أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حسن ميّ النوراني - في رمضان الغزاوي.. خالتي تهزم العدوان من جديد














المزيد.....

في رمضان الغزاوي.. خالتي تهزم العدوان من جديد


حسن ميّ النوراني
الإمام المؤسِّس لِدعوة المَجْد (المَجْدِيَّة)


الحوار المتمدن-العدد: 991 - 2004 / 10 / 19 - 08:30
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


في عزبة عبد ربه، إلى الشرق من مخيم جباليا، كانت العجوز فاطمة عسلية (80 عاما)، تنتظر ارتفاع آذان مغرب اليوم الأول من شهر رمضان، رصاص الجيش الإسرائيلي الذي يحتل شمال غزة لم يمهلها حتى تطفىء نار عطشها وجوعها.. بيت عائلة فاطمة، وبيوت المنطقة من حولها محاصرة بالدبابات.. دبابات جيش شارون، حاصرت بيت خالتي العجوز الكفيفة المشلولة في غرفتها الوحيدة التي تعيش فيها وحيدة أيضا في بيت لاهيا.. جندي حاقد من الجيش الإسرائيلي أفرغ نيران رشاشه في جسد الطفلة إيمان الهمص جنوب قطاع غزة، التي أردتها رصاصات الاحتلال وهي في طريقها إلى مدرستها..
كان مواطنو شمال بيت حانون يستعدون لتناول إفطارهم بعد انتهاء اليوم الأول من رمضان.. لكن قوات الاحتلال تحاصر منطقتهم وتطالبهم أصوات الميكروفانات المعتدية بالخروج من منازلهم على عجل.. "من يتباطأ في الخروج منكم سنهدم البيت على رأسه". تقول قوات الاحتلال،بينما هدير الجرافات يسد الأفق، فلا يسمع الصائمون صوت المؤذن وهو يعلن انتهاء صيام اليوم الأول..
هذا هو رمضان الغزاوي.. خالتي حليمة (75 عاما)، تعيش أثر الصدمة من رعب لازمها 48 ساعة، إنها تسمع ضجيج الجرافة وهي تهدم بعضا من حجرتها التي تؤويها.. ماذا يحدث؟ سألت العجوز الكفيفة.. استنجدت بأبناء أخيها الذين يقطنون في البيت المجاور لها.. ل ا؛د يغيث.. قوات القناصة الإسرائيلية كانت تحبس أبناء خالي في منزلهم، وكانت قد احتلت سطح المنزل.. ترى، هل الحاجة حليمة، ما زالت على قيد الحياة، أم لفظت أنفاسها الأخيرة؟.. حاولت التحدث هاتفيا مع بيت أبناء خالي المحتل من فوقه والمحاصر بالدبابات من حوله.. الهاتف الأرضي يرن ولا أحد يجيب.. كان الوقت متأخرا.. حوالي منتصف الليل.. طلبت أبناء خالي على هواتفهم المحمولة.. الهواتف ترن، لكن أحدا لا يجيب.. رباه!! كيف حال خالتي الآن؟ خالتي حليمة استقبلتني على راحتي يديها ساعة ولادتي في يافا.. "غنيت فرحا بمقدمك" قالت لي الخالة التي لم يرزقها الله بالأبناء.. وكلما اتلقينا، تعيد خالتي على مسامعي قصة ضياعنا، أنا وهي.. "كنت في زيارتكم في يافا، حملتك وأنت ابن شهور معدودة، وخرجت بك نطوف في شوارع المدينة.. عندما أردت الرجوع على منزل أبيك وأمك، أخطأت الطريق، طرقت باب منزل في المنطقة التي تيبست فيها وأنت محمولا على صدري، اكتشفت أن سكان البيت الذي طرقت بابه، كانوا يهودا.. شددت عليك بذراعيّ..".. بعد ستين عاما، تقف دبابة إسرائيلية أمام بيت الحاجة حليمة، وتقذفه بنيرانها.. هل الذي قذف بيت خالتي هو ابن العائلة اليهودية التي خافت خالتي من أن يخطفوني منها وأنا محمول على صدرها؟!
تحدثت بعد منتصف اليل مع صديقتي سماح: "أنا قلق جدا على خالتي، لا يعرف أحد هل ما تزال حية، أم فارقت الحياة.. قال لي ابن خال لي يعيش في بيت بعيد عن بيتها أ، جيش الاحتلال منع مندوبي الصليب الأحمر من الوصول إليها.. لا بد أنها ماتت، فهي مريضة بارتفاع ضغط الدم، ولا تستطيع الحركة، وعمياء!!"..
تمزق قلب سماح.. "سأتصل الآن بصديقة لي في بيت لاهيا،قد يكون لديها معلومات تهدىء من روعك.. سعاود التحدث معك بعد قليل"؛ قالت سماح..
الساعة تقترب من الثانية فجرا.. انفجر صوت محمولي في ليل دير البلح الذي يعقب نهارا داميا فيها أيضا..
- هل لديك ما يطمئنني يا سماح؟
- سألت صديقتي عن خالتك، قالت أنها تسكن على بعد خطوات قليلة من بيتها.. الحاجة حليمة، يعرفها الجميع بطيبة قلبها.. أضافت الصديقة: لكني لا أجرؤ على فتح النافذة المطلة علي الجهة التي يقع فيها بيت الحاجة حليمة وبيت شقيقها الذي تحتل قوات الاحتلال سطحه.. فوهة مدفع دبابة تحتل هواء نافذتنا.. قالت سماح، والنوم يغالبها.. سأترك محمولي مفتوحا لتوافيني بآخر أخبار خالتك.. قلبي معك ومعها..
في السادسة صباحا، أفزعني صوت محمولي وهو يشق هدوء بكارة يوم جديد.. قمت من فراشي لألحق بالصوت اللحوح الآتي من حجرة مكتبي.. ابن خالي على الطرف الثاني.. أخبرني، كيف حال خالتي؟ سألته على عجل.. أجاب: أفلتت
من الموت بعد أن كنا قد أقمنا مناحة عليها..
للمرة الثانية تنتصر خالتي على العدوان..



#حسن_ميّ_النوراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيها العدوان البغيض ارحل عنا
- إرادة الجهاد المنفتح
- غزة تموتُ.. ولا تموتْ..
- وجاد
- يا كلّ النسوةْ.. هاتن نخلعْ.. كلَّ الشوكْ
- عرس الله
- هل تعتذرالسيدة فدوى البرغوثي عن خطئها؟!
- الأطفال هدف مرغوب للعدوان؟!
- قفوا... أيها الـْ !!
- هلمِّي -حماس- لنبني للحب وطنا!!
- ورد قلبي
- حماس من الشيخ ياسين إلى الرنتيسي
- عن مرأة.. حشرت في أنفي.... قيحا
- فليقف الدمار في العراق!!
- نبيٌّ في العشقِ وفسقُنْ
- مواويل جمرِنْ
- اعتذري يا حماس للطفولة واذهب إلى الجحيم أيها الاحتلال البغيض ...
- أجدد الدعوة لوطن مفتوح في فلسطين وأدعو مثقفي العالم لتبني ال ...
- النبوة المحمدية - رؤية نقدية
- لماذا تـُمنح الكرامة لشهيد ويتعفن شهيد؟!


المزيد.....




- بالأسماء والتهم.. السعودية نفذت 3 إعدامات السبت بحق يمني ومو ...
- -أمام إسرائيل خياران: إما رفح أو الرياض- - نيويورك تايمز
- صدمتها مئات الاتصالات -الصعبة- في 7 أكتوبر.. انتحار موظفة إس ...
- مفاوضات -الفرصة الأخيرة-.. اتفاق بشأن الرهائن أم اجتياح رفح! ...
- مذكرة أمريكية تؤكد انتهاك إسرائيل القانون الدولي في غزة
- زيلينسكي يخفي الحقيقية لكي لا يخيف الشعب
- الكشف عن مقترح إسرائيلي جديد لصفقة مع -حماس-
- ميزات جديدة تظهر في -تليغرام-
- كيف يمكن للسلالم درء خطر الموت المبكر؟
- كازاخستان تنفي بيعها مقاتلات خارجة عن الخدمة لأوكرانيا


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حسن ميّ النوراني - في رمضان الغزاوي.. خالتي تهزم العدوان من جديد