أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - صلاح عرفات - علاقة الرأسمالية اليهودية في الثورة الشيوعية الروسية....(سلسلة تاريخ الشيوعية وأسباب السقوط 2 )















المزيد.....


علاقة الرأسمالية اليهودية في الثورة الشيوعية الروسية....(سلسلة تاريخ الشيوعية وأسباب السقوط 2 )


صلاح عرفات

الحوار المتمدن-العدد: 3403 - 2011 / 6 / 21 - 18:09
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


يجب علينا أن نفجر ثورة عالمية عارمة تقضي على التقاليد البالية وتعصف بالمعتقدات و تقتلع جذور الملكيات الخاصة كي تتحقق المساواة التي نرغبها والتي نادت بها جمعياتنا السرية التي انبثقت عنها الحكومات المؤقتة حالياً في أكثر الأقطار الأوربية وبغية تحقيق الثورة المنشودة يجب على شعبنا المختار أن يتعاون مع الملحدين وأن يتحد أثرياؤه مع دعاة اليسار المتطرف ليعملوا جميعاً لتحقيق أحلامنا.
من أقوال اليهودي دزرائيلي (Disraéli) الوزير البريطاني المعروف بعنصريته. نقلاً عن الكتاب المقدس الجديد لبيير هيبس- الصفحة (170)


ليس في الماضي فحسب بل اليوم أيضاً تجد بعض المتحذلقين الذين يستهجنون القول بتدخل الرأسمالية اليهودية في الثورة الروسية, ويعتمدون في استهجانهم على ما بين النظامين من خلاف وتناقض في المفاهيم, ويدللون على إثبات نظريتهم بتفاقم النزاع بين الرأسمالية واليهودية والدولة الروسية يوماً بعد يوم.

وهؤلاء المتحذلقون ينقسمون إلى فئتين, فئة جاهلة لما أحاط بالثورة الروسية من الالتباس, فتعذر فعلاً, وفئة أخرى مغرضة لأحد السببين... ولذا فهي تنكر الحقيقة, وتتجاهل ما تعلم, وأنا هنا لا يهمني أمر هؤلاء الناس , بقدر ما يهمني توضيح الأمور التي سبقت الثورة, وما اكتنف سيره أحداثها من الملابسات.
وبغية الإفصاح, لا بد لي من تفصيل العوامل التي أدت إلى تدخل اليهود في هذه الثورة وتحديد الأغراض التي توخوها من هذا التدخل, وإمعاناً في التفصيل أذكر القارئ, بأن اليهودية تمركزت في روسيا قبل أن تدخلها المسيحية, أسست فيها دولتها الخزرية, وظنت أنها أرسخت أقدامها فيها, وعللت نفسها بتهويد شعوبها, ومنع النصرانية من دخولها, واتخاذها في المستقبل مركز الانطلاق, ومحور الارتكاز لمقارعة النصرانية والإسلام.
ولكن خاب فألها, وقامت الإمارات الروسية, ثم قضت على دويلة الخزر اليهودية, وأدخلت النصرانية إلى روسيا, وسيطرت كنيستها الأرثوذكسية على جميع الشعوب السلافية, ثم انسحب المغول, وقامت القيصرية, فقضي على أحلام اليهود, فرضخوا لحكم القدر على مضض, دون أن يتخلوا عن السعي لتحقيق مآربهم عندما تسمح لهم الظروف بذلك, فقبعوا في جحورهم ينتظرون ما ستتمخض عنه الأيام.
وفي أعقاب ثورة كرومويل التي أعادت نفوذ اليهود إلى بريطانيا, والثورة الفرنسية التي أدت إلى انتصارهم الساحق على الكنيسة الكاثوليكية, وتسلطهم على مقدرات كل من الدولتين المذكورتين, عادت الأحلام تراودهم في السيطرة على الروس والإطاحة بالقيصرية والكنيسة الأرثوذكسية اللتين قضتا في الماضي على الدولة الخزرية, وحالتا دون تهويد الشعب الروسي, وبغية تحقيق ذلك, بدأ اليهود بتطبيق البرامج التخريبية التي طبقوها في البلاد الغربية, أي السعي لإخراج الشعب الروسي عن طاعة الكنيسة, ودفعه نحو اللاأخلاقية والفساد, وإثارة النعرات الطائفية و الطبقية في صفوفه, وتحريضه على الدولة. فأشاعوا الأضاليل و الدسائس في كل مكان, ولقد شجعهم على ذلك, تعدد الأقوام و الشعوب في البلاد الروسية, وللوصول إلى هذه الأغراض, أغرقوا البلاد بشتى أنوع الرذائل والفساد .
ولما كانت الكنيسة الأرثوذكسية والقيصرية تعلمان ما فعله اليهود في الغرب, وقفتا بوجههم, وساندهما الشعب في البداية فأحبطت بعض المؤامرات اليهودية, وحدث عام 1880 في كل من مدينة إليزافيت غراد (Elisavetgrad) وكييف (Kiev) و أوديسا (Odessa) بعض الاعتداءات الشعبية على اليهود, فاستغلتها المحافل اليهودية في الغرب, ونادت بالويل والثبور, وطالبت الحكومة الروسية بالكف عن اضطهاد اليهود, وراحت الصحافة المهودة تهول الأمر, وتطالب الدول الغربية بالتدخل لصالح اليهود. وهكذا جعل اليهود من هذه الحوادث الفردية الداخلية, قضية دولية, واستثمروها على أوسع نطاق.كعادتهم دوماً

وطالب بعض زعمائهم وكتابهم أمثال بنكسر (Pinsker) وجوزيف سلفادور (Joseph Salvador) و موسى هيس (Moise Hess) وديزرائيلي (Disraéli) بالسماح لبني قومهم للعودة إلى فلسطين, وأيدهم بعض كتاب الغرب المهودين في هذا الطلب, فأصبحت بذلك القضية اليهودية, قضية الساعة في أواخر القرن التاسع عشر.
ولكن الحكومة الروسية أصمت آذانها عن سماع هذه الترهات, ولم تعرها الأهمية التي كان اليهود ينتظرونها, فتنادت محافلهم السياسية المختلفة, وعقدت عام 1884 أول اجتماع قومي لها في مدينة كاتوفيس (Katovice) تحت رئاسة بنسكر, وبحث المجتمعون الشؤون اليهودية العامة, وتدارسوا الفرضيات المختلفة التي يمكن أن تعترض هدفهم الأسمى ( السيطرة على العالم ) الذي يحلمون بتحقيقه منذ عهد المنفى, فوضعوا لها الحلول التي استنبطوها, وكان في مقدمتها القضاء على الدول التي تعارض تحقيق أغراضهم, ولقد جاء تصنيف الإمبراطورية الروسية الثاني في قائمة الدول التي اعتبروها مناوئة لمخططاتهم, ولقد تأكد لهم صدق حدسهم فيما بعد, عندما اصطدم الزعيم الصهيوني هرتزل عام 1896( بمعارضة الروس الشديدة لعودة اليهود إلى فلسطين. )
وعلى الإثر قرر اليهود تدمير الإمبراطورية الروسية وكنيستها مهما كلفهم الأمر, فثابروا مثلما ذكرنا على تطبيق مناهجهم في روسيا. وشاءت الظروف و الأقدار أن تكون مواتية لهم, واعتلى العرش الروسي نقولا الثاني, الذي عرف باستهتاره بمقاليد الحكم, وترك أمر إمبراطوريته الواسعة في أيدي الأرستقراطية الفاسدة, التي كانت تعتبر نفسها من طينة أعلى من طينة الشعب. فراحت تستهين بمصالح الأمة, وتحتقر الشعب, وتنهب أمواله بخسة ودنائه, وتستبيح أعراضه و تنكر عليه إخلاصه الذي برهن عنه إبان محنة الدولة الروسية مع نابليون, والتي دافع فيها الشعب من مليكه وإمبراطوريته أحسن دفاع, وبذل المال والدماء دون حساب. ولكن هذه الطغمة الأرستقراطية الفاجرة, تنكرت له وسامته سوء العذاب بدلاً من أن تكرمه و تهتم بشؤونه, فكان من الطبيعي أن يفقد الشعب الروسي النبيل إيمانه بهذه الطبقة اللئيمة التي حرمته حق الحياة, والكنيسة التي تخلت عنه, رغم أنها كانت في الماضي عزاءه الوحيد الذي يرجع إليه في الملمات, لتواسيه وتشد أزره. فأضمر الشعب لهما الحقد بحق, وبادر يبحث عن مخرج ليتخلص منهما, فانتهز اليهود هذه الفرصة, وهبوا يبحثون عن طريقة تمكنهم من السيطرة على البلاد و الثأر من القيصرية والكنيسة الأرثوذكسية, ولما كانوا يراقبون الأوضاع منذ أمد طويل, ويبحثون فيما يجب عليهم عمله, وجدوا أن السبيل الوحيد لجر الشعب الروسي خلفهم هو التلويح له بالعدالة الاجتماعية والحياة الحرة الفاضلة التي كان الشعب الروسي يتوق إليهما, وفي أعقاب مؤتمر بال قويت شوكة اليهود في روسيا بفضل المساعدات التي تلقوها من اليهود في الغرب ( وبعد أن وحد مؤتمر بال جميع هيئاتهم, وصهر مختلف محافلهم السياسية اليمينية و اليسارية في بوتقة العمل الموحد لصالح القومية اليهودية) فشددوا النكير على الدولة, ودفعوا العمال للشغب و التمرد فاضطر نقولا الثاني لمهادنتهم, وأوعز لرئيس وزرائه بالتساهل مع العمال الذين كان اليهود يحرضونهم, فسمح لهم بتأسيس حزب العمال اليهودي الذي بحث عنه, فساءت الحالة, وتسارعت الأحداث في طول البلاد وعرضها, ومن جراء إهمال القيصر لشؤون شعبه, وتعنت الطبقة الأرستقراطية المجرمة التي أصمت آذانها عن سماع شكاوى الشعب, والتي كانت ترد على كل صوت شاك بأسنة الرماح وأزيز الرصاص.
ففقد الشعب صبره ولم يعد يحتمل الظلم والاضطهاد أكثر مما تحملهما سيما واليهود كانوا يدفعونه بشتى الوسائل إلى مناهضة السلطات الحاكمة, فقامت المظاهرات الصاخبة تطالب الدولة بالسماح للطبقة العاملة بتكوين المجلس العمالي الأعلى الذي كان اليهود يتوخون من إيجاده السيطرة التامة على طبقة العمال, فلم تنجح الدولة في الحد من نشاط اليهود, وأرغمت على التنازل لمطالبهم, وأصدر ميرنسكي قراراً يجيز للعمال تشكيل مجلسهم, فسارع اليهود إلى تكوينه بالشكل المناسب لأغراضهم, وأسندوا رئاسته إلى اليهودي نوزار (Nosar) الذي عرف في التاريخ بلقب خروستاليف (Khoroustalief) وعينوا لأمانة سره اليهودي برونشتين (Brounestein) من مواليد أوديسا والذي اشتهر فيما بعد في الأوساط الثورية التي ناوأت القيصرية باسم تروتسكي (Troteskyi). وهو الذي أحدث التشكيلات العمالية التي سميت بالتشكيلات الحربية (L’Organisation De Combat) وأسس إتحاد الفلاحين (L’Union Des Paysans). ولما كانت الحكومة ميالة إلى المهادنة فلم تعترض على إحداث هذه التنظيمات التي كانت تخضع اليهود, فأيقن اليهود من عجز الحكومة ودفعوا بمنظماتهم الجديدة إلى العصيان عام (1905) فاصطدمت هذه الفئات المسيرة ضد السلطات الحاكمة بقوات الجيش والشرطة. ودامت المعارك بين الطرفين لمدة أسبوعين قتل في أثنائها عم القيصر سيرج (La Grand Serge) كما قتل كثيرون من أفراد الطبقة الحاكمة وموظفي الدولة وعشرات الألوف من العمال الفقراء والمواطنين. وانتهت الحوادث على أثر تشكيل المجلس النيابي وإقامة الحكم الدستوري. والغريب في أحداث عام 1905 إن جميع القتلى كانوا من الروس وحدهم بينما لم يمس أحد من اليهود بسوء, رغم أنهم كانوا يقودون ويحرضون الجماهير. وتوقف الحوادث في أعقاب قيام الدوما لم يكن يعني, إنجاز الأغراض اليهودية أو عدولهم عن الثورة, فظلت النار كامدة تحت الرماد, وثابر اليهود على تغذيتها, وعلى الأخص في ظل الحكم الدستوري الضعيف, وفي هذه الأثناء أعادت الصهيونية العالمية النظر في تطور الأمور بروسيا. فقررت إطلاق يد أحد أعضائها البارزين في الشؤون الروسية, وكان هذا المختار الجديد هو يعقوب شيف (Jacob Schieffe) الذي كان منذ أمد بعيد يعمل لتدمير الإمبراطورية الروسية, كما قررت الصهيونية أن يكون البارون هيرش (Hirche) المعتمد المالي للشؤون الروسية. وكان هذا البارون أكثر الزعماء تعصباً لليهودية. وهو الذي شكل الفرق الحربية اليهودية, وأقام شركة المستعمرات اليهودية في عهد الملك إدوار السابع الذي ورطه في الموافقة على مشروع هيرش مستشاره اليهودي ارنست كاسل (Sir Ernest Cassel). ولقد رصد هيرس لمشروعه هذا 275 مليون فرنك من الذهب من ثروته الطائلة التي جمعها من التلاعب بأسعار الصكوك العثمانية (La Bons Ottoman) ويقول هيبس عن هيرش بأنه مول جميع المستعمرات اليهودية في فلسطين, فلما عهد إليه تمويل الثوار اليهود في روسيا, افتتح فرعاً خاصاً لشركته القديمة في أمريكا ووضعه تحت تصرف يعقوب شيف. وبدأت عمليات التمويل تسير بصورة منتظمة. وبعد ثورة عام 1905 وضع شيف مخططاً جديداً للثورة البلشفية, يتلخص بأن يمول الثوار بالمال والرجال والعتاد, فبادر إلى جمع المغامرين اليهود الذين سبق وإن طردوا من روسيا, وبدأت مراكز التدريب التي افتتحها بأمريكا بتدريبهم وتأهيلهم على أعمال القتل والاغتيال. ومن ثم افتتح اكتتاباً مالياً لمساعدة الثورة.فتبرع جميع أثرياء اليهود إلى شيف بمبالغ كبيرة, لأنه كان قد أقنعهم بأن روسيا ستصبح بعد نجاح الثورة دولة يهودية, باعتبار أن الطبقة الحاكمة والمسيرة للأمور فيها ستكون من اليهود الذين سيقودون الشعب الروسي لتحقيق السيطرة على العالم أجمع. فانهالت التبرعات اليهودية على مؤسسة شيف, وتقدم آلاف من الشباب اليهودي للتطوع في المنظمة الجديدة. فكان شيف يدرب هؤلاء الشباب ومن ثم يزودهم بجوازات سفر أمريكية وبأموال طائلة وبالتعليمات اللازمة ويرسلهم بعد ذلك إلى البلاد الروسية,ليعملوا في صفوف تروتسكي وأنصاره. ومن جراء هذه العملية المتقنة ازداد عدد اليهود في روسيا, وتغلغلوا في صفوف العمال والفلاحين يعملون ليل نهار لتحريضهم على مناوئة السلطة, ويبثون فيهم الأفكار المعارضة للوطنية , ويدفعونهم نحو الفساد الأخلاقي وعدم احترام الوطنية . ولما كانت طبقة العمال الروسية تعيش في فقر مدقع ( القريب بطبيعة الحال من الكفر !! ) يفقد الإنسان معه معنوياته ومثله بسهولة. فلم يصعب على اليهود إقناع هذه الفئات بصحة نظرياتهم, بعد أن ذاقت طويلاً مرارة الذل والعبودية والظلم والفقر, وعلى الأخص أن اليهود كانوا يظهرون نحوها كل حب وتقدير ويقدمون لها العون المادي والمعنوي بكل سخاء. وكان من الطبيعي أن يقوم تحالف وثيق بين اليهود العارفين غرض كل كبيرة وصغيرة مما يعملون وبين جماهير الشعب التي كان همها الوحيد أن تتخلص من حكامها العتاة, على أمل أن تجد بعد ذلك حياة أفضل. فانساقت خلف اليهود دون قيد أو شرط, إذ كانت تنظر إليهم نظرة منقذيها من نكبتها التي طال أمدها. لهذا تركت لهم مراكز القيادة, ومهام التخطيط. وهكذا أصبح اليهود يمثلون الشعب الروسي في الجبهة المعارضة للدولة, ولما تفاقم أمرهم عمدت القيصرية إلى منع دخول المزيد من اليهود إلى بلادها. وأوعزت إلى سلطات التنفيذ بمنع كل يهودي من دخول البلاد. ولكن هذا الإجراء جاء متأخراً جداً. إذ كان اليهود قد تغلغلوا في كل مكان. ولم يعد لهذا الإجراء أي قيمة فعلية. والأمر الغريب في الموضوع هو أن القيصرية كانت قد أخبرت بالمخطط اليهودي بعد أن عثرت السلطات على نسخة من بروتوكولات صهيون ( المنهج الصهيوني ) ولكن القيصرية ظلت على تعنتها في تسيير أمور الدولة, ولم تجنح إلى تحسين الأوضاع أو التقرب من الشعب ومعاملته بالحسنى أو منحه حقوقه. وهذا الموقف الشائن جعل الأكثرية الساحقة في البلاد تنضم إلى المعارضة. وحتى الذين لم ينضموا إليها كانوا ضمناً أكثر تحيزاً لها على أمل أن تتحسن الأحوال على يديها بعد أن قطعوا كل أمل في النظام القيصري.
ولما علم اليهود أن السلطات القيصرية منعت اليهود من دخول بلادها. دفعوا بالحكومة الأمريكية للاحتجاج على هذا الإجراء الروسي. فقامت المباحثات بين الدولتين. و أصرت أمريكا على أخذ موافقة القيصر بالسماح لليهود من الجنسية الأمريكية بالدخول لروسيا , حتى إن رئيس جمهوريتها تيودور روزفلت (Téodor Rosevelte) تدخل شخصياً بالأمر وكتب إلى الكونت وايت (La conte Witte) رئيس الوزارة الروسية كتاباً خاصاً جاء فيه مايلي:

عزيزي الكونت وايت:
أقدم لكم ربطاً هذه الصورة التذكارية مع تحياتي المخلصة. وأشكركم لتحويلكم لنا برقية صاحب الجلالة التي يؤكد لنا فيها مشاعره النبيلة, وحفاظه على الصلات الوثيقة بين شعبينا, ,ونحن بدورنا نؤكد لكم تمسكنا بهذه العلاقات الطيبة, ونرجوكم إبلاغ ذلك مع أعمق احتراماتنا لصاحب الجلالة.
أما بعد. فقد رجوتكم في مباحثاتنا السابقة, أن تسهلوا لمواطنينا الأشراف أمر دخولهم إلى بلادكم.
نحن لا نطلب بأن يسمح لغير المرغوب فيهم بدخول بلادكم, ولكننا نرجو أن لا يكون المنع مرتكزاً على التمييز العنصر أو الديني ونأمل أن تعمد حكومتكم الموقرة إلى السماح لمواطنينا من اليهود الأشراف بالدخول إلى روسيا أسوة بالمواطنين الآخرين من سكان أمريكا. وأرى أن هذا الحل هو الأنسب لخير شعبينا. وأخيراً أبعث إليكم بأحر التهاني بمناسبة عقدكم الصلح, وأرجوا أن تقبلوا أصدق الأماني القلبية,
في 10 أيلول 1905 أوسترباي (Oster bay)
التوقيع: تيودور روزفلت
ومن فحوى هذا الكتاب يتضح لنا للقارئ مدى ما كانت تعلقه أمريكا من الأهمية على دخول اليهود إلى البلاد الروسية. ولكن القيصر ظل مصراً على عدم دخول اليهود إلى بلاده رغم المحاولات التي قام بها وفد شيف سليكمان (Schiffe-Sligman) مع الكونت وايت الذي حاول مراراً إقناع القيصر, ولما فشلت مساعي الوفد وعاد إلى أمريكا أعلن تيودور روزفلت إلغاء المعاهدة التجارية التي كانت قائمة بين الدولتين, وهكذا قطعت أمريكا آخر علاقاتها مع الدولة الروسية إكراماً لليهود.
ومع هذا ظل اليهود على اتصال دائم بأنصارهم في البلاد الروسية يمولونهم دون انقطاع, فسارت الأمور في روسيا من سيء لأسوأ, حتى حدثت الكارثة العالمية واندلعت الحرب الأولى التي عمل لها اليهود بكل ما أوتوا من قوة واقتدار. وعندها ازداد مجدداً نشاط شيف وعصبته وهيأوا أنفسهم للتدخل في الشؤون الروسية في الوقت المناسب. وبدأت الإشاعات تتردد عن وجود ثورة في روسيا القيصرية. والغريب في الأمر هو أن المخابرات الأمريكية (Secret Service) هي التي كانت تنشر هذه الإشاعات و تؤكد تمويل شيف ومصرف كوهن لوب (La Banque K.loeb) لهذه الثورة. وفي 8 آذار فوجئ العالم باندلاع الثورة في كافة أرجاء روسيا. فتنازل نقولا الثاني عن العرش للأمير ميشيل الذي رفض استلام الحكم. فسارع الثوار إلى تشكيل حكومة من أعضاء الدوما, وهكذا ظهرت للوجود أو حكومة مؤقتة انبثقت عن الجمعيات السرية اليهودية التي أشار لها ديزرائيلي .

واستلم الحكم اليهودي كيرنسكي (Kérnsky) وشكل وزارة جديدة كان أكثر أعضاؤها من اليهود أمثال مليوكوف (Miliokoff) ولفوف (Lvoff) و كوتخوكوف (GouthKoff). عند ذلك بادر شيف بمطالبة كيرنسكي بإعطاء اليهود الحقوق السياسية أسوة بفرنسا, ولكن كيرنسكي لم يجرؤ على منح اليهود الحقوق السياسية بوجود المجلس النيابي, وتآمر مع شيف على العمل لإزاحة هذا المجلس. فقررا فيما بينهما الإطاحة به. فبادر شيف إلى الاتصال بالمالي اليهودي برفوس هلفاند (Parvus Helphand ) الذي كان تربطه بالمستشار الألماني بتمان هالفيك (Betman Hallweg) صداقة متينة, وطلب منه أن يسعى لدى الحكومة الألمانية للحصول منها على السماح للثوار اليهود بالدخول إلى روسيا عبر حدودها, ولقد نجح بيرفوس في مسعاه, لأن الحكومة الألمانية, كانت راغبة بالحد من الضغط الروسي على جبهتها الشرقية وكان خير وسيلة لذلك هي اتساع نطاق الثورة بسرعة لكي ينهار الجيش الروسي, ويختفي من ساحة القتال.
فسمحت الحكومة الألمانية بمرور القطار المغلق الشهير ( المرصوص ) عبر حدودها الذي كان يضم تسعة وعشرين ثائراً من أشهر ثوار اليهود تحت قيادة قطب الشيوعية لينين إيليانوف (Linine Aulianof). وفي الوقت ذاته وصل تروتسكي إلى البلاد ( بعد أن تدخلت الحكومة الأمريكية بشأنه لدى السلطات البريطانية التي كانت قد احتجزته مع الباخرة التي تقله مع فئة أخرى من متطرفي الشيوعية) وهكذا تمكن شيف من جمع رهط كبير من غلاة ثوار اليهود تحت تصرفه. ومن ثم أطلق أيديهم في العمل, وفي مستهل شهر تشرين عمد رجال شيف إلى مهاجمة مجلس الدوما والحكومة واشتبكوا مع القطعات التي كانت تحرس مقر الحكومة الثورية التامة. وشكلوا أول مجلس شيوعي, تكون من خمسمائة و سبعة وأربعين عضواً . و كان أربعمائة و سبعة وأربعون منهم من اليهود المعروفين لدى الجميع, ورغم قيام القتال في المدن والشوارع بعد انهيار الجيش في الجبهات, ثابر المجلس الجديد على ترتيب أموره, وتشكلت الحكومة في 7 تشرين الثاني 1917 تحت رئاسة تروتسكي وعضوية زينوفيف (Zenoviev) و أورتسكي (Uritskyi) وسواردلوف (Swerdlov) وفايرمان (Faermann) و ميخائيل (Michaël). ودشنت هذه الحكومة باكورة أعمالها بإصدار قرار يمنح اليهود بموجبه كافة الحقوق السياسية دون قيد أو شرط. ربما إن دوائر الدولة والتشكيلات الشعبية كانت منذ أمد بعيد قد امتلأت باليهود فلم يصعب عليهم الاستيلاء على ما تبقى في البلاد من المراكز الحساسة, وعلى الأخص بعد أن أصبحت الأكثرية الساحقة في المجلس الشيوعي و مجلس الوزراء منهم, وفي فترة قياسية أصبحوا يسيطرون على الدولة الجديدة برمتها, دون أي معارضة. ومن ثم عمدوا إلى قمع كل حركة مناوئة لهم بأقصى شدة حتى استتب لهم الأمر. وتبوأوا مكان الصدارة في البلاد الروسية. ولقد قال عنهم فيما بعد قطب الثورة الروسية لينين: بأن الفئة اليهودية المثقفة هي ذخر الأمة في الملمات, ودرعها الواقي , وهي الفئة الوحيدة القادرة على إدارة دفة الدولة والنهوض بالأمة. ولو أن هذه الفئة المختارة لم تثب في الوقت المناسب لما تحقق النصر للبلشفية أبداً. ولقد اشتهر تروتسكي بين الشخصيات اليهودية التي عرفت بالسيطرة والنفوذ بعد سقوط القيصرية, وهو الذي أسس الجيش الأحمر. وكان يعتز به عندما كان صاحب الأمر و النهي , ولما طرد من روسيا , تنكر لكل شيء. ووصف هذا الجيش الذي كان في الماضي يتفاخر بكونه مؤسسه, بأنه مكون من قردة دون أذيال. وإن ضباطه مغرورون بالمعلومات الضئيلة التي لا تسمن ولا تغني من جوع, وإنهم يتظاهرون بالرجولة مع أنهم أجبن من على الأرض.. وهكذا وبدون خجل انقلب تروتسكي على الجيش الأحمر الذي أسسه بنفسه, ونحن لا نستغرب هذا الموقف من تروتسكي لسبب بسيط وهو أنه من صميم العنصر الإسرائيلي.
وعدا عن تروتسكي فقد اشتهر الألوف من اليهود بالسيطرة والنفوذ في روسيا, نذكر منهم : كامانيف روزينفيلد (Kamanef) ودان كورفيتش (Don Gourvitch) وكانيتزكي فورستنبرغ ( Ganéteskyi Furstenberg) و إسرائيل لازاروفيتش (Israël Lazarowich) و بوهرين (Bohrin) و مارتينوف (Martinoff) وليتنفوف (Litvinoff).
ساهموا جميعهم في إخضاع الشعب الروسي للمشيئة اليهودية بكل همجية وقسوة بحجة تطبيق النظام الجديد بينما كان غرضهم في الواقع هو إرهاب الشعب الروسي, ومنعه من التصدي لتوسع نفوذهم.



#صلاح_عرفات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاريخ الشيوعية الروسية..... واليهود... (سلسلة تاريخ الشيوعية ...
- الشيوعية والماركسية .. مذهب ام رسالة سماوية !! (الحلقة الاول ...


المزيد.....




- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550
- بيان اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- نظرة مختلفة للشيوعية: حديث مع الخبير الاقتصادي الياباني سايت ...
- هكذا علقت الفصائل الفلسطينية في لبنان على مهاجمة إيران إسرائ ...
- طريق الشعب.. تحديات جمة.. والحل بالتخلي عن المحاصصة
- عز الدين أباسيدي// معركة الفلاحين -منطقة صفرو-الواثة: انقلاب ...
- النيجر: آلاف المتظاهرين يخرجون إلى شوارع نيامي للمطالبة برحي ...
- تيسير خالد : قرية المغير شاهد على وحشية وبربرية ميليشيات بن ...
- على طريقة البوعزيزي.. وفاة شاب تونسي في القيروان


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - صلاح عرفات - علاقة الرأسمالية اليهودية في الثورة الشيوعية الروسية....(سلسلة تاريخ الشيوعية وأسباب السقوط 2 )