أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فراس عباس فاضل البياتي - أطفال العراق وعقود الموت الثلاث















المزيد.....


أطفال العراق وعقود الموت الثلاث


فراس عباس فاضل البياتي

الحوار المتمدن-العدد: 3082 - 2010 / 8 / 2 - 19:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أطفال العراق وعقود الموت الثلاث

(صورة خطيرة لواقع الطفولة العراقية)


فراس عباس فاضل ألبياتي


مقدمة
لم تشهد الطفولة العراقية منذ ما يقارب الثلاث عقود او أكثر حالة الرفاهية التي يتمتع بها أطفال العالم ، بل أن حياة الطفل العراقي حياة تشوبها التشنجات والعوز والخوف والقسوة ومستقبل مليء بالمؤشرات السلبية وسط مجتمع فرض عليه أن يكون عسكري قتالي ، وجائع معوز ولعل هذا يعود إلى أسباب عدة تضافرت فيهما بينها أهمها (سياسية ، واقتصادية ، واجتماعية)، لتلقي بالطفولة العراقية بمستنقعات الفقر والبؤس والعمل الإجباري على حساب التعليم والتثقيف والحياة الهانئة وقد تبدو ظاهرة ضياع الطفل العراقي واضحة للعيان منذ عقد الثمانينيات من القرن المنصرم، وأزاد ذلك في عقد التسعينيات حيث الحرب والحصار الملكوم الذي عصف بحياة حوالي نصف مليون طفل عراقي،
وسلك الطفولة العراقية مسالك خطيرة جدا بعد احتلال العراق في 9/4/2003، وما صاحب المجتمع من انفلات امني وليأخذ شكل الظاهرة بعدا أخر إلا وهو العنف وما افرزه من صور دامية سيحتفظ بها ذاكرة الأجيال لفترات لاحقة والتي سيكون انعكاسات اجتماعية خطيرة ، دفعتنا كمتخصصين بقضايا السكان والطفولة إلى الكشف عن الواقع المهين للطفولة العراقية في ارض تملؤها الخيرات لكن تعصفها الحروب والمشاكل،هذا كان موضوع دراستنا، أما الهدف منها التعرف على مشكلات الطفولة العراقية، وأبعاد الظروف المهيمنة على العراق على سكانه بشكل عام وفئة الأطفال بشكل خاص .والتي تكمن أهميتها بأنها محاولة علمية لطرح مشكلة اجتماعية ديموغرافية باتت تسكن بيوت الأسر العراقية .
تبدوا المشكلة في أساسها كارثة اجتماعية خطيرة في ظل الأعداد غير المحصورة برقم معين فكل يوم ييتم طفل وتترمل امرأة ليترك الأب خلفه عشرات الضحايا تفترسهم الأيادي الخفية والوطن المفتوح على كل الاحتمالات تؤكد التقارير بأن عددهم بالملايين وأشارت مصادر أخرى بتقدير النسبة لغاية شباط 2002بـ أكثر من 5 ملايين و200 ألف طفلاً يتيما أتراها كم تكون النسبة إلى 2007؟ يعيشون في كنف أرامل وثكالى لاحول لهم ولا معيل، معظمهم يعاني من سوء التغذية، والأمراض المزمنة، والانتقالية، وقسم كبير منهم من ذوي الاحتياجات الخاصة. وتضم بعض دور الأيتام عدداً قليلاً وهي بدورها فقدت مصداقيتها بعد الصور المرعبة التي تسربت من إحدى الدور الحكومية لوسائل الإعلام وكشفت حقيقة الانتهاكات لصور أطفال أبرياء بالإمكان تعداد فقرات أجسادهم النحيلة المرمية في زاوية ما هنا وهناك نتيجة المعاملة السيئة، والقسم الأكبر من الأطفال اليتامى يعيشون بلا مأوى حفاة، عراة تحتضنهم شوارع غير آمنة وعصابات الجريمة المنظمة في العراق انتزعوا براءة الطفولة وأشارت بعض وسائل الإعلام إلى استخدام بعض من الأطفال اليتامى أو أطفال الشوارع في عمليات التفخيخ التي تستهدف الأبرياء من العراقيين، هؤلاء هم أيتام العراق .
أولاً: طفولة الحرب الأولى وإخطبوط الحصار.
إن ما حدث لمجتمعنا من أحداث التي ألمت بالعراق منذ عام 1990، وما أعقبها من حصار شامل وقصف أمريكي أطلسي تركت أثارا مدمرة في معظم نواحي الحياة سيما الاجتماعية والاقتصادية، وكانت الطفولة العراقية مستهدفة من قبل الدول المعادية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها سواء خلال العدوان العسكري وما أعقبه من نظام مشدد سمى بـ (العقوبات الاقتصادية) التي لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً . فالحرب لم تستهدف البنى العسكرية فقط، بل استهدفت البنى التحتية لمجتمعنا فحرم شعبنا من توفير احتياجاته الحياتية وشلت حركته التنموية ، ومن المعلوم فان فئة الأطفال هي أكثر الفئات السكانية تأثرا بتلك الأوضاع الاقتصادية ولاسيما في الدول التي تعاني من ظروف اقتصادية غير مواتية، مما يؤدي إلى قصور في توفير الخدمات الأساسية اللازمة ، إن تدهور الوضع الاقتصادي ينعكس تأثيره السلبي في كافة الجوانب الحياتية وهذا ما حصل في العراق إذ سار مؤشر الحياة نحو الانخفاض بصورة عامة ومؤشر التنمية بصورة خاصة ، وانعكس على المستوى الاقتصادي للأسرة العراقية، أي مستواها ألمعاشي الذي يعد الركيزة الأساسية لاستمرار الحياة والتصدي لصعوباتها ومخاطرها، هذه الظروف التي أفرزتها العقوبات الاقتصادية حرمت الأسرة العراقية من تحقيق الكثير من مشاريعها، ولعدم استطاعة أجهزة الدولة مساندتها بالقدر الكافي نحى المجتمع في اغلبه إلى خط الفقر وحدود الكفاف، وبالتالي شلت قدرة الأسرة على ممارسة واجباتها تجاه أفرادها بشكل يحقق لهم العيش بعيداً عن تهديدات المخاطر الحياتية، والتي يكمن في آخر مشوارها شبح الموت. إذ أدت آثار الحصار المتراكمة إلى تفاقم حاد في معدلات وفيات الأطفال وخصوصاً الرضع، ابتداءً من عام (1990)، بعد إن كانت قد حققت انخفاضاً كبيراً من (91.7) إلى (61.7) حالة وفاة لكل ألف ولادة حية خلال المدة المحصورة ما بين عامي (1974-1990) وكان مخططاً لها إن تنخفض إلى (32) حالة وفاة لكل ألف ولادة حية عام 2000 .
وحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية (اليونيسيف)، فان العقوبات الاقتصادية المفروضة على العراق بعد عام 1990 قد ساهمت وبشكل خطير في ارتفاع معدلات وفيات الأطفال، إذ أثبتت في مسحها لوفيات الأطفال والأمهات منذ حرب الخليج عام 1990، إن هناك زيادة خطيرة في هذه المعدلات لا سيما وفيات الأطفال في وسط وجنوب العراق وقدرت المنظمة انه كان يمكن تجنب موت مالا يقل عن (500 ألف) طفل عراقي خلال العشر سنوات المنصرمة أي ما بين عامي ( 1990-2000)
كما كشفت إحصائية لوزارة الصحة العراقية، إن معدلات وفيات الأطفال دون سن الخامسة من العمر بلغت (108) حالة وفاة لكل ألف ولادة حية، بسبب استمرار العقوبات المفروضة على العراق . وهذا يعني إن انهيار البنى الاقتصادية اثر في جميع جوانب الحياة إذ كان الارتباط وثيقاً بين الأوضاع السائدة في المجتمع واتجاهاته، وبين الأوضاع الاجتماعية والثقافية والصحية والتي يوصف بها السكان بمختلف فئاتهم. وبانت ظواهر الأثر المعيشي وتدهوره واضحة المعالم في الجانب الغذائي، الذي بدوره اثر سلباً في الجانب الصحي وبقية الجوانب الحياتية الأخرى للأسرة العراقية فالمواطن العراقي قبل الحصار وعلى سبيل المثال عام (1988) كان ينفق نصف راتبه الشهري لشراء الغذاء ويخصص نسبة لشراء الملابس والأثاث والمفروشات والسلع المنزلية، في حين صار اتجاه الأسرة العراقية مقتصراً على استهلاك المواد الغذائية وأساسيات الحياة والدواء فلم تعد الأسرة تنفق لشراء الملابس والأثاث الا النزر القليل لارتفاع أسعارها بشكل عام، ولم يعد يسد الموظف العراقي ما يتقاضاه من راتب شهري لتغطية حاجاته وإنما اخذ يستخدم مدخراته السابقة لسد هذا النقص في توفيرها
فانقلبت كل الموازين، ولا سيما الوضع الاقتصادي والمعاشي بعد أن بدأت معدلات التضخم تتسارع بشكل مفرط تمثل في انخفاض هائل في قيمة العملة المحلية (الدينار العراقي) مقابل العملات الأجنبية، وخاصة الدولار الأمريكي
وكان ذلك مؤشراً على انخفاض نوعية الغذاء الذي يستطيع الفرد الحصول عليه، وكذلك نوعية السكن ونمطه، وفرص التعليم وقد كشفت الدراسات الصحية والاجتماعية والاقتصادية في حينه عن وجود ارتباط وثيق الصلة بين معدلات الوفيات ومتوسط الدخل الشهري للفرد .
فأصحاب الدخل المنخفض والمحدود بدا يصعب عليهم الحصول على الغذاء والدواء لارتفاع أسعارهما ولشحتهما .. ثم جاءت اتفاقية النفط مقابل الغذاء والدواء عام (1997) غير إن الوضع لم يتغير كثيراً فقلة الكمية المتاحة للاستيراد فضلاً عن تأخر الموافقات على العديد من العقود من قبل لجنة المقاطعة الدولية وسوء النوعية المستوردة ورداءتها لم تغير من واقع معاناة الشعب والأسرة العراقية كثيراً، بل أنها بقيت على حالها السابق أو قريبة منه في حين كان من المفروض إن تقود الاتفاقية إلى تحسين الوضع التغذوي والصحي للفرد العراقي، ويعزز قولنا التقرير السنوي للأمم المتحدة (منظمة الصحة العالمية) لعام 2000 الذي يقول إن العراقيين يعانون من نقص في التغذية، بسبب ظروف الحصار إذ قدرت المنظمة إن مالا يقل عن (20%) من أطفال العراق ممن هم دون السنة الخامسة يعانون من عوق في النمو الطبيعي نتيجة سوء التغذية، أدى ذلك إلى انحدار مؤشر الحياة الصحية للأسرة العراقية، التي بقيت عاجزة عن الحصول على الرعاية الصحية والخدمية المناسبة للحفاظ على حياة أطفالها والحد من معدلات وفياتهم المتزايدة نتيجة الحصار .
وأشار تقرير لجنة الصليب الأحمر عام 2007 إلى أن تدهور الوضع الاقتصادي والصحي للعراقيين قد تأثر سلباً في إدامة المستشفيات والمراكز الصحية في العراق وخلف معاناة واضحة في خزن الأدوية، بسبب الانقطاع الطويلة المتكررة للتيار الكهربائي المؤدية إلى تلف الأدوية وفسادها فضلا عن أن أطفال العراق يعانون من مجموعة من الأمراض والتأثيرات كأحد الإفرازات النفسية السلبية للحرب المتمثلة باضطرابات النوم وإشكالات التركيز مما سيكون له أثرا بالغ الخطورة على الأنماط السلوكية للأطفال في المستقبل .
وتوصلت إحدى الدراسات العراقية(2007) في هذا المجال إلى أهمية الدخل الشهري في تأثيره على الصحة والمرض وإسهامه في تقدم حياة الأسرة، إذ يمكنها من علاج مختلف مشاكل الحياة ومواجهة صعابها لا سيما الصحية منها وتوصلت هذه الدراسة أيضا إلى أن (نصف ) وفيات الأطفال الرضع تحصل بين العوائل ذات الدخول المنخفضة جداً، والتي كان يمكن عدها متوسطة في عام 1983 .
وهكذا يتضح إن الحصار المستمر على العراق كان سلاحاً تدميرياً استهدف الإنسان العراقي وبلا تمييز، ولم يكتف بتحطيم التنمية العراقية بجانب معين من الجوانب سواءً (المعيشية والغذائية والصحية) فحسب، وإنما امتد إلى كل نواحي الحياة المختلفة وكانت الحياة الاجتماعية مصب كل الدمار الذي أدت إليه الحرب وان كل المجالات الحيوية في الحياة الأسرية تغيرت سيما الاجتماعية فزاد التفاوت الطبقي وانحدرت المستويات المعيشية لكثير من الأسر، وحدث تسلق طفيلي طبقي، كما حدث في المقابل تردي طبقي فكثير من الأسر انتقلت من طبقة إلى طبقة أخرى سواء من العليا إلى الدنيا أو بالعكس فيما يشبه القفزة السريعة . انعكس هذا على الوضع الصحي، كما على غيره من الأوضاع فعادة تنقاد الأسرة الفقيرة التي تمثل الطبقة الدنيا إلى ممارسات تقليدية غير صحية في رعاية أطفالها ، بسبب وضعها الاقتصادي السيئ منها مثلا ما يجعلها تدفع بأطفالها في سنوات حياتهم المبكرة إلى العمل لكسب العيش اليومي حتى في أعمال غير صحية، وبذلك تفرش الأسرة البساط أمام الأمراض عن طريق مزاولة أطفالها لبعض الأعمال وما يمكن أن يصيب الطفل من أمراض مرتبطة بمزاولته لتلك الإعمال، وهذا ما نراه واضحاً في عمل الصبية في الشوارع والمقاهي والأماكن الخطرة على الصحة على الرغم من إن قانون العمل العراقي لا يسمح بعمل الطفل دون سن الخامسة عشر.
ثانيا: طفولة الاحتلال
عبر التاريخ القديم والحديث لم تشّرك امة ما بعينها أطفالها في الحروب والأزمات والكوارث السياسية، وعبر التاريخ لم يدون لنا المؤرخون أن الأطفال كانوا أدوات في فتح حقول الألغام أو حقول للتجارب عبر إخضاعهم للتجريب في معسكرات مخصصة لصقل شخصياتهم وتحويلهم إلى جيش احتياطي مساند للقطعات المسلحة ، وعبر التاريخ لم يتساهل المربون والمعلمون وعلماء نفس الطفل أن يخضع هذا المخلوق الطفل لتجربة والديه ونقلها صورة طبق الأصل في العادات والسلوك حتى قيم الثأر واعتناق السياسة ، وعبر التاريخ لم يدون لنا ديناً بعينه أو مذهباً إصلاحيا كان أو سلفياً أو اتجاهاً دينيا أن استخدم أبناءه وقوداً للحروب الا ما ندر من تجارب ، أو حتى لزرع الأحقاد ، بل وصقلهم على مبادئ معلميهم ومقلديهم حتى وان كانت متخلفة ... فكان الأطفال في منأى من كل ذلك وحرم على الأبوين استخدام القسوة في التربية والخشونة في التوجيه واللجوء إلى العنف في التلقين لكي لا ينشأوا أصحاء في الأجساد ، مرضى في العقول والنفوس .. ولكن ماذا تقول الحضارة اليوم لما يجري على ارض العراق تجاه الأطفال لقد ترك العديد من أطفال العراق مدارسهم بحثاً عن لقمة العيش لمساعدة ذويهم في مواجهة شبح الفقر ، فحل التشرد بهم وضاع الآمل والمستقبل .
الواقع اليومي يدل بوضوح على أن أطفال العراق يعانون أشرس ما يمكن أن يمر به طفل في عالم اليوم، فتداعيات الغزو الأميركي للعراق، ومشاهد القتل اليومي التي طاولت الأطفال، والانفجارات والجثث المتناثرة ودوي القنابل والرصاص كلها عوامل تضاعف من مأزق أطفال هذا البلد. ويقول مدير منظمة «أصوات الطفولة» عماد هادي إن «غياب الجهات الحكومية المعنية بشؤون الطفل وفقر عمل المنظمات الإنسانية والعالمية ومنظمات الأمم المتحدة فأقمت أزمة الطفل في العراق ويجرى السكوت يومياً على مئات الانتهاكات ضد الطفل العراقي»، ويضيف «لا احد يدري بأن هناك 11000 طفل مدمن على المخدرات في بغداد ولا يصدق أحد بأن أطفال العراق باتوا فريسة للاغتصاب إذ تعرض عشرات من الفتيات في سن (12 سنة) إلى التحرش الجنسي، لا بل أن هناك أماكن تستخدم لممارسة الجنس مع الأطفال في بغداد والمحافظات الأخرى عملت مجموعة من المنظمة على رصدها». وعلى رغم أن انعدام الأمن هو مشكلة العراقيين جميعاً إلا أن تأثيره المباشر يكون في الأطفال أكثر من سواهم، إذ إن الانفجارات اليومية والسيارات المفخخة التي انفجرت بالقرب من المدارس أودت بحياة المئات منهم، وتشير بعض التقارير شبه الرسمية إلى أن نسبة 20 في المائة من ضحايا هذه التفجيرات هم من الأطفال. ويشدد الدكتور مظفر الطائي، رئيس قسم الاختبارات في مركز البحوث النفسية والتربوية في جامعة بغداد، على أن «المشكلة لا تتوقف عند انفجار قنبلة تودي بحياة أطفال، وأن الناجين ليست لديهم مشكلة، بل على العكس تماماً، فإن تأثيرات انعدام الأمن في حياة الأطفال ليس لها حدود»، مضيفاً أن «التأثيرات النفسية لهذه الانفجارات وعمليات القتل، وتصوير مقتل العشرات وقطع الرؤوس وتمزيق الأجساد تفوق جميع التأثيرات الأخرى»، ويلفت إلى انه من المؤكد بقاء تلك التأثيرات السلبية في هؤلاء الأطفال مدة طويلة جداً لا سيما أن هذه الحوادث تجرى أمام أطفال لا تراوح أعمارهم بين السادسة والسابعة وعلينا تخيل أي نفسية ستتكون عند هذا الطفل وأي تأثير في سلوكه في المستقبل ، وأشارت التقارير الرسمية عن منظمة الطفولة العالمية إلى وجود 5 ملايين طفل عراقي يتيم، يعيش معظمهم ظروفا اجتماعية صعبة، ومعقدة، وبلغ عدد الأطفال النازحين في سن الدراسة الابتدائية حوالي ربع مليون لم يستطع الثلث منهم مواصلة التعليم خلال 2007، فضلا عن 760000 طفل لم يلتحقوا بالمدارس أصلا، وبلغ المعدل الشهري للأطفال النازحين جراء عنف المليشيات الحزبية والإرهابيين 25000 طفل بين التهجير الداخلي، والهجرة لدول الجوار، وتحديدا منذ تفجيرات سامراء. بالطبع يضاف لهذا كله العدد المذهل والمخيف لاغتصاب الأطفال في مختلف المحافظات، إناثا وذكورا، دون أن نسمع عن إجراءات حكومية لمعالجة الظاهر. تبدوا المشكلة في أساسها كارثة اجتماعية خطيرة في ظل الأعداد غير المحصورة برقم معين فكل يوم ييتم طفل وتترمل امرأة ليترك الأب خلفه عشرات الضحايا تفترسهم الأيادي الخفية والوطن المفتوح على كل الاحتمالات تؤكد التقارير بأن عددهم بالملايين وأشارت مصادر أخرى بتقدير النسبة لغاية شباط 2003بـ أكثر من 5 ملايين و200 ألف طفلاً يتيما أتراها كم تكون النسبة إلى 2007؟ يعيشون في كنف أرامل وثكالى لا حول لهم ولا معيل، معظمهم يعاني من سوء التغذية، والأمراض المزمنة، والانتقالية، وقسم كبير منهم من ذوي الاحتياجات الخاصة. وتضم بعض دور الأيتام عدداً قليلاً وهي بدورها فقدت مصداقيتها بعد الصور المرعبة التي تسربت من إحدى الدور الحكومية لوسائل الإعلام وكشفت حقيقة الانتهاكات لصور أطفال أبرياء بالإمكان تعداد فقرات أجسادهم النحيلة المرمية في زاوية ما هنا وهناك نتيجة المعاملة السيئة، والقسم الأكبر من الأطفال اليتامى يعيشون بلا مأوى حفاة، عراة تحتضنهم شوارع غير آمنة وعصابات الجريمة المنظمة في العراق انتزعوا براءة الطفولة وأشارت بعض وسائل الإعلام إلى استخدام بعض من الأطفال اليتامى أو أطفال الشوارع في عمليات التفخيخ التي تستهدف الأبرياء من العراقيين، هؤلاء هم أيتام العراق الذين يتزايدون .

وكشف تقرير المنسق الانساني للمنظمة الدولية في العراق عن زيادة اعداد الارامل اللواتي يعلن اسرهن إذ لم تتمكن وزارة الشؤون الاجتماعية من احصاء كامل للاعداد التي بلغت لحد الان (565) ألف امرأة ارملة جراء أعمال العنف التي اعقبت الاحتلال الامريكي ، فيما يصبح في كل يوم (400)طفل يتيما في بغداد لوحدها نتيجة لاعمال العنف ، وأشار التقرير إلى أن مستوى الفقر تجاوز بقدار (35%) عن مستوى الفقر قبل عام 2003، وانم حوالي (5.6) مليون عراقي يعيشون تحت مستوى الفقر بينهم (40%) يواجهون تدهورا حادا في معيشتهم مما ازداد في اصابة الأطفال بالامراض الخطيرة كـ (سوء التغذية والهزال ) ، وبحسب الإحصاءات الحكومية الرسمية وتقارير المنظمات الدولية، فإن في العراق اليوم نحو 5 ملايين يتيم يعيش معظمهم ظروفاً اجتماعية صعبة ومعقدة، كما أن 30 في المائة من الذين لم تتعد أعمارهم سن 17 سنة في العراق لم يتمكنوا من أداء امتحاناتهم المدرسية النهائية، ولم تتجاوز نسبة الناجحين في الامتحانات الرسمية 40 في المائة من مجموع الطلبة الممتحنين داخل البلاد.وبلغ عـــدد الأطفال النازحين في سن الدراســـة الابتدائية 220000 طفل لم يستطع ثلثاهم مواصلة تعليمهم خلال عام 2007 فضلاً عن أن 760000 طفل لم يلتحقوا أصلا بالمدارس الابتـــدائية، وبلغ المعدل الشهـــري للأطفال النازحين جراء أعمال العنف والتهديدات من الميليشيات والجماعات الإرهابية 25000 طفل تراوح أوضاعهم بين التهجير الداخلي والهجرة إلى دول الجوار (تحديداً في أعقاب تفجير مرقدي الإمامين في سامراء في شباط (فبراير) 2006،لذلك لم يأت قرار منظمة «يونيسيف» بجعل عام 2008 عاماً للطفل العراقي اعتباطاً، إذ لا يحتاج المرء إلى تأكيدات تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بأن الطفولة في العراق تحتضر وهي في طريقها إلى الموت،وحسب ما ورد على لسان أحد ممثلي الأمم المتحدة، أكثر من نصف مليون طفل عراقي من الأرجح أنهم سيكونون بحاجة إلى علاج نفسي من جراء الصدمة النفسية التي تعرضوا لها خلال الحرب حيث يقول ( كاريل دي روي ) :" هناك 5.7 مليون طفل عراقي في المدارس الابتدائية ونتوقع أن يحتاج 10% على الأقل من هؤلاء الأطفال إلى علاج نفسي من صدمات تعرضوا لها خلال الحرب "، رغم إن الخبر لا يجد وقع الصدمة في نفوس العراقيين لكونهم أدرى بأمورهم من غيرهم ولكن المكابرة وتلفيق المبررات من قبل المسؤولين الحكوميين على حجم المعاناة التي تمر بالمواطن البسيط داخل بلد الخيرات وفي أول اعتراف رسمي حكومي ذكرت وزارة التخطيط والإنماء الدولي ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية إن الملايين من أطفال العراق يتامى ومشردون ومسجونون في السجون الأمريكية المحتلة والسجون الحكومية. ففي إحصائية لوزارة التخطيط في حكومة المالكي نشرت قبل يومين تبين إن عدد اليتامى من أطفال العراق بلغ من أربعة إلى خمسة ملايين طفل وان هناك 500 ألف طفل مشرد في الشوارع، وتفيد إحصاءات وزارة التخطيط نفسها أن دور الأيتام التابعة للدولة تضم 459 يتيماً فقط من بين هذه الملايين من اليتامى والمشردين.. وقد أكدت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بدورها هذه الحقائق وأضافت حقيقة مبكية أخرى هي وجود 800 طفل في السجون الأمريكية والحكومية منهم 700 في السجون الحكومية و100 في السجون الأمريكية المحتلة وفي تقرير آخر أعدته منظمات المجتمع المدني في العراق أكدت إن خط الفقر قد يلوح أكثر من ثلاثة أرباع العدد السكاني للبلد بسبب السياسة الفاشلة التي تسير عليها الحكومات التي تعاقبت منذ الغزو الأمريكي للعراق في أوائل عام2003.
القضايا التي تواجه الأطفال في العراق
• تشرد حوالي 000 700 نسمة من الشعب العراقي داخل البلاد خلال عام 2006 نتيجة تصاعد العنف الطائفي.تسببت التحركات السكانية الكبيرة في وجود خلل وعدم توازن في الخدمات الاجتماعية، وتركت العديد من المجتمعات المحلية تكافح في تعاملها مع تدفق أناس جديد.
• تدهورت الخدمات الصحية مثل التحصين بصورة خطيرة ، حيث فقد أكثر من مليون طفل عراقي ما دون سن الخامسة (خمس تلك الفئة العمرية) التحصين الروتيني ضد أمراض الطفولة.
• بدأت تظهر علامات تأخر النمو عند كل طفل واحد من كل خمسة أطفال عراقيين، وهذا يشير إلى مشاكل طويلة الأمد في التغذية. وأدى النقص في المياه الصالحة للشرب أيضا إلى ارتفاع معدلات الإسهال.
• أخذت معدلات التعليم في الانخفاض، حيث يقدر عدد الأطفال المتسربين من المدارس إلى أكثر من 0000 80 طفل حتى قبل عام 2006. حدثت إغلاقات واسعة النطاق في مدارس بغداد وحوصرت العديد من المدارس بين الهجمات العنيفة. وتأثر تعليم البنات بصورة خاصة.
• ازدادت نسبة النساء الحوامل اللواتي لم يحصلن على خدمات ما قبل الولادة، والى علاجات تمكن من إنقاذ الحياة خلال الولادة في حالات الطوارئ.
• يصبح الكثير من الأطفال أيتام بصورة يومية جراء العنف الجاري تقريبا، حيث ارتفع عدد الأسر التي ترأسها نساء والتي فقدت المعيل الأساسي جراء الصراع.
• يتعرض الأطفال الذين يشاهدون العنف أو يعيشون في خوف بصورة متزايدة إلى خطر المشاكل النفسية وسوء المعاملة والاستغلال. ظاهرة أطفال الشوارع والإدمان بدأت تنتشر في وسط مدن العراق الكبرى.




















الخلاصة
بعدما عرفنا وتعرفنا على هذه الظاهرة ليس لنا سوى أن نقوم بنظرة شاملة على واقع الطفل العراقي وهو يعيش هذه الأحداث العنيفة إذا كانت من الداخل أي تعامل الوالدين مع الطفل لنجده في حالة مزرية بسبب الوضع الاقتصادي أو النفسي أو الاجتماعي أو السياسي للعائلة، أو جهل الوالدين بأبسط أساليب التعامل اللطيفة والصحيحة والسليمة مع الطفل والحدث، ومن جهة أخرى نرى المجتمع عامة يجهل ابسط مفاهيم أو مضامين لائحة حقوق الإنسان كما نشاهد يوميا انفجارات تستهدف كل شي وانتشار المظاهر المسلحة والحياة الصعبة واستغلال بعض الأشخاص للأطفال في كثير من الأعمال اللا اخلاقية وتردي الرعاية الاجتماعية وسوء التغذية والتشرد، هذه كلها مشاهد يعيشها اغلب أطفال الشعب العراقي وإذا كان السبب الاحتلال أو لم يكن فالمشكلة واحدة وقائمة. وفي ضوء ما استعرضناه من آراء ودراسات الاختصاصيين نجد أن مستقبل العراق يمضي إلى المجهول أو بالأحرى إلى مجتمع أكثر عنفاً والبقية تأتي. والسبل الوحيدة لمعالجة هذه الحالات هي اخذ مؤسسات المجتمع المدني دورها وتفعيل دور الرعاية الاجتماعية والصحية والاهتمام بالعلوم الإنسانية وتطبيقها إلى ارض الواقع وبالتعاليم الدينية البعيدة عن التطرف.



#فراس_عباس_فاضل_البياتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اطفال العراق ماض مرعب ومستقبل مجهول


المزيد.....




- رئيسة جامعة كولومبيا توجه -رسالة- إلى الطلاب المعتصمين
- أردوغان يشعل جدلا بتدوينة عن بغداد وما وصفها به خلال زيارته ...
- البرازيل تعلن مقتل أو فقدان 4 من مواطنيها المرتزقة في أوكران ...
- مباشر: 200 يوم على حرب بلا هوادة بين إسرائيل وحماس في غزة
- مجلس الشيوخ الأمريكي يقر بأغلبية ساحقة مشروع قانون مساعدات ل ...
- محكمة بريطانية تنظر في طعن يتعلق بتصدير الأسلحة لإسرائيل
- بعد 200 يوم.. تساؤلات حول قدرة إسرائيل على إخراج حماس من غزة ...
- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فراس عباس فاضل البياتي - أطفال العراق وعقود الموت الثلاث