أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منى كريم - ملف الشعر العراقي المغترب















المزيد.....



ملف الشعر العراقي المغترب


منى كريم

الحوار المتمدن-العدد: 935 - 2004 / 8 / 24 - 10:50
المحور: الادب والفن
    


إعداد و تقديم :
منى كريم
الشعر العراقي الجديد : احتفال بالتنفس وطناً ..

قد تكون إشكالية توحيد الثقافة العراقية و جعلها تسير في مجرى واحد من أهم الهواجس التي تراود المثقف و القارئ العراقي بشكل عام . يمر العراق حالياً في بحث عن هوية واحدة هي بحد ذاتها خليط من ألوان متعددة فـُرضت على مبدعيه تبعاً لظروف لا نستطيع أن ننكر أنها ظروف سياسية في الدرجة الأولى . و على الرغم من أن الحالة لم تستقر بعد ، لكننا نلحظ بشكل ملفت للنظر اجتهادات المثقف و الأكاديمي العراقي عبر مشاركته في رسم ثقافة العراق الحديثة بعيدا عن أي طابع حزبي أو قومي أو ديني .. إعلاميا هناك طرح ما أنا فرح به – شخصياً – من محطات تلفزيونية و جرائد تقاوم تقلبات الدبابة من أجل نقل الحقيقة ، و ها هو مهرجان المربد يقام لأول مرة من أجل إبداع عراقي أبيض يضم مبدعين الداخل و الخارج ، و يطرح مضمون بعيد عن تمجيد السلطة الذي عانت منه الثقافة العراقية منذ عشرات الأعوام .
لقد رأيت إنه من المهم جداً البدء في تكوين صورة عما ابدعه العراقيون في الخارج أثناء سنوات الحصار ، فتكونت لدي هذه الرؤية بما يسمى ملف الشعر العراقي الجديد ، يضم نتاج لشعراء عراقيين شباب يعيشون في الخارج ، عبر قصائد – جديدة و غير منشورة مسبقاً - و حوارات أُجريت لتتيح للقارئ تكوين فكرة و لو بسيطة عن هؤلاء الشباب . خرجت الكثير من الأجيال الشعرية خارج العراق طوال السنوات التي كان يمارس بها النظام البعثي القمع ، من هؤلاء شعراء المخيمات و أخص بذلك تجربة مخيمات رفحا ، و أيضا هنالك قفز لذيذ تحذوه القصيدة الكردية – العراقية .

من يستطع أن ينكر أن قصيدة النثر العربية انطلقت من العراق في العشرينيات مثل رفائيل بطي ، و معروف الرصافي و غيرهم .. ، أو أن الشعر الحر ولد في العراق و خلق رواده فيه كالسياب و نازك الملائكة . اذن أجد إنه من الجدير أن نراهن على هذا الجيل في خلق طرح جديد ، و انعطاف إيجابي في مسيرة الشعر و إنني لأؤمن بأن ما نقرأه لكتاب عراقيين في الداخل يحاولون إيصال صوتهم شيء يستحق أن نحتفل به كتنفس جديد لوطن مبدع . إننا نحتاج لتكامل ما بحيث تـُكـّمل القصيدة بالنقد و الاهتمام ، فليس بامكاننا أن ننكر أهمية التلقي و الدراسة في تقويم أي تجربة ، من أجل ثقافة عراقية خضراء كتب هؤلاء ،
و لأجل هذه الخضرة نتمنى أن تصل هذه الكلمات لجميع القراء داخل نطاق
الحب / الوطن .

منى كريم
http://mona0.jeeran.com
[email protected]

أحمد عبدالحسين :



السيرة الذاتية :

- 1966 بكاؤه الأول في بغداد
- 1982 نشر نصه الأول في الطليعة الأدببية
- 1984 دخل أكاديمية الفنون الجميلة قسم الفنون التشكيلية
- 1988 دخل الحرب الأولي قبل نهايتها
- 1990 هرب من وطنه بقصائده قبل الحرب الثانية
- درس العلوم الإسلامية
- عمل محرراً ثقافياً في نداء الرافدين، سكرتير تحرير المؤتمر، نائب رئيس تحرير المواطن، عضو هيئة تحريرالمنتدي الثقافي ، وعضو هيئة تحرير مجلة المسلة
- 1999أصدر عقائد موجعة عن دار ألواح باسبانيا
- 2000 – أصدر بالاشتراك مع ناطق عزيز كتاب عمدني بنبيذ الأمواج عن اتحاد الكتاب بدمشق وهو ترجمة لشعر الإيرانية فروغ فرخ زاد
- 2000 – أقام في كندا

- الموقع الالكتروني :
Http://aqwas.com


قصيدتان :

- ادخل ايها الشاعر

ما الشاعر سوى طفلٍ عراقيّ يرقّق طباعه بالكلام
بأنين الضحى وسواد العيون

هو
إن لم يكنْ هدهدَ الثلج
فضّةً ذائبةً في كربلاء سحيقةٍ
فهو ليلٌ منظومٌ بقناديلَ تصطكّ حزناً على بغداد

إن لم يكنْ
فليكنْ ريشةَ الألم الساقطةَ من قطاةِ الفردوس

أدخل أيها الشاعر ..


- بيـاض

- إلى أين ؟
إلى طفل منحناه أفواهنا
و كذبناه.

هذا البياض غلاف لأي كتاب ؟
خادم لأي مصباح ؟

باسم مَنْ يسهر على بياضه
سهرَ السندبادِ يحشو حكاياته
بالقوارب
ويبحر

- إلى أين ؟
- إلى نبع كمّمنا روحه بهواء منكوب
و ذئاب بيضاء مضمرة في تكشيرة الملاك.

قبل هذا نمتُ في صهريج الألم،
أبيضَ، مع شعوب داكنة
تتفصّد رعباً على
بياض لا نفع فيه.

قبل هذا
رأيتُ المعجزة:

عناق بياضين في ورقة .

أحمد عبدالحسين : الشعر العراقي لا يعرف كيف يسوق نفسه


اجرت الحوار : منى كريم

- يقترن اسمك في المشهد الشعري الحديث بقصيدة العراقي المنفي ، باعتقادك ماذا أخذ أحمد عبدالحسين و غيره من شعراء شباب عراقيين عاشوا و ابدعوا في المنفى من التجربة الشعرية العربية و العالمية ؟
لم نكن حتى ونحن داخل العراق بعيدين عن المشهد الشعريّ العربيّ والعالميّ. الشاعر العراقيّ دائب البحث والمتابعة ودائم الإطلاع على التجارب العربية. صحيح أن الشعر العراقيّ تعرّض ولم يزل الى تعتيم بسبب وضع العراق السياسيّ أولاً وبسبب طبيعة الشاعر العراقيّ (فهو لا يعرف كيف يسوّق نفسه) ثانياً، إلا أنني أجزم أن ليس من اختلاف كبير بين ما أخذه الشاعران (المقيم والمنفيّ) من التجارب العربية والعالمية. نعم قد يكون الأمر مختلفاً عند من تمكّن من إتقان لغة أخرى، وهو أمر متاح حتى لكثير ممن هم في داخل العراق.
على أية حال أظنّ أن الشاعر العراقيّ داخلاً وخارجاً يعرف عن الشعر العربيّ أكثر مما يعرف أيّ شاعر عربيّ عن التجربة العراقية الغنيّة والثرّة والمجهولة.

- يقول أدونيس: "الشعر قدر بشري و الشاعر مفصول عن التنبؤ" و يقول البياتي: "الشعر استكمال المشوار الذي وصل إليه اللاهوت و توقف" ، ماذا يقول أحمد عبدالحسين عن
الشعر ؟
لا أرى من تعارض بين رأيَيْ أدونيس والبياتي. الشعر قدر بشريّ طبعاً وهو نتاج إصغاء الفرد الى أعماقه، ليس من وحي يحوزه الشاعر الا وهو مما يوحى اليه من داخله، وليس من أصداء تتردّد في حجرات القصيدة إلا وهي أصداء إرث الشاعر نفسه (مما قرأ وعاش وشاهد وتأملّ)، لكنّ إرثه وقد ارتدّ عليه لغةً أتى اليه بالمدهش والمباغت.
ثم ان الشعر لا يكفّ عن التأكيد على جوهره الغيبيّ، على أن لا يُفهم من الغيب هنا التجليات الدنيوية للدين (من أحكام وشرائع مثلاً). يقيناً إن اندهاش الصوفيّ (وهو اندهاش لاهوتي) لم يكن نتاج انكبابه على الوجود الخارجيّ، بل نتاج تأمّل عميق بما في الذات (أنا الحقّ، ليس في الجبة الا الله)، وهكذا فان منطلق الصوفيّ والشاعر واحد كما أرى، كلاهما ساعٍ إلى استنطاق الغريب الذي يسكنه، الغيب الذي يحمله في داخله، والذي هو ليس شيئاً طارئاً عليه.

- جربت كتابة المسرحية ؟ فيم تختلف أفكار و مشاعر الشاعر حينما يكتب مسرحية أي عمل ابداعي آخر ؟
أحبّ كتابة النصّ المسرحيّ، أولاً لأنه يتيح لي استثمار الطاقة الحواريّة وتعدد الأصوات (الموجود في نصوصي الشعرية أساساً على ما أظنّ وعلى ما أشار الى ذلك ناقد مهمّ هو الأستاذ فاضل ثامر في مقال له عنّي). وثانياً لأني أجرّب في النصّ المسرحيّ أداءً مغايراً للتخييل، فيه لا تكون الصورة فقط هي مناط هذا الأداء بل حياة الشخوص ومصائرهم وعلاقاتهم مع بعضهم البعض، وهي طريقة مدهشة لاستثمار الخيال وممتعة. وأخيراً فان الإقناع الذي نرومه في النصّ الشعريّ يظلّ أولاً وآخراً إقناعاً بلاغياً اذا جاز التعبير، أما في المسرح فنحن مجبرون على خلق حياة متكاملة تكون بمجملها مقنعة لمن يقرأها ـ يشاهدها، عليكِ أن تدرسي الحالات النفسية للشخوص ومعرفة كيف يكون فعلهم مبرراً.
هناك شيء آخر مهمّ جداً وهو اننا حين نكتب نصاً مسرحياً فاننا نعرف انه مجرد مسودّة ولا يعود ناجزاً الا على المسرح نفسه، على الضدّ من الكتابة الشعرية التي تكون منتهية حال صدورها عن الشاعر. وفي ذلك التذاذ كبير: أن تمنح فاعلاً آخر، بل فاعلين كثيرين فرصة ترجمة منتجك وخلقه من جديد. أتهيأ الآن ـ بايحاء من صديقة روحي المخرجة المسرحية المبدعة ميديا رؤوف ـ إلى الكتابة عن حياة فروغ وشعرها. ولن يجمع ما أفكر فيه الا نص مسرحيّ سيرى النور قريباً على ما أرجو.

- ما هي رؤيتك لقصيدة النثر العراقية ، و هل ترى انها ظلمت و لم تـأخذ حقها من الاهتمام و النقد رغم ان قصيدة النثر العربية كـُتبت أو انطلقت من العراق في العشرينات كما ذكرت في اجابتك سابقاً ، و كما ذكر الكثير من الأدباء العراقيين منهم الاستاذ صلاح نيازي في أحد حواراته ؟
قصيدة النثر العراقية مدهشة وتستحقّ الدراسة ليس فقط لأنها (الرائدة) بل لأن شعراءها جربوا كلّ أنماط التعبير فيها (وان كان دائماً ثمة نموذج ما يتسيّد في حقبة دون أخرى)، فهناك قصيدة النثر الستينيّة (التي مازال بعض رموزها المشهورين يواصلون كتابتها بدأب) التي لا تتستر على مراجعها السورياليّة، كما ان هناك القصيدة التي يمكن تسميته بقصيدة شيئية، هناك قصائد يوميّة، والأن تشيع كتابة النصّ الذي لا يعير كثير اهتمام للاحتفال باللغة، ردّاً على الحقبة الثمانينية التي كانت اللغة واكسسواراتها وزخرفها هي السائدة فيها.
ليست قصيدة النثر العراقية وحدها هي التي ظُلمت بل الشعر العراقيّ كله. وأسباب ذلك معروفة كما أرى، أغلبها يتعلق بالظرف السياسيّ الذي مررنا به، وبانطواء الشاعر العراقيّ على إيمانه بالشعر وحده، وكسل الناقد الذي أدمن أبتلاع حبوب منوّمة قبل النوم وبعده.
من المؤسي والمحزن أن يكتب سعدي يوسف قبل عامين فقط مقالاً يسميّه (بهجة قصيدة النثر) ليحتفل فيه بشاعر مات بعد هذه المقالة بشهرين تقريباً. وأشدّ إثارة للحزن أن يكتب عباس بيضون عن رعد عبد القادر بعد وفاته ليقول انه لم يسمع به من قبلُ، مقدّماً ما يشبه الاعتذار عن ذلك. هذان مثالان على الظلم الذي لحق بشعرنا العراقيّ الذي يبدو انه مقدّر له أن لا يحتفى به إلا في المآتم، كحال كلّ العراقيين ربما، لا يُذكرون إلا جثثاً أو مشاريع جثث.

- يتهم الكثيرون الشعر الحديث بالغموض ، فهل الغموض تهمة يحاول الشعر اثبات براءته منها ؟ ما رأيك بهذا الطرح ؟
في الشعر لا مفرّ من ملاقاة الغامض في المنعطف القادم. حيثما نكن في الشعر نكن في الغامض من القول لأن الشعر ببساطة انتقال باللغة من حدّها التوصيلي فقط الى حدّ لا يعود فيه التوصيل إلا معطى من بين معطيات أخرى جمالية. لغة الشعر غير منفكّة عن الترميز والإزاحة ومداورة القول والكلام الموارب، أي كلّ ما يدخل في باب الاصطناع. ثمة في النقد العربيّ القديم مصطلح صناعة الشعر وهو دقيق ويصلح ردّاً على شعراء السليقة الذين هم أكثر الذين كتبوا تقارير الوشاية والشكاية من غموض الشعر منذ زمن أبي تمّام والى آخر الشكاة المتبرمين في زمننا وهو شاعر عراقيّ كتب مقالاً مضحكاً في مجلة ألواح عن (وصفة لكتابة قصيدة نثر)، صبّ فيها كلّ جهله بالشعر، وبقصيدة النثر وبالغامض والواضح من القول على السواء. نحن في زمن إشهاريّ بامتياز، كلّ شيء يعلن عن نفسه صراحة وبوضوح تامّ يبلغ حدّ الفجاجة. في الموسيقى هذا زمن الهب هوب والأغاني التي تقول ما تريد فوراً بلا توسّط من تلميحٍ وإيحاء هما سمة كلّ جهد فنيّ، أظن أن عليّ أن استدرك ... هذه الأغاني لا تقول ما تريد بل ما يريد جمهورها وهم جمهرة المراهقين الذين لهم الحقّ في تكوين فنّ خاص بهم يتوافق مع ذائقتهم المبنية على التسرّع، المباشرة والفوريّة، إذ ليس لديهم وقت لانتظار ثمرة تنضج لتسقط عليهم، فليقطفوها إذاً فجّة كما هي. في الرسم: السائد الآن هو الواقعية الجديدة لدى(المختصين)، والسوريالية (دالي خصوصاً) لدى المتعلمين (والمثقفين)، وكلاهما (دالي والواقعيين الجدد) نتاج العقلية الإشهارية ذاتها، ينتجون عملاً فوتوغرافياً. والفوتوغراف نسخة صريحة وواضحة للعالم، حتى لو كان مقلوباً كما عند دالي.
هذه سمة العالم اليوم وهي لا تخص الفن وحده، سأعطيكِ مثلاً من السياسة:
لابدّ انكِ لاحظتِ معي الاستعدادات الاميركية لحرب العراق، لقد كشفت اميركا (قبل الحرب) عن كل خططها الحربيّة وأعلنت حجم قواتها بدقة، وهو أمر لم يحدث في كل حروب العالم التي تحرص فيها الجيوش على السريّة التي كانت أحد عناصر الانتصار في كل حرب.
ثمة كراهية للسرّانية تكتنف العالم، لا مكان للاختفاء إلا للخارجين عن القانون (بن لادن وأشباهه)! كلّ شيء مطالب بالوضوح، بالانكشاف والظهور وتقديم نفسه بالوضوح الذي هو سمة عصرنا السعيد هذا. هذه شيمة كل سلطة شاملة، انها تستنطق اللسان، ترغمه على القول الصريح دون مواربة، لضمّه الى ممتلكاتها. لقد حدث هذا زمن سلطة المدّ الماركسي التي أنتجت الواقعية الاشتراكيّة وركام قصائد حمزاتوف وناظم حكمت والبياتي (لكي لا نسمي آخرين)، تلك القصائد التي كانت وفيّة مطيعة للعقيدة المطالبة للانكشاف بمقدار عدم وفائها للفنّ. وحدث هذا زمن الديكتاتوريات: قال صدام حسين لحشد الفنانين انه لايريد لوحة يضطر فنانها الى شرحها بل ان تشرح نفسها بنفسها، ولكِ أن تتخيلي لوحة تكفي ذائقة صدام حسين الفنيّة لفهمها! ستكون أعجوبة لا تختلف كثيراً عن أعاجيب الواقعية الإشتراكية في الفنّ والشعر. زمننا الإشهاريّ هذا هو ربيع المتعَبين، الفردوس الأمثل لأنبياء الوضوح، الذين يريدون الشعر تلقائياً تنحصر مهمته في قول فوريّ لما تستشعره الذات دون اضطرار الى تقصّي امكانات اللغة والخيال وفتح نوافذ للتأمّل واستثمار المعرفيّ … وكلّ هذه موارد تأتي الينا بالغامض شئنا أم أبينا. للمسألة جنبة تتعلق بالاقتصاد (لامفرّ من ماركس هذه المرة)، إذ أن الإشهار يا حبيبةُ مقدمة للتسليع، كلّ شيء عليه الدخول في هذه الآلة التي مهمتها الإيضاح والتبسيط والكشف من أجل أن يُسلّع أخيراً، ليكون قابلاً للتداول في هذا العالم الذي أصبح سوبر ماركت كبيراً. الشعر (أقصد ما يحمل نار الله الموقدة لا هذه النصوص التي تتغنى بالزهور والفراشات من أجل أن تباع) يأبى أن يكون سلعة. أفضل له وأجدى ـ كما يقول دولوز ـ أن يتحوّل الى صاعقة. الصاعقة وحدها لا يمكن أن تكون سلعة.
سيظلّ على الدوام أناسٌ يهبون العالم قولاً مختلفاً، يهبونهم العمق لتخليصهم من سطحية الإشهار، يهبونهم التأمّل الذي لن يفهمه بالتأكيد ذهن بطران يريد قراءة نيتشه على انغام الهب هوب. الذين اكتفوا من العالم بملاحظة معانية الفوريّة التي يتيحها سطحه سيظلون أبد الدهر يتشكّون من غموض هو البدّ اللازم للشعر حيثما كان. على أن نفرّق هنا بين انعدام المعنى الذي جاء به أنبياء كذبة الى الشعر وبين نصوص تريد رفد المعاني بالعمق، بين نصّ لشاعر لم يعرف الا الإزاحة اللغوية سبيلاً الى الشعر وبين نصوص ريلكة التي قدّمت خلاصة الفلسفة الالمانية شعراً، بين تخريجات أدونيس اللغوية السهلة والمضحكة (أتشجر، أتكوكب ..الخ) وبين عمل لوكليزيو في الوجد الماديّ أو عيسى مخلوف في عين السراب. باختصار علينا التفريق بين انقطاع القول وعمقه لنعرف أن للغموض فضيلة انقاذنا من الحدّين: من إشهار عصرنا وفجاجته ومن عدم القول الذي تتحفنا به مدرسة الصمّ والبكم للحداثة الشعرية العربية.

- يرى البعض ان ضعف التجربة الشعرية الحديثة يرجع لغياب النقد ، هل ترى انه من الصعوبة ايجاد ناقد مؤهل ؟

غياب النقد سبب أساس في ضعف الشعر طبعاً. ثمة أجيال تتكون وتشيخ ولا تجد ناقداً يتغمدها برحمته. المشتغلون بالنقد لدينا كثيرون لكنهم منشغلون بلعبة استهوتهم فأدمنوها، لعبة تتمثل بمطاردة النظريات الجديدة وتقديمها الينا، لكنها لسبب ما لا تصل الينا طازجة، بل بعد أن تكون قد استهلكت في بلد المنشأ. تجارب سبعينية وثمانينية لافتة ومهمة جداً مرّت دون أن تلحظها عين الناقد التي ترصد الأسهل الأقرب اليها. أتفهّم صرخة زاهر الجيزاني (وإن كنت لا أوافقه على مضمونها) حين قال ان نصوصنا لن يقرأها الا فيلسوف!
كان يريد ان النقد بصيغته الحالية لدينا لن يصل الى العمق الذي بلغه النصّ الشعريّ.
من بين التجارب الكبيرة في الشعر العراقيّ في سنيّ الثمانينيات الحافلة بالاختلاط المدهش لم يجد النقاد مادة لاحتفالاتهم سوى نصوص سهلة التراكيب لشعراء التبسيط التقليديين الذين قلّدوا الستينيين. ربما لأن نقادنا توقفت ذائقتهم عند سنيّ الستينيات التي بلغ فيها النقد نضجه، وربما لأنهم، حالهم حال القراء الخاملين، ارتضوا بما يمنحهم لذة فهم فوريّ للنصوص.
كلّ ما أعرفه ان هذا وذاك ليسا من عمل الناقد. ثمة ظاهرة جديرة بالانتباه وهي قيام الشعراء الآن بوظيفة الناقد وهو أمر رائع ويتيح لهذا الشاعر الكشف عن ذائقته وفهمه للشعر كفعل معرفيّ. استوقفتني مقالات سليمان جوني من العراق، ونصر جميل شعث من فلسطين كمثالين على يأس الشاعر من وجود ناقد غاب منذ ثلاثة عقود ولم يعد.



موفق السواد :



السيرة الذاتية :

- ولد موفق السواد عام 1971 البصرة – عراق .
- نشر العديد من القصائد في صحف عربية وهولندية .
- شارك في كتاب شعراء عراقيون في هولندة والذي صدر عن البيت العراقي في عام 2001.
- صدرت مجموعته الشعرية الأولى نهار ابيض كالحليب باللغة الهولندية عام 2002 .
- كما صدر كتابه الثاني أصوات تحت الشمس باللغة الهولندية عام 2002 .
- يعمل مذيعا ومعدا في راديو هولندي عربي .
- ساهم بعدة انطلوجيات هولندية وعربية كانطلوجيا العراق الشعرية ونسابا
من هيئة تحرير مجلة أحداق الثقافية .
- صدر له كتاب مشترك مع الفنان سعد جاسم تحت عنوان " 1001 ليلة و ليلة انتظار " بثلاث لغات عربية و هولندية و انجليزية .
-حصل العام على جائزة الهجرة للأداب وهي تمنح للكتاب الاجانب.
- يعد الآن لإنجاز مجموعته الشعرية العربية الأولى .
- الموقع الالكتروني :
http://mowaffk.jeeran.com
http://www.mowaffkalsawad.cjb.net
[email protected]


قصيدة :
بياض الحانة

جـسد ٌ ينـمو تحت أظـافـري
وامرأة ٌ تـحـرقُ البـخور َ
وتستعـدّ لد فـني

مـد نٌ تـهـربُ إلـي ّ و تسـتـقـّـر
في حـنجـرتي
لكنني سـوف أهـجـر الغــناء َ
سـوف أتــركُ رغـبـتي
واغـلـقُ الـعــدم ْ

جسـدٌ يـنـمو
وأظافـري تـتـمزق
والمرأة ُ
قـد انـتـهـتْ تـوا
من تـضـلـيل قـبري
و عهـدتْ لغـراب ٍ أبيـض َ
أن يتـلو وصـيتي


لهـذا تركـتْ الـباب َ مفــتوحا
والسريـر فارغـا
وشجعـتـه أن يـركـب َ
أول موجــة ٍ
عـله يغــرق
أو يموت ..
يحـتـرقُ بذـكريـاتـه ِ
وقصائــد َ تـهـرب للمـاء
هذا ما عرفـتـه عن جــسد ٍ
أخـذ مكانـي
قبل عــدة ساعــات ٍ
رأيـتــه واقــفا يرشقـني بكلماتٍ غامضة
كنـت أعرفـه
مـمددا
قـربه ولا أستطـيـع الحراك
سوف يقـتـلني هذا النائـم قـربي
سـوف يجـلدني
وأنا مشـدود ألـيه

أغـريـتـه
أن يركــبَ أول مـوجـة ٍ
ولكـنـني عــدت مـبللا
والسريـر غـارقـا بالـدهــشة ِ
سأعـرفه
لو استـطعــت ُ الوقوف َ بقـدم ٍ واحدة ٍ
آه ٍ يا عـجزي المكــّبل ِ بالماء ...
لن أهبـك الساعات الأخـرى
من بـياض الحـانات
ولن تعـرف َ بعـقـارب َ صـمتي
لـن تعـرفَ لغـةَ الخيـول والركـضِ طـويلا
بين غـاباتِ الـنـشوة
وارتعـاش ِ القـصـيدة
سـكْـرى أمــدّ لها يـدي
بـبهـجة ٍ يتساقـط ُ اللـيل ُ
لكن أيـن هو
أين آثارَه ؟
اين الـكأس التي شربنـا منها سويـة ً
غامـقـة ً كانــت ْ
تـرتـل ُ مايـسّاقـطـه الكلام ...

جـسد ٌ كلما راودتـني العزلـة ُ
ارتجـفَ قليلا
يلـوّح بحكايـةٍ نعرفها سوية
مـنذ زمـن البارحـة
من أول موجة ٍ أغريــتها بـه
من فـرط أصابعي تــنداح ُ الحكاية كلها
والمرأة تــنشر أطـباقا
وتحـترقُ
تـدوّن بإصـبع حـناء
وتـتـركُ لـلرجـل ِ النائــم قـربي
سبـعــة سيـاط سيـجـلدني بها
قـبل أن أدوّن ما تسـاقـط من وصـيـتي ...

قراءة :

موفق السواد : ولادة وجه بلا ضجيج .

إنها ليست المرة الأولى* التي أتناول فيها تجربة الشاعر موفق السواد . صدقاً إنني أجد بشكل مدهش ما يثيرني باستمرار في قصائد هذا الشاعر . يقول رفائيل ألبرتي : ( نحن الشعراء ينبغي أن نبشر العالم بما هو جميل ، أن نكتب شعراً حاداً كالسيف أحياناً ، و أحياناً رائعاً كالزهرةِ ، بما أنه قد حتم علينا أن نعيش بين السيفِ و الزهرة ) . هذه رؤية ألبرتي لوظيفة الشاعر و التي يجيدها موفق باحترافٍ في رأيي عبر رؤية لم أصادفها مسبقاً . حين تتعرف على مفهوم الشعر لدى موفق تجد إنه مختلف تماماً عما سبق طرحه في تاريخ الشعر ، مفهومه لم يكن مستهلكاً أو تقليدياً ، إنه يرى الشعر وظيفة كل الحواس ، قوى سيكولوجية و باراسيكولوجية أحياناً ، متداخلة في نص خارج سياق الرتابة و الاصطناع ..
قد تكون تجربة الشاعر مظلومة من قبل النقد العربي ، و هذا شيء طبيعي جداً يتعرض له الكثير من الشعراء الشباب غيره . لكن الأجمل في الأمر حينما اكتشف ان السواد يعتبر من أهم التجارب الشعرية في هولندا ، و الاحتفاء به من قبل القراء الهولنديون يثير الدهشة ، و التعب حين نعرف اننا سمحنا لأنفسنا سفح جمال هذه التجربة بركنها لغبار الذاكرة .

يتضح لي أن الشاعر يقف بشكل خجول بين الإرث ( أو الموروث ) و التطور المستمر الذي يطرأ على النص الشعري بشكل عام . هنالك توافق في الأدوات ، لغة بسيطة في جمالها و مضيئة بشكل مغاير . في الأغلب يقع الشعراء في فخ اللغة و زوائدها فتسقط الرؤية ، أو على العكس بأن يكون الشاعر مفرغ من الداخل و معتمد بشكل كلي على الكلمات !!

الأصابع أو إصبع العرس
مغروسا باللون بالحنة
ثمة من يتذكر ان اللوحة اغلقت أبوابها
طربا يقودني العرس مرة
او تسقط ذاكرتي عتالون يدلقون
الفرح افواجا تدخله روحي


إنه بلا رحمة يفاجئ قلب قصيدته ، يطردها عبر طقس خلا ّق و مكثف .

ليلة البارحة
تركت جلدي معلقا
في باب الغرفة
وقفزت عدة أمتار
من قفصي الصدري

هنالك روح " مغامرة " و " حنين " لما هو مفقود . النص هنا لا يعاني جزئيات الغربة التي اهترأت جراء الاستهلاك المتكرر لها ، بل عبر محاورة لرؤى بعيدة و عوالم قصية . و هذه الميزة تمنح القصيدة لقب " الحلم " . الأهمية هنا ليست في الحلم أو في براعة المخيلة ، إنما في كيفية تورط ماهو إنساني لدى وعي الشاعر الحالي في تكوين وعي مستقبلي للقصائد التي سيكتبها الشاعر بشكل شمولي و مطلق :
كلما حاول أن يتذكر
الأثر الذي قاده إليها
تلتف الدروب عليه
و ينهدم الدم في أصابعه

لا شك أن هنالك سؤال يطرحه القارئ حول التجارب الشعرية العراقية الجديدة خاصة تلك التي نمت خارج الوطن ، حول تحول ثقافة الشاعر إلى إتهام كبير بحكم فرضيات حياته و تضاربه بين بيئتين مختلفتين ( العراق / وطناً أبدياً ) و
( البلد الآخر / جلوس مؤقت أو منفى ) .
إنني اعترف بصراحة إنني إلى الآن لم أجد شاعراً عراقياً شاب يؤمن أو يطبق نظرية نيتشه حول ما يسمى : ( المنفى هو الحرية ) .

أجد موفق صورة عن الوطن بجميع فضائله : الذاكرة الجميلة ، الشخوص المفتقدة ، و الوطن الذي لا يستبدل .. كما في خطاياه : الحرب ، المنفى ، الموت ، أو الاحتراق بعيداً . كما في قصيدة سيناريوم لحلم صغير حيث : الخيول البرية / تاريخا و بيئة، النساء / ذاكرة جميلة و شخوص مفتقدة ، المدينة / حرب و حب :

كان سريري محاطا بخيول برية
ونساء يحكين قصة
عن مدينة تقتل عشاقها

في نص " الجريح يستيقظ " أفضل مثال ، و لربما أجده أنا من أجمل النصوص التي أطلق عليها نصوص ( الومضات الشعرية ) و التي تعبر بشكل مرهف بعيد عن الخطابية و التوظيف التقليدي للأسطورة .

كنت أصرخ
الحرب لن تموت
سوف يشربها دمي.

و نص " بياض الحانة " أيضاً ، لم يكن الشاعر في طرحه يصفو إلى مفهوم
" خمرة الخلاص " ، إنما هنالك مكملات للصورة تفتح لك الانغماس في إعطاء الحالة بُعد آخر ، و تحليلات متعددة .

لن أهبـك الساعات الأخـرى
من بـياض الحـانات
ولن تعـرف َ بعـقـارب َ صـمتي
لـن تعـرفَ لغـةَ الخيـول والركـضِ طـويلا
بين غـاباتِ الـنـشوة
وارتعـاش ِ القـصـيدة

ما يتم طرحه ليس بتصنيفات آلية : قصائد حب ، إيروتيكا ، حنين ، حرب أو غيره .. إنه حلم فردي في ظاهره / جماعي في باطنه . و في رأيي لا يوجد ولوج مُعتم لجيوب القصيدة " الغيبية " التي يصطنع البعض بها خلق ما هو مبهم عبثاً ، من باب توظيف الفلسفة شعرياً !!

كان الدرس الذي تعلمه
من الليل
ان ثمة ليلا اخر
وقبل ان يصل الى ليله
أعترته الصفرة المتوارثة
ومات في الصباح


يهرب موفق من الأرصفة الإسمنتية و واجهات المحلات الضخمة إلى القصيدة باعتبارها بستان أخضر زاهي بالإنسانية و البراءة كما خلقت ، دونما أية تحريفات إيدلوجية :
ليس بوسع أحد استعادته
كان لصيقا بالمكان
الذي غادره
مرارا
متخذا من الليل الرملي
سريرا مهابا
والنجمة تقتفي
خطاه الموغل في الرمل

هذا الشاعر باختصار بنفسجة أينعت بحبها في وحل التجارب الكثيرة عدداً و القليلة ابداعاً . يا له من وجه يولد بلا ضجيج .

منى كريم


* اقرأ قراءة : " موفق السواد : بداية الحلم و نهاية الموت " لمنى كريم – جريدة المنارة .

مفيد البلداوي :




السيرة الذاتية :
- مفيد عزيز البلداوي
- مواليد 1971
- عراق- بلد
- حاصل على بكلوريوس اداب ولغة عربية من جامعة بغداد عام 95
- اقمت اربع سنوات في ليبيا فيها انشرت قصائدي في الصحف والليبية والعربية والمجلات .
- والان مقيم في المانيا من آب 2002
- ينشر في الصحف والمجلات الموجودة في أوروبا ، وعلى الشبكة ( الانترنيت) .
- يقول : سأرجع للعراق سواء كنت في نعش أو محمولاً على أهداب بنات نعش ....متى؟ .. لا أدري ؟!

- البريد الإلكتروني :
[email protected]
قصيدة :

البــــــــراءة

مرةً كنتُ أسرق من جارتي صوتها
كي أغنّي فيسمعني قلبها
كنتُ طفلاً و مازلتُ
كنتُ البراءةَ ...و الآن أتلو (براءَ ةْ)

صرتُ منذ نعومة قمح البلادِ
أرى أنّ للخبز طعماً يغيّرُ ذائقة النفْسِ ،
ليس علينا سوى أن نحارب ضد الدناءةْ

كنتُ طفلاً يروّضُ عطف الإضاءةْ

فالظلاماتُ كثرٌ
و رائعة العمر أيامُهُ في الشبيبة ولـّتْ
بلا ندمٍ هرباً من تحدي المصرّين ألاّ تلازمهم
من تقادم أحلامهم شوكةٌ من إساءةْ

الخريفُ أتى يملأ الصحن من يابسٍ لا يقاوم أنفاسه
خالعاً حزنه ،
كي يغطّي المسافة بين الرحيل و بين المنى …
فاستعرتُ رداءهْ

نصفُ عارٍ.. و ربعُ غريبٍ ..و ربعُ سويٍّ
يطالبُ أن يشتري كوكبٌ عاقرٌ رزمةً من أنابيبَ يحتاجها في التوالدِ …
أو يتبّنى من الرمل كم حبّةٍ ثمّ يصنعها لؤلؤاً و يباهي بها
صعفَ أحلامه و ارتخاءَ هْ

كنتُ خيطاً و مازلتُ…
مازلتُ أحلم أن أستر الأرضَ عورتها..
فقراءَ المدينة..
رغبتَها بالتعلُّم.. خيبتَها
و تحمّلتُ غفلتها كي أصير العباءةْ

فأظللها...
غير أنّ لها سبباً يستحي أن يُقال تنامُ وراءهْ

فهي أكبرُ منّي بشبريْن
أو لا يُقارن ما بيننا الحجمُ
أكبر بليون ضعفٍ
و لا يقبلُ العقل أن تختفي نملة خلف أخرى
و لا جبلٌ خلف ذرّة رملٍ
و لا يستطيع الذين إذا رضخوا للضياع ازدراءَهْ

كنتُ طفلاً أعبئُ شكل الحقيبة ما تحتوى من دفاترَ؛..
بعضَ المساطرِ،…..
ما ينفع الشعر للرسمِ،..
أقلامَ لا تعرف الحبرَ..... تكتبُ .. تشطبُ أسماء نصف المدينةِ ،
أرهقني الشعرُ.........
لم يبقَ إلاّ قليلٌ من الحبر تحت انتضاءهْ

غربلتني الدروبُ،
و لم يبقَ من قدمي غيرُ معنى الخطى
مطرٌ.. مطرٌ
مَنْ سيمشي على إثْر معناي في الوحل كي يربحَ الإنتشاءةْ؟

وانحنى كافرُ الهمِّ في مجلسي
و لنا وطنٌ يستلذُّ بأخذ عهود المحبةِ ،
حتى إذا بلغ الأمرُ أنّا نموت كراهيةً ،
أو من الضحك الكاشف اليأسَ فينا
كتبنا له حبَّنا بيتَ شعرٍ
و صغنا قصائد هجر سماءَهْ

و أخاف على الشعر من سطوة الحقد
علّمني الوزنُ أن أصنعَ القول ملءَ فمي
و أرتّبَ أفعال ما كنتُ أنوي بفوضى
و أقتلَ بين السطور قوانين موصوفةً بالرداءةْ

زمنٌ ناسُه مثلُ مزرعة الفجلِ
الرأس في الطين.. و الدودُ في ورقٍ و الفجاءَ ةْ

أن بدا يأكل الفجلُ فجلاً
و كنّا رؤوساً .. و ترأسُنا في المحافل أفرغُ منّا رؤوسٌ
و نعلنُ دولتَنا في البلاد التي أصبح القمح هاجسها الفردَ،
أبحثُ عن وطنٍ داخلي
لأسجّل نفسي على ما تملّكتُ ..
أكتشف الآن أمّيتي
و أعلّلُ بالبحثِ عنّي اختفاءهْ

الكبارُ يريدون أن يبلغوا سبباً لاطلاعٍ الى الله
يبنون ناطحةً للقضاء و للقدر الواقعيّ ...
و يحتكرون سماءهْ

زمنٌ ثُلّـةٌ من طغاة ٍ.. و مجموعةٌ من بُغاة ٍ
يحرّكهم بالعصا الساحرون ...فنحسبهم عظماءَ هْ

و مزاميرهم كثرةٌ
كنتُ في عطبي .. و أدورُ لأستصلح الصوتَ
لا حولَ .. لا قوةٌ .. لا هتافٌ يؤيّدني
كنتُ في آخر الصّف منتمياً وِفقَ تصنيفهم للعداءِ ،
و لم أكُ غيرَ فداءٍ .. و كبشَ فداءٍ
و سكّينهم تشتهّي السباق إلى النّحر…
أو تتحدى انتماءهْ




حوار :

مفيد البلداوي : أخذت من الإرث العالمي المعرفة الحقيقية للانسانية المفقودة لدينا .


أجرت الحوار : منى كريم

- ما هي رؤيتك للتجربة الشعرية العراقية الجديدة في الخارج .. ؟ و هل باعتقادك انها مثلت الأدب العراقي رغم تركزها بشكل كبير حول فكرة
الاغتراب و المنفى ؟
التجربة العراقية ليست جديدة في الخارج ... أفترض أن في زمن حمورابي كان ثمة شاعر عراقي يشعر بالاضطهاد والقهر فقال شعراً بطريقة ما .
ربما بالسفر الى بقعة ما وشرب ماءً من مكان ما فتذكر دجلة فبكى ..... ليس لدي دليل على هذه الافتراضية لكن الادلة اللاحقة تؤكد ذلك وهي كثيرة .
ربما تبدأ بابن زريق ولا تنتهي بأحد فمن أين يأتي الاعتقاد أنها جديدة؟! ثم هناك مسألة الخارج والداخل ...نعم أنا اعتقد بها جغرافياً لكن الاغلب على الساحتين هو وجود التصريح في الخارج ووجود التورية في الداخل - في زمن مضى - والمعاناة للداخل والخارج هي عراقية محضة وأستطيع أن أجزم أن للادب العراقي هويته المميزة من خلال القراءة للوهلة الاولى أعني أن النفَس يبدو واضحا عراقيا ، والاغتراب والمنفى بلورة للاغتراب داخل النفْس والنفي داخلها وإليها ، لو تسنّى لأحد أن يقرأ الادب من الداخل لوجد فيه منافي أكثر من جغرافية المكان .


- أجد في قصائدك تكرارًا لمفردات معينة لربما هي تمثل جزء كبير من الذاكرة و المكان العراقيين . ألا تعتقد أن هذا قد يُوجد تشابه بين التجارب الشبابية المطروحة ؟
القاموس المحيط بي مفرداته كالآتي ، وطن ، طفولة، حرب، نهر ، امرأة ، صداقة ، وغربة ....... وأنا عراقي فليس كثير عليّ هذا القاموس . اما التكرار فهو ذات الخشب الذي يستخدمه النجار في صناعة تحفة وكرسي ... التشابه دليل على صحيّة الحالة التي هي الاشتراك بالهم الكبير ، الهم العراقي ، الآن يكاد يكون هذا عاملا مشتركا أكبر بين الشباب وغير الشباب ...... كل العراقيين الان أعني الشعراء ينحتون صورة الوطن من خلال الشعر ....أغلبهم لا يغنّي إلا له لو تصفحنا ما متاح من المنشور العراقي لوجدنا فيض من الادلة على هذا .

- ماذا أخذت من الإرث العالمي بحكم إقامتك خارج العراق ؟
لا شيء على الاطلاق ..... سوى معرفة حقيقية للانسانية المفقودة في ظل أجوائنا العربية .... يعلموننا في المدراس الرفقَ بالحيوان والانسان اولى بهذا الرفق .... اما عن القراءة فلا شيء لأني الآن بدأت أتحدث الالمانية بشكل لا بأس به لكنه لا يرقى للقراءة من اللغة الام والحياة هنا للاجئ لا تسعفه أول الأمر كي يتحذلق ...إقامتي في الخارج كانت في ليبيا ليس في العالم الآخر.

- و هل تعتقد ان التجربة العراقية مستفيدة من الاندماج الموجود في القصيدة الجديدة ( اندماج الارث و الابداع العالمي بالعراقي ) ، ام أنها متضررة لدخول ما هو غريب إلى مساحة ثقافتها و إبداعها ؟
السؤال لا أعرف له أجابة ...... ما معنى اندماج الارث والابداع العالمي بالعراقي ؟؟
أظن أن الصيغة لو قُلِبت صار بامكاني الاجابة ... لان الابداع العراق هو الذي اندمج بالعالمي وليس العالمي بالعراقي بفعل المنافي العراقية الكثيرة
هل تخيّلت خارطة العالم ؟ ستجدين في كل مكان شاعر عراقي . بالمناسبة المنفى العراقي مختلف جداً لأنه منفى اختياري لم اسمع بشاعر أو عراقي نُفي إلى جغرافية ثانية غير جغرافية الموت ............ لكن الذين يعيشون في الخارج نفوا أنفسهم قبل أن تصل المقصلة الى رقاب أغلبهم ؛
مقصلة الفقر ..... أو مقصلة السلطة ..... كلتاهما بلا رحمة .
الاستفادة هي الحتمية بلا شك لأن العالم أصبح يعرف - وهو يعرف - أن ثمة قتلى أحياء في العالم .

- كيف تجد النشر في الصفحات الثقافية العربية ؟ هل هنالك من انحاز لك او عارضك كونك عراقي فقط .. لا من منطلق ما تكتبه ؟
المعاناة الحقيقية الآن هي جهل معظم المحررين الثقافيين في الصحف .... أو ربما انحياز الصحف ذاتها الى فكر معيّن لكن النشر لا بدّ منه لمن اراد أن يكون في الساحة ....وغير غائب أو مغيّب عنها لذلك تجدين اللعنة تتساقط كحبات المطر من شفاه الشعراء الواقفين على بوابات الصحف -مثلي-
يريدون استجداء النشر ليقولوا : ها نحن ذا !!
الانحياز ربما وجدته في جريدة الزمان فعلى مدى أقل من سنتين نُشَر لي فيها مايقارب الـ 40 نص ومقالات في الشعر و المعارضة لم أجدها لكوني عراقي لكن من منطلق ماكتبت وجدتها في جريدة العرب الصادرة في لندن فبعد عام من النشر امتنعت عني لأني لم أكن وفق هوائها وشتمت السلطة وصاحبها بلا تورية وهي أوضح من أن يقال عنها ( صدّامية) الفكر أو بعثيّته .
على الأصعدة الاخرى لم ألمس شيئا ووجدت في الانترنيت البديل الذي يشتغل نكاية بالصحف ... والمجلات هي الاخرى بديل رائع اعني المجلات الشعرية أو الادبية غير التابعة كـ ضفاف وألواح والحركة الشعرية ... لاحظي أن كل هذا خارج الوطن العربي وعليك القياس .


- ماذا عن النشر الالكتروني ؟ أتؤمن بأن هنالك جيلا عراقيا ولد عبر شبكة الانترنت ؟
قلت عنه بديل يشتغل ......... احترمه جدا وأنا الآن بصدد كتابة نص مديح لـ (مايكروسوفت ( التي وهبت الصعاليك جوازات مرور الى وعلى قلبها بلا منّة
ولا حتى تهديد ولا خوف منها ........... هي السلطة الوحيدة التي نشتمها نحن وتبارك لنا شتائمنا....

السلاطين عباءة قذرة
الصحف كالوزارات عباءات
وحده الانترنيت ...عباءة بيضاء
مايكروسوفت .... ايتها الحبيبة
ذوّبي هذه الآلهة العجول
وامنحي الصعاليك حصانك الخشبي

أما ولادة جيل عراقي عبر شبكة الانتنرنت فانت تدركين تماماً أن جيلاً عربياً كاملا من المضطهدين في سوق النشر وجد مرامه هنا
المجاميع الشعرية والقصصية ، القصائد المفردة ، المقالات ، التعارف السريع مع المهتمين ، من كان منا يحلم أن ينشر في اسبوع واحد نصين في مكانين مختلفين ؟؟؟ الآن يستطيع أي واحد منا أن ينشر على مدار الساعة .... إذا لم تكن له رغبة بالنوم !!
ليس جيلاً عراقيا فحسب قولي عربيا أو ربما عالميا من يدري ؟ عن نفسي لا أدري .




دلسوز حمه :


الشاعرة دلسوز حمه و المترجمة ميديا رؤوف

- شاعرة كردية تقيم في هولندا .

قصائد :
ترجمة: ميديا رؤوف بيكه رد

أسبوعية المرأة التي أحبّت العاصفة

الكره في دمي يغلي
وأُقسم
بفناءك
برشفة
بفصل
قبل ان تأكل رأسي في هجرة ٍ
و لكن ...
عندما ازرع يديّ في هذا الكره
و تضيع أصابعي في خصلات شعرك
تحت أظافري تزهر
مرة أخرى....
أتيه في الـ ( لا أعرف ) و
دون سماء أطير
ودون أرض أخضّر
ودون أمل
أحبك .
****
تقتلني
تضيّعني في انجماد هذا الصمت
الأفضل أن تقول شيئاً
قل أي شيء ،
علقني بهذا العزاء
في هذه الكنيسة دون عيسى ...
يجب أن يُصلب أحد
كيف ستمضي هذه الليلة دون موت؟!

****
صراعنا ليسَ العمر
ولا الثلج
ولا خريف القلب والروح
متى أنت تعلمت ألف باء العشق
وتمكّنت يَداك من الوصول
لطول وحدتي
وفهمت صمتي هذا...
أدخلتك قلبي .
****
لا أعتقد أنك تعيش مرتين
فالزمن جبروت شهوةٍ عجولة لشلال
والذي يسكبه على الأرض ...
لا يستطيع لملمَته مرة أخرى
لا تخف أنت –
لا أعتقد – أنك سترى امرأة مثلي مرة أخرى
تتوضأ عشقك بشلال السم الذي تسكبه
و في جهنم فراقك
تسجد سجدة الحب إلى كعبة صَمتك
لا تخف أنت –
لا تعتقد انك تعيش مرتين .
****


لا يهم ، ماذا حدث
ولا ما الذي سيحدث
لا أبالي نزيف روحي
الذي يأخذ عمري ...
لأني أستطيع القول ملء أنوثتي
لعذراء هذه اللحظة
أن تراب روحي الأخضر
عاش موسم عشق طويل
وهناك ايضاً...
أطلقت الدقات المواتية
من نافذة خواطري
هكذا....
الى جنون العاصفة!


الخطيئة الفضية


إ قرأ –
هذا الفصل من تاريخ عشقي
حتى لا تتيه في الليل ،
عندما تريد ان تُدخل فانوس الشمس الى الغرفة.


عندما تصبح سحابة

كم أنتَ رجل أسطوري
عندما صراع قصيدة
يُصِمتكَ
تشبه بعثرة سحب بيضاء
في قلب السماء ...
ومثل الأطفال أركض
أنتظر أن تُمطر على صوتي
كم انتَ رجل أسطوري
تفوحُ منك رائحة الغاب والطول والصوت .
أنا لا أعرف زقزقة الحروف
وهذا الكم من فراشات الاحساس على طولك
متى خُلقنَ
من أين أتين ؟ !

دعوة

لو كنت ( زليخا )
لانقلبت على عرش الفرعون الأكبر هذه الليلة
وعلى منارات المساجد
والنواقيس
أكسر موج انتظار الناس.
وأُوقظ يوسف من النوم
لأُعلن لأكبر السلطات، عشقي
أنتَ...
أيّها الأسود من الألم
جعلتك سلطاناً لنور شعري



الاسم

أرغب أن ، أحكي عنك ،
أسَمّيك للعاصفة
للمضيق المليء بالسكون في سفح الجبل
لأول بصيص أشعة الفجر
عندما صفحة تقويم ليلة أمس تشعل نار هذا اليوم
لصديقي
ولأمي ولخرير الساقية،
عندما تربط َحزن الليل بالانتظار والخوف،
لسكون ما بعد منتصف الليل
لهمس النجوم التي تتكلم رغم الصمت
أرغب أن اسميك
آه من أسطورة هذا الاسم
مطمئنة أنا بأنني أسعد امرأة
لأن رجلا مثلك يحبني
وسعيدة أكثر من هذا
لأنك سمحت لي أن احبك.

كانون الأول
مقطع من قصيدة تقويم قاف


أنت لم تنتبه إلى هذه المدينة
عندما الموت يسكب فيَ
وباستمرار يسقيني
الموت جعلني جبلاً
والغرور جعلني شمساً و
بأية ليلة لا انتهي
دخل الحب هنا
بيديك
بنفس واحد
هشّمني وبعث بي الحياة
إلى الأبد أشعلني
آه
لقد أفشيت بهذا السر
كان - يجب - أن لا افشي به - يا – فرهاد.





الذكرى السادسة
من ذكريات امرأة في البوم الشجار

بعد كل مشاجرة
وقبل أن أترك هذه الغابة المعطرة
أفكر بيديك
أنتظرهما تصالحانني
لا تدعني أذهب.....أعدني إليك
تقتلني كبريائي
أبدا لا تصدقني عندما أرحل
عندما أقسم
أنا دائما أكذب
عندما أقول
لنترك بعضنا بعضاً.

مجازفة

اصعدْ في تاريخي
تمعّن في زواياه، ابحث في دهاليز أزقتي
وإذا خرجت من الجهة الأخرى
أما أن تصبح تمثالَ رجلٍ حجري
أو مبللاّ يتقاطر من شعرك الهيام.

هطول الحب

لستُ بتلك المرأة التي تبوح بسهولة
ولا تلك التي تستطيع أن تقرّر على عجل.
لكن الطفل اللجوج لهذا العشق العجيب
كلما بكى
يجعلني أزحف وراءه.


جزء من جنة الجنون

اعتقادي أن تاريخ النساء
يبدأ من تلك اللحظة
عندما قدرٌ وردي
يفتح سحر العشق
إلى منتهى المشاهدة
وحدود الأجنحة الطليقة
في تراتيل المعانقة - طقوس القبل.

إن أطهر الخطايا الزرق
ليست تاريخاً إذا كانت بدون حبّ
بدون استشهاد الروح والزمن
في العاصفة.

إن أجمل الانكسارات
ليست بتأريخ.

امرأة بلا عشق ليس لها تاريخ
وامرأة دون التاريخ
ليست امرأة أصلاً.



#منى_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منى كريم - ملف الشعر العراقي المغترب