إحتجاجات النساء على قوانين منظمة التجارة العالمية وتحرير الأسواق

منى صالح

الحوار المتمدن-العدد: 1007 - 2004 / 11 / 4 - 10:05
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    

ترجمة منى صالح
مؤتمر التجارة العالمية الذي انعقد في مدينة كانكون المكسيكية يلفت الأنظار وبالتحديد أنظار النساء والحركات النسائية المدافعة عن حقوقهن الى منبر آخر من المنابر الدولية التي يتخذ في إطارها قرارات تحدد مسيرة الحياة المستقبلية دون الالتفات الى اهتمامات النساء ومصالحهن على الرغم من أنهن يشكلن العصب الحساس في العديد من الميادين. والنساء اللواتي يعبئن في شتى أنحاء العالم عمليات الاحتجاج على تحرير الأسواق لم يوجد منهن سوى عدد ضئيل في الوفود التي شاركت في مفاوضات منظمة التجارة العالمية في كانكون المكسيكية، ولانكاد نجد اسماً لهن لاطي النصوص التي أعدت ولا الأتفاقيات التي عقدت في إطار المنظمة. الناقدات لهذا الوضع يشرن الى أن تحرير الأسواق المنشود ليس حيادياً بالنسبة الى الجنسين، فالاتفاقية المخطط لها حول تحويل الخدمات العامة الى القطاع الخاص وتلك الهادفةالى تحرير القطاع المصرفي وسوق العمل العالمي، والأتفاقية الزراعية المختلف عليها، كل هذه وتلك تنطوي على مضاعفات جسيمة على وضع النساء في شتى أنحاء العالم، مضاعفات يفوق مداها الأخطار المحيقة بحياة الكثيرين من الرجال. لهذ تؤكد المنتقدات لهذه الأوضاع على ضرورة اهتمام منظمة التجارة العالمية بقضايا النساء إذا كانت تريد أن تصبح منظمة أكثر عدلاً. فحتى اليوم تشعر النساء بأنهن لسن طرفاً فاعلاً في السوق العالمية إنما بالأحرى كسلعة وهذا ماتعتقده أيضاً السيدة ساغلاغ بالان ممثلة عدة منظمات نسوية هندية وتقول:

"وسائل الإعلام تستغل النساء كسلعة، تفعل ذلك إذا كان الأمر يتعلق بدعاية لدراجة نارية أو لسيارة. هذه الوسائل تعرض المرأة من الناحية الجنسية فقط كي تجعل دعايتها أكثر جاذبية."

وتواصل السيدة بالان حديثها قائلة إنه حتى عندما لاتجلب النساء لتصويرهن من أجل الدعايات فإنهن مازلن يعتبرن مجرد جسد وتقول:

"ينظر الى النساء على أنهن مجرد أشخاص بحاجة الى الحماية وكمستلمات للمعونات. لاتلمس مساهمتهن في الميدان الأقتصادي ولايشاد بمقدراتهن ولا بالدور الذي يلعبنه في الاقتصاد الاجتماعي. هذا كله لايتم الاعتراف بقيمته إنما يتم تجاهله."

ولهذ السبب كما تقول المنتقدات لهذه الأوضاع تعكس اتفاقيات التجارة الدولية تأثيراً مباشراً على حياة النساء، من ذلك مثلاً قضية المياه المختلف عليها، وحول ذلك تقول المدافعة الهندية عن حقوق المرأة السيدة ساغلاغ بالان:

"حسب تصورات المنطمات التجارية يجب خصخصة المياه بشكل تام علماً بأن المياه ذات علاقة وثيقة بدور النساء في الأسرة. ثم هناك قضية الطاقة فكل مايتعلق بالخدمات بها بات كاملاً بيد القطاع الخاص."

وتعبر المنظمات النسائية عن قلقها من جراء هذا الوضع مشيرة الى أنه يجعل من المستحيل أن تصل النساء الفقيرات في المستقبل الى المياه أو أن يتمتعن بخدمات أخرى كالمدارس أو التزود بالطاقة . السيدة أميناتيه تراورة المدافعة عن حقوق المرأة ووزيرة الثقافة السابقة في مالي هي من أكبر المنتقدين لاتفاقية التجارةالعالمية الجات وعندما تتحث عن ذلك تقول:

"لقد كافحنا عشرات السنين من أجل حصول النساء على فرص التعلم. واليوم يذهب كل ماكافحنا من أجله سدىً، في ظل هذه التطورات نخسر المعركة التي نشنها من أجل النساء، فقواعد التعامل الجديدة تعتمد الخصخصة، وهذا يعني إما تدفع أو تموت."

السيدة تراورية لا تقبل بالحجةالتي تساق في هذا المجال بأن التزويد العام بالمياه والطاقة أوالمدارس لايتم بشكل سليم في العديد من الدول وتقول حول ذلك:

"إن هذا لايشكل سبباً لترك هذه المهمة للقطاع الخاص والقطاع الخاص لايعمل بشكل أفضل من القطاع العام. ونحن نفضل دولة ضعيفة يمكننا تحميلها المسؤولية على شركة خاصة لايمكن لأحد محاسبتها."

وبالنسبة الى معالجة منظمة التجارة العالمية للقطاع الزراعي يوجه أيضا العديد من المنظمات النسائية نقداً شديداً، فالمزارعة مارسيلا هاريس من الدومينيكان تؤكد على العلاقة القوية بين الزراعة ودور المرأة والتنمية وتقول:

"في بلادي، النساء هن اللواتي يعملن في المناطق الريفية. وهن اللواتي يعنين بشؤون الأسرة، وفي حال انقطاع الدخل وعدم ورود أموال الى المناطق الريفية ينهار كل شيء، وعندئذ تبدأ عمليات الهجرة والجريمة وينشأ العديد من المشاكل النابعة عن انقطاع الدخل. النساء يشكلن العمود الفقري للمناطق الريفية وفي تلك المناطق يعاني الناس."

النساء اللواتي شاركن في مؤتمر كانكون سواء من الهند أم من الكاريبي أم من أوروبا متفقات في الرأي القائل بأن التضامن النسائي العالمي هو الوسيلة الوحيدة الكفيلة بالتصدي للقواعد غير العادلة لمنظمة التجارة العالمية، والسيدة تراورة من مالي لاتشك على الإطلاق في تضامن نسوة الشمال والجنوب في هذه القضية على الرغم من اختلاف مصالحهن وتؤكد على رأيها هذا قائلة:

"إن التعاون في حركتنا هو على جميع الأحوال أفضل من ذلك التعاون بين حكوماتنا وحكومات دول الشمال. زعماؤنا يملى عليهم مايجب أن يفعلوا، أما داخل الحركة النسائية فنحظى بالاحترام وبآذان صاغية. طبيعي أن تكون الأوضاع الاجتماعية والمادية مختلفة، لكنني على يقين من أن زميلاتي في دول الشمال يصغين إلي ويحترمن رأي ولا أحد يفرض علي ما أقول."

#منى_صالح (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات