صباح القلازين
الحوار المتمدن-العدد: 3100 - 2010 / 8 / 20 - 22:08
المحور:
الادب والفن
التوليب الاعمى
قراءة في نص ( ذات حلول) للشاعر سلطان الزيادنة
صباح القلازين
سنحاكم النص بعيدا عن شاعره, فنحن أمام نص طافح بالعقل, والقلب هو لحظة ضعف بامتياز.
هذا ما يصدمنا به الشاعر(سلطان الزيادنة) منذ البدء حين يقول
(شتان بين من يضيع لأجل الحب عقله, ومن يضيع لأجل العقل حبه)
إذا الشاعر يهيءالمتلقي لملحمة ضارية, بين العقل والقلب, فلمن تكون الغلبة ؟
هل هي لمن تقوده رغباته وتدجنه ؟أم هي لمن يسمو على رغباته ويدجنها؟وكأن الشاعر يمرر لقارئيه عظة مفادها (سر عكس قلبك تسلم) ,لكن السؤال الملح هنا هل سيستطيع الشاعر كبح جماح قلبه والى متىىىىىىىىىىىىىىى؟؟؟؟؟؟
ذات ايلول
منحت عينيه
في عينيها الحلول
فاجازت له ان يشرب اخيلة الاحلام
ان قراءة هذا المقطع تثير في ذهن القاريء مجموعة من الاشكالات والتساؤلات يمكن تلخيصها فيما يلي
إرجاع الضمائر التالية الى عائد
تاء التأنيث الساكنةفي الأفعال (منحت-أجازت)
إل( هي ) تبدأ قيادة النص منذ أن يشرع نافذته للضوء فهي تمنح –وتجيز-وتعطى هباتها وأعطياتها مثل عشتار ربة الخصب والنماء والشاعر يستقبل هباتهالأنه على مفترق الذبول من العمر وهي ربة الربيع فيسلم دفته لها وليس أجمل من أن تسلم راية القلب لامراة ربيعية تحترف الخضرة بامتياز
فتمنحه الحلول في عينيها ليشرب (الأخيلة) والحلم هنا هو استراحة محارب من عناء واقع تعب فيه الشاعر من القيادة والريادة فهو يريد الآن تقمص دور المقود
ماذا عساه يقول؟
غص بحباب الحلم
رمى خيبته على اخر رمش
استودعه صندوق الذاكرة
وشرع يتمتم سفر الافول
الشاعر يغص بحلمه لأن (اللا وعي) الهارب في فلوات الحلم ينوء تحت سياط الوعي المشرئب بعنقه في كل بقعة من بقاع النفس والروح
نصف القلب الغافي يخسر معركته أمام يقظة العقل الكاملة والكامنة في جسد الشاعر المتأرجح بين الواقع والحلم فيخسر رمش حبيبته ويودعها صندوق الذاكرة ويأفل النجم العاشق في تمتمة لا تكتنه ولا يسبر غورها
كل ما تدركه فوت
والى موت يؤول
يشهر الشاعر الآن عين الرقيب, وتبدأ عدسته بالرصد, ويبدأ بالتساؤل عن سبب فقدانه للأشياء الجميلة,فالحب يفوته, والسعادة تفوته,
و كذلك ربيع العمر الجميل,يظلله الموت بظله ,والموت هنا نوع من الخسران والفجيعة, وليس الموت الحقيقي وينبثق هنا سؤال مهم ترى هل الاشياء تفوت الشاعر متقصدة ؟أم الشاعر هو من يفوتها بحكم العادة وعن سابق إصرار وترصد ؟ لانه يحترف الفقدان بجدارة؟؟؟؟؟
في غصته غابات حضور
توليب اعمى
شمس في جوف العتمة تغور
الشمس التي تقشع عتمة العالم كل يوم لا تستطيع ان تقشع وحشة الشاعر الذي يغور رويدا رويدا في عتمة منقطعة النظير لا عاصم منها, وكأن عتمته تنبع من قرارة نفسه الغامضة المكدسة بالحزن والمرارة, (ما أقسى أن تعيش غريبا وقمة اللوعة أن تنبع غربتك من وجع موغل في الروح ,غريب وانت محاط بعشرات الوجوه التي لا تعني لك شيئا, وأفراحك التي تعد على أصابع اليد الواحدة تسامرك بقليل من الحب
اذا هي عتمة الشاعر الخاصة التي تبزغ من فيافي الروح المترعة بالوحشة والانكسار المخبأ خلف غلالات شفيفة من الشعر
سين مشطور
يئن ولا يثور
صوت فاحم يحكى مرثيته
هذي السين( إل) فاحمة السواد هي الحرف الأول من اسم الشاعر( سلطان الزيادنة),الذي يتطوح تحت سياط الأنين والتعب, لكنه لا يثور وبعين الرضا يتقبل كل شيء,وكانه (سيزيف) يحمل صخرة وحدته على كتفيه ويتقبل قدره برحابة صدر,فقد أجبرته الحياةعلي أن يدحرج صخرة حزنه العملاق الي قمة الجبل وما أن يصل إلي قمته حتي
تنحدر مرةأخري لأ سفل وهكذا يظل( سيزيف) رهن العذاب الابدي.
يرتقي جبله وحيدا وحزنه على كتفيه فكيف المفر منه؟ العقاب الابدى يستمر الى ما لا نهاية, وكأن الشاعر يعاقب نفسه بيد من حديد, لا تعرف الرحمة, اذا هي ضريبة العقل ,فالحب من (التابوهات) المحرمة, والحياة مرثية لا تنتهى الا بالموت.
يترك الشاعر قلبه لطائر الرخ لينهشه, تبدأ تغريبة الالم ,والحياة هي عقاب سرمدى ليس فيه موطيء للفرح.
فزع الرائي
كطير لا يجد ريشه
بعد اخر ارتطام
بلع ظله
استعاذ من عريه
وحرم ثانية ان ينام
لقد عرى الحلم الشاعر من ريشه, فجنح للبوح, لكن الشاعر يفيق من هذا البوح منزعجا, لان البوح ضعف, وهو المتمترس خلف جدران من العزلة لا تسمح له أن يسمح للقلب بأن يفرض (أجندته), فالقلب والعقل خطان متوازيان لا يلتقيان, وهو يعلن انحيازه الكامل للعقل,ويكبت قلبه ويحرم النوم على نفسه, لان النوم يسمح للحلم بان يتسلل لمضاربه ويعريه ويشي بما يضمره( اللا وعي) هناك
اما آن لهذا العاشق أن يلقي عصاه في مرمى قلب ويترك رأسه فوق وسادة من ريش نعام ليعيش المتبقي من عمره بعيدا عن رثاء حاله فإن مفتاح سعادته ملقى أمامه إن السعادة تكمن في القلب
#صباح_القلازين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟