أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شموس نجد - الفردوس المفقود














المزيد.....

الفردوس المفقود


شموس نجد

الحوار المتمدن-العدد: 933 - 2004 / 8 / 22 - 09:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لو أن رجلاً منغولياً نادى بأملاك أجداده العظام من أمثال جنكيز خان وتيمورلنك في آسيا الوسطى والهند والشرق الأدنى لأثار ضحك الناس عليه وسخريتهم. ولو أن رجلاً إيطالياً طالب باسترجاع تركة الإمبراطورية الرومانية الواسعة في حوض البحر المتوسط وبلاد الشام لعده الناس مخبولاً وأودعوه أقرب مصحة عقلية. ولكن لو أن مسلماً كتب في مطبوعة، أو ذكر في خطبة، أو خرج عبر محطة فضائية متغنياً بمجد أجداده الغابر، أو حالماً بيوم تلتحف كل أصقاع الدنيا برايات الإسلام، أو مبشراً باستكمال مسيرة الفتوحات الكبيرة والمظفرة لنال كل الثناء والشكر، تقديراً لحماسته الدينية ولحسن إسلامه.
وأتذكر شخصياً أثناء مرحلة الدراسة في الولايات المتحدة في منتصف التسعينات ثمة متأسلم باكستاني غريب الأطوار، خبزه الدين وحليبه السياسة. كان رجل لا يمل ولا يكل من شتم الأمريكان، والاستهزاء بحضارتهم البهيمية، والدعاء عليهم بأن يحل بهم ما أصاب قوم عاد وثمود ولوط. كان لا يتردد بمناسبة وبدونها عن التبشير بانبلاج عهد خلافة جديد - ولو طال الأمد - ليطيح بالزعامات العربية العميلة، وليعيد رص صفوف المسلمين لهزم أعدائها الأوغاد اللذين لا يكفون ولو لثوان عن الكيد لنا وزرع الفتن بين الأخوة الأشقاء. وبالمثل لم يكن ليدع الفرصة تمر دون تأنيبنا – نحن العرب – على التآمر مع الإنكليز والفرنسيين على الإجهاز على الخلافة العثمانية وتفتيت وحدة المسلمين للأبد.
هناك ( دوبليرات ) كثيرة تشبه صاحبنا الباكستاني تتناسل مع مرور الزمن، وتنتشر كالطاعون بيننا، وتزداد حضورا وقوة كلما زاد الظلام، وازدادت الشقة بيننا وبين العالم المتحضر، وتراكمت الخيبات والهزائم. إنهم لا يملكون سوى الصراخ والأحلام المستحيلة. ولا يملكون الشجاعة الكافية لينظروا إلى وجوههم في المرآة، بل يسارعون إلى توزيع تبعية الهزائم على البسطاء المسلمين لبعدهم عن الدين وعلى العدو المفترض والمتربص بنا الدوائر.
مشكلة هؤلاء أنهم مصرون على أن الإسلام دين لا يقبل القسمة على اثنين، فهو الدين المثالي الصالح لكل زمان ومكان ( يالها من كذبة ؟! )، وهو الدين الذي ارتضاه الله للثقلين من الأنس والجن أما ما خلا من الأديان فهي باطلة وساقطة ومزورة، وهو الطريق السوي الذي يصل بصاحبه إلى جنات النعيم والباقي من الأديان طرق تنتهي بأصحابها- والعياذ بالله- إلى جهنم وبئس المصير. يتكلمون عن الإسلام بطريقة توحي ولو أن هذا الدين كائن غريب قد حط في الحجاز من كوكب بعيد، حاملاً معه كل الحلول لمشاكل الإنسانية وكل الأدوية لأمراضها المستعصية. وهم بذلك يجهلون أو يتجاهلون أن الإسلام بكلياته وأجزاءه يحمل الكثير من آثار المسيحية واليهودية وما قبلهما من بقايا أديان وثنية.
ربما فهم المتأسلمون أن الإسلام ولكونه آخر رسالة سماوية فإنهم ملزمون بتبليغها إلى كافة البشر وإلا باءوا بغضب من الله. ثم أن هناك نصوص قرآنية وأحاديث نبوية تشير إلى عالمية الإسلام وأنه ليس مجرد دين حجازي، فمن ذلك قوله تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) وقوله كذلك (وما أرسلناك إلا للناس كافة) وقول النبي عليه السلام (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا بأن لا إله إلا الله). مثل تلك النصوص توفر أرضية صلبة يعتمد عليها المتأسلمون في ضرورة توصيل الرسالة الإلهية إلى كل العالم حتى ولو اقتضى الأمر استعمال القوة لجعل كل من في الأرض يسبح بحمد الله.
هذه الأحلام الهائلة والفضفاضة والتي تعد عند غيرنا علامات جنون وعندنا إشارات إيمانية ليست بمرض جديد ألم بالعقل المسلم المصدوم بتفوق الغرب الكافر ولكنه مرض قديم وأزلي عمره أكثر من أربعة عشر قرن. إن فترة الفتح الإسلامي ( أو الغزو توخياً للدقة) وإن كانت تنطوي على دوافع اقتصادية لتعويض ما خسره العرب من تقوض طريق البخور بفعل الغزوات والسرايا المحمدية إلا أنها –ولو ظاهرياً- تقمصت ذات النصوص القرآنية والنبوية لتوفير الغطاء الشرعي اللازم.
لا أرى أن أحفاد اليوم يقلون عن طلائع الإسلام الأولى حماسةً وتطلعاً في تصدير الإسلام إلى أبعد نقطة على الأرض لكن ما ينقصهم ويحول بينهم وبين أحلامهم الإمبراطورية افتقادهم للسلطة السياسية والسلاح المتطور. قبل حوالي أربعة عشر قرن نجح المسلمون الأوائل في تحقيق انتصارات باهرة لامتلاكهم السلطة السياسية من جهة ولضعف وترهل القوتين العظميين وقتها، الدولة الساسانية والروم. أما اليوم فمن المؤكد أن مهمتهم شبه مستحيلة للتفوق الغربي الملحوظ ولعجزهم عن الوثوب إلى كراسي الحكم. والحمد لله أن الأمر كذلك وإلا فسوف يغرق العالم في أتون حروبهم الدينية المقدسة.



#شموس_نجد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأصل والصورة
- نتؤات عقل مسلم
- يأتون الكتب من ورائها
- من عنق الزجاجة
- ما أشبه الليلة بالبارحة
- ملامح الدور الوهابي السعودي في تشويه التعليم
- المرأة السعودية في إطار الحركة الوهابية


المزيد.....




- استقبل الان .. تردد قناة طيور الجنة Toyor Aljanah علي نايل س ...
- إليك الطريقه بالتفصيل.. كيفية ضبط تردد قناة طيور الجنة الجدي ...
- حميدو الولد الشقي.. تردد قناة طيور الجنة بيبي التحديث الاخير ...
- قوات الاحتلال تقتحم قرية ياسوف في سلفيت بالضفة الغربية المحت ...
- محمد اسلامي:نعمل في اطار الوكالة الدولية وهي تشرف على انشطة ...
- تردد الجديد لقناة طيور الجنة 2025 للاطفال عبر الأقمار الصناع ...
- استقبل الان على جهازك قناة طيور الجنة بترددها الجديد 2024 عل ...
- فخري كريم: الخيار الوطني يتطلب تبني مواطنة حرة ونبذ الطائفية ...
- إضراب بإيطاليا للاحتجاج على دعم إسرائيل يثير غضب الجالية الي ...
- صار عنا بيبي.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 علي مخت ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شموس نجد - الفردوس المفقود