أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسل سليم - كم ظلمنا العدس














المزيد.....

كم ظلمنا العدس


باسل سليم

الحوار المتمدن-العدد: 1041 - 2004 / 12 / 8 - 12:57
المحور: الادب والفن
    


" إلى الأهل والفقراء"

لا اعرف من اين جاء كل هذا التحامل على " شوربة العدس " حيث كثيرا ما نستخدم هذا التعبير جزافا ودون تفكير، على الاقل في الاردن وفلسطين حسب علمي.
اليوم احسست أن صدري يكاد ينطبق فقررت عمل شوربة عدس وهي المرة الاولى في حياتي التي اطبخ فيها شوربة عدس ،عمري ثلاثون عاما ولم اقف لحظة واحدة في كل حياتي للتفكير في معنى " شوربة العدس" حتى اليوم واعرف ان الكثيرين لم يفعلوا ايضا .
فاذا تجاوز أحدهم الدور المتشكل اعتباطا في احدى المؤسسات وقفز من فوق الجميع ببرود غبي تجد احد المصطفين قد تفضل وانهى الهمهمة المتظلمة بالقول " عادي ، مهي شوربة عدس" .
واذا سألت احدهم عن حال احدى المؤسسات او المشاريع الرائدة على أمل أن هناك تقدم في الافق سيقول لك " لأ، اسكت ، شو مش عارف ، مهي صارت شوربة عدس" .
واذا دخل المدير على الصف المكتظ بأكثر من 40 طفلا لا شيء يثنيهم عن الشغب لضيق مساحة الصف والضجر، فإن أول ما يبدأ فيه المدير بهدلته للجميع بالقول " شو مفكرين المدرسة شوربة عدس". واذا اراد احد الوزراء بهدلة العاملين في الوزارة على قلة الانضباط فضمنا سيستخدم مصطلح " شوربة العدس" .
واذا اراد الشرطي وضع حد لتوسلات احد السائقين المخالفين فإنه سيقول " شو مفكرين البلد شوربة عدس ". حتى أن أحد الاصدقاء اجابني عند سؤالي عن الاحوال السياسية في البلد بالقول مختصراً : " شوربة عدس " .
الكثير من المواقف سيستخدم فيها تعبير شوربة العدس ولا اعرف لماذا ؟
هل لأن شوربة العدس توحي بالكثرة والصعوبة قبل اعدادها وما تتطلبه من تنقيب حبات العدس وفرز الطالح منها . أم ان الشوربة نفسها لا تعطي تلك الثقة فاصبحت رمزا للفوضى ، هل لأن شوربة العدس لا يأكلها الفقراء أو الاغنياء الا في ايام الشتاء والبرد ، أم لأنها تقدم للأكل ولا يحفل ببقاياها كثيرا فترمى جانبا عند انتهاء الطعام حيث من الصعب تجميع البقايا من الصحون (اذا تبقى في الصحون شيئ ) ، أم لأنها لا تحفل بالآكل ولا تني تنسكب من الملعقة أو من فم الجد أو الجدة والكبار في السن ، أم لأنها تتطلب مهارة فائقة لا نحفل باتقانها ممثلة في السيطرة على الشوربة من التسلل الى ذقوننا اذا غفلنا ، أم لأنها تتطلب ضبط النفس لتلافي ذاك الصوت المزعج عند الرشف، أم لأن شوربة العدس هي الطعام الوحيد والمشتهى للفقراء الذي يتم تذكره من الامهات فجأة وعند أول هبة برد ولذلك تم اطلاق التعبير الطبقي عن ان " العدس لحم الفقراء " وهو تعبير يستخدم للتقليل من أهمية العدس والاستهزاء به .

لكن للعدس عندي طعم آخر ، هل قلت طعماً ، بل ذكريات ، فما أذكره عن العدس هو حضوره الدائم في تلك المساءات الباردة عندما نعود من المدرسة مبللين بمطر مفاجيء ونتحلق حول الصوبة الفوجيكا الحمراء ، الخبز المحمص على الصوبة ، والبعض يقوم بتفتيت الخبز الشهي ثم سكب شوربة العدس على الخبز لضمان الشبع …
الكثير من الليمون الاصفر الحامض (المجلوب من الليمونة التي تقيم خلف الدار بجانب السور ) المعصور بتلذذ في الصحن مع مراقبة الآخرين لك كي لا تعصر اكثر مما هو حصتك المفترضة والصعبة التحديد ، وحسب الرغبة يرافق الصحن الفجل الاحمر الحريف مقطع الى مكعبات غير محددة الاطراف لتضمن لك ليلة دافئة.
لك أن تتلذذ بالشوربة على هواك مستخدما الملعقة أو تقوم بارتشاف البقايا من الصحن مباشرة أو لحوستها بالخبز

آه كم اصبح العالم باردا وبحاجة لشوربة عدس حقيقية يصنعها الفقراء
و كم ظلمنا العدس !!!



#باسل_سليم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القابض على الجمر
- بل الوقوف على ارض الواقع يا رفيق هادي
- حديث الليالي الطويل
- نشر الجريدة الحزبية أم سقوط وطن: أزمة الحزب الشيوعي العراقي
- الفلوجة واسلحة الدمار الشامل


المزيد.....




- الفرنسي فارس زيام يحقق فوزه السادس في بطولة الفنون القتالية ...
- الفيلم التونسي -سماء بلا أرض- يحصد النجمة الذهبية بالمهرجان ...
- الممثل بورتش كومبتلي أوغلو قلق على حياته بسبب -بوران- في -ال ...
- -أزرق المايا-: لغز الصبغة التي أُعيد ابتكارها بعد قرنين من ض ...
- وزير الثقافة الباكستاني يشيد بالحضارة الإيرانية
- تحقيق يكشف: مليارديرات يسعون لتشكيل الرواية الأمريكية لصالح ...
- زيارة الألف مؤثر.. بين تسويق الرواية والهروب من الحقيقة
- إبادة بلا ضجيج.. اغتيال الأدباء والمفكرين في غزة
- -سماء بلا أرض- للتونسية اريج السحيري يتوج بالنجمة الذهبية لم ...
- جدة تشهد افتتاح الدورة الخامسة لمهرجان البحر الاحمر السينمائ ...


المزيد.....

- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسل سليم - كم ظلمنا العدس