لن ينتهي الغضب في تونس

السموأل راجي

الحوار المتمدن-العدد: 3237 - 2011 / 1 / 5 - 23:07
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    

لا تزال الشّوارع في تونس محكومة بواقع المظاهرات والمسيرات وإضرابات بالجملة والتّفصيل،فمباشرة إثر إستئناف الدّروس في المعاهد والجامعات المختلفة،وعلى الرّغم من موسم الإمتحانات،كانت الفرصة متاحة أمام مشاريع العاطلين من تلاميذ وطلاّب للتّعبير عن إزدرائهم لمستقبل أسود ومقتهم لمن جعله على هذا النّحو؛ولا يزال الحلّ الأوحد في التّعامل مع أشكال إحتجاج سلميّة هو الحلّ الأمنيّ العنفيّ:مداهمات منازل وإغلاق دكاكين ومحلاّت وإيقافات وتلفيق قضايا وإستعمال حيوانيّ للقوّة وما خفي كان أعظم.


إمتدّت إنتفاضة محافظة سيدي بوزيد، التي عاشت منذ ساعات اليوم الخامس من يناير/كانون الثّاني مراسم تشييع جثمان الشّابّ محمّد البوعزيزي لمثواه الأخير في مسيرة بكلّ ما في الكلمة من معنى وكانت العيون كفيلة للتّعبير عمّا ينتظر اللّواء بن عليّ في قادم الأيّام،إمتدّت إلى مدينة تالة من محافظة القصرين وسط غرب البلاد حيث شهدت منذ أيّام موجة من المواجهات بلغت أوجها اليوم الإربعاء فلقد باكرت قوّات الأمن بحملة من المداهمات معتمدة على حجم قوّات يحسبها المتابع مخصّصة لمجهود حربيّ حقيقيّ لا فضّ مسيرات أو إحتجاجات مواطنين على واقع البؤس الإقتصادي والإذلال الإجتماعي المرافقين بقمع لا متناهي أصبحت وكالات الأنباء العالميّة تسمّي السّلطة القائمة عليه:أعتى نظام أمنيّ في العالم،وشهدت المؤسّسات التّعليميّة سياجا بوليسيًّا لمنع خروج التّلاميذ ومن تمّ الإعتداء عليه من الكادر التّربوي أعداد كبيرة وسجّلت المدينة حالة شلل تامّ وصل لإغلاق المخابز وتفريغ الطّرقات ممّا حدا بالشّباب الغاضب من عاطلين وتلاميذ وغيرهم من الاهالي للإنطلاق في مظاهرة مباشرة بعد غروب شمس اليوم وتبدو من هناك ملامح ليلة طويلة سوداء كألوان زيّ الأمن.


أمّا قرب مسقط رأس اللّواء الرّئيس في السّاحل التّونسي وتحديدا في سوسة،فقلد داهمت أعداد كبيرة من القوّات الحرم الجامعي وإنتهكت الحرمات فيه بلا حدود وحصلت إشتبكات بطوليّة من طرف الطّلبة الذين هبّوا للدّفاع عن جامعتهم وتمّت محاصرتهم في مركز تقديم الأكل بالحرم الجامعي ولم تتوضّح إلى غاية كتابة هذه السّطور معالم آفاق ما يحدث،في الجنوب يخرج النّقابيّون من مقرّاتهم مندّدين بموجة القمع وتطغى شعارات مطالبة اللّواء زين العابدين بن عليّ بالرّحيل على غيرها من شعارات محمّلين إيّاه مسؤوليّة البؤس الحاصل في البلاد مكذّبين إجراءاته في عزل بعض الوزراء والمحافظين.


لم يكن حظّ العاصمة أقلّ من حظّ مناطق أخرى ومدن محافظات سيدي بوزيد والقصرين حيث ترد أنباء عن حضر تجوال غير معلن في بعض الشّوارع ومنع من الجلوس في مقاهي محدّدة ومراقبة لصيقة لنشطاء حقوق الإنسان وإستباق لتحرّكات بنشر قوّات أمام الجامعات ونشر حافلات تمّ رصّ جحافل الأمن فيها رصًّا منتظرة الأوامر بالتحرّك المسعور،علما وأنّ المحامين قد قرّروا الدّخول يوم غد الخميس السّادس من يناير إحتجاجا على دخولهم اللاّئحة السّوداء التي تضمّ ضحايا القمع إثر تنظيمهم لوقفات في كلّ المحاكم جوبهت بعنف أرعن.


إنتفاضة سيدي بوزيد التي تحوّلت لموجة عامّة قد تتطوّر وقد تنحسر لكن ستبقى الرّصاصات التي أودت بشباب طالب بحقوقه عنوانًا لموجات أخرى ستطيح حتما بحكم المافيات كما يسمّيها داعمو اللّواء بن عليّ في واشنطن ومشتقّاتها مثلما بقيت تداعيات ما أصبح معروفا ب"إنتفاضة الحوض المنجمي"حيث صدر اليوم أيضا بيانًا تمّ تداوله في مواقع متعدّدة ووكالات مختلفة دوليّة للأنباء كانت الإفتتاحيّة فيه غاية في الوضوح راسمة آفاق النّضالات في تونس وهذا بعض ما جاء فيه:"حتّى لا ننـسى... في الذكرى الثالثة للحركة الاحتجاجية الخالدة بالحوض المنجمي نتوجه إلى شهدائنا بالتقدير و الإجلال و التعظيم مؤكدين لهم أنّ دمائهم الغالية لن تكون أثمن من أرواحنا و أن حقوقهم لن تضيع هدرا و إلى جرحانا بالتثمين و الإكبار لما دفعوه ثمنا لكرامتهم مجددين لهم العهد بالوقوف إلى جانبهم حتّى استرداد الحقوق و إلى أسرانا المحكومين منهم و الموقوفين الذين ينتظرون حكما جائرا من قضاء غير مستقل بالإخلاص و الوفاء لقضيتهم و بالعهد على مواصلة المسيرة من أجل إطلاق سراحهم. لكل أهالينا بالرديف نساء و رجالا و شبابا و أطفالا الذين انتفضوا دفاعا عن كرامتهم و حريتهم و حقّهم في المواطنة نقف لهم وقفة إكبار و احترام"وأظنّ أنّ ما بقي سيكون أشدّ بلاغة في رسم ملامح مستقبل تونس التي يسعى من يناضل فيها لإنقاذ بعضًا من سنوات كانت ضائعة محكومة بالدّيماغوجيا والقمع والتّهريج وما صمت البؤساء بدائم ودورة التّاريخ التي كانت لصالح مراكمات النّهب بدأت في الحلحلة واجهتها النّضال.

#السموأل_راجي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات