أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علي العبد الله - ثوابت الناصرية ومتغيراتها















المزيد.....

ثوابت الناصرية ومتغيراتها


علي العبد الله

الحوار المتمدن-العدد: 198 - 2002 / 7 / 23 - 08:15
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


تشير الذكرى الخمسون لثورة 23 يوليو (تموز) التاريخية اسئلة كثيرة وكبيرة حول المحصلة التي افرزتها: واقعها ومستقبلها في ظل البيئة الدولية الراهنة.
ان النظر الى تجربة عبد الناصر من خلال متطورات عام 2002 الفكرية والسياسية يمكن ان يرتب مشكلات معرفية ومنهجية اكثر من الوصول الى اجابة محددة حول طبيعة هذه التجربة، وذلك لاختلاف المنظورات الفكرية والسياسية التي كانت سائدة آنذاك. وهذا يحتم قراءة التجربة في اطار الظروف والخيارات والامكانات الواقعية لا الافتراضات والرغبات الذاتية للوصول الى تحديد ثوابت ومتغيرات التجربة بعيدا عن التجريد والاحكام المسبقة.
اول ثوابت تجربة عبد الناصر انطلاقها من رؤية مجتمعية غايتها تحرير الانسان عن طريق تنمية اجتماعية شاملة تحرره من الحاجات المادية كمقدمة لا بد منها ليتمكن الانسان من التفتح النفسي والمعرفي، تنمية قائمة على توازن دقيق بين مصالح الشرائح الاجتماعية مع اعطاء اولوية لمصالح الفئات الاجتماعية الدنيا تعوضها عن الغبن والحرمان الطويلين من جهة وتؤهلها للعب دورها الاجتماعي والتعامل مع الفئات الاجتماعية الاخرى من موقع الندية بعد تحررها من عقدة العجز والدونية في ظل معادلة اجتماعية قائمة على العدل الاجتماعي من جهة ثانية. على هذه الخلفية يمكن فهم الاجراءات المبكرة التي قام بها عبد الناصر: قانون الاصلاح الزراعي (قانون تحرير الفلاح)، وقانون العمل الموحد وتشكيل النقابات لاعطاء العمال الامل والثقة والاستقرار.
كما تجلى ذلك التوجه في التعاطي مع قوى المجتمع ومتطلبات نهوضها وتطورها الفكري والعلمي من خلال: اعطاء الاولوية للصناعات المرتبطة باحتياجات الغالبية الاجتماعية (الاحتياجات اليومية من غذاء وكساء وسكن) وتوفير متطلبات نهضة ثقافية وعلمية عن طريق فتح فرص التعليم المجاني من الابتدائي الى الجامعة امام ابناء الفئات الاجتماعية الدنيا، وطرح كتب ومجلات متخصصة وبأسعار زهيدة وطبعات شعبية ضمن سلاسل متعددة كي تكون في متناول اصحاب الدخل المحدود، وتوفير الاطلاع على الفكر العالمي عن طريق تشكيل لجان لترجمة واصدار سلاسل مترجمة في مختلف صنوف المعرفة والعلوم، وانشاء دور ثقافة ومسرح وسينما، وتشجيع المؤسسة الدينية على الاجتهاد واحداث قفزة فقهية توفر للمواطن معرفة دينية تخرجه من حالة التواكل والفهم الخاطئ لصحيح الدين، واتاحة فرصة المشاركة بالعمل السياسي امام كل المواطنين عبر تشكيلات سياسية تستجيب للحالة الثقافية والمعرفية للكتل الشعبية (هيئة التحرير، الاتحاد القومي، الاتحاد الاشتراكي) كأطر لتنمية سياسية غايتها منح المجتمع فرصة حقيقية للنهوض والتطور وامتلاك عوامل القوة لموازنة قوة السلطة.
وتوج كل ذلك بسلوك شخصي منسجم مع خياراته الاجتماعية ومع ثقافة المجتمع الاسلامية.
يتوازى ذلك مع سياسة خارجية قائمة على القطع مع كل اشكال التبعية السياسية والاقتصادية باعتبارها عقبة امام تحرير المواطن والوطن لذا قال (لا) لكل المشاريع والتحركات والمبادرات التي فيها شبهة تبعية مهما كانت نسبتها، والسعي الجاد والدؤوب للمحافظة على مكاسب الاستقلال.
اما ثاني ثوابت التجربة فالتوجه القومي. فقد بدأ عبد الناصر وطنيا صلبا واعتبر الامة العربية دائرة ثانية تحيط بالدائرة الاولى مصر، ولما اكتشف، خلال تطورات معركة التنمية الوطنية، الطبيعة القومية لمشكلات التحرر والتنمية تمسك بهذه الحقيقة وأعلن مقولته الشهيرة: <<ان التقدم العربي لا يبنى على التجزئة>>، وخاض غمار المعارك السياسية على مستوى الامة العربية فكسب ثقة الجماهير العربية، التي اعتبرته قائدها الفعلي والشرعي، وحرض، لحل مأزق علاقته شبه المنظمة مع الجماهير العربية، على اقامة حركة عربية واحدة اداة شعبية لمواجهة ضرورات النضال القومي.
اما متغيرات تجربة عبد الناصر فهي تلك الحلول السياسية والاقتصادية التي ارتبطت بالظروف التي رافقت مسيرة التجربة وتطورها، حيث لم يعد ممكنا الاعتماد مثلا على <<كاريزما>> القائد الذي رحل والتي لا يمكن اصطناعها، او استمرار قاعدة الشرعية الثورية بعد ان غدت المؤسسة والشرعية الدستورية من مسلمات زماننا، او استمرار سياسة ربط النشاط النقابي والسياسي والثقافي بالدولة بعد سيادة قيم المجتمع المدني التي تستدعي فتح المجال السياسي والاجتماعي والجمعياتي امام المواطنين.
كما لم يعد مقبولا تبني خيارات فكرية او سياسية او اقتصادية على خلفية تغليب العوامل الخارجية، بعد ان اثبتت التجربة ان الحلول التي تمتلك المصداقية والاستمرارية هي التي تنطلق من الاعتبارات الداخلية.
يبقى ان نختم بالتعريج على قضية كثيرا ما استخدمت في نقد تجربة عبد الناصر، باعتبارها نقطة سوداء في سجله، وهي قضية قمع الاحزاب السياسية، اذ يجب ان نميز هنا بين حالتين: حالة صراع بين سلطة وطنية تحررية والاحزاب السياسية، وحالة صراع سياسي بين سلطة لا تعمل لمصلحة المجتمع والاحزاب السياسية، حيث تعبر الحالة الاولى عن صراع على السلطة، وهو صراع غير ضروري ويمكن تلافي المواجهة باقامة علاقة بناءة قائمة على التعاون والنقد، والثانية عن صراع اجتماعي وطني حتمي وضروري لاستعادة حقوق المواطن والوطن. وقد كان الصراع بين عبد الناصر والاحزاب السياسية المصرية، مع تحفظنا على العنف الذي ساد فيه، من النوع الاول. وهذا يعكس ضرورة تقنين العمل السياسي وتحديد آلياته وأدواته في ظل عقد سياسي، بما يحفظ الاستقرار والأمن للمواطن والوطن.
تقود استنتاجات هذه القراءة الى ضرورة ان يأخذ الناصريون على ضوء هذه الثوابت مسألة اعادة صياغة فكرهم ومنهج عملهم بعد زوال الحيثيات التي افرزت الناصرية: قائد كبير على رأس الحكم في اكبر بلد عربي في ظل الحرب الباردة، كي يستطيعوا الاستمرار ومقاومة التآكل والتلاشي.
() كاتب سوري…
جريدة السفير


#علي_العبد_الله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصر.. نجل وزير سابق يكشف تفاصيل خطفه
- ذكرى تحارب النسيان.. مغاربة حاربوا مع الجيش الفرنسي واستقروا ...
- لبنان.. لقطات توثق لحظة وقوع الانفجار بمطعم في بيروت وأسفر ع ...
- القبض على الإعلامية الكويتية حليمة بولند لاتهامها بـ-التحريض ...
- مصر.. موقف عفوي للطبيب الشهير حسام موافي يتسبب بجدل واسع (صو ...
- -شهداء الأقصى- التابعة لـ-فتح- تطالب بمحاسبة قتلة أبو الفول. ...
- مقتل قائد في الجيش الأوكراني
- جامعة إيرانية: سنقدم منحا دراسية لطلاب وأساتذة جامعات أمريكا ...
- أنطونوف: عقوبات أمريكا ضد روسيا تعزز الشكوك حول مدى دورها ال ...
- الاحتلال يواصل اقتحامات الضفة ويعتقل أسيرا محررا في الخليل


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علي العبد الله - ثوابت الناصرية ومتغيراتها