|
الدفاع عن المسيحيين، دفاع عن مستقبل العراق
سامي بهنام المالح
الحوار المتمدن-العدد: 1003 - 2004 / 10 / 31 - 09:24
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
في ظل الفوضى العارمة التي تسود معظم انحاء العراق، يواصل اعصار الارهاب المنفلت، حصد المزيد من الارواح البريئة، و نشر الرعب في نفوس الناس الامنة التي لم تنقطع معاناتها، منذ عقود طويلة، و يسبب في كل يوم المزيد من الخراب و الدمار و و الجريمة و التشاؤم و اليأس و الحقد في كل مكان. في الحقيقة، ليس من المستغرب ان ينال المسيحيون في وطنهم العزيز حصة كبيرة من هذا الارهاب المجنون، ذلك ان القيم و المثل و الايديولوجيات الظلامية و الغارقة في التخلف، التي تبرر الارهاب و تتبناه كأسلوب و طريقة لحسم التناقضات و الصراعات بين الناس و الملل، تتناقض كليا مع قيم و مثل و مفاهيم ابناء شعبنا المسيحي، و حبه اللامتناهي للحياة و الحرية و احترام الانسان و التعايش و التسامح. المسيحيون في العراق، ورثة حضارة بين النهرين العريقة، كانوا دائما أكثر وطنية و نزاهة و اخلاصا و عطاءا، لعراقهم الحبيب، من المدعين بالدفاع عن استقلاله و تحريره و الملطخة اياديهم بدماء الالاف من ابنائه المسالمين. فلقد قدم ابناء شعبناالكلداني الاشوري السرياني تضحيات جسام، و على مدى قرون طويلة، قربانا لقيمهم و وطنيتهم و من اجل التعايش الاخوي و المحبة والبناء و التطور و سعادة العراقيين جميعا. و في هذه المرحلة العصيبة، و بعد انهيار و سقوط نظام الدكتاتورية الدموية في بغداد، الذي مهد بغبائه و رعونته و استهتاره لاحتلال و طننا العزيز، يقف شعبنا المسيحي، بحزم و ثبات، في صف واحد مع قوى الخير والعمل و البناء، ويضع امكاناته الهائلة في خدمة التطوير السلمي للعملية السياسية، و يعمل باخلاص و وعي من اجل عراق ديمقراطي مستقل و متحرر، عراق يوفر الامان و السلام للجميع، و يضمن الحقوق المشروعة الكاملة دستوريا لكل اطيافه دون تهميش او تمييز. ان قوى الظلام و التخلف ادرى بما يملكه شعبنا المسيحي من طاقات روحية خلاقة و امكانات و مؤهلات علمية و ثقافية و اجتماعية، و تعي جيدا اهمية كل هذه الطاقات و الامكانات في دفع عجلة الامور، في بلد نازف، بالاتجاه الذي لا تشتهيه عقليتها المريضة الرجعية. الامر الذي يفسر حقدها الاعمى و اصرارها على الاجرام اليومي الدموي المدمر. أن قوى الارهاب و الموت ومن يقف ورائها و يمولها و ينظر لها و يبرر جرائمها، تريد فرض ارادتها القمعية و الاستيلاء على مقاليد الامور و فرض نمط حياة القرون الوسطى على مجتمعنا، في عصر العلم و المعلوماتية. وهي لذلك، تضع شعبنا على راس القائمة، تستهدفه و تريد قمعه و قتله و اجباره على شد الرحال و الهجرة و التشرد، و بالتالي حرمان العراق من عنصر هام و اساسي من عناصر وجوده و تطوره. فقوى الظلام و الموت تجد بالفطرة، في شعبناالمناعة و المقاومة و التصدي لمشروعها المتخلف والاانساني. وهي تفهم و تعي جيدا، الدور التاريخي المشرف، الذي لعبه ويلعبه، في تعزيز اواصر الاخوة و المحبة و الوحدة الوطنية و المصير المشترك بين ابناء العراق كافة، مسلمين و مسيحيين و مندائيين و يزيديين، عرب و اكراد و تركمان و كلدان اشورين سريان. و من هنا، فان الدفاع عن شعبنا المسيحي المسالم و الراسخة جذوره في ارض العراق، هو دفاع عن القيم و المثل النبيلة، هو دفاع عن مشروع بناء العراق و مستقبله السياسي، و هو دفاع عن الوحدة الوطنية و التعايش الاخوي السلمي في و طنناالغالي الموحد. على الحكومة العرافية المؤقتة توفير الحماية الكاملة للمسيحيين, بكل الاساليب و الاشكال، اذا ما ارادت ان تثبت وطنيتها و اهليتها في تحمل المسؤوليات السياسية و الاخلاقية. انها مهمة ملحة و فائقة الاهمية و استثنائية بكل المقاييس. و كذلك على السادة والائمة و رجال الدين الاسلامي، ان تقف اليوم موقفا تاريخيا و وطنيا مسؤولا، و عليها فعل كل ما يمكن فعله، لاجهاض و و نبذ و مقاومة، مشروع قتل و اظطهاد و تشريد المسيحيين الابرياء. و على كل القوى السياسية الوطنية و الديمقراطية و قوى المجتمع المدني، ان تخوض بشجاعة معركة الدفاع عن شعبنا الامن، فهذه هي معركة الدفاع عن الديمقراطية و دحر الارهاب و العنف و التخلف، و الانتصار لمشروع بناء الوطن و التأسيس لمستقبل مزدهر. فهي مسؤولية تاريخية من اجل الوطن لا تقبل التاجيل. وعلى أ بناء الشعب الكوردي جميعا، و قواه السياسية و على رأسها الحزب الديمقراطي الكردستاني و الانحاد الوطني الكردستاني، ان لا تكتفي بالادانات و اصدار البيانات و اعطاء الوعود, فهم يعلمون جيدا ماذا يعني الارهاب و القتل الجماعي و التشريد و الاكراه علىهجرة الوطن. عليهم تقع مسؤوليات كبيرة و اساسية, لما يتوفر لديهم من امكانات بشرية و مالية و امنية. فيمكن لهم فعل الكثير بالملموس من اجل توفير الحماية و الامكانات المادية و مستلزمات استيعاب المشردين و الهاربين من جحيم الموت، في مناطقهم التاريخية و القرى و القصبات التي يقطنها ابناء شعبنا الكلداني الاشوري السرياني. و علينا نحن ابناء هذا الشعب المسالم، الذي يقتل و يهجر و يشرد, ان نعلن الاستنفار، بكل ما في الكلمة من معني. فعلى كل فرد منا ان يتحرك ليفعل ما باستطاعته. فنحن و ان كنا قلة في العدد الا اننا نملك طاقات كبيرة اذا ما اجتمعت و تفاعلت. فلنتوحد و نعمل بجد و مسؤولية للتصدي لموجة الارهاب و الموت المجنونة. لنتدارس في كل مكان كيف يجب ان ندافع عن نفسنا و كيف سنتعامل مع كل الاحتمالات. و لنعمل من اجل كسب الاصدقاء في كل مكان، و لنصرخ عاليا في ارجاء العالم اجمع، ليسمع صوتنا و ندائنا. لنطرق كل الابواب و نبحث عن مصادر القوة و العون في محنتنا. فلنرفض الموت و الارهاب, و لنعيش امنين مسالمين في وطننا العزيز.
#سامي_بهنام_المالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الى ذكرى الشهيد عبدالمطلب كمال العزاوي ـ ابو سعيد
المزيد.....
-
تراشق كلامي بين ترمب وبايدن وحشد على أفواه البنادق
-
-إنها تمطر علينا-.. ركاب طائرة يصلون وجهتهم مبللين كليا
-
-عدم وجود فرنسا انحراف-.. رئيسة جورجيا تدعو ماكرون لزيارة بل
...
-
على وقع مظاهرات حاشدة.. نتنياهو يواجه مهلة غانتس ودعوة لبيد
...
-
-صندوق أسود مظلم-.. عائلة في تكساس تكشف مصير -الأب- في سوريا
...
-
بالفيديو.. الأمطار تتساقط داخل طائرة متجهة إلى نيويورك
-
ما تأثير الحيوانات الأليفة على الإصابة بالخرف؟
-
أطعمة ومشروبات تسبب التورم
-
استخباراتي أمريكي سابق يحلل ما سيفعله ترامب بعد فوزه لرأب ال
...
-
تركيا.. أردوغان يصدر عفوا عن جنرالات متقاعدين مدانين في انقل
...
المزيد.....
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
-
عالم داعش خفايا واسرار
/ ياسر جاسم قاسم
المزيد.....
|