|
اعذريني سيمونا
أحمد يعقوب
الحوار المتمدن-العدد: 953 - 2004 / 9 / 11 - 10:47
المحور:
حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير
اليوم استيقظت بحزن كبير.. فثمة آخرون أصبحوا ضحايا جديدة للإرهاب في فلسطين وروسيا والعراق وغيره.. الفضائيات تتحدث عن اختطاف مواطنتين إيطاليتين في العراق وكل منهما تحمل اسم سيمونا.. أذكر أنني تعرفت على شابة إيطالية في غاية الأنوثة والجمال والاحاسيس الدافقة كنبع زلال في المشاعر التضامنية الانسانية ..كانت تعمل في مهمات إنسانية في العراق ضمن مجموعة " جسر إلى بغداد" فخلال أكثر من 10 سنوات على إقامتي في العراق كانت لي ولحسن الحظ فرصة التعرف على إيطاليين وإيطاليات شعراء وموسيقيين ومسرحيين وممثلين وممثلات وصحافيين وعاملين في المنظمات الإنسانية المتضامنة مع الشعب العراقي في محنته الكبيرة التي عاشها طيلة الحصار المر والقاسي وهكذا كنت ومجموعة من الشعراء والأدباء العراقيين ممن أغلقت بنا السبل ولم نتمكن من الخروج من العراق كنا ننتظر مهرجان بابل الدولي بفارغ الصبر لم نكن مدعوين له.. إنما كان مناسبة لنا تجعلنا نغيّير من أجوائنا طيلة أسبوع وأكثر فكنا ننتظر أيلول..ننتظر أصدقاء وصديقات من كل دول العالم وفي المقدمة منهم الوفود الإيطالية وبذلك كنت شخصيا احقق شعورا ما بأنني انتقلت إلى أجواء أخرى أحتال بها على رغبتي بالسفر نحو اللا جهة وهكذا أروض قليلا من المأساة والملهاة اليومية.. أما أطفال جيراني وأولاد أصدقائي ( ومنهم أدباء وشعراء) فلقد كانوا ينتظرون بابل بفرح كبير لأن الوفد الإيطالي بالتحديد كانوا يحضرون كميات من الهدايا للأطفال ومنها دفاتر وأقلام وقرطاسيات وحقائب وأدوية.. الصحفي الإيطالي كارلوس ريميني حضر ليغطي وقائع الاستفتاء على صدام حسين فعاد بريبورتاج عنوانه ما هو لون الموزة؟؟ كان كارلوس قد اتصل بي ونقل لي تحيات شاعرة إيطالية وطلب مني أن نلتقي للحديث عن قصيدة موزة ..أصر أن الأمر مجرد فنطازية شعرية فكان ردي الوحيد اخرج من الفندق واذهب إلى الشوارع القريبة واسأل أول طفل تجده فاتصل بي وهو يبكي من مستشفى الأطفال عندما زار الطفلة مروة وسألها عن شكل الموزة فكورت يدها وسألها عن لونها فقالت حمراء فعاد بريبورتاج عن الاستفتاء لكن عنوانه ما هو لون الموزة نشر في مجلة العائلة المسيحية.. أما النحات العالمي فرانشيسكو كفالاتسي فاستخلص أن الشعب العراقي يموت ببشاعة ولا احد يسمع موته فعاد بنحت لسمكة فوق أوتار قيثارة سومرية وهو يسأل من يسمع أنفاس السمكة الأخيرة أما الشاعر والمسرحي جينو لوكابوتو من المسرح الملتزم فكان لا يكل من الحديث عن سعدي يوسف والبياتي وعلي عبد الأمير ويجاهر بصداقته لهم وبصواب مواقفهم.. اما بريجيدا فورت مؤسسة ومديرة مهرجان البحر المتوسط للشعر والموسيقى فكانت تصر على ان تؤدي الفرقة الايطالية عروضها في ازقة الاحياء الشعبية ومنها في حي الفضل والكرادة..
أذكر الإيطالية الشابة سيمونا التي كانت تبكي وهي تسمع حكايات الحصار وكلما عادت من مشفى للأطفال كانت تسقط مغمية من شدة الصدمة والتأثر من واقع الحال المأساوي الذي لا يمت بصلة إلى فندق المرديان مع انه يبعد خطوات عنه لقد كانت سيمونا أكثر عراقية من بعض العراقيين وأكثر فلسطينية من بعض الفلسطينيين هل يعرف الخاطفون هذه الطبيعة من البشر ؟؟ طبيعة سيمونا اليافعة التي تختزل في روحها كل الحب والعدالة والمساواة سيمونا هذا الصباح تنهض مدينتي بألم كبير طعام الإفطار زيتون اسود جبنة بيضاء وبعض خبز انظر إلى البحر فأراه يروي لي إن إيطاليين هناك في الضفة الأخرى للمتوسط يفطرون الزيتون الأسود والجبن الأبيض وقليلا من الخبز إنها حكاية متوسطية تمتد إلى مهد كلكامش شاعر الإنسانية الأول وناثر بذور الأسئلة الأولى عن الصداقة والحكمة والقانون والحب والحياة... بينما العراق اليوم حاله كحال فلسطين وكلاهما ضحية للإرهاب... لهذا نهضت هذا اليوم بحزن كبير لأن سيمونا أصبحت ضحية أخرى للإرهاب لكن كلا الإيطاليتين اسميهما سيمونا لهذا سأفترض أن سيمونا التي عرفتها ليست إحداهن فيزيائيا على الأقل ..لكني متأكد أنها هي ذاتها سيمونا ..اقصد ذات الروح والسلوك الإنساني الحضاري التضامني مع أطفال العراق وفلسطين ضد البؤس والأمراض والمجاعات والتجهيل والاحتراب سيمونا أنا اليوم في فلسطين.. اكتب لك من الأرض المقدسة قريبا من بيت لحم ...حيث الفلسطيني الأول يسوع الناصري قد نثر بذور استراتيجية الحب مقابل استراتيجية الحقد فاعذريني يا سيمونا ارغب بفعل الكثير من اجل استرداد حريتك لكني عاجز عن ذلك ..فانا ضحية مضاعفة للإرهاب الإسرائيلي والعربي..إرهاب الدول والأحزاب والجماعات والأفراد...ذلك الإرهاب الذي يولد إرهابا مضادا أكثر بشاعة وبربرية سيمونا لا اعرف إن كان يجدي أن أدين حالة الاختطاف والقرصنة واعتبرها عمل أجرامي لا علاقة للعراقي الأصيل سليل كلكامش وعشتروت بهذه التصرفات الغريبة على كينونته...!! لا اعرف إن كان يجدي أن أطلق صرخة مع جهات الريح !!..وان أصرخ: لا للإرهاب... نعم للحرية... المعضلة يا سيمونا أن الإرهاب ليس أعمى فقط ..إنما لا يسمع.. ولا يتحدث.. فلا لسان له ولا منطق.. ليتني اقدر على الخروج من سجني الكبير في فلسطين المحتلة لأتجه الى العراق.. ليس فقط لأني أصبت بمرض الهومسك إلى العراق ... إنما كخيار وحيد عندي علّ القراصنة يقبلون بوضعي في مكانك..
فلسطين
------------------------------------------------------------- هنا أدعوا الأصدقاء الشرفاء من الكتاب والأدباء والشعراء أن يطلقوا حملة تضامنية لأطلاق سراح الرهائن وادانة كل الاعمال الارهابية التي لا تفعل شيئا أكثر من تأجيج الأحقاد بين الشعوب
الأسماء 1-أحمد يعقوب شاعر ومترجم فلسطين
#أحمد_يعقوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جانب مما ينبغي أن يقال في صدام حسين
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
حملة دولية للنشر والتعميم :أوقفوا التسوية الجزئية لقضية الاي
...
/ أحمد سليمان
-
ائتلاف السلم والحرية : يستعد لمحاججة النظام الليبي عبر وثيقة
...
/ أحمد سليمان
المزيد.....
|