المسيحيون العراقيون و المصير المجهول

ثائر صبري

الحوار المتمدن-العدد: 999 - 2004 / 10 / 27 - 08:14
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

تزدادأوضاع المسيحيين سؤا يوم بعد يوم في العراق، وقد أخذت تصدر تهديدات مباشرة بحقهم من قبل عدد من المنظمات والحركات والهيئات الدينية الأسلامية التي بدأت حملة هوجاء ضدهم في عموم العراق منذ سنوات وتكللت بتنفيذ جرائم كبرى في البصرة و بغداد والموصل بعد سقوط نظام صدام وقبلها في أربيل و دهوك والأقضية التابعة لها . ان هذه الحملة البشعة التي تستهدف وجودشعب وأنتماء ديني وقومي بحد ذاته يجعلنا نقف امام هذه الحملةبكل واقعية ونكشف بدون تحفظ عن كل القائمين بها ومن تواطؤ معهم وما زالوا ونضع النقاط على الحروف كما يقال وهنا يجب على كل القوى والأحزاب التي لديها أدنى التزام أمام الرأي العام العراقي أن تبادر الى كشف وعدم التستر على هذه الحملة الهمجية التي تستهدف أصحاب أنتماء ديني وقومي مسالم لم ولن يكن لهم أية مصلحة فيما يجري من تحارب سياسي في العراق أوالمواجهة العسكرية بين نظام صدام و الولايات المتحدة.... واليوم هم اللأكثر أستهدافا في التحاربات و المواجهات العسكرية بين هذه القوى ، وأخذت تنكشف نوايا المنظمات والأحزاب السياسية الأسلامية الظلامية التي تقوم بهذه الحملة البربرية ضد أبناء الديا نةالمسيحية بمختلف الحجج والذرائع التي هدفها أنهاء وجودهم في العراق ومن ثم الشرق الأوسط عموما . لقد بدأت عمليات أستهداف المسيحيين أول الأمر في شمال العراق بعد عام1996 حين أزداد نفوذ الحركات الأسلامية في أربيل ودهوك و السليمانية حيث قامت هذه الحركات بحملات تفجير محلات بيع المشروبات الكحولية العائدة لهم وصالونات الحلاقة النسائية وتعدتها بأعمال قتل فردية وأعتدائات متنوعة لم تقابل بأي رد فعل من قبل السلطات الكردية المتحاربة حينذاك بل أن أكثريتها كانت تسجل ضد مجهول ، كما أن أفرد المليشيات الكردية هي الأخرى كانت تمارس اعتدائاتها المستمرة على العوائل المسيحية المسالمة ولو بشكل فردي لم يكن يلقى أي ردع قانوني من السلطات ، وقد كانت تحالفات الأحزاب الكردية مع هذه القوى الأسلامية ضمن الصراع الدائر بينها قد أعطى زخما للحركات الأسلامية في المنطقة مما أدى الى تماديها في الأعتدائات التي تغاضت عنها السلطات الكردية الى أن أصبح نفوذ الحركات الأسلامية يهدد السلطات الكردية نفسها ، فعملت الى توجيه ضربات لها .
و اليوم وبعد سقوط نظام صدام الأجرامي الذي هو الأخر نال من جرائمه المسيحيين الكثير فتحت الساحة أمام الحركات الأسلامية الأصولية لتشمل كل العراق ، بل أن منظمات وحركات أسلامية جديدة ظهرت على الساحة بشقيها السني و الشيعي وهي تستهدف الوجود المسيحي في العراق وبدأت حملتهم بجنوب البلاد وأنهوا وجود ثلاثة ألاف عائلة مسيحية في البصرة و العمارة وأخذت تتمادى تلك المنظمات الأسلامية بذلك وخاصة أنها لم تجد رادع يقف بوجهها لا من المحتل الأمريكي البريطاني ولا من الحكومة والأحزاب العراقية ذات النفوذ على الساحة ... بل لم تهتم او تلتفت لهم أي جهة ، وبدأت تلك المنظمات اقحام المسيحيين ضمن دائرة حربهم ضد الأمريكان وتصوير المعركة وكأنها دينية تستهدف الأسلام و هذا ما نجده في معظم بيانات ونشرات هذه المنظمات والقوى وعلى أساسها بدأت حملة ابادة العنصر المسيحي في العراق لتشمل العراق كله وتضرب كنائسهم وكل ما له علاقة بمصالحهم ووجودهم كدين وقومية وجرى تعتيم اعلامي على ما يجري أخذين بالقول أن الوضع بشكل عام غير آمن الا أن الحقائق تشير الى أن المسيحيين كانوا وما زالوهدفا سهلا وميسرا أمام الجميع لأقتناصهم وأنهاء دورهم تحت مختلف الذرائع ، واليوم تعدت الأهداف لأنهاء وجودهم أما بالتأسلم أو الموت أو الهجرة كما جرى لهم في العصور السابقة التي شتتهم وجعلتهم أقلية في موطن أجدادهم... وهنا لابد أن تفضح كل الرؤوس الداعية لأنهاء الوجود المسيحي في عراق اليوم و كل الصامتين عليها ولا يتحركون بجدية و حزم لأيقافها و خاصة من لهم الأمكانية في ذلك من سلطات أو قوى ذات التأثير فهؤلاء أيضا يعتبرون بصمتهم وعدم تحركهم مشاركين بهذه الحملة البربرية ... اننا لسنا بمبالغين أو مهولين كما يدعي عدد من قادة أحزاب و منظمات قومية أ شورية كانت أم كلدانية التي لم تقدم حتى يومنا هذا شيء يذكر تنال من خلاله مصداقية في الدفاع عن أبناء القومية و الديانة الواحدة كما تدعي بل ضلت تلهث وتطعن واحدة الأخرى وراء الكراسي التي لم تعد تقدم أو تؤخر شيئا من ما يجري في الواقع المأساوي الذي يعيشه المواطن المسيحي العادي وهذا ما يدركه كل المسيحيين في الوطن ويتأسفون له ويشعرون اليوم أكثر من أي أيام مضت أن مستقبلهم مجهول وأن وجودهم بات مهددا تحت أيدي تلك المنظمات والأحزاب الأسلاميةالفاعلة.

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل