أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبدالقادر احمد - اليسار في كركوك بين الماضي والحاضر















المزيد.....

اليسار في كركوك بين الماضي والحاضر


عبدالقادر احمد

الحوار المتمدن-العدد: 1040 - 2004 / 12 / 7 - 08:33
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ينتمي ابناء مدينة كركوك الى قوميات وطوائف متعددة، بضمنها اكراد وعرب وتركمان وآشوريون وارمن وغيرهم. ويتركزون بشكل اساسي في مركز مدينة كركوك وبعض الاقضية والنواحي. ومما لاشك فيه ان هذا التعدد هو مصدر غنى للمدينة الا انه وفي نفس الوقت استغلت بعض الحركات والاحزاب ذات النزعة القومية الضيقة هذا التعدد فانشأت كيانات سياسية كان تأثيرها بالغاً في حركة الطبقة العاملة بشقيها الحركة النقابية والحركة السياسية. واصبح تاثيرها بالغا تحديدا بعد قيام النظام الجمهوري في العراق عام 1958. وليس خافيا على احد الصراع القومي الدموي في مدينة كركوك والاحداث التي ادت الى مقتل العشرات من ابناء القوميات المختلفة عام 1959.
وعلى الرغم من ذلك علينا ان نعود قليلا الى بداية الحركة الشيوعية في مدينة كركوك في مطلع الاربعينات من القرن الماضي. فقد تميز الوضع السياسي في تلك المرحلة بتعاظم تاثير الفكر الماركسي وتصاعد النضالات في اوساط الطبقة العاملة من اجل نيل الحقوق الاقتصادية والمتمثلة آنذاك في تاسيس الجمعيات والنقابات العمالية. وقد حدد الحزب الشيوعي العراقي آنذاك طابع الحركة النقابية وصفاتها التنظيمية ووضع الشروط الاساسية لها لتثوير العمال ومن هذه الشروط الاساسية للتنظيم النقابي اولاً: ان يضم التنظيم النقابي جميع المشاريع الصناعية وان يضم الاكثرية الساحقة من العمال الماهرين وغير الماهرين. ثانياُ/ تثبيت النقابات وتقويتها والدفاع عنها والحيلولة دون الفرقة بين العمال. ثالثاً/ منع تسرب نفوذ ارباب الاعمال والنفوذ المعادي الى قيادة الحركة النقابية ومنع تسييرها في اتجاهات لاتحترم مصالح العمال كذلك دعت الحركة الشيوعية منذ تاسيسها الى تحرير المراة من اجل نيل حقوقها الكاملة اسوة بالرجل انطلاقا من كون النظام الاشتراكي هو النظام الوحيد الذي يكفل تحرر المراة الكامل ومساواتها التامة بالرجل في الحقوق والواجبات.
وقد اعتمدت الحركة الشيوعية في مدينة كركوك باعتبارها مركزا نفطيا مهما في الشرق الاوسط على عمال النفط الذين كان يتراوح عددهم على مايقارب الى 14000 بالاضافة الى عمال الصناعات والمعامل الاخرى وذلك في سعيها الى توجيه العمال على اسس ايدولوجية وعلمية وذلك باشاعة الفكر الماركسي المعادي للشوفينية بين صفوف العمال والجماهير وربط احتياجاتهم ومشاعرهم وتجربتهم الحياتية بالاستنتاجات الثورية ونتيجة هذا الكفاح المرير للعمال الشيوعيين في شركة نفط كركوك اندلع اول اضراب كبير وذلك في اوائل تموز 1946 واستمر لمدة 13 يوما. لقد امتاز الاضراب بدقة تنظيمه وبالالتفاف الجماهير الشعبية وربطها بين مطاليب العمال الاقتصادية والمطالب السياسية لعموم الجماهير. وقد قررت قيادة الاضراب الاجتماع بالعمال يوميا الساعة 4 مساءا في بستان كاورباغي لاجل تنظيم شؤون الاضراب وكان العمال محاطين بجماهير كركوك يجتمعون يوميا وتلقى الكلمات الخطابية باللغة العربية والكردية والتركمانية وحتى بالاشورية. وكان يجمع العمال وعيهم الطبقي ومصالحم المشتركة التي يفهمها كل عامل واستطاعت وحدة العمال الفولاذية وصمودهم البطولي ان تعزل الشركة الاجنبية تماما ولم تستطع وسائل الارهاب والتهديد في كسر عزيمة العمال واصروا على مطالبهم. وكان اغلبية قادة العمال من الشيوعيين وبهذه المناسبة يقول المؤرخ الفلصطينى المعروف في كتابه "العراق: الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية/ الجزء الثاني/ص281 : " بدات الحملة في عام 1946 وقادها حنا الياس وهو بغدادي كان عمرها 23 سنة وعضو سابق في مجلس الاشراف لنقابة عمال السكة الحديدية المحلولة ومنظم رئيسي لاضراب عمال السكلجية عام 1945 واصبح الان عامل نفط وعضوا في لجنة الحزب المحلية في كركوك وكان حكمت فارس الربيعي الميكانيكي البالغ العشرين من عمره من مندلي يساعد حنا الياس.". وعندما كان العمال مجتمعين في بستان كاورباغي وتحيطهم جماهير كركوك سمع صوت رشاشات فوق رؤس العمال ثم تقدم الخيالة وانهالوا على النساء بالضرب وحصدت الرشاشات ارواح الجماهير فقتل اكثر من طفل وسقط 16 شهيدا وعشرات الجرحى وبدلا من ان يعود العمال الى العمل قاموا بتنظيم اضرابا سياسيا في اليوم التالي 13/تموز/1946 وحملوا شهدائهم على اكتافهم وساروا في مظاهرة كبيرة ولم يجروء على الخروح من قوات الحكومة سوى الجنود والذين انضموا الى الجماهير يهتفون مع العمال بسقوط الحكومة.. الاهمية التاريخية لاضراب كاورباخي تكمن في انه احدث انعطافا حاسما في توجيه الطبقة العاملة نحو العمل الجماهيري ورفع من شان الحركة الشيوعية في مدينة كركوك الى احتلال المركز القيادي الاول بوصفها منظمة لمجمل الحركة الوطنية كما دفع الحركة الوطنية الى الاسلوب الصحيح في العمل السياسي.
تغير مسار الوضع السياسي بعد قيام الجمهورية في العراق في 14 تموز 1958 بينما كانت الحركة الشيوعية تناضل في سبيل توجيه العمال في مدينة كركوك بكل قومياتهم وطوائفهم للعمل على نيل حقوقهم والتحرر. بينما كانت الاحزاب البرجوازية والمتثلة بالاحزاب القومية تسعى لشق صفوف العمال وتاجيج الصراعات القومية الشوفينية ومحاولة طمس واقع الصراع الطبقي وتشويه العمل النضالي الجماهيري للعمال ومحاولة تجزئة الطبقة العاملة الى قوميات متعددة المصالح والولاءات، وعلى العكس من ذلك يؤكد الفكر الماركسي على وحدة الطبقة العاملة انطلاقا من كون الصراع الطبقي هو المحرك الاساسي للتاريخ. ويمكن ملاحظة ذلك على ارض الواقع في توحيد صفوف الحركات القومية حينما يحدث تحرك طبقي مضاد يهدد وجودها المشترك ويؤمن تناسي الخلافات القومية وقد كان من نتائج صراع المصالح بين الاحزاب القومية في مدينة كركوك وقوع الاحداث الدامية والمؤسفة في 14-16 تموز 1959 حيث كان اكثرية القتلى ابرياء من القومية التركمانية وقد سقطوا نتيجة السياسة الشوفيينية للاحزاب القومية والدسائس المدبرة من قبل المسؤلين الانكليز في شركة نفط كركوك لتشويه سمعة الحركة الشيوعية المتصاعدة في تلك المرحلة من تاريخ العراق وتحريف مسار الحركة الوطنية. وفي صبيحة يوم الجمعة الاسود المصادف 8 شباط عام 1963 توجت قوة الردة الرجعية البغيضة محاولاتها العديدة للانقضاض على تجربة 14 تموز 1958 بانقلاب دموي كان بداية عقود من الارهاب والدكتاتورية والنظم الرجعية المتعاقبة والتي عانى العراقيون عموما منها ماعانوا. وهذا الانقلاب كان حصيلة ماحدث من تغير جوهري في العراق بعد قيام الجمهورية حيث تعرضت مصالح ومواقع المراكز الرأسمالية الكبرى الى ضربة كبيرة وعلى الاخص بريطانيا والولايات المتحدة. وتمثلت تلك الضربة بخروج العراق من حلف بغداد الاستعماري وعدم التعامل والخضوع للعملة الاستريلنية واصدار قانون رقم 80 والذي بموجبه تلغى الاستثمارات الاجنبية للنفط العراقي.
لقد اثر ذلك في مجمل التوجهات السياسية اللاحقة في منطقة الشرق الاوسط وبالاخص بالقطبين المتناقضين الاساسيين المتناحرين آنذاك وهما العالم الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة و ماكان يسمى آنذاك بالعالم الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي.
ومنذ اللحظات الاولى للانقلاب الدموي ظهرت وحشية الانقلابيين فتوجهوا لتصفية الشيوعيين سياسيا وجسديا وتحول شعار الحرية والعروبة الى الحرية للقتلة والجلادين في القتل الجماعي واعدام المناضلين بالجملة وكان لمدينة كركوك حصتها وقد ارتكبت هذه الجرائم والاعدامات في شوارع واسواق كركوك المعروفة وكانت ترافقها احتفالات دموية وبعدها قامت المنظمة الارهابية المعروفة ب"الحرس القومي" بنهب وسلب وتهجير القرى الكردية المحيطة بمدينة كركوك ولم يسلم من الاذى من الابرياء احد. وحين عاد ورثة شباط الاسود مجددا الى السلطة عام 1968 كانوا اكثر تصميما على السير في طريق القسوة والتطهير العرقي الشوفيني متاثرين بالنزعات الهتلرية ولاغرابة في ذلك فالايدلوجية البعثية نسخة قميئة من النازية اعيد انتاجها عربيا ومن ثم كانت هذا الخليط من الشمولية والفاشية فكلتاهما نشأت على شعارات قومية متطرفة ممزوجة بانتهازية اجتماعية الغرض منها السيطرة على القاعدة الجماهيرية.
تعتبر مدينة كركوك من المدن التي يقع فيها احتياطي من نفط العالم والبالغ 70 بليون برميل من النفط في حين يبلغ عمر آبار النفط في هذه المدينة مايقارب 80 عاماً، ويصل انتاج حقول النفط من النفط الخام حالياً 2.5 مليون برميل يومياً. ويمكن رفع الانتاج الى 4.5 مليون برميل يوميا في حين لايتجاوز متوسط اجر العامل اليوم 250 الف دينار شهريا وهذا الاجر لايساوي قيمة 4 براميل من النفط الخام بعد ارتفاع اسعار النفط البالغ بالنسبة لنفط العراق 40 دولارا لبرميل واحد ناهيك الى افتقار مدينة كركوك لابسط الخدمات الاجتماعية والصحية والعمرانية وهذا يعكس مدى استغلال ونهب ثروات المدينة والتي مارستها الحكومات القومية الحاكمة في العراق. ففي مطلع السبعينات وبعد قيام الحزب الشيوعي العراقي بالتحالف مع سلطة البعث واقامة الجبهة الوطنية القومية استطاع اعضاء حزب البعث التغلغل في اوساط النقابات العمالية وتحريف مسارها وتحويلها الى منظمة ارهابية مهمتها قمع اضرابات العمال وجاءت الطامة الكبرى بعد اصدار قرار تحويل العمال الى موظفين عام 1987 والذي كان الهدف منه تحطيم وحدة وتلاحم الطبقة العاملة العراقية وبمجرد القاء نظرة تحليلية الى الوضع المعاشي للعمال نجد ان ازمة البلاد تضرب بشدة القدرات الفعلية للعمال وخاصة فيما يتعلق بحقوقهم وطاقاتهم لذا فان تحشيد الطاقات نحو البديل السياسي والاصلاح الجذري يحتل موقعا هاما للكفاح ضد التكتلات القومية والدينية والمهنية حاليا في اوساط الطبقة العاملة. ان الحركة الشيوعية في اوساط العمال بحاجة الى خطوات حقيقية ونوعية لتحديد اسلوب النضال من اجل الوحدة الطبقية ونبذ النزعات الشوفينية علما ان الاساس الموضوعي والجدي الذي يجب ان يحتل مركز الصدارة في هذه المساعي هو ارساء اساس متين لسياسة طبقية لليسار المتجدد بالاضافة الى اثارة وتحفيز نقد جذري لمسار واخطاء الحركة الشيوعية لان اي مشروع يجب ان لايقوم على تصورات طوباوية بل ان يستمد احقيته من فهم الواقع الحالي ومن نقد الحركات القومية التي تقترح وتتبنى ايدلوجيات زائفة وذلك قد لعب دورا كبيرا ومازال في تشتيت الجهود والحيلولة دون توحيد كل الطاقات الجماهيرية.
ان مدينة كركوك بامس الحاجة الى الحركة الشيوعية من اجل تعبئة جميع العمال من كافة القوميات والقطاعات والمهن ضد التوجهات العنصرية اللاطبقية والضيقة للاحزاب القومية والطائفية. وجماهير كركوك بحاجة الى الحركة الشيوعية اكثر من اية وقت مضى ليس لانها المعبر عن مصالح جميع الكادحين فحسب وانما لانها تطرح الاساس للتعبير عن مصالح البشرية عموما ولانها القوة الفاعلة من اجل بناء نظام اشتراكي يسوده السلام والعدالة الاجتماعية والديمقراطية الحقيقية..
ان الحركة الشيوعية في العراق لاتستطيع النهوض بمهمتها التاريخية مالم تجدد نفسها واساليب تنظيمها ومالم تنطلق من مبادىء التفكير المتجدد وفلسفته والعمل من اجل تصبح هذه المبادىء في متناول ادراك الجماهير كي تتحول الى قوة مادية فاعلة وقادرة على مواجهة مختلف طروحات البرجوازية وعلى تحرير الجماهير من الحروب والتخلف وجميع اشكال الاغتراب.

------------------------------
بلاغ الشيوعية العدد 20 كانون اول 2004



#عبدالقادر_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبدالقادر احمد - اليسار في كركوك بين الماضي والحاضر