أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمّادي بلخشين - نظر ! ( قصة قصيرة)














المزيد.....

نظر ! ( قصة قصيرة)


حمّادي بلخشين

الحوار المتمدن-العدد: 3277 - 2011 / 2 / 14 - 18:19
المحور: الادب والفن
    


نظر!


حين كان عائدا من جلسة خمريّة أعقبتها ليلة حمراء. توقف الرفيق نور الدين الصالحي قليلا ريثما يشعل لفافة.

شدّة سكر الرفيق نور الدين الصالحي، هي التي جعلت علبة الثقاب تفلت من بين يديه لتستقرّ بين رجليه المضطربتين، حتى قبل أن يتمكن من إشعال لفافته. حين أنحنى الرجل الثمل كي يستعيد علبته، ألتقط معها ورقة نقدية من فئة العشرة دنانير كانت العلبة المنفلتة قد وقعت فوقها بالضبط!

أحتاج الرفيق نور الدين الصالحي إلى وقت طويل قبل أن يتعرّف على لقيته( خصوصا و قد أهمل نظارته الطبية في البيت).
حين تأكد من حقيقة الورقة المالية حدّث نفسه جذلا :" لطالما سمعت بمن يصطاد بأسته"
ثم وهو يضرب مؤخرته!
"فها نحنذا نصير مثله!"

بيد مرتجفة فتح الرفيق نور الدين الصالحي ــ الذي لم يكن صالحا قط ـ محفظته.. حدث نفسه وهو يدس فيها لقيته فيما كان آذن الفجر يصله من بعيد:
ــ وهكذا ضمنّا سكرة الغد!

ــــ 2 ــــ

بعد حوالي مائة متر قطعها الرفيق نور الدين الصالحي بشكل متعرّج و باعث على الضحك، مرّ به جاره رضوان صابر.. كان الأخير في طريقه إلى المسجد.. عانقه الرفيق مقبلا منه الخدين الشائكين، أخذ يدور به مراقصا، و مغنيا معا " جاري يا حمودة جاري يا حمودة يا صاحب االالهة المفقودة"، امية رضوان صابر و همّه شغله عن قول جاره الثمل، تردد رضوان صابر طويلا قبل أن يطلب من الرفيق نور الدين الصالح و بكل استحياء سلفة قدرها عشرة دنانير!
قهقه الرفيق نور الدين الصالحي طويلا.. أخذ يخبط فخذيه تعجبا من غرابة الإتفاق بشكل جعل رضوان صابر يتمني لو أن الأرض قد انشقت تحته ولم يطلب مليما واحدا من جاره اللئيم.

حين استعاد الرفيق نور الدين الصالحي هدوءه سأل جاره بين ضحكتين خفيفتين!
ــ قلت عشرة دنانير؟!
ردّ جاره باستكانة:
ــ أجل.
سأله ثانية :
ــ أحقا تحتاج الى عشرة دنانير؟
طأطأ رضوان صابر رأسه ثم قال بصوت أشد خفوتا:
ــ أجل.
كرر سؤاله ثالثة:
ــ أعني عشرة دنانير بالضبط؟
تردّد رضوان صابر قبل أن يردّ
ــ أجل!
تحسس الرفيق نور الدين الصالحي جيبه، تهللت أساريره بشكل أنعش الأمل في قلب مخاطبه الذي فوجئ به أخيرا وهو يقول معتذرا:
ـــ آسف.. يا جاري العزيز فالحال زى بعضها!.

ــــــــــــــ 3 ـــــــــــــــ

وهو ينصرف عن جاره الخائب، تساءل الرفيق نور الدين الصّالحي:
" أي كوميديا إلهية تدار أمامي؟!"
أضاف وهو يتجنب عمودا كهربائيا كاد يصطدم به:
" بطريقة علمية.. و بناء على ما تقدم ، يمكنني استنتاج ما يلي:
أولا: كان جاري رضوان صابر سيمرّ حتما بنفس المكان الذي عثرت فيه على الدنانير العشرة، فلم سبقته إليها؟
استمروهو يهرش مؤخرته:
ثانيا: أنا لا احتاج وعثرت على الدنانير العشرة، و جاري صابر رضوان يحتاج و لم يعثر على شيء، ممّا ينفي حتميّا وجود أي تدبير الهي فيما يدور في الكون.
ثالثا: هو حرم رغم صلاحه و ايمانه، و انا أعطيت رغم فسوقي و كفري. وهذا يثبت دون ادنى ريب غياب ركن أساسي للإيمان بالغيب ألا وهو الثواب والعقاب.
رابعا: ضعف نظري وهو عامل معيق، كان سيحول حتما بيني و رؤية الدنانير العشرة، فكيف اصبحت اعاقتي عاملا مساعدا كي أمنح الدنانير العشرة دون جاري؟
خامسا: لقد أثبت الخالق (هذا لو فرضنا جدلا وجوده) بمنحي ما لا استحق انحيازه التاريخيّ ضد طبقة البروليتاريا!

ــــــ 4 ـــــ
و لأن الرفيق نور الدين الصالحي لم يعاين غير مشهد واحد من واقعة ذات مشهدين اثنين، فقد غابت عنه خمس حقائق أخرى حملته على ما ذهب إليه:

الحقيقة الأولى :أن رضوان صابر كان أشد حاجة الى المال مما تصّور. لأنه لم يكن يحتاج الى عشرة دنانير فقط بل كان يحتاج في حقيقة الأمر الى خمسين دينارا كاملة لدفع معلوم كراء متأخر. و لكنه استحيى في آخر لحظة من طلب ذلك المبلغ الكبير هكذا دفعة واحدة، خصوصا و قد ووجه بسخرية غير متوقعة.

الحقيقة الثانية: إنتفاء العبث الإلهي عن الحادثة، لأن الرفيق نورالدين الصالحي لم يكن يعلم أن رضوان صابر سيعثر و قبل أقل من دقيقة واحدة من مغادرته،على مبلغ ماليّ أرفع بكثير من المبلغ الذي علق بأست الرفيق !

الحقيقة الثالثة: عدم تفطن الرفيق نور الدين الصالحي، فيما كان يحلل الأحداث التي مرت به، و بالتحديد لحظة زيادة يقينه بغياب مفهوم الثواب و العقاب، الى فقدانه ورقة مالية من فئة خمسين دينارا.

الحقيقة الرابعة: ان فقدان الرفيق نور الدين الصالحي للخمسين دينارا يرجع و بشكل أساسي الى ضعف نظره الذي جعله لا يتفطن الى انزلاق الورقة المذكورة من محفظته، في آخر مرة فتحها ليدسّ لقيته!
الحقيقة الخامسة التي تدحض انحياز الخالق ضد طبقة البروليتاريا: أن نفس تلك الورقة المالية الفقيدة التي انزلقت من حافظة الرفيق نور الدين الصالحي هي التي عثر عليها جاره رضوان صابر، بعد أقل من دقيقة واحدة من انصرافه عنه!

أوسلو 26/4/2010



#حمّادي_بلخشين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكمة ( قصة قصيرة)
- تقصير (قصة قصير)
- قمر ( قصة قصيرة)
- كعكة ! قصة قصيرة
- قائمة (قصة قصيرة)
- نخاسة عصرية ( قصة بالمناسبة)


المزيد.....




- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمّادي بلخشين - نظر ! ( قصة قصيرة)