أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماريو أنور - مشكلة الشر















المزيد.....

مشكلة الشر


ماريو أنور

الحوار المتمدن-العدد: 1043 - 2004 / 12 / 10 - 05:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أخشى ان اتناول اليوم ما يسمى مشكلة الشر و الألم , لأنه بقدر ما يبدو لنا النقاش سهلاً , اذا كنا لا نتالم , يجب علينا , ان كنا أمام احد يتألم , ان نعالج هذه المسألة بيدى ممرضة , اى بكثير من اللباقة . ما من شىء أشتم , لمن يتألم او لمن كان ضحية الشر , من أن تقدم له , بلهجة حازمة او ثابتة , حلول ليست بحلول . و مع ذلك , لا سبيل الى إهمال هذه المسألة , لأنها مسألة مطروحة و هى مطروحة منذ ان و جد النسان على وجه الارض.
ان الشر , بوجهيه الألم و الخطيئة , هو ما يصدم صميم ارادتنا و ضميرنا. إنه ما لا نستطيع ان نفهمه ( فليس هناك من حل ) و أن نحبه ( فهو حجرة عثرة ). و المشكلة تثار بالنسبة الى الانسان المسلم و المسيحى بحدة خاصة , لأنهما لا يؤمنان بالثنائية , بأن هناك مبدأ ازليا للشر تجاه مبدأ ازلى للخيى هو الله. نقول بأن الله هو خالق كل ما هو موجود , مع أننا لا نستطيع ان نقول بأنه خالق الشر , و إلأ ضخمنا حجر العثرة. فما عسى ان يكون ذلك الاله؟.
و من جهة أخرى , نقول بأن الله ليس هو إلا خير و بأنه لا يمكن ان يكون فيه إلا الخير . كم من مرة تجرأت على القول : بأن الله هو خير فقط . و هل تعرفون أى جواب جلبت على ؟ " (( ليس الأمر ظاهراً! )), لو كان الله موجود و لو كان خير فقط . لما رأينا مثل هذه الاشياء : الحرب و التعذيب و المرض و الوباء و الخيانة .... الخ.
منذ قديم الايام , يستعمل و جود الشر حجة لانكار وجود الله , و لا غرابة فى هذا الأمر. فاذا كان الشر و الألم موجودين , فلا يمكن ان يكون الله موجوداً. و منذ قديم الأيام أيضاً , قام المفكرون بتبرير الله و تبرئته , محاولين ان يبينوا ان الله لا يستطيع ان يتصرف على وجه آخر , كما لو وجب الدفاع عن الله لتبرئته من كل ما فى العالم من شر و ألم.
أرى ان جميع تلك المحاولات لتبرئة الله لا تنجح , و لذلك أريد أن أوصيكم بأن تكونوا على حذر شديد فى استعمال تلك الحجج.
1- النظرية الأولى ( الحجة الأولى ): يقال ان الألم هو ظل الخير :-

يجب دمج الشر فى مخطط او منجز أوسع , حيث يقوم بدور الوسيلة او الشرط الازم للحصول على خير أعظم. فكما أن الظلال , فى لوحة من لوحات رمبرانت , لا غنى عنها للحصول على التكامل الأجمالى , و أن النور لا يكون جميلاً إن لم يكن هناك ظل , كذلك يبدو الشر و الألم لا غنى عنهما , من حيث جمال العالم لابراز الخير. حاولوا ان تقولوا مثل هذا القول لأحد يعانى الألم!. والحال ان هذه الحجة توسع فيها بعض كبار الفلاسفة , كاقديس اوغسطينس و القديس توما الأكوينى و ديكارت الذى كتب هذا: (( ما قد يكون ناقصاً جداً , لو كان وحده.... يبدو كاملاً جداً , لو عد من اجزاء العالم )).
ولقد تعمق لبنز فى تلك الفكرة الى اقصى حد , فقال بأن (( الشر لا يكون شراً , ان كان مرحلة لا غتى عتها لسير التقدم )) . و هكذا رأى ستالين و هتلر. ففى نظر هتلر , كان القضاء على ستة ملايين من اليهود شرطاً لابد منه لتقدم البشرية , و كذلك , فى نظر ستالين , القضاء على جميع الذين عارضوا حكمه ( وهذا مبدأ بوش ايضاً فى نظرية محور الشر ) . فيقال أن الشر يفقد طابعه الشرير , حالما يوضع فى وجهة نظر التطور الكامل: فلا يصبح الألم سوى ازمة نمو , و تكون الحرب ولادة تاريخ , و تمكن التضحية بالاجيال الحاضرة الى مجتع المستقبل.
على الانسان العاقل ان يرفض هذا الدليل , لأنه يريد ان يقف موقف الذى يتألم و يعانى الظلم . وهو لا يرى ان مثل هذا التبرير هو , لا سطحى فقط , بل غير عادل , واذا كان غير عادل , فهو شر أيضاً. فهناك ادلة هى , لا عقيمة فقط , بل سيئة و معثرة. و لا يمكن الدفاع عن مثل تلك النظرية الفلسفية إلا إن عد الفرد و الشخص و الانسان لا شيئاً. أنا أحتج : فالموجود هو الانسان.
كان برديائف على صواب حين كتب : (( اية قيمة لفكرة نظام العالم و تكامله؟ وهل من شأنها ان تيرر ظلم آلام الشخص؟ )). ما هو فى قلب الانسانية هو الشخص . نشدد كثيراً فى أيامنا على الجماعة و نحن على صواب . لكن الجماعة تعنى جماعة أشخاص . و كل كائن بشرى هو موضع محبة لا متناهية من قبل الله . و لا يمكن ان يكون شرطاً لشىء آخر , ووسيلة لجمال العالم. وكيف لا ننزعج , حين نرى لبنز يضحى بالانسان فى سبيل تكامل العالم؟ لا يمكن ان يستعمل مجد الله لتبرير الألم او الشر الذى تعانيه خليقة واعية واحدة.
ان الحقيقة هى , بالعكس , فى ما قاله ايفان كرمازوف , فى رواية دوستويفكسى : (( حتى و لو أتى المصنع الكونى الواسع بأروع العجائب و لم يكلف إلا دمعة واحدة يسكبها طفل واحد , فأنا أرفض )). الانسان يعارض كل فكرة تنسب الى الله أن يجعل من جيل وسيلة مرحلية لتحقيق بشرية المستقبل و تقدمه عن الشر الذى يعانيه اشخاص بشرية.
و فى هذا الموضوع , لا يتردد الناس فى المبالغة. فيقال بأن الألم على الصعيد الطبيعى هو تنبيه مفيد , و بأن المحنة على الصعيد الروحى تطهر . لعل ذلك غير كاذب تماماً! فقد يولد اللم انتفاضة جرأة , وقد تولد الخطيئة استعادة نشاط. بنى مورياك الكثير من رواياته على هذه الفكرة , وهى ان الانسان لابد له ان ينحط كثيراً فى الخطيئة ليتمكن من القفز ثانية و الانفتاح على الحق و العدل. و قد رأى بعضهم فى الألم , وحتى فى الخطية , وسيلة يستخدمها الله فى سبيل خلائقه. وذهب بعضهم الآخر الى القول بأن الألم علامة معزة الهية خاصة , ولقد سمعنا جميعاً تلك الجملة (( غير الحكيمة )) : (( ان الله يمتحن ( يبلى ) من يحبهم )). اعترف لكم بأنى ميال عفوياً الى هذا الجواب : (( ليت الله لا يحبنى اكثر مما يلزم! )).
لا شك أن فى بيتى ألفريد دى موسيه شيئاً من الصواب:
(( الانسان متدرب و اللم سيده و لا يعرف احد نفسه ما لم يتألم )).
ولكن , على اى شىء يدل ذلك؟ اذا كان اللم تنبيهاً , يبقى اننا نستطيع , مع ماكس شيلر, ان نطرح هذا السؤال : أيجب ان تكون تلك الاشارات مؤلمة؟ لماذا يجب أن تكون موجعة؟ يمكن ان تكون هناك أجراس إتذار لا توجع , و يمكن ان يكون هناك معلم غير الألم , لكى يصبح الانسان بالغاً فى الحقيقة.
ويقال أيضاً : لاشك ان الله لا يريد الشر , لكنه يأذن به. ما رأيكم فى هذا التمييز؟ اكثر من علامات الاستفهام . لستم فى حاجة الى ان يكون رأيكم مطابقاً لرأيى , وفى امكانكم ان تروا ان تلك المرافعات مفيدة , لكنى أترككم تواجهون الذين يتألمون او الذين لا يقتنعون بمثل تلك الأدلة. اتظنون ان ذلك التمييز بين ارادة الله الصريحة و اذن الله تمييز صحيح؟ و ما الذى يجيز لنا الكلام على نوع من الحتمية تفرض نفسها على الله , كما لو كان الله عاجزاً عن التصرف على وجه آخر؟ لا ننس أن قدرة الله هى القدرة على الخير و المحبة . فالله لا يقدر التدمير و السحق و السيطرة , لا يقدر إلا على ما تقدر عليه المحبة و الخير. أفينبغى ان تكون المحبة هى التى تقتضى ان يأذن الله بالألم؟ ربما , لكننا لا نستطيع ان نقول ذلك , ما لم نصل الى ذروة هذا السر.
فى جميع تلك المحاولات التى يقام بها لتبرئة الله او لحل مشكلة الشر , يبدو ان المطلوب هو ان يجعل مقبولاً عند الله ما يعثر ضمائرنا و يثير اشمئزازها. ما أعجب ذلك!!! فالاله الذى يتغاضى عن الشر لا يكون إلا وثناً , و الضمير الذى يرفض الشر هو أفضل من الاله الذى يتغاضى عن الشر.
( النظرية الثانية) ............... المقالة القادمة......الى القاء



#ماريو_أنور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعددية الانسان
- فلسفة الاختلاف بين الجنسين
- غريزة المراة


المزيد.....




- القاديانية.. 135 عاما من الجدل حول النبوة والانتماء للإسلام ...
- ماذا قال ترامب عن-نتائج- الضربات على المواقع النووية الإيران ...
- الأسلحة وحجم الضرر: ما نعرفه عن الضربات الأمريكية على ثلاثة ...
- كم عدد القنابل والصواريخ التي استخدمتها واشنطن في هجماتها ضد ...
- روسيا تشن -هجوما كبيرا- بالمسيّرات على كييف
- عملية -مطرقة منتصف الليل-.. كيف اتخذ ترامب -القرار التاريخي- ...
- تحليل لـCNN: هجوم ترامب على إيران يعد انتصارا لنتنياهو لكن ا ...
- واشنطن تصدر -تحذيرا عالميا- على خلفية الصراع بالشرق الأوسط و ...
- أولمرت: الضربة الأميركية لإيران منحت نتنياهو فرصة لن يفلح با ...
- مصادر: إسرائيل تقبل إنهاء الحرب إذا أوقف خامنئي إطلاق النار ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماريو أنور - مشكلة الشر