أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راشد عيسى - انتصار سليمان وخالدة خليل تنتقدان التاريخ














المزيد.....

انتصار سليمان وخالدة خليل تنتقدان التاريخ


راشد عيسى

الحوار المتمدن-العدد: 3126 - 2010 / 9 / 16 - 08:18
المحور: الادب والفن
    



شاقتني روايتان مميزتان تنقدان التاريخ صدرتا قبل عام واحد ، الأولى "البرق وقمصان النوم" للأديبة السورية انتصار سليمان والثانية "أشرعة الهراء" للأديبة العراقية خالدة خليل. نعرف أن شهرزاد نقدت إلى درجة الهدم تاريخ السلطة الذكورية المتمثلة بأنانية شهريار في ألف ليلة وليلة ، ونقدت أحلام مستغانمي تاريخ الحرب ، ومن قبلها نقدت فرجينيا وولف تاريخ الحزن الأنثوي ، وقد بات مألوفا أن أغلب روايات المرأة إنما هي نقد ضمني يدافع عن كينونة الأنثى من نحو وسلطان الاستلاب من نحو آخر.

في روايتها البرق وقمصان النوم تفضح انتصار سليمان تاريخ العادات الاجتماعية القبيحة في إحدى القرى التي تمثل صورة مطابقة للقرى الأخرى ، فقد هيمنت الأعراف الاجتماعية على جميع شخوص الرواية ، فظهرت النساء جميعا ماكرات حسودات أنانيات حاقدات ذليلات أمام سلطان العرف الأسري الاجتماعي ، وظهر جميع الرجال كذلك إمّعات أشباه رجال منافقين بلا مروءات أو مواقف حاسمة. وبالرغم من أن أحداث الرواية تتمركز في حياة أسرة وما تعالق بها من جيران وأقارب إلا أن المعاني والدلالات المتوَاربة خلف الأحداث تشير إلى المكر الفني الذي حققته الكاتبة وهو خنوع الناس أمام العادات حتى لو كانت ضارة ومؤلمة ، وأن العادات ليست مذنبة إنما الناس هم المذنبون عندما ينصاعون لها بتأثير الجاه والمال والتفاخر الكاذب. فلعبت السخرية الخفية دور البطولة. أما خالدة خليل ففي روايتها أشرعة الهراء إنما تفضح تاريخ الحضارة التي عبثت بإنسانية الإنسان فأورثته الحروب التي دمرت كبرياءه وعواطفه وعقله ، وأسلمته للشتات الجغرافي والاغتراب الروحي وجعلته نهبا للمنافي ، كل ذلك من خلال إحالات تاريخية شفافة ومرجعيات موروثة توظفها الكاتبة في حزمة رموز وإيماءات وإرشادات حذرة من المباشرة ، لا بل مصوغة بانهمار شعريّ جارف حتى بدت الرواية كأنها قصيدة رثاء طويلة. ولعل المزية الفنية في هذه الرواية تظهر في أن ما ساقته الكاتبة من أحداث وظلال أحداث هو احتجاج متنوّع الأنماط في رسالة شخصية جارحة سحيقة الدلالات بعثتها البطلة إلى صديق قديم ما زال غريبا في وطنه. تنمو الرواية الصغيرة نحو كشف آلام البشرية التي تسببها مزاعم الحضارة المعاصرة ، وما البطلة في جديلة حزنها وتشظيها سوى نموذج من نماذج الألم الإنساني الذي تورثه الحضارة للإنسان بحيث تصبح الحياة موتا معيشا ويصبح الموت حياة ماثلة ، وتلك أقصى لعنة وجودية تواجه البشرية. وعليه فإن مثل هذه الروايات تعد إضافة نوعية لمنجز الروائية العربية التي لا تعرّي أحداثا إنما تكشف ما وراء الحياة من آمال خائنة ومكابدات تورّط بها الإنسان جرّاء خنوعه لسيرورة التاريخ.

كل من الكاتبتين شاعرة في الأصل ، الأمر الذي يشير إلى ما تفعله فتنة السرد المعاصر بالشعراء والشاعرات ، وإلى انزياح في البنية السردية نحو المعمار الشعري ، ففي الروايتين مكامن شعرية ملحوظة تنبئ ببطولة اللغة الشعرية التي بتنا نلمسها في الرواية الحديثة منذ عشرين سنة تقريبا.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- 2025 بين الخوف والإثارة.. أبرز أفلام الرعب لهذا العام
- -سيتضح كل شيء في الوقت المناسب-.. هل تيموثي شالاميه هو مغني ...
- أهلًا بكم في المسرحية الإعلامية الكبرى
- الأفلام الفائزة بجوائز الدورة الـ5 من مهرجان -البحر الأحمر ا ...
- مهرجان -البحر الأحمر السينمائي- يكرم أنتوني هوبكنز وإدريس إل ...
- الفيلم الكوري -مجنونة جدا-.. لعنة منتصف الليل تكشف الحقائق ا ...
- صورة لغوريلا مرحة تفوز بمسابقة التصوير الكوميدي للحياة البري ...
- حفل ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي.. حضور عالمي وتصاميم ...
- -رسالة اللاغفران-.. جحيم المثقف العربي وتكسير أصنام الثقافة ...
- مصر: مبادرة حكومية لعلاج كبار الفنانين على نفقة الدولة


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راشد عيسى - انتصار سليمان وخالدة خليل تنتقدان التاريخ