أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - ايمان ميس الريم - عودة غودو














المزيد.....

عودة غودو


ايمان ميس الريم

الحوار المتمدن-العدد: 978 - 2004 / 10 / 6 - 09:11
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


جلسوا وأمهم ينتظرون بلهفة المشتاق و الكل ينصت على خطوات خلف الباب .. تزف نبأ وصوله الموعود.. ومرت الثواني , تلتها الدقائق , وأردفتها الساعات وتحول الانتظار المعشق باللهفة إلى ألم عدم تحقق الموعود ..
وعلى الرغم من ضائقة الحال اشترت الأم ما تقدر عليه من ملابس لتبدو مع أطفالها بأبهى حلة بعد فراق طويل وقامت بتنظيف المنزل ومسح الزجاج يساعدها أولادها جميعا إذ كانت الفرحة تغمرهم وكأن كل حركة ضمن هذا المنزل ألهمتهم شيئا يستذكرونه : كم كان حنوناً ومعطاءاً .
أذكر حين اختلفت مع والدتي الصلبة نوعاً ما أنه كان هناك دائماً ليصلح الأمور ويداعبني ويقف في صفي كان على الرغم من تعبه يلح على الخروج في نزهات قصيرة وجميلة حفرت أخاديداً ضمن الذاكرة
كنت أراه في كل نظرة ألمحها في عيون أمي الصابرة وفي كل تنهيدة ألم تصدر عنها وفي كل تصرف متمرد يقوم به أحد اخوتي
وتتالت الأيام ومرت السنين وكبر فينا حنين وشوق وألم ..
اليوم ستنتهي أحزاننا وسنبدأ فجراً جديدا ونعيش كباقي الناس بهمومنا وأفراحنا وأتراحنا ..
انتهت عمليات التنظيف وارتداء الملابس وقامت الام الصابرة بتجهيز ألذ انواع الطعام وبدا العد التنازلي
الكل شاخص في باب المنزل والاذان مصغية لآاخف نقرة على الباب أو الجرس
وفجأة رن جرس الهاتف .. وتراكض الجميع متنافسين من سيحظى بالرد وطبعا كانت الام الصابرة هي الأسبق .. كان صديق العائلة وبدا مبتهجا مسرورا وقال" لاتاكلو هم الضيافة عندي" وحلف ايمانا مغلظة بانه سيتكفل بكل ما يلزم من اجل استقبال لائق
ضاعت الام الصابرة في كلمات الشكر والامتنان وانهمرت دموعها فرحا "لسى الدنيا بخير"
وبدا الوقت يثقل خطواته وبدت ملامح الشوق والانتظار تجد شيئا من الذبول أما الأطفال فقد بدأت عصافير بطونهم تزقزق أمام هذا الكم من الطعام اللذيذ
وعلى غير تنبيه لفت انتباهي وقع خطى أقدام على الدرج صرخت بأعلى صوت لقد وصلوا لقد وصلو ا ....
لن أستطيع وصف ما حدث في تلك اللحظة إذ انه بعد أن ناديتهم لم اعد أجد نفسي إلا تحتهم وكان الجميع يركض باتجاه الباب ليكون السباق للاستقبال .. فهذا الحدث لا يتكرر كل يوم
فتحنا الباب وإذ برجلين ضخمين !! ارتد الجميع الى الخلف ونادينا امنا الصابرة
تسابقت خطاها المكسينة ولم تعد تسطيع المشي خير انشالله ؟؟
اجاب احدهم كلو خير اطمئني ، طلب إذنا بالدخول وكان في البيت اخوتي اللذين اعتقدو انهم بلغو سنا تخولهم لحمل المسؤولية واستقبال الرجال ذوي الأجساد الضخمة .
يبدو أن رجولة اخوتي ومظهرهم لم تفي بالغرض فطلب أحد الرجلين الضخمين أن يتواجد شخص من أفراد العائلة لكي يحضر الحديث فهو مهم للجميع
اعتلت نظرة صفراء وجه الام وقالت بالله عليكم مالخبر ؟ أريحوني ! قال أحدهم اطمئني يا خالة لا شيء مزعج .واخرج سيجارة ودخنها بهدوء مصطنع
تأملت ملامحه من ثقب المفتاح في باب الغرفة رأيت في ملامحه نظرة حزينة يحاول إخفاءها ما استطاع وابتسامة يجاهد لكي يرسمها على ملامحه المتقسية
ساورني شعور بأننا ننتظر غودو وفي خضم كل هذا شعرت بكآبة شديدة لم أدرك فحواها ..
كلما تذكرت ملامح هذا الرجل أدركت ان هناك شيء ما ليس كما يجب ..
وجاء أحد الأقارب ليحضر المؤتمر وتقدمو له بورقة تقول بان غودو المنتظر متوعك صحياً ولن يستطيع المجيء اليوم بل يتطلب الأمر مرافقة أحد الأقارب إلى مكان غودو للاطمئنان عليه وإحضاره ..
كنت أرقب كل شيء من ثقب الباب الورقة التي قدموها كانت نصف مطوية وكأن هناك كلمات خبأتها يد القدر .. أجاب صديق العائلة انه سيكون هناك حتما وسيرافق الرجلين الضخمين إلى مكان غودو لاصطحابه حاول الصديق الوقوف فجلس فجأة وطلب فنجان قهوة ... وتتالت السجائر وتعبت من وقوفي وراء الباب كانت لدي رغبة في اقتحام الغرفة وسماع ما يدور من همس هناك
بعد حين وقف الرجال الثلاثة واستأذنوا بالانصراف بعد أن وقعت لهم الام الصابرة على وثيقة تبليغها بان ثمة توعك حل بغودو ... او كما أوهموها ؟؟
ذهبوا وذهب أملنا معهم أحسست للحظة أني فقدت بريقي منذ ذلك اليوم
لماذا ؟ وكيف ؟ وما الهدف ؟
يساورني شعور بالريبة أحيانا بالشك واحيانا بالغباء .
غودو جاء ولكنه جاء بلا حياة قيل انه توفي من شدة الفرح فعقله البسيط لم يستطع تحمل مشاعر فرح قوية !!
لك في قلبي يا غودو ما ليس لآي شخص آخر لك مبادئ زرعتها وأحلام بنيتها وامال عشنا عليها .. حتى اليوم وقد مضى دهر ونيف على رحيلك يا غودو لازلت فينا و نحن فيك تتلقفنا مشاعر متداخلة نثور حينا ونرضى حينا ونتمرد حينا اخر .
أما عن الطعام في ذلك اليوم فقد بقي بلا حراك وبلاطعم وتجمدت كل لحظات الاشتياق والشوق في الام الصابرة وأولادها حتى الدموع لم تعرف إلى مآقيهم سبيلا إلا بعد يومين اذ ان بساطة هؤلاء الناس لا يمكن ان تحتمل مشاعر الالم دفعة واحدة وطبعا هذا شيء موروث عن غودو فهذه العائلة لايمكنها احتمال كم هائل من المشاعر يجب ان تمهد للمشاعر رويدا رويدا.



#ايمان_ميس_الريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- صدور العدد 82 من جريدة المناضل-ة/الافتتاحية والمحتويات: لا غ ...
- طلاب وأطفال في غزة يوجهون رسائل شكر للمتظاهرين المؤيدين للفل ...
- إندبندنت: حزب العمال يعيد نائبة طردت لاتهامها إسرائيل بالإبا ...
- كيف ترى بعض الفصائل الفلسطينية احتمالية نشر قوات بريطانية لإ ...
- حماية البيئة بإضاءة شوارع بتطبيق هاتف عند الحاجة وقلق البعض ...
- شاهد كيف رد ساندرز على مزاعم نتنياهو حول مظاهرات جامعات أمري ...
- نشرة صدى العمال تعقد ندوة لمناقشة أوضاع الطبقة العاملة في ال ...
- مشادات بين متظاهرين في جامعة كاليفورنيا خلال الاحتجاجات المن ...
- إصدار جديد لجريدة المناضل-ة: تحرر النساء والثورة الاشتراكية ...
- ??کخراوکردن و ي?کگرتووکردني خ?باتي چيناي?تي کر?کاران ئ?رکي ه ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - ايمان ميس الريم - عودة غودو