إسماعيل زيادة
الحوار المتمدن-العدد: 974 - 2004 / 10 / 2 - 06:39
المحور:
القضية الفلسطينية
غزّة ـ فلسطين المحتلة
إذا قلنا أن الزمن الذي نحياه هو زمن العجب والانحطاط، فهذا ليس من قبيل المبالغة. فكثيرة هي المرات التي نجد أنفسنا أمام خبر أو تعليقا أو إعلان في الصحف يجعلنا
نتساءل عن طبيعة هذا الزمن.
مناسبة هذا القول ما طالعتنا به الصحف قبل أيام قليلة من إعلان المؤسسة التعليمية العربية عن حملة كتابة رسائل إلى مرشحي الرئاسة الأمريكية وزوجتيهما من اجل كسب دعمهم للقضية الفلسطينية. وتدعو هذه الحملة الشباب الفلسطيني لإغتنام فرصة الانتخابات الأمريكية من اجل التأثير في المرشحين وأيضا في الرأي العام الأمريكي عبر التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم وأمالهم وطموحاتهم الشخصية والإنسانية والوطنية إلى مرشحي الرئاسة وزوجتيهما والى وسائل الإعلام الأمريكية أثناء حملة الانتخابات التي ستجرى في 2 تشرين ثاني 2004، وذلك لان الشباب الفلسطيني لم تتح له حتى الآن فرصة إيصال صوته إلى الرأي العام الأميركي. وفي تصريح لرئيس هذه المؤسسة اشار الى أن الهدف من الحملة هو تغيير صورة أمريكا لدى الفلسطينيين ولاطلاع الأمريكيين على مدى معاناة الفلسطينيين وعدالة قضيتهم.
هذه الدعوة هي محاولة خداع وتضليل للشباب الفلسطيني عبر محاولة إيهامه بأنه يستطيع أن يؤثر في صناعة القرار الأمريكي وبأن من يقبع في البيت الأبيض نبي عادل تتجلى مهمته النبيلة في انه خادم البشرية الأول الذي لا يريد شيئا من هذه الدنيا سوى أن يرى العالم وقد عمته الحرية والعدل والسلام، وان أمريكا تحكمها قيم العدل والحرية وأنها المدافع الذي لا يلين عن حقوق الإنسان وان ما تقوم به من قتل وتدمير هو من اجل تخليص العالم من الأشرار والإرهابيين. إضافة الى أن ما يحدث من جرائم يومية في فلسطين المحتلة يتم بدون علم صانعي القرار في البيت الأبيض الذين يجهلون أن السلاح الأميركي ينشر الدمار والخراب ويهدد الكون بأسره.
نعم فالرئيس الأميركي إنسان سيؤلمه ما يحدث لنا! ولكنه للأسف لا يعلم بذلك وبالتالي أن السبب لما يحدث لنا ليس سياسة أمريكية رسمية بل هو تقاعسنا عن القيام بواجبنا اتجاه أنفسنا وإبلاغ الأب الحاني بما يحدث لنا!
كما يجب تخيل المرشحين الاميركيين بوش وكيري وزوجتيهما وهم يفتحون صناديق بريدهم
ويفتحون الرسائل ويذرفون الدموع استنكارا لهذه الجرائم وأنهم سيقلبون الدنيا رأسا على عقب وسنفيق من نومنا لنجد فلسطين محررة ونبدأ بحزم أمتعتنا للعودة إلى الديار. هذه ليست أضغاث أحلام، فهذا ممكن التحقيق والسر في ذلك أن نقوم بإعلام الأب الحاني وإرسال رسائلنا له!
ولكن ما الذي يجب أن نكتبه في رسائلنا؟
هل نستطيع القول بأننا فلسطين لنا وأن الكيان الصهيوني مجرم ولا يمتلك الحق في الوجود على أرضنا؟
أم يجب أن نقول أننا ضد الإرهاب الذي تمارسه حفنة من الشعب الفلسطيني وأننا من ضحايا هذا الإرهاب الذي يجلب لنا الدمار ويقتل أحبتنا وأبناء عمومتنا؟
وما هي مطالبنا؟ هل سنطالب كيري وبوش بالضغط على شارون من اجل إقناعه بأننا نرغب في السلام وأننا على استعداد لبذل كل ما في وسعنا من اجل ضمان حياة آمنة لجيراننا وبأننا قد سامحنا من قتلنا وأساء إلينا و انه لم تعد لدينا رغبة في أن نعود إلى ما كان يدعى فلسطين، وان ما تقوله كتب التاريخ ليس إلا افتراء وتزوير للحقائق!
عندما قرأت الإعلان تذكرت موقفا شخصيا حدث خلال فترة دراستي الجامعية خلاصته أننا كنا نقوم ببعض النشاطات لإلقاء الضوء على مشكلة طلبة غزة الذين كانوا ممنوعين من الحركة من والى غزة، وفي احد الاجتماعات قام احد الطلاب وقد تكلم مستنكرا وغاضبا :" لقد أرسلت رسالة إلى مادلين أولبرايت ولم يصلني الرد حتى الآن"................. تصوروا!
إن ما نقوله لمن يحاول تسميم عقول الشباب الفلسطيني بأفكار تناقض ابسط بديهيات الواقع الذي نعيشه:
إن أغلبية الشعب الفلسطيني تدرك الواقع بشكل أوضح مما يعتقدون، وتعرف ما هي أمريكا وماذا تريد وتدرك أن المقاومة هي الخيار الأوحد لانتزاع حقوقها كما تقرر هي وليس كما يقرر البيت الأبيض، وأن الاستجداء والتوسل والتباكي هي السبيل إلى العبودية وليس الحرية. فما تفعله أمريكا عبر علاقتها العضوية بالكيان الصهيوني لا يخفى على احد وإذا كان ليس هناك اشد عما من الذي لا يريد أن يرى، فاليوم ليس هناك اشد عما من الذي ملأت أموال الغرب عيونه.
و لن أتفاجأ إذا طالعني في احد الأيام إعلان من قبل إحدى المنظمات الحكومية غير الحكومية
(حكومية غربيا وغير حكومية محليا) عن وصول أحذية أمريكية و تدعو إلى حملة تقبيل هذه الأحذية من اجل الإسهام الفاعل في لفت نظر السيد الأمريكي إلى معاناتنا وأحلامنا وطموحاتنا.
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟