فايز السايس
الحوار المتمدن-العدد: 932 - 2004 / 8 / 21 - 09:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نعم كلنا شركاء في الوطن
المبحث الأول
كثيراً ما فوجئنا نحن أعضاء الهيئة التأسيسية في حزب النهضة الوطني الديمقراطي أو لنقل قيادة الحزب بالكثير من الاستفسارات والتساؤلات وأحياناً حدود الاتهامات من عند بعض القوى والأشخاص والتيارات الفكرية والسياسية في سوريا , بأننا منسلين من الرحم التنظيمي للحزب القومي السوري الاجتماعي , والأكثر غرابة أننا استفقنا على حالة من الذهول أو ربما الخلط السياسي والفكري وحتى الإيديولوجي عند أصحاب القراءات الخاوية التي ترى بعين العقيدة الواحدة , والمبدأ الواحد .
ليس من شيء فينا مختلف فنحن نكن كل الاحترام والتقدير للتاريخ النضالي للحزب القومي الاجتماعي السوري , وتلك العراقة والتقاليد العظيمة والمثل العليا لرموز الحزب ومؤسسيه , ولا ننأى جانباً في الحديث عن تأثرنا بتجربة الحزب الفكرية والسياسية على مدى المائة عام المنصرمة , و بكثير من الأسف ننظر الى هذا العملاق الكبير وهو يتمزق وينقسم على ذاته , لكننا مع هذا كله لا نرى كل هذه الشروخات والانقسامات لأننا نرى الحزب القومي الاجتماعي السوري هو حزب واحد وفصيل وطني مهم في المعادلة السياسية داخل سوريا وخارجها .
إلا أننا نلفت عناية الكثيرين من أصحاب تلك القراءات الى أن أهم مرجعية سياسية لنا في حزب النهضة الوطني الديمقراطي هو إيماننا بوطنيتنا (( وترسيخ للهويه السورية )) التاريخية والجغرافية , ولا نظن أن أحد يستطيع أن يتحدث عنا بشيء من الهمز واللمز , وعن نزعتنا القطرية لأننا نرى بوجوب تأسيس مرحلة الهوية الوطنية والمشروع الوطني قبيل الانتقال لأي مشروع قومي سياسي أو هوية أخرى كالمشروع القومي العربي الذي أخفق لأسباب يحاول البعض تجاهلها أو تبرير فشلها على أنها حالة طبيعية تعزى الى ضرورات التطور التاريخي للأمة .
على كل حال لسنا الآن بوارد ذكر الثغرات التاريخية التي تركها المشروع القومي أو بصدد ذكر المثالب النظرية في جملة الأهداف العامة والرؤى والتصورات النظرية التي أكدت صعوبة الربط ما بين المتشكل العضوي للواقع التاريخي وما بين المنجز النوعي لطبيعة ذلك المتشكل , وبين هذا وذاك تنبرى لغة جديدة في مسار السياسة أو كما يسميها البعض (( السياسوية )) الغير قابلة للابتلاع أو الهضم علماً أن السياسة هي كالسلعة التي تروج على أرصفة الابتلاع والهضم الميكانيزمي كما يوصفها (( نيتشه )) .
واليوم نحن نوصد باب الاجتهاد السياسي , والفقهي , والفلسفي , رغبةً منا ألا يكون هذا الاجتهاد ركن من أركان التأسيس الفقهي الذي تبسمرت عنده مدارس الدين والسياسة لتنتج أسافين حقيقية في مسيرة الفلسفة الدينية والسياسية , ولتولد مع بروز تلك النزعة الفقهية على الجانبين (( النظرية )) التي حددت المسلمات العامة والمبادئ الأساسية في سنن الفعل والتقرير حيث تشابكت معها وبها جميع أدوات الحلول التي استقت مبدأ الشرطية في كل زمان ومكان , بحيث عادت تشكيلات البنى النظرية من جديد لتؤسس في علم المنطق مدرسة أسمها الفقه الجديد وتخلق بذلك إشكالية تاريخية جديدة تقف عند حدودها جميع رواسب المجتمع التاريخي وتراكماته , وبهذا الكم المعياري (( المقارن )) من المتناقضات يبرز الفراغ سواءً السياسي أو المجتمعي , ومهما بلغت الهوة ما بين الفراغين إلا أن هناك قواسم عظمى تجمعهما على اعتبار أن المجتمع السياسي هو المنتظم الأكثر فاعلية في التجاوب والتلاقح مع مسوغات الفعل التاريخي .
وبنفس المعنى ونفس النتيجة , تنشأ الجدلية كقانون أساسي وليس شرطي أو لظرف زمان متحقق , تنشأ كمعيار للارتقاء بواقع الموجودات كرد فعل على قوانين الاحتمالات , ولكن في الوقت ذاته يلاحظ الكثير بأن الجدلية كقانون طبيعي أيضاً بدأت تتطور من حالة المتحد العام الى حالة الخصوصية المطلقة , فجدل الفرد بدأ يأخذ مداه من البعد الاجتماعي لقانون التطور التاريخي وجدل الفرد إنما يعكس رغبة المجتمع في تحقيق ذاته وعلى اختلاف منتظماته الخاصة حيث يتبلور ذلك القانون الى الجدل الاجتماعي الذي يقف عند حدود التأسيس للعقد الاجتماعي أو كما تناولها أبن خلدون بشيء من التصرف (( التوافق النظمي )) ما بين معطى الجدل الاجتماعي وما بين سلطة المجتمع الناجمة عن رغبة الفرد في تشكيل ائتلاف أو تحالف مع المجتمع عن طريق قوة القانون الاجتماعي أو كما عبر عنه هوبز ب(( السلطة )) .
ربما أطلنا على القراء هذا المقال ولكننا بقدر ما نطيل بقدر ما تكون الإجابة على كل استفسار في حدود الاقتضاب , لأننا لا نريد اختزال طابع الواقعية في منطلقات أدرجناها على صفحات أو وريقات قليلة وأسميناها ميثاقنا الحزبي والذي لا يمكن أن يرتقي الى معارج القدسية , بل لا بد من إجلاله وتقديره واحترامه باعتباره ميثاق لكلمتنا ورأينا وأهدافنا أو باختصار ميثاق لعضويتنا ومواطنيتنا في وطننا , نعم إنه ميثاق لإنسانيتنا ولتعاقدنا الوطني .
وانطلاقاً من هذه الرؤية المصوبة نحو جوهر الحق الإنساني يجب أن نقف جميعاً احتراماً وتقديراً وإجلالاً ( لتعاقدنا الوطني ) وإذا كان هذا العقد قد أستنزف , فيجب أن نعيد لحمته , وشرعيته , وروحانيته , ووجوده , ليكون هذا العقد قائم على أرضية اجتماعية جديدة , ولتكون المقدمة الأساسية فيه (( كلنا شركاء في هذا الوطن )) .
والى تتمة مبحث جديد في دراستنا عن طبيعة هذه الشراكة .
د. فايز السايس : حزب النهضة الوطني الديمقراطي في سوريا – واشنطن .
#فايز_السايس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟