فقراء وأغنياء

صلاح الفضلي

الحوار المتمدن-العدد: 237 - 2002 / 9 / 5 - 02:29
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

 

الأربعاء 04 سبتمبر 2002 06:13

 

نصف سكان الكرة الأرضية من الفقراء, هذه حقيقة، فمن بين 6 مليارات نسمة يعيشون في هذا العالم هناك 2,8 مليار إنسان يعيشون تحت خط الفقر وهو دولاران في اليوم، ومن بين هؤلاء هناك 1,2 مليار إنسان لا يحصلون على أكثر من دولار واحد يوميا, متوسط مستوى دخل الفرد لخمس سكان الأرض الغني يعادل 90 مرة متوسط دخل أربعة الأخماس الباقية من البشر, هناك 35 ألف طفل يموتون يوميا في الدول الفقيرة بسبب الجوع والمرض, في هذا العالم تبلغ ثروة 3 من أغنى أغنياء العالم ما يعادل الناتج المحلي لأفقر 48 بلدا في العالم, إذا كانت كل هذه الأرقام لم تصدمك فلعل المقارنة التي اعتادت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" تتكفل بذلك, هذه المقارنة تقول إن ميزانية المنظمة المخصصة لمساعدة الدول الفقيرة أقل مما تنفقه تسعة من البلدان المتقدمة على غذاء القطط والكلاب في ستة أيام فقط، وهي أقل من 5 في المئة مما ينفقه بلد متقدم واحد على منتجات تخفيف الوزن (الريجيم) الناتج عن الافراط في الأكل, هذا هو حال الإنسانية المعذبة في هذا العالم.
والآن، ما هو سبب هذه الكارثة الإنسانية التي تطحن البشرية برغم شعار العولمة الذي رفعته الدول الغنية للتبشير بعهد جديد يخفف من معاناة الفقراء؟ لندع أحد أقطاب العولمة ذاتها يجيب على هذا السؤال, العولمة كما يقول جورج سروس أدت إلى انتقال رؤوس الاموال من الأطراف ويعني البلدان النامية إلى المركز ويقصد الدول الغربية، وهذا يعني ببساطة أن هذه القوانين حولت فتات ما كان يقتات عليه الفقراء إلى موائد الأغنياء المتخمين, أين يكمن الخلل يا ترى؟ يقول جون ستيجلتيز الخبير الاقتصادي السابق في البنك الدولي ان البلدان الآسيوية القليلة التي انتفعت من العولمة هي تلك التي أدارت العولمة بطريقتها، أما البلدان التي تضررت منها، وهي الغالبية، فهي التي أخضعت نفسها لأحكام الشركات الكبرى والمنظمات الاقتصادية الدولية وهي أشد المؤسسات المؤيدة للعولمة, بمحصلة سهلة على الفهم نجد أن الدراهم القليلة التي كانت في أيدي الفقراء ذهبت بفعل العولمة إلى جيوب الأغنياء ليزداد الفقراء فقرا والأغنياء غنى.
في الوقت الذي يأكل الفقراء حشائش الأرض ويرفعون أيديهم المرتجفة من الجوع طالبين المعونة من الدول الغنية التي هي جزء من مأساتهم بسبب تدميرها المستمر للبيئة التي يعيش عليها هؤلاء الفقراء تكتفي الدول الغنية بتوفير ما يحتاجه هؤلاء عبر وعود كاذبة وتعهدات فارغة لن تملأ بطون هؤلاء الجياع ولن تمنعهم يموتون كهياكل عظمية, الولايات المتحدة التي تسبب الغازات المنبعثة من مصانعها تفاقم مشكلة الاحتباس الحراري مازالت تعرقل أية جهود لتخفيف معاناة فقراء العالم وموقفها السلبي في قمة الأرض في جنوب افريقيا شاهد على ذلك, الواقع الذي يموت فيه غالبية البشر جوعا فيما يموت الأقلية منهم من أمراض التخمة لا يمكن أن يستمر، وهو كفيل إذا لم يتم تغييره بإحداث تغييرات جذرية في العالم.
كاتب كويتي

الرأي العام الكويتية

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات