أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله سعيد العطار - التوهج الشعري واجترار الذات في شعر المرأة السورية/قصيدة لم يلمسني أحد /للشاعرة :بهية مارديني نموذجاً














المزيد.....

التوهج الشعري واجترار الذات في شعر المرأة السورية/قصيدة لم يلمسني أحد /للشاعرة :بهية مارديني نموذجاً


عبد الله سعيد العطار

الحوار المتمدن-العدد: 937 - 2004 / 8 / 26 - 08:40
المحور: الادب والفن
    



قد يسهل القول إلى حدً ما عن فلان من الناس ، أنه شاعر ، ولكن الصعوبة كل الصعوبة أن يُشهد له بالتميز والفرادة ، والجدَّة ، حتى وإن كان ذلك الفعلُ مُتحققاً في أثره الإبداعي بالفعل ، إذْ أنَ هناك مالا تؤديه الصفة ولا تستطيع تجريد الإحساس به الكلماتْ .
وأُشبّه القصيدة بامرأة فائقة الجمال ، يشع رواؤها كالشمس ، فلا يمكننا أن نحصي أشعتها، أو نحدد قُطْر هالتها قدر عجزنا أن نطالها، على الرغم من علمنا يقيناً بتفرد مكانتها بين الكواكب ، حيث ينقلك الإبصار حيال الوهج سوى أن تغضي أو تغض إجلالاً . وهذا ما يصدق قولاُ مع النص المختار لقراءتنا هذه ، وهو للشاعرة ( بهية مارديني )
البنية الدلالية للنص :-
تشيع في النص روح وجدانية حالمة متطلعة ، تنثال بوحاً رقراقاً وإبداعاً خلاَّقاُ ، تشف عنه فنية شفيفة ، وبناء جمالي محكم النسج .وعلى المستوى اللغوي تطالعنا مفردات مختارة بدقة وعناية ، الفاظ معجمها الحب والعشق وما في معناهما من النظائر الدلالية متراسلةً مع الموقف الشعوري والدفق الوجداني للذات الشاعرة التي لم تبارح إحساسها بأبعادها الروحية وأفقها المتلظي بعبق الأنثى ، ولكنها أي أنثى؟! إنها الأنثى الجُرْأَة المتمسكة بنجواها الحميمة ، تشظيها رغبة عارمة في رسم خارطة انفعالها ، وما بين الأمل والألم ترفض الإنكفاء على الذات فيكون السؤال ملاذاً من قلق اللحظة ، وباباً يفتح على الآخر صلةً وتواصلاً واستدعاءً لمشاعره لا لغوثه ونجدته ، وتكاد الرومانسية ان تلغي خصوصية المعجم إلا أن طرائق التركيب وتقنيات البناء الجمالي وايقاع الصورة ينجحان بتفوق دالٍّ على التمكن في الخروج بالنص إلى فضاء الإدهاش وتمَلُّك المتلقي ، وأحسبني غير مبالغٍ في ذلك على الرغم من تحفظي لما أقحم في النص من مفردات غير عربية معنىً ومبنى نحو قولها ( ( I LOVE YOUولا أدري ما مبرر ذلك وما جدواه الدلالية ، ولكأني به تشوُّه خَلقي في امرأة بالغة الحسن ، ولكم كان أولى أنْ يُضرب عنه صفحاً ، وإذا مانظرنا إلى إيقاع الصورة وينابيعها وأنماط تركيبها ، وما أكثر ذلك فسنجدها ظاهرةً إبداعية آسرة نحو قولها : ( كأس المستحيل ، أتوسل بوحاً ، أعاقر حباً ، وهج زفراتي ) وكلها صور إستعارية مكنية تحقق علاقة التماهي ، وهي أرفع سمات البيان ، وتمثله تلك الصور من ينابيع الذات الشاعرة وخيالها الأخَّاذ الخصب وتلعب الصورة دوراً دلالياً مضطرداً ما بين شطر وآخر ، مما يمنح النص ثراءً بصرياً وحراكاً ديناميكياً ، وتدور في النص قطيعة أبستملوجية مع المألوف يقوم الباطن في إلباسها ثوب التوهج ويخلع عليها ألق الجِدة وبحيث توحي بعمق ورقة بما يعتمل في الذات وما تصدر عنه الرؤية ، وأنماط الصورة غير معقدة ، لكنها أيضاً ليست بالبسيطة ، بعيدة عن التكلف مُحكمة الصنعة بالتراكيب والبناء وتكنيك البوح وأدبيات القول، فهناك ما هو مسكوت عنه لكنه حاضرٌ بين السطور ، وهو اللهفة للآخر وما يجري مجراه من وحدات نظائرية كالشوق ، والتوق والترقب ، وتنزاح اللغة عن تواضعاتها المعروفة ولسانها النفعي على مستوى الإختيار والجوار، ويسلكها النظم في سلك الطرافة والإثارة ، حيث تخرج بها من ماديتها إلى النسق الوجداني والسياق الروحي ، وتكثر الإحالات على الذات نحو قولها : ( تشطرني ، أتوجس مني، أوغل فيَّ ، أتسول ، أحضن فضائي ، نفسي، مقلتيا، تمسكت بي) وهي ضمائر تحيل علي الذات لتنداح سيرة المشتاق في ثنايا نجواه . وبالنظر إلى التركيب النحوي فهناك الإنحراف الدلالي نحو قولها : ( منفى نفسي ، كأس المستحيل ) حيث تبدو الجملتان في السياق الإجمالي للنص مُقحمتان (أندلع عناقاً ، أتوجس مني ، كأس المستحيل ). وعلى مستوى الجمل الإنشائية والخبرية تكثر الجمل الإنشائية وهو ما يتناسب مع حدث السرد المتراسل مع النجوى لما يند عن ذلك من إهتمام بالفاعل وإسناد الصفة غير الممكنة تأصيلاً فيه وكأنه يرمي إلى الإستغراب من الحدث ، واستغراق المتلقي في إطار الصورة ، ومضاهاة الفعل بالقول في تنامي الحكي والرواية ، وفي أتون ذلك ينصهر الشجن إيقاعاً منتظماً وترنيماً موحياً ؛ إذْ الأفعال جرساً متوائماً وموسيقي ثرة الحدس والهمس ، وتستفيد الشاعرة من تقنيات بناء العمل الروائي سرداً وحواراً على نحو ما نجد في مطلع النص في قولها : ( عبرت وجهي) وكأنما تُحدث أحدهم عما يدور في خلدها ، وفي أروقة العلاقة الصلة والحدث المستلب ثم تلك الدلالة بذكر السبب ( عبرت وجهي ) ( كي لا اضل طريقاً ) ثم تنداح في مونولوج السؤال وهي تقنية تجسد إحساس المتحدث لسامعه وترسم له صورة المتألم وتستدعي تعاطف المتلقي معه، ثم ذلك التجريد الإحداثي لتصاعد دوافع القول وصولاً إلى ذروة الحكم بقطيعة الثقة بالذات وانعتاقها من سلطة ظن الآخر مستفيدةً من التراث الديني في جلاء الحقيقة المقتصرة على واحدية الذات الشاعرة ، وهو قولها :( لم يلمسني احد ).
ولكم كان العنوان موفقاً في إستدراج متلقيه حيث بادرت الشاعرة إلى صوغ عنوان مُلفتٍ يدفع بالعين بمجرد وقوعها عليه إلى البحث عن كنهه والتغلغل في أغواره ، سبراً وإستقصاءً لما يقف وراء ذلك العنوان من ومض معبر وهو ما يشهد للشاعرة ببراعة الإفتنان وتمكن الفنان ، حيث لا من جدال على التسليم بقدرتها على صدم المتلقي ومن ثم ما إن تتم له القراءة إلا وكان قد وقع تحت تأثير إدهاشها وأخذ بألقها وأقر بإعجابه.

***********************************************************************






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزنٌ منســــــي
- -جحيم -سارتر


المزيد.....




- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي
- -خطر على الفن المصري-.. أشرف زكي يجدد رفضه مشاركة المؤثرين ف ...
- هل يحب أطفالك الحيوانات؟ أفلام عائلية أبطالها الرئيسيين ليسو ...
- أحمد عايد: الشللية المخيفة باتت تحكم الوسط الثقافي المصري
- مهرجان -شدوا الرحال- رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- وصمة الدم... لا الطُهر قصة قصيرة من الأدب النسوي
- حي المِسكيّة الدمشقي عبق الورق وأوجاع الحاضر
- لا تفوت أحداث مشوقة.. موعد الحلقة 195 من قيامة عثمان الموسم ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله سعيد العطار - التوهج الشعري واجترار الذات في شعر المرأة السورية/قصيدة لم يلمسني أحد /للشاعرة :بهية مارديني نموذجاً