أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد مبيض - رؤية














المزيد.....

رؤية


وليد مبيض

الحوار المتمدن-العدد: 1032 - 2004 / 11 / 29 - 04:12
المحور: الادب والفن
    


مـوعـد

"ديمة" فتاة رائعة الجمال، أجمل ما رأى البشر من نساء حتى يومنا هذا، وأرجح عقلاً من كل الحكماء السابقين، وهي أسطع نوراً وأكثر دفئاً من الشمس، تمارس سحراً بريئاً، فهي إذا حلت بقوم أمطرتهم حباً لا ينضب.
"أحمد" رجل يعيش في زمن وسيط، بين قوم تتقاذفهم وصايا الأجداد، وحاجات عصر متمدن، ترى فيهم أناساً رجعوا إلى عصر التوحش، وقلائل حالمون بمستقبل مشرق.
تجلت ديمة لـ " أحمد" فانبهر بجمالها وسحرها، ووعدته أن يراها حقيقة في نهار صيفي غير بعيد، فأخذ يبشر قومه بقدومها:
ـ هيا ياقوم اتبعوني لنرى معاً معبودتي، فهي ستساعدنا في إنقاذنا من آلامنا وعثراتنا.
سمعه البعض لكنهم لم يفقهوا مقاله، وآخرون لم يسمعوه أصلاً.
انبرى له:
ـ حكماء المدارس جهلوه، لأنه تجاوز عقائدهم التي أصبحت في عقولهم أزلية.
ـ سدنة المعابد كفروه، ثم عاقبوه بالجلد، حتى يعود للإيمان بسطوتهم.
ـ شيوخ القبائل جرموه، واستخدموا أحدث ما ابتكر من آلات تعذيب، لأن دعوته يمكن أن تؤدي إلى زوالهم.
وحتى من رأى في دعوته خلاصاً، فقد خاف من نفس المصير، فمخلوقة أسطورية لا تستحق كل هذه التضحية.
رغم كل ذلك ظل أحمد يسير على هذا الدرب الشائك للقاء محبوبته، كان يتلوى من الألم، ليس على نفسه فقط، وإنما على كل الغوغاء الذين حددوا مصيره، قبل أن يتحققوا من نبوأته، وكلما اقترب موعد وصولها زادت عذاباته، وأخيراً أخذت الخناجر تطعنه من خلف، حتى فاضت روحه، فهمس أحدهم في أذن نفسه:
ـ لوصدق هذا الرجل، لاستحق منا أن نقيم له مزاراً تؤمه أجيالنا القادمة.
ثم تطلع حوله، خائفاً: هل سمعني أحد؟

مستقبل
كنت قادمة، رأيتك من بعيد، سمعت آهاتك التي تحولت إلى عويل يعلو ويعلو، وراقبت رحيل روحك، حين وصلت أخيراً إلى مكاننا الموعود، لم أر فيه سوى بقايا عظام آدمية، وقطع من لحاء شجر يابس، وقطيعاً من وحوش ضارية، حجزوني، ثم صلبوني، وانتظروا أوامر سيدهم، ويا لعجبي، فقد كان هو نفسه قائد الحرس المكلف بآلة تعذيبك، وعلى هذا فقد استمر في قيادتهم عقوداً وعقوداً، وكل القطيع مطأطئ الرأس، تاركاً له التحليل، وهدايتهم إلى طريقة عيش آمنة.
صرح أحدهم في نفسه:
ـ أليست هذه "ديمة" التي بشرنا بقدومها أ...
لم يكمل، فقد داهمه المصير الأسود، الذي لقيه كل من سولت له نفسه التمادي على ألوهية السيد...
حين خرج السيد من وكره، خر القطيع له ساجدين، وانتظروا سماع تعليماته، سألهم:
ـ مذا تقترحون؟
أجابه أحد المغفلين:
ـ لنحاكمها، وأعتقد بأن المحكمة ستحكم عليها بالإعدام، لأن وجودها سيسيء إلى حياتنا الهنية في ظل رعايتك.
سكت السيد، وربما بدرت منه إشارة ما، فهمها القطيع، فانهالوا على المخطئ قتلاً وتمزيقاً.
حين هدأت عاصفة الموت، أعاد السيد سؤاله، فأجابه القطيع بصوت واحد:
ـ نحن فداك، افعل ما تراه أنت مناسباً، فليس لنا دونك عقل يفكر، فأنت سيدنا، وعقلنا، وحبيبنا، وأبونا، بل أنت ربنا المطاع.
انفرجت أسارير السيد عن ابتسامة صفراء، طالما حلم القطيع برؤيتها، وحكم بتجهيز وليمة، يكون جسدي الطبق الرئيس فيها.
صورة أخرى
تلاقت روحا أحمد وديمة في جنة عدن، قال لها:
ـ لقد تأخرت عن موعدك كثيراً.
ـ كان المشوار طويلاً، وربما تكون أنت من جئت مبكراً.
نظر الإثنان من عليائهما إلى حالة تلك الوحوش التي كانت فيما مضى من الزمن مؤهلة لتصبح إنسانية العيش، لم يستطيعا أن يمسكا نفسيهما عن البكاء، ففاضت دموعهما، ووصلت إلى الأرض أنهاراً عظيمة، جرفت كل شيء إلى قيعان سحيقة، فاندثرت الوحوش، وخلت الأرض من كل حياة كئيبة.
وبعد حين، وبينما كانا يراقبان حركة الكواكب، لاحظا أن سطح الأرض عاد للاخضرار، وأخذت النباتات تزهر، ومن بين الأزهار ذات الألوان والروائح العطرية المختلفة، نما أطفال جدد، بعقول متخالفة، وألوان متعددة، لم يكن بينهم تشابه ظاهري، لكنهم ومنذ بداية نشوئهم غمرتهم مشاعر حب تجاه بعضهم البعض.
ثم حين شبوا بنوا بيوتاً غير معهودة فيما مضى من الأيام، فقد كانت دون شبابيك فأخذ النسيم المحمل بعطر مختلف الزهور يدور في أرجائها، كما وصلت أشعة الشمس إلى كل ركن فيها، مهما كان خافياً عن النظر.
وكانت تلك البيوت ذات أبواب مشرعة، فسمحت للناس التواصل مع بعضهم بالحب والغناء، ومن أي جهة جاءا...!
لم يشيخوا، ولو شابت شعورهم، وتعبت أجسادهم.
واحتفظوا بأمرين حتى الممات: العقل، والحب.



#وليد_مبيض (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سارعي بالانتحار قبل أن يقتلك
- جميلة غسان
- قصة قصيرة


المزيد.....




- السجن 18 شهراً لمسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-
- رقص ميريام فارس بفستان جريء في حفل فني يثير جدلا كبيرا (فيدي ...
- -عالماشي- فيلم للاستهلاك مرة واحدة
- أوركسترا قطر الفلهارمونية تحتفي بالذكرى الـ15 عاما على انطلا ...
- باتيلي يستقيل من منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحد ...
- تونس.. افتتاح المنتدى العالمي لمدرسي اللغة الروسية ويجمع مخت ...
- مقدمات استعمارية.. الحفريات الأثرية في القدس خلال العهد العث ...
- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد مبيض - رؤية