الفلوجة : ادلة على جرائم حرب

يونس الخشاب

الحوار المتمدن-العدد: 1038 - 2004 / 12 / 5 - 08:38
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

من بين نتف الملاحظات التي دونتها الصحفية الامريكية (آن برنارد ) من صحيفة (بوسطن كلوب ) والتي صاحبت فرقة المشاة الاولى عشية الهجوم على الفلوجة ، قدرت هذه المراسلة ان مادتها الصحفية بذاتها والمستقاة من قلب الحدث ، تقدم الدليل المادي و الواضح على قيام الجيش الامريكي باصدار اوامر تنتهك وتتنافى مع معاهدة جنيف ،وخاصة فيما يتعلق باستخدام العنف المفرط في داخل المدينة. وكان اول من انتبه الى ذلك الكندية ( لويس اربور ) ،رئيسة المفوضية العليا لحقوق الانسان.
ان امريكا لم توقع ،كما هو معروف ، على معاهدةمحكمة جرائم الحرب . وان الاجراء القانوني الوحيد الممكن اتخاذه في هذه الحالة ، هو ان ترفع دولة موقعة على معاهدة محكمة العدل الدولية شكوى ضد الولايات المتحدة ، ولكن اية دولة سترفع مثل هذه الدعوة ، هل هو العراق؟ ( يا لها من نكتة ! )
ومن بين التصريحات التي عادة ما يدلي بها القادة العسكريون قبل المعركة ،تظهر هناك اربعة خروق
جلية لقوانين الحرب التي راعتها اتفاقية جنيف .
أولا : لتفادي مصا ئد المغفلين ( اي الالغام ) و الكمائن ، أمر قادة القطعات رجالهم باطلاق النارعلى
البيوت والمباني قبل دخولها . وهذا ما يفسر حجم الدمار الشامل الذي اصاب مدينة الفلوجة .وعليه اصبح من غير المهم في هذه الحالة التأكد فيما اذا اصيب اناس مدنيون في مدينة نزح معظم سكانها. الفقرة القانونية في هذا الصدد تقول :
"القائد العسكري مُلزم باتخاذ خطوات ايجابية لتجنب ايذاء المدنيين من السكان من غير المقاتلين
كما يجب تفادي اتخاذ خطوات متعمدة لايذاء المدنيين " .
ثانياَ:" حولوا اية بناية الى انقاض حالما تطلق عليكم منها الرصاصة الاولى " . هذا ما قاله الكولونيل " فاول " لقادة قطعاته .
ثالثاَ:البنايات التي يُشتبه انها معادية يجب ان " تُطهر بالنار " قبل ان تدخلها القوات .
" لن يطأ بسطال الجندي الارض إلا حينما يبحث عن أشلاء العدو المتناثرة " .
رابعاَ : قوات الفلوجة في دفاعها عن مستشفى الفلوجة استمرت في مهاجمة القوات العراقية
التي سيطرت على المستشفى ومن ثم قامت بتدمير صف كامل من البيوت المحيطة بالمستشفى وتم تسويتها بالارض . ما يقوله القائد الامريكي في هذا الصدد " كنا نقوم بجمع النفايات فقط "

هنا يوجد خرقان واضحان
أـ ان القوات العراقية والمدعومة من القوات الامريكية استولت على مستشفى الفلوجة ومن
الواضح انها استخدمته كموقع عسكري .
ب ـ التدمير الكامل لصفوف البيوت المتاخمة للمستشفى و تسويتها بالارض .
إلا ان هذه الملاحظات تلمح من بعيد عن مدى جدوى عملياتهم العسكرية في الفلوجة فتقول
" لقد مرغت معركة الفلوجة بالوحل وجه القوة العسكرية الاعظم في حربها ضد مقاتلين
ينتعلون الاحذية الرياضية ويستخدمون قاذفات صواريخ محلية الصنع. فقد قرر المخططون العسكريون استخدام اداة عسكرية بليدة مسلحة تسليحاَ ثقيلاً ضد انتفاضة ، يعترفون هم انفسهم
انهم لا يستطيعون هزيمتها باستعمال القوة فقط ، واهمين ان توجيه ضربة للفلوجيين سيخمد
التذمر الذي سيسببه الهجوم . ولكن بعدئذٍ ، وحتى لو شعر الجنود الامريكان بالفخر لسرعة قواتهم
وقوة تدميرها فان الكثير من الضباط عبروا بالقول ان تدميراً كهذا سوف يخلق اعمالاً ارتجاعية ،
وردود فعل اكثر عنفاً ، وان المعركة كان يجب ان تربح عن طريق كسب قلوب الفلوجيين "
"وحينما يعود الناس الى بيوتهم في الفلوجة ،ويطلعون على ما فعلناه ، والنكبة التي انزلناها
بهم ،ستصبح الامور اكثر سخونة و لفترة طويلة من الزمن .
وما يقوله احد قادتهم " لا تستطيع القوات الامريكية مطلقاً تطبيق ( النموذج الفلوجي ) على
مدن عراقية اخرى كالموصل و بعقوبة " ثم يضيف :
" انها المرة الاولى منذ الحرب العالمية الثانية التي تتعرض فيها قوات التدخل الامريكية الى اطلاق نار بهذا الشكل في مدينة لا حدود لها " .
السؤال الآن هو من الذي يمنع هؤلاء الاوباش من تطبيق نفس هذا النموذج على مدن عراقية اخرى كالموصل او اللطيفية ؟ من الذي سيوقفهم ؟ كل ما يحتاجونه هو حملات نظامية في صحفهم
قبل اسابيع من الهجوم لتبرير مذبحة جديدة بعد ان يكون ازلام علاوي قد اتخذوا القرار عن طريق:
أولا ُ: شن حملة شعواء عن" وكرالزرقاويين " في المدينة المستهدفة التالية بعد الفلوجة
وهذا سهل .
ثانياً :حمل أكبر عدد ممكن من السكان على مغادرة منازلهم، رغم ان الناس قد تعلمت من تجربة
الفلوجة على ألا تترك منازلها .
أخيراً ، اذا لم تكن في نية امريكا مهاجمة ( فلوجات ) أخرى في العراق فان الأثر الردعي الذي ارادوا الوصول اليه قد فقد مصداقيته.


كل ما نؤمله ان تتمكن منظمات حقوق الانسان في العالم
اجمع ان تتصل بالصحفيين الذين شاهدوا قوانين الحرب وهي تخرق ان يزودوها بكل التفاصيل
مهما كانت صغيرة .

#يونس_الخشاب (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل