فايسغلاس يفسر شارون

حنا عميرة

الحوار المتمدن-العدد: 988 - 2004 / 10 / 16 - 12:25
المحور: القضية الفلسطينية
    

*عشرة اعترافات تكشف نوايا حكومة اسرائيل*
لا نزال نذكر تلك الحقبة من سنوات السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، عندما قامت وزارة الخارجية الإسرائيلية، بطباعة ملايين النسخ، من الميثاق الوطني الفلسطيني، بعد ترجمته إلى العديد من اللغات، وتوزيعه في جميع أنحاء العالم، لكي تثبت وعلى لسان الفلسطينيين أنفسهم، بأنهم لا يسعون نحو السلام وإنما نحو القضاء على دولة إسرائيل، ولكي تطالب جميع دول العالم بمقاطعتهم والضغط عليهم حتى يتراجعوا عن موقفهم الرافض للاعتراف بإسرائيل.
نقول ذلك بمناسبة التصريحات الأخيرة التي أطلقها مدير مكتب شارون دوف فايسغلاس، والتي تستدعي نشاط فلسطينيا شبيها بالنشاط الإسرائيلي المذكور.

لقد كشفت تصريحات فايسغلاس نوايا الحكومة الاسرائيلية من وراء خطة فك الارتباط، والجديد فيها أنها أتت على لسان مدير مكتب شارون، وليس على لسان اية شخصية أخرى؟ كما ردت على جميع القراءات الأخرى – عربية أم دولية والتي اعتبرت خطة فك الارتباط، مدخلا لتحريك العملية السياسية ولتطبيق خريطة الطريق.

فخلال الفترة الماضية، نجحت الحكومة الإسرائيلية في تسويق خطة فك الارتباط، أو ما تسميه بالانسحاب من غزة، على أنها مبادرة سلمية إسرائيلية من جانب واحد، بسبب غياب الشريك الفلسطيني كما تدعي، وباعتبار إنما ستخلق اجواء ايجابية لتطبيق خريطة الطريق في المستقبل. كما نجحت أيضا في إقناع العديد من الدول بممارسة الضغوط على القيادة الفلسطينية من اجل التعامل مع هذه الخطة، والتجاوب مع شروطها، حتى بدون إن تكون طرفا يمكن التعامل أو التفاوض معه.

وهكذا نشأت فجوة كبيرة بين المضمون الحقيقي لحظة فك الارتباط وبين ما تشيعه الدعاية والتفسير الإسرائيلي عن هذه الخطة، خاصة وان شارون حاول إعطاء بعض الأدوار لعدد من الأطراف الدولية في تنفيذها، فعلى سبيل المثال تحدثت هذه الخطة عن تسليم المستوطنات وبنيتها التحية لطرف ثالث، وتحدثت عن ضرورة، عقد مؤتمر للمانحين لإعادة اعمار غزة، كما سعت لاستخدام الدور المصري لتعزيز السيطرة الأمنية الإسرائيلية على الحدود، فيما يعرف بمحور فيلادلفيا.
وفي تفسيره لأهداف هذه الخطة قال رئيس الوزراء الإسرائيلي اريك شارون بأنها "ستوفر فترة راحة لإسرائيل لفترة طويلة من الزمن “. كما تحدث موفاز وزير الدفاع الإسرائيلي عن إمكانية "ظهور قيادة مسؤولة في القطاع تقوم بتنظيم الوضع ". وهذه إشارة واضحة لإمكانية دعم إسرائيل لما يسمى بـ"إدارة غزة".

على هذا الأساس لم يكن مفهوما على الإطلاق استعداد بعض الأطراف الفلسطينية للتعامل مع هذه الخطة بدعوى أنها تعبر عن هزيمة شارون في غزة, وان غزة بعد فك الارتباط ستكون منطقة محررة، وبالتالي يمكن المشاركة في إدارتها...

لهذه الأسباب وغيرها تكتسب تصريحات فايسغلاس أهمية مميزة، فهي تضع النقاط على الحروف، وتزيل أية أوهام عالقة فيما يتعلق بأهداف شارون من وراء خطة فك الارتباط، هذا إضافة إلى أنها تتحدث بصراحة عن نهج شارون منذ بداية توليه رئاسة الوزراء الإسرائيلية في التعامل مع الموضوع الفلسطيني، وكل ذلك جاء بصراحة متناهية تعزز أهمية المثل القائل من فمك أدينك.

لقد طرح فايسغلاس أمام مراسل صحيفة هآرتس بتاريخ 8/10/2004 عشرة إعترافات رئيسية هي كما يلي:
1) اريك شارون لم يعتقد في أي مرة بضرورة التوجه للتسوية الدائمة بسبب واقعيته الشديدة, فهو لا يؤمن بحدوث الأمور دفعة واحدة.
2) عندما جاء شارون لرئاسة الوزراء كان ما زال يعتقد أن بإمكاننا التوصل إلى تسوية انتقالية ذات مدى بعيد جدا من 20-50 سنة.
3) لقد أدرك اريك أن "الإرهاب" الفلسطيني ليس وطنيا بالمرة وإنما هو "إرهاب" ديني. ولذلك لن تُحل مشكلة هذا "الإرهاب" من خلال إرضاء المطامح الوطنية الفلسطيني، ومن هنا جاءت رؤيته بضرورة تصفية "الإرهاب" أولا ومن ثم التقدم في الاتجاه الوطني.
4) اريك كان يفضل أن تمتد المرحة الأولى من خريطة الطريق ثلاث سنوات، وان تمتد المرحلة الثانية خمس سنوات، وان تمتد المرحلة الثالثة ست سنوات، (أي ما مجموعه أربعة عشرة عاما).
5) فك الارتباط هو السور الذي يحافظ على صيغة بوش، وهو زجاجة الفورمالين (مادة طبية حافظة) التي تضع صيغة بوش في داخلها للحفاظ عليها لفترة طويلة جدا ً. فك الارتباط هو فورمالين بالفعل، وهو يوفر كمية الفورمالين المطلوبة حتى لا تحدث عملية سياسية مع الفلسطينيين.
6) فك الارتباط يوفر لإسرائيل فرصة للتوقف في وضع انتقالي مريح يبعدنا قدر المستطاع عن الضغط السياسي، وهو يعطي الشرعية لادعائنا بعدم التفاوض مع الفلسطينيين... وهو يدخل الفلسطينيين في ضغط هائل ويحشرهم في الزاوية، ويضعهم في وضع يترتب عليهم هم أن يبرهنوا فيه عن جديتهم.
7) أدى فك الارتباط إلى حصولنا على تصريح أمريكي هو الأول من نوعه، بأن التجمعات الاستيطانية ستكون جزءا من إسرائيل.
8) ما حدث (بفعل فك الارتباط) هو تجميد للعملية السياسية بصورة شرعية، فالعملية السياسية هي مجموعة من المفاهيم والالتزامات. فهي تقوم على إقامة دولة فلسطينية، مع كل المخاطر الأمنية التي ينطوي عليها ذلك. العملية السياسية هي إخلاء مستوطنات وإعادة اللاجئين وتقسيم القدس وكل ذلك جمد الآن.
9) لقد نجحنا في تأجيل العملية السياسية إلى ما وراء الزمن. ونجحنا بإدارة صحيحة بإزالتها عن جدول الأعمال. وعلّمنا العالم انه لا يوجد من نتفاوض معه. وطالما لا يوجد من نتفاوض معه سيبقى الوضع القائم الجغرافي ساريا. هذا الأمر سيلغى فقط عندما تتحول فلسطين إلى فنلندا......
10) إذا فشلت خطة شارون لفك الارتباط، فان هذه ستكون مأساة ستبكي عليها الأجيال. وينجد أنفسنا في مأساة.

إنها عشرة إعترافات بسيطة ومباشرة وتكشف نوايا أصحابها بدون أية إضافة أو تعقيب.
لهذا فإننا نكرر المطالبة بترجمتها وطباعتها وتوزيعها بملايين النسخ في جميع أنحاء العالم، لعلنا نستطيع أن نوجه جانبا من الادانه والتنديد إلى ما يفعله الطرف الآخر، ونخفف قليلاً عن انفسنا، ونضع المعتدي في دائرة الادانة.

*عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، عضو المكتب السياسي لحزب الشعب

#حنا_عميرة (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات