أمريكا وسياسة الرعب

عبد الله الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 1020 - 2004 / 11 / 17 - 11:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

في هذا العالم الذي (تغرب) فيه الإنسان، غربة الرعب ، رعب الجوع، رعب المرض رعب فقدان الدواء رعب أسلحة الدمار الشامل التي تمتلكه الطغمة التكنوقراطية الأمريكية التي تريد امتثال أمم الأرض لها.
الرعب أفقد الإنسان قيمته الإنسانية وتحول إلى شيء من الأشياء في أمريكا عدوة الإنسان بل ان الإنسان يبدو أشد الأشياء عجزا وضالة وبذلك تدهور مركز كإنسان مدرك لوجوده فصار رقما من الأرقام المجردة ضائعا في غربة بلا حدود لها خائفا من كل شيء يجهل مصيره.
الرعب أفقد الإنسان إحساسه بالحياة الرعب الذي تثيره الطائرات الأمريكية وهي تحرق مدن الإنسان الآمنة رمز حضارته ووجوده وتحول خضرة مزارعه إلى لونه الرماد أو الفحم السائل وتسحق مصانع الأدوية ومعامل حليب الأطفال كما فعلت في السودان وملاعبهم ورياضهم ومدارسهم كما فعلت ذلك في العراق، إنها تنشر الرعب في كل مكان الناس في هلع الأطفال يصرخون في رياضهم والعجائز والشيوخ يبكون في كل زوايا الأرض كل ذلك بأسم (الديمقراطية وحفظ السلام العالمي) على الطريقة الأمريكية المتوحشة تفعل أمريكا (الرعب) بلا وعي إنساني وفي أي لحظة تراها مناسبة للكسب والنجاح تفعله للسيطرة وفرض الامتثال على كل سكان الأرض.
الرعب هو السبيل لنشر الديمقراطية في نظر الطغمة صاحبة القرار في (البيت الأبيض؟!) ولا سبيل إليها غير الدمار وحرق حتى ملاجئ الهاربين من الموت إن سلوك البيرقراطية الأمريكية اللاإنساني يقود العالم إلى أزمة ضمير مدمرة وحيزة إنسانية متعبة وربما إلى كارثة رهيبة.
ان سلوك تلك الطغمة نفذ إلى بيئة العلاقات الإنسانية ومؤسساتها وأفسدتها وربما سوف يدمر في النهاية قدرة الإنسان على (التكيف البيولوجي) والثقافي مع بيئته الطبيعية والبشرية، وبسبب ذلك هو سياسة الطغمة المسيطرة بقوة أسلحة الدمار الشامل على المنظمات الإنسانية في داخل أمريكا وخارجها.
لقد وصل اختلال التوازن السيكولوجي-الاجتماعي في الشعوب التي تسيطر عليها أمريكا بما فيهم الشعب الأمريكي نفسه إلى حد لا يمكن التمييز بين التقدم والتدهور والوهم والواقع والعقل واللاّعقل والاستواء والشذوذ ، كل ذلك انعكس في آداب وفنون وسلوك وعلاقات الناس في هذا القرن وسبب ذلك هو اقتران تطور علم التكنولوجيا مع وسائل الإنتاج مع السياسة السلطوية والسيطرة النفعية على المجتمع الإنساني وإبطال حقوق الإنسان.
لقد فرقت أمريكا أمم الأرض بعدوانيتها (بأسم العدالة) حصار هنا ، وحرق المدن هناك وتدخل سافر في شؤون الدول الداخلية، وإفساد أنظمتها الاقتصادية والمالية والاجتماعية والسياسية، وهذه مأساة الشعب العراقي لا تزال ماثلة أمام العالم ، والمآسي الأخرى في السودان وأفغانستان ويوغسلافيا وجنوب شرق آسيا وأماكن أخرى من العالم.
كل ذلك جعل الإنسان يتقهقر إلى عالمه الخاص لعدم تمكنه بمقاومة ذلك التدهور حيث الشعور بالكآبة والاغتراب والرعب والخمول النفسي والفراغ والوحدة المفزعة.
انَّ‎ً الثورة العلمية والتكنولوجية يربطها تفاعل حتمي لخلق حضارة افضل، إلا ان الاحتكار الذي تمارسه الطغمة التكنوقراطية الأمريكية لما تنتجه تلك الثورة لصالحها أحال دون تحقيق الهدف الإنساني منها.

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل