لا نقصد بذلك ما شوهه ( هيجل ) و ( هيردر) و ( لسنغ) أن نضع تاريخاً عاماً فهذا هو قمة الشطط والمثالية الطوباوية..
الباطنية:
الباطن Esoteric هو الداخل ، الباطن هو خلاف الظاهر ، الباطن هو علم الأسرار ويقال المحتجب عن أبصار الخلائق وأوهامهم فيقول : بطنت الأمر إذا عرفت باطنه..! الباطني هو الرجل الذي يكتم اعتقاده فلا يظهره إلا لمن يثق به وقيل هو المخصص بمعرفة أسرار الأشياء وخواصها. ويشير أبن سينا في كتابه الإشارات إلى أن الباطن هو الخاص. ويطلق على كل تعليم خاص تختص به عدداً محدوداً من السامعين ( فإن وجدت من تثق بنقاء سريرته واستقامة سيرته ، وبتوقفه عما يتسرع إليه الوسواس فأجبه ما يسألك..)
الإشارات للعلامة ابن سيناء صفحة 222..
ومن العلوم الباطنية ( علم الجفر أو علم الحروف وهو علم يدعي أصحابه أنهم يعرفون به الحوادث إلى انقراض العالم، وعند اليهود نجد علم القبالة Cabale وهو ما يسميه اليهود التفسير السري للتوراة باستخدام الأرقام والحروف.
المعجم الفلسفي – جميل صليبا.. الجزء الأول. بيروت.
الباطنية في الفكر الإسلامي:-
الباطنية فرق إسلامية برزت للوجود في أوائل القرن الثالث الهجري وتقول هذه الفرق بـ: أن لكل ظاهر باطن أي لكل تنزيل تأويل ولكل حادث ظاهري تفسير خفي باطني ، والسبب في تسميته باطنية بأنهم يقولون ( أن للقرآن ظواهر لها بواطن أي هناك تفسيراً باطنياً للقرآن وأن ما ورد بالقرآن كتنزيل يحمل مطلعاً وله باطنياً حداً بمعني للآيات والأحاديث والإشارات واللمحات والاستطرادات فعل باطنياً يخالف قواعد ظاهر اللغة منه).
وبهذا فإن النص لديهم يحمل سراً أعظم ويعتقدون بوجود النص الباطني الذي يختلف اختلافاً كلياً عن ظاهره ، وقد حاورت أحداً علمائهم بخصوص بعض الآيات وبعض المسائل كمسألة:-
متى خلق النبي (ص) ؟
هل كان النبي روحاً قبل أدم؟ وأدم بنفسه طلب منه أن يشفع لديه عند ربه لما شاهده أدم في ساق العرش من عبارة مكتوبة ( لا إله إلا الله محمد رسول الله) فسأل الله أن يغفر له فعلته المشهورة (شجرة الجنس..!) فخرجت منه بهذا البيت:-
في الدرة البيضاء كان اجتماعنا ومن قبل خلق الخلق والعرش قد كنا
وأيضاً:
به الأرض كونت والسموات حطت
قال لي أن هذا البيت قال به النبي محمد ويقصد بالجمع أهل بيته وأصفيائه وأوليائه..!! وقد خرجت بجملة أفكار وتصورات وهي أنهم يقولون أن الله خلق محمداً لأجله (أي حبيبه(!) ) قبل أدم! وخلق الكون إكراماً لله(!) والغريب أيضاً أننا حينما تناولنا سورة الفيل وبالذات الآية التي تقول ( ألم تركيف فعل ربك بأصحاب الفيل ... ) ( ألم تر كيف فعل ربك بعاد ... إرم ذات العماد...)
فاجأني الفقيه بأن الخطاب هنا خطاب رؤية أي أن النبي كان حاضراً بروحه ولذا خاطبه الله بفعل الرؤية لا السماع وقال لي بالنص : أن النص لو كان يقصد خطاب تذكير أو سماع أو إخبار لكان أجدر بالله أن يخاطب نبيه بـ ألم تسمع وتعلم!!
إذا الباطنية جماعات إسلامية أخذت بما يعرف بالعلم الباطني والتأويل الخاص والسري للنصوص الدينية آيات كانت أم أحاديث أخبار أم روايات ونسجت على منوال ذلك اطروحات جديدة وتصورات داخلية شكلت ليهم فرضيات اللاوعي داخل الأنا وكثيرة هي أشعارهم التي تتناول مثل هذه المفاهيم كقول جماعاتهم الحديثة بان لديهم قصائد برزخية قام الإمام بتلقينها على شخص ما لتتحقق المعجزة ولدي جماعات الباطنية الحديثة أشكال لا تختلف كثيراً عن الماضي الذي يربطهم بأصول الجماعات الباطنية الأولى مثلاً نسمع بأن الشيخ أحمد البدوي تشفع عند الله ان يؤجل قيامة الساعة وذلك لأنه سيولد من يقوم بأعباء الرسالة ويحقق العدل فاستجاب الله له ومن مصادر توجس الأنا لديهم:
أنانيتي حيث الأنا بإناءها وإن إناء الغيب ذو أحدية
من هم الباطنية:-
التضارب والاختلاف كثير في تأسيس فهم واضح وصريح و تعريف علمي تاريخي لماهية الباطنية ولنبدأ بالإمام الغزالي الذي افرد مؤلفه الضخم في الرد على ما أسماه فضائحهم في كتابه (فضائح الباطنية) فيحدد الغزالي فرقهم ( الباطنية والقرامطة والقرمطية والخرمينيدية والإسماعيلية والخرمية والسبعية والبابكية والمحمرة والتعليمية)
وفي الملل والنحل للشهرستاني يقول ( أنهم يلقبون بأسماء البلاد التي يعيشون فيها فهم في أصبهان يسموا الخرمية والكوذية ، وفي الري يسموا المزدكية والسنباذية وبالعراق هم القرامطة والمزدكية وبخراسان التعليمية والملحدة).
نود الإشارة بلمحات لفرق الباطنية وأسمائهم ولماذا سموا بذلك الاسم وجدناها في عدة كتب ومراجع تاريخية نعرض لها ونذكر المرجع.
القرامطة:
هم أتباع رجل يسمى حمدان قرمط وقرامطة كلمة آرامية تعني (العلم السري) أي يقولون بوجود علم ظاهري عام وعلم باطني خاص. وهناك رأي أخر يقول أن قرامطة مشتقة من الكلمة النبطية (قرمطونا) أي الخبيث والمدلس.
راجع الطبري 10/23 – الفرق بين الفرق 266
الخرمية:
ينادون بإسقاط التكاليف الشرعية وتسليط الناس على اتباع اللذات وطلب الشهوات وقضاء والوطر من المباحات والمحرمات وخرم لفظ أعجمي تعني الشيء المستلذ المستطاب.
ومن الأبيات التي تنسب لهم ما قاله أحد أتباع على بن الفضل على المنبر وفيها إشارة غريبة :
خذي الدف يا هذي وغني هزازيك ثم أطربي
تولي نبي بني هاشم وهذا نبي بني يعرب
لكل نبي مضي شرعه وهذا شرائع هذا النبي
ويقول حاثاً المرأة على عدم الامتناع عن أحدا يسألها نفسها:-
ولا تمنعي نفسك المعرسين من أقربي وأجنبي
فكيف تحلي لهذا الغريب وصرت محرمة للأب
أليس الغراس لمن ربه وسقاه في الزمن المجدب
راجع كشف أسرار الباطنية
ويري المسعودي أن الخرمية هي المسلمية القائلين بإمامة أبي مسلم الخرساني – مروج الذهب.
الإسماعيلية أو الحشاشين:
الداعين إلى ألوهية الإمام الصادق وهم اتباع أبو الخطاب محمد بن زينب الأسدي وقد اشتهروا في التاريخ باسم الحشاشين وذلك لأنهم كان يدربون مجموعة من القتلة ، يصطادون بهم أعدائهم، وكما نادوا ......


السبعية:
ولقبوا بهذا الاسم لاعتقادهم أن للإمامة سبعة أدوار وأن ما يحدث في العالم السلفي مرتبط بالكواكب السبعة.
راجع الغزالي فضائح الباطنية
البابكية:
وهؤلاء الذين عقدوا البيعة لرجل يسمى بابك الخرمي الذي خرج أيام المعتصم بالله وكان قائد المعتصم الأفشين من أتباعه أيضاً ولكن المعتصم قبض عليه وبابك وصلبهما.
ولهذه الفرقة كما صرح بذلك الغزالي والطبري والمسعودي وابن الاثير ( أنه بقيت جماعة منهم يجتمعون في احدي لياليهم ويطفئون السرج والشموع ويتناهبون النساء ومن استولي على امرأة استحلها. كما أنه كان لديهم ملك ادعي النبوة قبل ظهور الإسلام يسمى شروين.
المحمرة
وهؤلاء صبغوا ثيابهم بالحمرة من أيام بابك ولذلك سموا بالمحمرة. الغزالي.
التعليمية:
ينادون بإبطال الرأي وإبطال الفكرة والدعوة للتعلم من الإمام.
خلافة الإمام عند الباطنية:-
الإمام عند الباطنية هو مستودع علم الله وموطن هداه، ولذا العالم في نظرهم يحتاج إلى الإمام ومهماته هي:
(1) لا بد ممن يقوم مقام الرسول.
(2) وظيفته حفظ الشريعة المحمدية.
(3) وجوده ضروري للقيام بمهام الإرشاد ورفع النزاع في الدين.
(4) تعد مهمته إكمال ما بدأه الرسول محمد ومواصلة نشر الإسلام ومحاربة المشركين.
(5) أنه يحفظ العالم من الفساد.
(6) يعتدون بالآية ( يوم ندعو كل إناس بإمامهم..)
الإمام ومعرفة الغيب:
الباطنية يعتبرون أن الإمام يعلم الغيب وأنه ورثه عن الرسول محمد (ص) ولديهم حديث للإمام جعفر الصادق قال : (( لما حضرة الرسول الوفاة نادي علياً وقال له يا علياً إذا مت فغسلني وحنطني والبسني واجلسني أخبرك ما يكون إلى يوم القيامة ، فلما توفي النبي فعل علياً ما أمر به وأخبره النبي ما يكون إلى يوم القيامة)) راجع الهفت الشريف – تحقيق د. غالب مصطفي.
فبالتالي ورث الإمام علياً علم الغيب وما يكون إلى يوم القيامة أي العلم الباطني عن النبي وبالتالي أورثه للأئمة الذين تناسلوا من سلاسته!!
بقي أن نقول أم من الحكمة عدم الأخذ بحرفية ما وجدناه في كتب التاريخ وبالذات يجب أن نعرف أن القرن الثالث الهجري كان قرن الأزمة الثقافية والإنسانية في المجتمع الإسلامي فكثير هو الافتراء على الجماعات التي تعارض سياسة الحكم وتتخذ من أفكارها سلاحاً لجمع الناس حولهم فما يحاك عن الباطنية وكفرهم في نظري لهو شاذ وغريب وغير منطقي أحياناً ، فمن الممكن أن يستهدف أئمة الإسلام السياسي في ذلك الوقت كالغزالي مثلاً ويتهمهم بالمروق والخروج عن الإسلام وذلك لأجل أنهم بطرحهم هذا يؤلبون الناس على حكم آل عباس وينادون بعودة السلطة إلى البيت الفاطمي النبوي فأصلح ما يفض الناس من حولهم هو اتهامهم بالكفر الواضح وقد عودتنا جماعات الإسلام السياسي أن تتهم كل من يختلف معها في الرأي بالكفر والردة فهذه الجريمة معدة لأصحاب الرأي وأصحاب الأفكار التي تتعارض مع دولتهم الثيروقراطية .
ولذا ننصح كل باحث ومدقق ومتحقق أن يسهم معنا في كشف ما يسمى بعالمية التاريخ أي نصوص فوق الاعتبار ذات صفة ومنبت سماوي ويراعي اختلاف الاختلاف الموجود في بطون الكتب والسير والإخباريات الإسلامية ويعيد إنتاجها بوعي جديد وروح مبدع حقيقية ويجتهد في إعادة بناء السقف المفاهيمي للنصوص ليخرج بالنص الصحيح من بطون النص الفاسد .

#مختار_العربي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات