أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الكلاواي - امتنا















المزيد.....

امتنا


علي الكلاواي

الحوار المتمدن-العدد: 234 - 2002 / 9 / 2 - 04:13
المحور: الادب والفن
    




المنظر …أحد الشوارع الأوربية العامة ..المنظر الخلفي لواجهات المحلات 
التجارية 
…..في وسط المسرح حيث يفترض أنه الرصيف ..عمود إنارة والى جانبه سلة 
مهملات
الوقت …يبدو أنه ليلا ..إذ لا توجد حركة ما على الرصيف ..
يدخل إلى المسرح حسن مهموما متعبا يجر قدميه جرا ..حتى يصل إلى حيث العمود 
..يستند بظهره عليه ويبداء بالهبوط حتى يجلس على الأرض .. وهو يقول 
باللهجة 
العراقية ..
- أنت أيها العمود الأوربي قد سندت ظهري وجعلتني أجلس لأرتاح ..هل تعلم 
أيها 
العمود أن من يراني بهيئتي هذه يظن أنني سكران والحقيقة أنني لم أتذوق 
الخمر في 
حياتي ..ولكنني مع ذلك سكران ..الزمن أسكرني بخمر الذل والغربة ..هل تعلم 
أيها 
العمود أنني تائه ألان في هذه الدروب التي أسير فيها لا وجهة محددة لي سوى 
السير ..وفقط السير لأجعل الأيام تمضي وأنا أعلم أن ما يمضي هو عمري 
..ولكنه 
على أية حال ..أي عمر هو ؟!!
ينهض مستندا على العمود ..ويتواصل القول ..
- أنك على الأقل لن تضحك مني ..كما أنني متأكد من أنك لم تتكلم مع غيري ..
يدخل إلى المسرح محمد ..يرى هيئة حسن ويلاحظ ويسمع أنه يتكلم مع العمود 
فيمر 
بالقرب منه ويقول بعد أن بغمزه ضاحكا بلهجة عراقية ..
- كم شربت أبو الشباب حتى تتخيل أن العمود رجل وتتكلم معه ..؟!! وهل لك أن 
تدلني على الخمارة التي ابتعت منها الزجاجة لأنه كما يبدو لي أصلي ..يدوخ
ينته حسن إلى المتحدث ويقول له ..
- بل أنت كم شربت حتى تتخيلني أنسانا لتتحدث معه ؟!! ..ولا أريد أن أعرف 
من أين 
ابتعت زجاجتك لأنني سكران بما يكفي
يتوقف محمد ويقول بتعجب ..
-ألست أنسانا ؟!!
فيقول حسن مؤكدا ..
-لا ..ولا حتى أنت ..ومتى كان العراقي أنسانا يستحق أن يلتفت أليه 
؟..العراقي 
في هذه الحياة مجرد رقم يتحقق به مصالح الاخرين ..كل الدول والأنظمة تحقق 
مصالحها على حسابنا ..ولكن من يلتفت ليحقق مصالحنا نحن البسطاء
_ أنك متشائم ..لماذا لا تأخذ الأمور ببساطة وأنظر إلى الجانب المضيء من 
الموضوع ..؟!!.. لولا عراقيتك لما استطعت أن تحصل على اللجوء هنا ..هنا 
حيث 
الحضارة واليورو…
يصفق حسن متعجبا ويهز رأسه وهو يقول ..
-كيف لاأتشائم وأنا أسمع كلام أمثالك ..ممن تركوا العراق ..باعوه بثمن بخس 
هو 
اللجوء …هل سمعت بأمر  العراقيين الذين يدعون بحرارة لبقاء النظام حتى 
يحصلوا 
على اللجوء..هل سمعت بأمر دعائهم حتى يحصلوا على الجنسية والجواز ..يريدون 
أن 
يعيش العراق تحت الحصار ..تحت ظلم النظام سنوات وسنوات لكي يحصلوا على 
الجنسية 
والجواز ..ما معنى معاناة المعذبين في الوطن أمام حصولهم على الجواز 
والجنسية 
..
فيمط محمد شفتيه ويرفع كتفيه ويقول ..
-لم أسمع بأمرهم ..وأن يكن يا صديقي ..لماذا لا تبحث أنت عن مصلحتك ؟
-وهنا هي المشكلة …المصلحة ..المصلحة ..المصلحة ..تحت تلك التسمية تم 
خنقنا 
وتشريدنا ..لفظونا في بحر مظلم متلاطم الأمواج ..بالكاد نتنفس الهواء 
..موجة 
ترفعنا وأخرى تغمرنا ..وجميعهم في سفنهم الآمنة ينظرون ألينا ولا يمدون 
أيديهم 
لإنقاذنا بل لم يرموا ألينا حتى بأطواق النجاة ..نسمعهم يقولون "خطية 
..مساكين 
..أننا ند عوا لكم من كل قلوبنا "..ولم يكونوا مخلصين في دعائهم لأنهم لو 
كانوا 
لاستجاب الله سبحانه وتعالى لدعواتهم ..ولكن دعائهم مجرد تمثيل ..دعائهم 
مجرد 
أقوال وكلمات تتلاعب بها ألسنتهم داخل أفواههم ..وبينما نحن نصرخ "أنقذونا 
..أننا نغرق ..أنقذونا "لا نتلقى سوى رجع الصدى لصراخنا ..وفجاءة ألقيت 
لنا 
سترة نجاة ..والمشكلة أنها من أعدائنا ..نعم رمى الأعداء لنا بسترة نجاة 
طبعا 
لمصالحهم ولكن على الأقل صار لنا أمل في النجاة ..وحين تشبثنا بها رأينا 
الأيادي تنزل من أمام الوجوه وتبدلت لهجة الحنان والعطف والمواساة التي 
كنا 
نسمعها ..لتقطب الحواجب وتكفهر الوجوه ونسمع لهجة غاضبة   "أتركوا سترة 
النجاة 
..اتركوها أنهم أعداء أمتنا ..أنكم أن تشبثتم بها  فأنكم خونة ..أعداء 
للأمة 
"…عن أي أمة يتكلمون ؟!!..قل لي بالله عليك عن أي أمة يتكلمون ربما أجد 
لديك 
الجواب ؟!!..الأمة العربية !!..وأين كانت الأمة العربية حين توحدوا لجلب 
الأعداء إلى الديار ؟!!….لم لم يقولوا وقتها كما يقولون لنا ألان .."أن 
للكويت 
شعبا هو أولى بتحرير بلده من الغزو العراقي "..لماذا رفضوا الحل العربي 
الذي 
طرح ..ألم يقولوا أن النظام العراقي لا يتفاوض معه لأنه لا مصداقية له 
؟!..أليس 
هو السبب الذي من أجله جلبوا الأعداء لتحرير الكويت ..؟!..أليس هو السبب 
الذي 
جعل من واشنطن كعبة أمراء الخليج والعرب يحجون أليها ويكفكفون دموعهم 
بأكمام 
أرديتهم أمام الكونجرس والرئيس وهم يقولون بلوعة "أنقذوا مصالحكم أيها 
الأمريكان ..لإطاقة لنا بالنظام العراقي ..انه يستهدفنا الواحد تلو الأخر 
وأن 
لنا اتفاقيات معكم بحمايتنا "..مصالحهم للبقاء على عروشهم وكراسيهم اقتضت 
أن 
يجلبوا الأعداء ولم يكونوا خونة في أعلامهم وفضائيا تهم ..ما لذي تبدل 
ألان 
؟!!…لاشيء ..النظام العراقي كما هو …والأعداء كما هم ..ولكنهم كمموا أفواه 
شعوبهم وسلبوا حقوقهم ويخشون ألان أن يخرج الشارع عليهم ليعبر عن مقته لهم 
وربما يزيحهم الغضب العارم ويغرقهم طوفان الغضب الرافض للهيمنة ..ليذهبوا 
إلى 
الجحيم ..ليذوقوا بعض الذي ذقناه ..أنهم يخشون على كراسيهم لا يخشون على 
أمتهم 
..انهم يخشون على مصالحهم ويا ليتهم كانوا يخشون على مصالح الأمة
- أسكت ..أسكت ..أنك مجنون
- نعم أنا مجنون ..بل أجن حين أعلم بأنني مستغل ..أنني نكرة لأنني عراقي 
..لا 
يشعر بألمي ومشاعري أحد ..وتلك الغربة القسرية ..تجعلني أجن ..لماذا أنا 
مغترب 
ولي وطن أسير ؟..لاأستطيع فك أسره لأن الجميع منتفع من أسره ..مصالحهم 
اقتضت أن 
يبقى وطني أسيرا بالحصار وبالنظام الظالم
- لهذا السبب العراقي في الغربة يبحث عن جنسية وجواز ..فطلسم الأحداث 
تتطلب 
ساحر عليم ..ولا وجود لذلك الساحر …لذا لا نريد تفويت الأيام بالتفكير 
المؤدي 
إلى الجنون ..هيا يا صديقي اترك الأمور العويصة ..كم لك في الغربة  ؟
- سنوات ..سنوات لم تكتحل عيني برؤية الوطن ..سنوات قد تنسي البعض ولكنني 
لا 
أستطيع النسيان ..ماذا أنسى ؟ ..أنسى أبي ..أمي ..أخوتي  ..أنسى العراق 
..أنا 
لا أريد أن أكون أوربيا ..أنا عراقي ..عراقي ..عراقي ولا أريد التنازل عن 
عراقيتي ..ولمن أتنازل عنها ..؟..لمن أتنازل عن العراق ؟..للنظام الحاكم 
..لمصالح الاخرين ..يا ليتهم كانوا يستحقون التنازل والتضحية
- مادمت هكذا ..لماذا غادرت العراق أصلا ..ألم تغادره لتبحث عن ملجأ تركن 
أليه 
من هواجسك في الوطن
- كنت مغفلا إذ غادرته ..كنت أعتقد بأنني سأقدم الكثير أن غادرت ولكن ..
- إذا عد من حيث أتيت ..أن أبواب العودة مشرعة ..عد لترتاح ..لابد وأن معك 
ألان 
بضعة آلاف من اليورو تكفيك مؤنة سنوات في الوطن ..
تطفئ الأضواء عن المسرح ..ويتركز الضوء على حسن الذي يقف إلى جوار العمود 
وسلة 
المهملات ..ويقول .
- أعود ..نعم لأعود ..وأنا أعرف أن مصيري سينتهي في أحد سراديب الامن 
العامة  
.. أو مثبت إلى وتد ممزق الجسد بالرصاص ..نعم لأعود لأنني لم أعد أحتمل 
تخاذل 
من كنا نثق بهم ..لم أعد أحتمل نكراننا كأفراد مستضعفين من قبل أمتنا 
العظيمة 
..لأعود إلى العراق ,أنهي مأساتي ..من سيسأل عني ؟..سيكون مصيري مصير 
الآلاف 
غيري ممن قبروا ..فهذا ما تريده منا الأمة  "أننحيا مستضعفين ونموت منسيين 
" 
هذا ما يريدوه لكي لا نكون خونة لمصالحهم وتبا لمصالحنا نحن المستضعفين







#علي_الكلاواي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية قصيرة: ماذا نريد…؟!


المزيد.....




- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الكلاواي - امتنا