أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مفيد نجم - مركزية الذات، في الخطاب الروائي النسوي















المزيد.....

مركزية الذات، في الخطاب الروائي النسوي


مفيد نجم

الحوار المتمدن-العدد: 930 - 2004 / 8 / 19 - 10:19
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


ان الحديث عن التحولات الواسعة التي احدثها تطور تجربة الكتابة عند المرأة، يمكن ان يتفرع في اتجاهات عديدة تخص موضوع علاقة المرأة باللغة، والابداع، والمعاني التي تنطوي عليها هذه التجربة. لكن الجانب الهام الذي يفرض نفسه هنا هو خصوصية الكتابة الانثوية، كما يجري التعبير عنها في تلك الكتابة سواء على مستوى اللغة، او الكيفيات التي يتم من خلالها تقديم اشكال الكتابة الانثوية لا سيما في مجال الرواية، حيث استطاعت المرأة الكاتبة ان تفرض حضورها الابداعي المتميز، وان تمتلك الكثير من الجرأة في مقاربة عالمها الخاص، وتناول المسكوت عنه في حياتها.


لقد تجلت السمة الأولى لخطاب المرأة الابداعي في بروز ضمير المتكلم اذ شكل ذلك قيمة أساسية عبرت عن تمركز المرأة الكاتبة حول ذاتها الانثوية، في الوقت الذي انشغلت فيه بالقضايا الجوهرية التي تهم حياة المرأة، وتعبر عن معاناتها، وقد اتخذ التعبير عن تلك المعاناة الشاقة بعدا أساسيا، واحتل مساحة واسعة في تلك الكتابات التي بدا واضحا فيها الطابع (المونولوجي) المهيمن على تلك الكتابات، وكأنه تعبير عن انقطاع الحوار مع الاخر الرجل، وعن الرغبة في البوح والكشف والمكاشفة وبيان عالم مازال يتجاهل عذاباتها واحلامها المغتالة.


ولقد فرضت دراسة مسألة الضمير في تلك الكتابات البحث عن علاقة المرأة باللغة التي جرى تذكيرها عندما اصبحت القاعدة فيها هو التذكير حتى لو كان الحديث عن المرأة، مما كشف عن تغييب لأي وجود للمرأة في اللغة، التي جعلتها اللغة تجمع مع الجمادات والحيوان في جمع المؤنث السالم، والتي ألحق بالفعل الذي يدل على ما قامت به تاء التأنيث الساكنة، التي تميز وجودها داخل هذه اللغة، وداخل الثقافة التي انتجت هذه اللغة.


وعلى الرغم من ان المرأة لعبت دور الريادة في الحداثة الشعرية العربية الا ان الانجاز الاهم الذي استطاعت المرأة الكاتبة ان تحققه هو في مجال الرواية، ربما لأن الرواية تتيح مساحة أكبر للقول والكلام، وقد أشرنا سابقا الى ان الرواية الانثوية تميزت بتمركزها حول الذات وهموم المرأة ومعاناتها الانسانية والاجتماعية والسياسية.


وهذا ما نجده واضحا في حكايات الف ليلة وليلة التي تولت شهرزاد الحكي فيها، حتى استطاعت ان تروض نزعة الشر والعدوانية عند شهريار، فهل تحاول الروائية العربية عبر منجزها الروائي المتميز ان تستكمل الدور القديم الذي لعبته شهرزاد في تلك الحكايات. وتعمل بالتالي على أنسنة الحياة، واضفاء طابع من الشفافية والعاطفة الانسانية الجميلة عليها من جديد.


هذا التمركز الانثوي يعكس رؤية ايديولوجية تتقاطع في جعل الرجل سببا أساسيا لكل ما تعاني منه في حياتها فالرجل هو الظالم دوما وهو الشخصية السلبية في الرواية، نادرا ما نجد شخصية ذكورية ايجابية، في تلك الرواية التي تجعله رمزا لغربة المرأة وقهرها وضياعها وخيباتها في الحب والزواج والسياسة والتغيير لأنه مازال يمثل في اعماقه تلك الشخصية المستبدة الانانية التي تعاني من الازدواجية والتناقض في مواقفها وسلوكها.


ان المرأة نادرا ما تستخدم في المنظور السردي الحكائي ضمير الغائب لأنها تميل في الغالب الى استخدام ضمير المتكلم الذي يضفي على لغة السرد طابعا حميميا اذ ان المرأة غالبا ما تتوحد مع شخصيتها الروائية، خاصة وانها كما اسلفنا تميل الى احلال الجانب السيري في عالمها الروائي، اضافة الى انها تحاول ان تجعل من اللغة ذاكرة تنبض بمعاناتها وانكسارات روحها.


وكما حاولت المرأة الكاتبة ان تنقل وجودها من حالة السكون والصمت الى حالة الكلام، والتعبير عن هذا الوجود، فان ثمة تجارب روائية انثوية تجاوزت ضمير المتكلم الى المطابقة بين اسم المؤلفة على غلاف العمل الروائي، مع اسم بطلة العمل الروائي كما هو الحال في رواية ـ ذاكرة الجسد ـ للروائية الجزائرية احلام مستغانمي، فأحلام الكاتبة هي احلام البطلة في داخل العمل، وقد شكل ذلك تحولا في موقع المرأة وقدرتها على استخدام اسمها بجرأة حتى في الاعمال التي تتناول جوانب تعتبر من التابو الاجتماعي، وتتصل بعلاقة المرأة مع جسدها ومع الرجل.


واذا كان هذا ما فعلته مستغانمي في ذاكرة الجسد فان علوية صبح في روايتها ـ مريم الحكايا ـ تلح في مفتتح كل فصل من فصول الرواية على التأكيد على غياب علوية واختفائها المفاجئ المثير في حين تتولى مريم بطلة الرواية مسئولية السرد الحكائي، والحديث المتواتر عن غياب واختفاء علوية صبح الغامض في الرواية، وكأنها تحاول ان تقيم مسافة بينها وبين اسم المؤلفة الموجود على غلاف الرواية، في محاولة للتنصل من مسئولية الكلام الذي ستقوله في المتن الحكائي خاصة وان الرواية تغامر كثيرا في مقاربة المسكوت عنه ولا سيما الجنسي منه.


قد تكون الكاتبة في هذه الرواية حاولت ان تخلق حالة من الاثارة والتشويق اذ بينما تروي مريم حكايا شخصياتها الثلاث في الرواية، تعود باستمرار للسؤال عن غياب علوية والحديث عن بحثها الدائم عنها حتى جعلت من ذلك نقطة ارتكاز في بداية كل سرد، وقد كان الرجل في جميع علاقات شخصياتها الروائية حبيبا وزوجا وصديقا وابا يعبر عن شخصية الذكورية المستبدة، والمتناقضة والغريبة في كل سلوكها وعلاقتها مع المرأة الامر الذي جعل شخصياتها الانثوية تنتهي الى مصائر تراجيدية مؤلمة، تفصح عن هزيمة المرأة وخيباتها الفادحة، التي تمثل جزءا من هزيمة الواقع واندحاره بل العلاقة الدالة بقوة على المآلات الفاجعة التي انتهى اليها الواقع بعد ان كانت الاحلام ونزعة التمرد والبحث عن الحرية في مرحلة موارة هي التي تشغل بطلاتها، وتدفعها للتمرد على واقعها، والبحث عن حريتها وذاتها.


ان ما قدمته المرأة يرتبط بتنامي وعيها الفكري والجمالي، وهو يحمل سمات يجري التعبير عنها بأشكال ومضامين متقاربة وهو ما يستدعي اعادة تلك التجربة من خلال رؤية جديدة ومختلفة بالرغم من محاولات بعض الكاتبات رفض سمة الانثوية التي تطلق على ما تكتبه كما هو الحال مع الروائية والقاصة غادة السمان في الوقت الذي نجد ان المرأة هي بطلة اعمالها المختلفة بامتياز، وان موضوع المرأة ومعاناتها خاصة على مستوى علاقاتها مع جسدها يشكل ثيمة اساسية في تلك الاعمال، الامر الذي يكشف عن مفارقة واشكالية مازالت تعبر عنها بعض المواقف النسوية، وكأن صفة الانثوية تعني كتابة من الدرجة الثانية، فهي لا تلحظ الجانب التاريخي والثقافي والاجتماعي وحتى الجسدي في موضوع المرأة وتجربتها التي عاشتها وتعيشها في واقع يفاقم من هزائمها المفتوحة، ومكابداتها.



#مفيد_نجم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تعدد الزوجات.. فك غموض أنماط الجنس والزواج بإمبراطورية مرعبة ...
- كيفن سبايسي يواجه اتهامات جديدة من رجال بالـ-التحرش الجنسي- ...
- دراسة تكشف عن تفوق النساء في التعامل مع الضغط في الرياضة
- فرصة العمر للسيدات اللغير عاملات.. خطوات التسجيل في منحة الم ...
- جريمة تهز لبنان.. مقتل شابة بعد اغتصابها في فندق ببيروت
- ملياردير إماراتي يتدخل لمساعدة ضحايا -عصابة اغتصاب القصّر- ف ...
- مغامرات الفتاة الدعسوقة والقط الأسود.. تردد قناة كرتون نتورك ...
- شاهد.. امرأة ورجل يضرمان النار بنسخة من القرآن الكريم وعلم ف ...
- السعودية تحبس مناهل العتيبي 11 عاما لدعمها حقوق المرأة.. وال ...
- “قدمي بسرعة هُنــا minha.anem.dz” .. التسجيل في منحة المرأة ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مفيد نجم - مركزية الذات، في الخطاب الروائي النسوي