طقوس جديدة تحل محل تشويه الأعضاء التناسلية للمرأة

فردريك أنزويلي

الحوار المتمدن-العدد: 1007 - 2004 / 11 / 4 - 10:05
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    

في كينيا، أخذ طقس جديد من طقوس بلوغ سن الرشد يحل محل طقوس تشويه الأعضاء التناسلية للمرأة. ويُعرف الطقس الجديد باسم " الختان عبر الكلمات"، ويشمل أسبوعا من العزلة ودروسا حول الحياة في مرحلة البلوغ.


نيروبي، كينيا ( وُمينز إي نيوز) – تروي جولي مارانيا الناشطة في مجال مكافحة تشويه الأعضاء التانسلية للمرأة قصة ختانها بقدر كبير من الضيق والاستياء. وتتذكر بشكل واضح ذلك اليوم حينما قامت النساء المسنات في القرية باصطحابها إلى منزل الخاتنة عبر النهر إلى حقول الذرة حيث قمن بتشويه أعضائها التناسلية. ولا يسع مارانيا سوى الشعور بالغضب عند روايتها لتلك الأحداث.

كان ذلك منذ 43 سنة خلت حينما كانت في السابعة من عمرها. وما زالت أغنية الختان الفضّة والأهازيج والزغاريد راسخة بمخيلتها.

تقول جولي وهي الآن مديرة الشؤون الدولية للنساء والشباب بمؤسسة جولكاي، وهي منظمة لحقوق المرأة في كينيا: " في تجاهل تام للنزيف الحاد الذي كنت أعاني منه، غنّت النساء وزغردت لأنني لم أعد زوجة للأولاد بل أصبحتُ زوجة للرجال الشباب. ما زالوا يقومون بتشويه الفتيات الصغيرات فيما يغنون نفس الأغاني التي غنوها لي."

وما زالت طقوس تشويه الأعضاء التناسلية للمرأة تُقام في أنحاء عديدة من العالم رغم أن ملايين النساء غاضبات مثل جولي مارانيا. وفي كينيا، تتم ممارسة هذا الطقس في نصف المناطق الريفية تقريبا: حوالي 38 بالمائة من النساء الكينيات تم ختانهن. وهناك اعتقاد بأن أكثر من 100 مليون امرأة تعرضن لشكل ما من الأشكال المختلفة لتشويه الأعضاء التناسلية عبر إفريقيا وفي أجزاء مختلفة من غرب وجنوب آسيا. وفي كينيا، عادة ما تقوم خبيرات تقليديات بإجراء طقوس عمليات الختان مستخدمات سكاكين غير مصقولة ودون تخدير. ويتم أداء الطقوس في الصباح الباكر حينما يكون الجو باردا بما يكفي، حسب الاعتقاد الشائع، لتخدير جسم الفتاة الصغيرة. وتتقاضى الخاتنة أجرا قد يصل إلى ست سنتات لكل عملية قطع واحدة.

لكن فرص القضاء على هذا الطقس في كينيا تتزايد فيما تتبنى بعض المجتمعات المحلية طقسا جديدا لبلوغ سن الرشد يتم من خلاله "ختان" البنات بالكلمات. ويُعرف هذا باسم "نتانيرا نا موجامبو" بلغة أميرو المحلية وهي إحدى الجماعات المحلية المقيمة على المنحدرات الشرقية لجبل كينيا. و"الختان بالكلمات" جهد مشترك للعوائل الريفية ومنظمة مانيديليو يا واناكيه، الجماعة القومية الكينية للمرأة.

** الطقس الجديد يتضمن أسبوعا من العزلة

يجلب الطقس الجديد الفتيات الراغبات سوية لأسبوع من العزلة حيث يتلقين دروسا تقليدية حول دورهن المستقبلي كنساء وأمهات وبالغات في المجتمع. كما يتلقين دروسا في العناية الصحية الذاتية والإنجاب والنظافة ومهارات التخاطب واحترام الذات والتعامل مع ضغط الأتراب. والطقس الجديد شبيه تماما بالقديم إلا أنه لا يتضمن تقطيع الأعضاء التناسلية للفتيات.

وتبقي الفتيات المعزولات في الداخل ولا يستطيع أحد زيارتهن سوى الفتيات التي سبق لهن المرور بهذه التجربة أو القريبات أو الأباء. ويتم تكليف إحدى العمات أو امرأة صديقة للعائلة بلعب دور المرأة الداعمة أو "العرّابة" لتضمن حصول الفتاة على التعليم حول الحياة الأسرية وفهمه. وينتهي هذا الاحتفال الذي يستمر أسبوعا بـ"تخرج" الفتاة في يوم معيّن: "يوم وصول سن الرشد"، وتتم دعوة القيادات الدينية والسياسية والحكومية لإلقاء كلمات في الحفل.

تقول آن أنزومو المديرة المساعدة للمشروع في منظمة مانيديليو يا واناكيه: " يشارك أفراد المجتمع في الطقوس، فيرقصون ويغنون ويتناولون الطعام مع المتخرجات. وتعلن الفتيات عبر الأغاني والرقصات والمشاهد الدرامية أنهن قد تخلينّ عن تشويه الأعضاء التناسلية للمرأة."

وفي مثل هذا الحفل، تناشد الفتيات الكبار بالتوقف عن ختانهن وأن يتركوهن يكملن تعليمهن، وسيقرّرن فيما بعد إن كنّ يردنّ القيام بالختان أم لا. وتحتج البنات في مراكز التسوق حيث يرقصن ويغنين الأغاني التقليدية التي تحث الأمهات على عدم تزويجهن [في هذه السن].

تقول أنزومو: " إنني أرى الفرحة في أعين البنات. إنه ليوم مثير بالنسبة لي فأنا مسرورة برؤية الفتيات يعبّرن عن أنفسهن." غير أن أنزومو تحذر قائلة: " في بعض الأحيان نخسر فتاة أو اثنتين للخاتنات التقليديات."

جرى أول احتفال بـ" الختان بالكلمات" في 1996 حينما قامت 30 أسرة من قرية غاتونغا في منطقة ثاراكا، حوالي 200 ميل إلى الشرق من نيروبي، بإدخال بناتهن سن الرشد عبر الكلمات. وتم منذ ذلك الحين أداء الطقس البديل في ثلاث مجتمعات محلية أخرى لقبائل الماساي وقبائل كالينجينز في إقليمي وادي ريفت وآباغوس في غرب كينيا.

تقول أونزومو إن الحفل الأسبوعي الواحد يكلّف 4,000 دولار. ويتم إنفاق المبلغ على عزل الفتيات وإطعامهن وشراء الهدايا لهن. وتقول أنزومو: " لم نواجه أية مشكلة بعد. ونأمل في أن نكرّر التجربة في أماكن أخرى."

تقول إيفا موخوانا مسؤولة الاتصالات بالمركز القومي لمكافحة تشويه الأعضاء التناسلية للمرأة، وهو ائتلاف من عدة منظمات تسعى للقضاء على هذا الطقس: " إنه لأمر ممكن وقابل للاستمرار، فقد اخترنا تلك الشهور التي من المرجح أن تتم فيها الطقوس التقليدية لإجراء الطقس البديل."

** الطقوس الجديدة قد تواجه معارضة جدّية

حضرت بريسيلا نانغوراي مديرة المدرسة الابتدائية الداخلية بكنيسة أفريكان إن لاند في كاجيادو، كينيا، طقوس بلوغ سن الرشد في ناروك وهي منطقة تُسجل بها أعلى معدلات تشويه الأعضاء التناسلية للمرأة، وعبّرت عن مخاوفها من أن الطقوس البديلة قد تواجه معارضة جدّية في بعض المناطق.

تقول بريسيلا: " لا تستطيع النساء المحليات اللواتي تحدثت معهن رؤية كيف أن تقليدا حملنه لسنين يمكن استبداله بالأغاني والرقصات. إنهن متحمسات لمعرفة ما هي الهدايا التي تُعطى للفتيات في هذه المناسبة، ويردن معرفة أنواع قمصان تي شيرت التي تُلبس أثناء حفل التخرج. لقد تعاملت هؤلاء النساء مع هذا الوضع بالتظاهر بالسخرية حينما علمن أن بعض الفتيات حصلن على قميص تي شيرت فقط."

وكانت بريسيلا قد قامت بإنقاذ الفتيات من الختان ومن الزواج في سن مبكرّة في أوساط الماساي، وهي جماعة من الرعاة، وبتوفير سكن لهن في مركز الإنقاذ في كاجيادو التابع لكنيسة أفريكان إن لاند حيث يستطعن إتمام تعليمهن. ومركز كاجيادو واحد من المراكز التابعة لمنتدى المعلمات الأفريقيات للتفوق. أما المراكز الثلاثة الأخرى فهي في السنغال وتانزانيا ورواندا.

وتشرح نانغوراي الوضع قائلة إنه بعد حملات حثيثة بدأتها جماعات ضغط نسائية، رد الأباء الماساي بخفض سن الختان إلى ما بين 4 سنوات و13 سنة بدلا من ما بين 6 سنوات و18 سنة، وهذا تطور جديد قد يمثل تحديا للطقوس البديلة. وتضيف نانغوراي: "علينا أن نسير بحذر فتشويه الأعضاء التناسلية للمرأة تقليد راسخ في هذه الثقافة. إننا نستطيع القضاء عليه عبر التعليم وحملات التوعية والدين."

صحافي مستقل يقيم في نيروبي كينيا.

#فردريك_أنزويلي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات