أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حركة اليسار الديموقراطي - مشروع النظام الداخلي لحركة اليسار الديموقراطي في لبنان















المزيد.....


مشروع النظام الداخلي لحركة اليسار الديموقراطي في لبنان


حركة اليسار الديموقراطي

الحوار المتمدن-العدد: 930 - 2004 / 8 / 19 - 11:20
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


بين السادس عشر والثامن عشر من أيلول المقبل تنعقد الجمعية العمومية التأسيسية الأولى لحركة اليسار الديموقراطي، والمدعوون إليها هم حوالى خمسمئة من الموافقين > على الوثيقة السياسية التي أذاعتها الحركة في الربيع الماضي والتي اقترحتها اللجنة التحضيرية للحركة التي تضم رموزا في حركة قوى الإصلاح والديموقراطية في الحزب الشيوعي اللبناني وعددا من المثقفين والناشطين اليساريين في المجتمع الأهلي اللبناني. وستسبق هذا الاجتماع، اجتماعات تحضيرية في عدد من المناطق وفي بعض القطاعات المهنية كالأطباء والمحامين والمهندسين وغيرهم.
الجمعية العمومية ستناقش الوثيقة السياسية ومشروع النظام الداخلي للحركة خلال فترة التأسيس ومن ثم تنتخب الهيئة التأسيسية الأولى (تنتخب هي لاحقا هيئة تنفيذية) واللجنة الدستورية وذلك على قاعدة الأكثرية وليس النسبية التي تنادي بها الحركة في حياتها الداخلية وعلى الصعيد الانتخابي الوطني، والسبب كما يقول عضو اللجنة التحضيرية الياس عطا الله عدم وجود قيادة قبل التأسيس وبالتالي عدم تبلور قيادة ومعارضة، ولكن هناك نصا في النظام الداخلي يقول بوجوب اعتماد النسبية والتيارات مع أول انتخابات تجريها الحركة بعد انتهاء الفترة التأسيسية التي تستمر سنة كاملة، على أن تعقد جمعية عمومية تقييمية بعد حوالى ستة اشهر لتقييم التجربة في مراحلها الأولى.
وتعتمد الحركة آليات انتخابية اقرب ما تكون إلى محاولة تشكيل رأي وإفساح المجال أمام الانتساب الجماعي لتيار إضافة إلى الانتساب الفردي، كما تجري محاولة لتغيير مفهوم ومضمون الهرمية السائدة في العمل الحزبي في لبنان وذلك على قاعدة تشجيع هيئات المناطق والقطاعات على اتخاذ القرارات المتعلقة بحدود عملها، وبالتالي عدم الخضوع للهيئة الأعلى التي ستكون بدورها هيئة غير اختزالية بل إضافية، وفق ما يقول عطا الله.
الهوية العامة للهيئة في أهدافها هي هوية يسارية سياسية وثقافية بالمعنى التغييري ضد السائد سياسيا واجتماعيا وثقافيا. >، يقول الياس عطا الله.
من القضايا المطروحة أمام الحركة مفاهيم الانتماء والهوية. الهوية العربية <<التي ننتمي إليها هي هوية ثقافية حضارية وليست سياسية بالمعنى القانوني للكلمة.. الديموقراطية والحريات هي الضامن لسلامة تطور المجتمعات وتسمح بتعدد مناهج التعامل مع الواقع.. حتى الآن لا نضوج على المستوى العربي لحركة تستند إلى مفهوم فكري اسمه القومية العربية. هذه مسألة نضوج قانوني وسوسيولوجي واقتصادي. سابقا أي منذ الخمسينيات حتى الآن، طغى المفهوم الأيديولوجي بدون نضوج الفهم السوسيولوجي للمجتمعات العربية. نحن نقترح في الحركة مشروع بدائل محكوما بمنطق لغة المصالح، هوية عربية على أساس الديموقراطية واحترام المكونات السياسية للدول والشعوب العربية والإحساس بالانتماء لدى الإنسان الذي يعيش في هذه المنطقة بفعل أكثر من مكون تاريخي وثقافي، ولكن هذا المسار ليس محكوما بان يصل إلى نقطة محددة، أي إنتاج الدولة القومية دولة الأمة>>، يتابع عطا الله التوصيف.
هل يعني ذلك أن الحركة تهرب من الايديولوجيا؟ يجيب عطا الله: <<لسنا ضد الايديولوجيا، ولكن ضد أن تختزل الايديولوجيا الأبعاد الأخرى للنشاط السياسي والثقافي. لا احد يعيش بلا تجريدات فكرية لكن بلا حكم تعسفي على القيم المجتمعية الأخرى>>... ألا يوقعكم ذلك في خطر البراغماتية؟ <<هذا ليس صحيحا، البراغماتية سلوك علمي إذا عبر عنه بشكل دقيق، أي لديه لياقة وقدرة على التعديل والتغيير والاستفادة من محلية تجربته، أي لا تصلب فكريا بل مرونة في مسار تصحيح التجريدات>>.
على الصعيد اللبناني، تطرح الحركة برنامجا إصلاحيا داهما ومباشرا، قوامه، أولا، الحضانة الديموقراطية الضامنة لحياة وطنية سليمة، ويشمل ذلك عدم المساس بحق أساسي للشعب اللبناني هو حق تقرير المصير وحقه بالسيادة والاستقلال الكاملين. ثانيا، الإصلاح السياسي ومنطق الحد الأدنى هو احترام الدستور والقوانين القائمة وتصحيح القانون التمثيلي للشعب اللبناني وإيجاد أسس راسخة لتوفير شروط قضاء مستقل، وثالثا إجراء الإصلاح الإداري المطلوب وتحقيق الإصلاح الاقتصادي الاجتماعي الذي يوفر المزيد من العدالة الاجتماعية ويطور دور الدولة الرعائي، <<وفي ظل مناخ يرتكز على هذه السلة من الإصلاحات يصبح من الممكن البحث في تطوير الدستور والسير بخط إصلاحي للنظام اللبناني بشكل متدرج وصولا إلى إقامة الدولة العلمانية، أي إزالة كل المسببات الموضوعية التي تسمح اليوم لحفنة من المتسلطين على الحياة السياسية باستخدام المكونات والميزات الثقافية والمناطقية للبنانيين بشكل همجي نحو استمرار تركيب سلطة تهدد الوحدة الوطنية والدور الايجابي للمكونات المجتمعية>>.
حركة اليسار الديموقراطي تدعو إلى أوسع ائتلاف لليسار اللبناني، <<وهذه الدعوة التي تشمل الحزب الشيوعي اللبناني سعيا نحو ائتلاف أوسع لليسار، تبقى رهن قبول أو رفض الآخرين لها والعمل على مغادرة فكرة الحزب الوحداني لليسار بالمعنى الفكري والسياسي. الحد الأدنى يقول عطا الله وحدة اليسار، ويمكن أن نتجاوزه نحو وحدة جميع التيارات الديموقراطية>>.
وفي ما يلي نص المقدمة الفكرية والسياسية لمشروع النظام الداخلي لحركة اليسار الديموقراطي في لبنان خلال فترة التأسيس.



أفكار حول الصيغة المناسبة لحزب ديموقراطي


ترتدي الصيغ التنظيمية اهمية بالغة في تسهيل او تعقيد تطور المجموعات البشرية في حركيتها. ومما لا شك فيه، ان الصيغة المثلى هي تلك التي تلبي موجبات الفكرة القائدة الموجهة التي تتبناها المجموعات البشرية، اكانت مجتمعات عامة، او احزاباً او نوادي او نقابات.
ومما نحن بصدده اليوم، هو ايجاد الصيغة المناسبة لما درجنا على اعلانه ومحاولة بلورته، عنينا الحزب الديموقراطي الساعي الى التغيير بأفق اشتراكي.
إن التغييرات الجذرية الحاصلة في فهمنا لمهمة التغيير الاشتراكي، والمبينة في ما عالجناه تحت عنوان الهوية، تفترض حكما تغييرات كبيرة في الصيغة التي تنظم الحزب في علاقاته الداخلية، وفي علاقاته مع المجتمع ومؤسساته. الحزب الثوري الانقلابي، الذي يرى في التغيير عملية جذرية، تفصل بين ما قبل وما بعد، من خلال رؤية ارادوية للتاريخ والتطور، ان مثل هذا الحزب يفترض تنظيما او صيغة تناسب هذا الهدف وتلبيه، حيث شرعية الهدف، وهنا شرعية الثورة، تسيطر على كل ما عداها. وفي مثل هذا الوضع تتراجع الهواجس الاخرى، هواجس الحقوق وهواجس علاقة الفرد بالجماعة الحزبية، وعلاقة الجماعة الحزبية بغيرها من تشكيلات المجتمع المدني التي تعكس بدورها صيغا لعلاقة الناس بالواقع، وصيغا للتعبير عن المصالح والحقوق ورغبة التطور.
من هذا المنطلق، نحن نعتبر ان ما اصطلح على تسميته التنظيم اللينيني، او صيغة المركزية الديموقراطية بصفتها القانون الاساسي المسيطر على الصيغة اللينينية، نعتبر هذه الصيغة، الصيغة الاكثر ملاءمة لمفهوم التغيير الثوري الانقلابي، حيث تطغى قدسية الهدف وشرعية الفكرة، على كافة الحقوق، وتصبح الفعالية هي الوظيفة الاولى، والصفة الاساسية لمثل هذه الصيغة او الاداة (الطليعي منظم الجماهير)، والخطأ الكارثي يحصل حينما نغير مفهومنا للتغيير، نغير مفهومنا لعلاقة الحزب مع المجتمع، ونحافظ على الصيغة القديمة، فيصبح مثلنا مثل من يذهب الى الحرب الحديثة راكبا حصانا ومتمنطقا درعاً وسيفاً.
إن نقدنا لمفهوم <<الثورة>> بما هي كلمة رمز تختصر كل مفهوم التغيير القطعي الارادوي، يفترض حكما عملا استكماليا في تعديل قوانين الحزب وصيغته القديمة واعتماد صيغة جديدة تتناغم والهوية الجديدة لهذا الحزب.
المركزية الديموقراطية هي صيغة سيطرة الفعالية الاوامرية المركزية على كل ما عداها من اعتبارات:
علاقة الفرد بالجماعة.
علاقة الاخص بالاعم او مبدأ الهرمية.
علاقة الحزب بمؤسسات المجتمع الاخرى.
المركزية الديموقراطية: هي المفهوم التنظيمي المكثف لصيغة الحزب القائد الطليعي منظم الجماهير. والمركزية الديموقراطية في كل تجلياتها عبر تجربة الاحزاب الثورية اظهرت ميلا جامحا لسيطرة المركزية على كل مضامين الديموقراطية وتدجينها لصالح المفهوم المركز. تبدأ القضية في جوهر علاقة الفرد بالجماعة.
1 يشير مسار التطور الديموقراطي للمجتمعات والاوطان والمؤسسات الى اهمية التوازن بين الفرد والجماعة، وكلما كانت العلاقة بين الطرفين متسامحة ورحبة، كلما كانت امكانات التطور متاحة. الفرد ليس رقما داخل الجماعة بل هو عنصر غني ومتميز ومبدع داخل الجماعة. من هذا المنطلق لا يجوز إلغاء علاماته الفارقة، وتميزاته، لانها هي مصدر الابداع والطوعية لديه، وبقدر ما تفسح التشكيلات الجماعية للفرد في ان يتطور ويغتني ويمارس طوعية انتمائه، بقدر ما تكون قادرة على الاستجابة لمتطلبات الادراك الموضوعي لعملية التغيير المستمر. وبقدر ما تنغلق هذه التشكيلات وتلغي مميزات الافراد وتمارس التعسف الجماعي على افرادها، بقدر ما تساهم في افقار طوعية الافراد وفي مقدرتهم على الاغناء والعطاء، وهذا ينعكس تخلفا على المؤسسة ودورها الفعلي مهما علا صراخ المزاعم. ومن يعتقد ان مثل هذا الفهم يمكن ان ينتج الفوضى، فهو زعم مغرض او واهم، لان الفهم المقترح يحل الالتزام الطوعي في القوانين بديلا لكل انواع الطاعة والرضوخ. إن مثل هذا الفهم لا بد من ان يترك بصماته على مفهوم الوحدة الحزبية، وعلى مفهوم الاكثرية والاقلية، وعلى مفهوم القناعة والتنفيذ.
الوحدة الحزبية: تتعامل الاحزاب المركزية بعنف معلن او ضمني مع مبدأ الاختلاف، وتسعى الى جعل الحزب بنيانا متراصا متماثلاً، يذيب الفرد في الجماعة، ويلغي كل الصفات المميزة للافراد. الفرد في الكل، والكل هو محصلة محو الافراد. الكل ليس محصلة تفاعل الميزات المتنوعة للافراد، وإنما هو كائن جديد يغتذي بسلب الافراد ميزاتهم الخاصة الغنية بتنوعها ومفارقاتها. في الاحزاب المركزية انت تغادر آخر فعل طوعي ملتزم يوم تنتمي إليها، وبعد ذلك تحل الطاعة مكان الطوعية والالتزام، ويبدأ التبشير بقيم التنازل عن الأنا وعن الذات وعن الفردية، وبقدر ما يمحي الفارق بين الفرد والجماعة بقدر ما تتعزز السمة الثورية لدى الطرفين. إن مثل هذه الوحدة ليس فقط لن تقيم وزنا للاختلاف، ولا للرأي ولا للتنوع، ولا للتيارات، بل ستسعى رغم المناداة بالديموقراطية وحرية الرأي، الى التطهر من كل مظاهر احترام الفرد، وكل مظاهر التشكل على اساس القناعة، بالاضافة حكما الى عدم الاعتراف بمبدأ الاكثرية والاقلية، وتعميم مفهوم الالتزام على مستوى التنفيذ والقناعة. الاكثرية المركزية تلغي الاقلية عبر إلزامها بقناعة الاكثرية بالاضافة طبعا الى تعميم التنفيذ القسري لارادتها، رغم ان الاقلية في الفهم الديموقراطي، تنفذ قرار الاكثرية طوعا انطلاقا من معيار ترجيحي لقيمة الاكثرية، ولمشروعية مصالحها، وقناعة منها بأن الاكثرية هي دائما اكثرية موقتة قابلة للتغيير.
إن المنطق المركزي الوحداني، يرفض هذا المفهوم للتنفيذ، او للالتزام، مصرا على تعميم مستوى الطاعة ليطال القناعة وقسرية الالتزام التنفيذي. في الفهم المركزي يغيب كليا مفهوم شرعية الاكثرية القائم بالضرورة على شرعية وجود الاقلية، لتحل مكانه شرعية مطلقة، تنتفي عمن يخالفها كل صفات المشروعية، ليتحول لمتمرد او مارق او مرتد... الخ، صفات التحريم والرذل. وبناء على مثل هذا الوعي النافي لحق الاختلاف وتعدد الرأي وتعدد اشكال التعبير عن ذلك، فإن الوحدة الحزبية المقصودة من قبل هذا العقل ستكون دوما مهددة، لكون التماثل لن يحصل إلا في حالة الموت. ولحماية مثل هذه الوحدة، ستعمد القيادة دوما لسلب الافراد والمجموعات داخل الحزب حقوقها في الاقتناع والتعبير والاختلاف معرضة اياهم دوما لاختيار جائر بين التخلي عن آرائهم في قضايا محددة مختلفة عن قناعة القيادة او الاكثرية، إما هذا، او التخلي الكلي عن العلاقة بالحزب. ومثل هذا الخيار الجائر لن يكون دائما سهلا ومتوفراً لدى الغالبية من اعضاء الحزب، وغالبا ما تحصل المساومة المؤلمة، عبر التخلي عن الرأي، سواء بالنسبة للفرد او للجماعة. وبهذا يخسر الحزب احد اهم مصادر غناه، عنيت الاجتهاد، وأحد اهم مبررات وجوده، عنيت الالتزام الحر او القناعة الملتزمة، ويبدأ تدريجيا في الخروج من نبض الحياة الاجتماعية، ليتحول الى عصبة متعصبة منغلقة على تقديس جملة افكار مثالية بالمعنى الفلسفي، ومنفصلة عن تطور الواقع. وتبقى الحقيقة الصارمة ماثلة في كون هذا النموذج الحزبي يحاول سلب حقوق افضل المواطنين، اولئك الذين يحاولون الالتزام لتغيير الواقع، فإذا بالتزامهم في هذا الحزب يعرضهم لسلب جزء من حقوقهم كمواطنين، بدلا من ان يسهم ذلك في تفتح شخصيتهم، واغتنائهم كأفراد وكمواطنين.
2 في مستوى علاقة الفرع بالمركز او بلغة الحزب المركزي علاقة الادنى بالاعلى او العلاقات الهرمية:
في الواقع، كل هذه القضية، تقع ضمن منطق علاقة الخاص بالعام، او الاخص بالاعم. وفي الفهم التنظيمي المعاصر، فإن هذه القضية تحتل مركزا مميزا من الاهتمام، اذ على سلامة العلاقة بين الاخص والاعم، يتوقف الكثير من اسباب النجاح ومقاربة الموضوعية، وتعميم المبادرة بديلا للتلقي والانتظارية. إن العلاقة بين المركز والفرع، ليست علاقة عسكرية قائمة على معيار حسن التنفيذ، إنما هي علاقة قائمة على تنوع الوظائف وتعدد الاختصاصات وتوزيع العمل وتعدد اشكال العلاقة مع الواقع.
وانطلاقا من هذا الفهم، افترضنا ضرورة وجود قانون يحمي التوازن النسبي بين هذه المستويات، لان اختلال العلاقة في ما بينها، يؤثر حكما على فعالية العلاقة مع الواقع المجتمعي. والطغيان اللامحدود في الاحزاب المركزية للهيئات <<العليا>> على الهيئات <<الدنيا>> ما هو إلا محصلة للنظرة الانقلابية التي تمجد الانضباط والطاعة العمياء في خدمة اللحظة <<الثورية>> وفي انتظار الاوامر. فالقيادة تعرف كل شيء وما على المؤمنين إلا الطاعة وحسن التنفيذ. هذا هو جوهر فلسفة العلاقات الهرمية في الحزب المركزي، حيث الاعلى يلزم الادنى دون حدود. ونحن نرى ان هذه العلاقة لا يمكن ان تستقيم وتنتج إلا ضمن التوازن في حدود الوظائف والاختصاص ولا يمكن إلا ان تكون هناك علاقة قائمة على مبدأ الحقوق والواجبات لكلا الطرفين، عنينا المركز والفرع. السلطة اللامحدودة للمركز حكما ستشل وظيفة المناطق او الفروع، وبهذا يفتقد الحزب اهم مصادر تفاعله مع حركة الواقع، ومع ضرورة التعامل مع تنوع الواقع ومفارقاته وصفاته المميزة. اننا بأمس الحاجة لقوانين ومبادئ تكرس العلاقة التكاملية بين الخاص والعام، بين المركز والفروع، بما يضمن العملية التفاعلية بين مختلف المواقع، ويبقي السؤال مطروحا حول حدود إلزامية الدور المركزي بعلاقاته بالمستويات الاقل شمولا سواء أكانت مناطق ام قطاعات متخصصة. وقبل تقرير نوعية العلاقة، يجب الاشارة الى عدة عوامل يفترض اخذها بعين الاعتبار قبل صياغة قانون العلاقة:
1 اهمية دور العام او المركز او القيادة ناتجة عن كونها الجهة الاكثر تمثيلا وليس لانها أعلى او ادنى. وكي تكون كذلك من المفترض ابراز هذه السمة عبر تنقية التمثيل والاختيار من كل الشوائب، لان شمولية التمثيل هي الصفة الاهم في تقوية مشروعية الالزام لدى سلطة القيادة. ومما لا شك فيه ان الصيغ التي تؤمن حضور الرأي العام الحزبي وحساسياته في القيادة هي الصيغ الافضل. ونحن نرجح ان الانتخاب المباشر من كل اعضاء الحزب وعلى اساس النسبية، يشكل الصيغة الانسب لحسن التمثيل وشموليته. وهذا المنطق في الانتخاب يجب ان يشمل كافة هيئات الحزب في دائرة عملها، مناطقية كانت ام قطاعية.
إن منطق الانتداب يقلص شمولية التمثيل كما انه يعتدي على حقوق العضو او الفرد الحزبي. انطلاقا من ذلك، وفي مجال الانتخاب، يفترض تجنب كل الصيغ الانتدابية التي تلجأ إليها الاحزاب المركزية بهدف الوصول الى نوع من الصفوة المختارة، وغالبا المختارة منها، مما يتسبب في ضعف مشاركة الاعضاء ويحد من قوة اختيارهم ومشاركتهم.
2 الجهة المقررة يحددها نوع القضية وموقعها وحدود تأثيرها (مناطقية اختصاصية).
3 لا يجوز للعام ان يتعاطى مع الواقع الموضعي او الخاص او القطاعي بدون احترام كاف لقناعة الجهة المعنية بالقضية الخاصة.
4 العام بقدر ما هو بعد جديد، لا تطاله اهتمامات القطاعات والفروع، كذلك هو محصلات لتفاعل الرؤى والمعطيات الموضعية، وهذه معادلة تفترض اسلوب عمل. فبقدر ما يتم الدمج التكاملي بين المستويين وبقدر ما تكون العلاقة بين المستويات مستندة الى نظم تصون التوازن والمشاركة النسبية، بقدر ما سينتج عن ذلك مفارقات، تلبي الموضوعية وسلامة الالتزام معا.
بناء على هذه المبادئ نجد انفسنا امام علاقات جديدة بين مختلف الهيئات في الحزب، وموقع هذه الهيئات من بعضها هو ليس تراتبية الاعلى والادنى وانما علاقة بين الاخص والاعم، بين الاكثر تمثيلا والاقل تمثيلا، وهذه وظائف لا يمكنها ان تعمل بين بعضها من دون منطق التكامل والحرص على ان تقوم كل واحدة منها بوظيفتها بعلاقتها مع الواقع الذي افترضها. وحدود السلطة محكومة باحترام الوظيفة الخاصة. وتجاوز ذلك لا بد من ان ينتج خللا موضعيا وعاما. إن السمة العامة لهذه الرؤية ولهذه العلاقات هي الديموقراطية ولطالما كانت الديموقراطية صمام الامان للحفاظ على المقاربات الموضوعية ولتلبية موجبات التطور. وفي ما نفترضه لا تتحول الديموقواطية الى كثافة كلام يرد اسمها بشكل اجوف، وانما الى صيغ محددة، تجعل منها واقعا ملموسا، وليس تبشيرا فارغا بهدف ذر الرماد في العيون.
في علاقة الحزب مع مؤسسات المجتمع
الحزب المركزي الانقلابي يعمل من خارج آليات المجتمع، وهو يحاول تحويل حركة الواقع باتجاه هدف او فكرة وضعها سلفا، والثورة هي عتبة التاريخ الجديد. الحزب هو الهدف والعلاقة مع الواقع ما هي إلا فرص اقتناص لتقوية دوره. الوعي الثوري يمثله الحزب، وهو الوعي الاعلى والاصفى، وكل اشكال الانتظام الاخرى وما ينتج عنها من نشاطات، ما هي إلا مراحل متدنية يفترض الارتقاء بها نحو الوعي الثوري. وعلى هذا الاساس، تصبح وظيفة الحزب دفع اطر الانتظام هذه، نقابات كانت ام منظمات ديموقراطية ام اندية ام جمعيات اهلية ومدنية، دفعها لتتماثل والحزب، لتصبح ادوات عمل له في سعيه نحو الهدف النهائي: الثورة. هذه الاطر، تفقد كونها وظائف متعددة للاجتماع البشري، وظائف متنوعة تنوع اهتمامات ومصالح الناس، وهي ليست لا ادنى ولا اعلى من الانتظام الحزبي. الحزب المركزي يعتبر نفسه المكثف لمصالح الجماهير، والاطر الاخرى ما هي إلا وسائط مرحلية للوصول الى هذه الجماهير، وبقدر ما تكون مطواعة لارادتة وملبية لغاياته، بقدر ما تكون في الموقع الصحيح. وعلى هذا الاساس يغيب كليا دورها الفعلي كإطار معبر عن حاجات ومصالح من تمثل، وشرعيتها الحقيقية هي في مقدار تمثيلها مصالح الفئات المعنية بها وليس بمقدار اقترابها من خدمة هذا الحزب او ذاك.
إن مؤسسات المجتمع المدني بتنوعها وتعددها، وتعدد اهتماماتها، تعكس تنوع وتعدد الوظائف والحاجات الموجودة لدى المجموعات او المتحدات الانسانية، وهي لا يمكن اختزانها بعملية تغيير واحدة، عنيت الثورة او الانقلاب. إن الطبقات والفئات تنتج اشكالا متعددة من الانخراط الطوعي، تسعى من خلالها للارتقاء والتطور... الخ.
وعلى الاحزاب ان تحترم اشكال الانخراط هذه، والا تعتبرها حالات عارضة او اشكالا دنيا للوعي الذاتي، مما يدفعها لاستخدامها وتحويلها لواجهات شكلية لخطة الحزب، تستمد شرعيتها من شرعيته الثورية، وليس من حجم تمثيلها لارادة من تسعى لتمثيلها، وبالتالي تلتزم الدفاع عن حاجاتهم الخاصة، كطبقة او كفئة اكانوا عمالا او مهندسين او اطباء او طلابا او اساتذة، ولا تجنح لان تصبح منطلقا للانتماء الكلي، كما هي الاحزاب والتنظيمات السياسية. فالنقابات والمنظمات الديموقراطية والبيئية والشبابية... الخ، هي اطر ووظائف ضرورية لتعبيرات المجتمع، ومن هذا المنظار نفهم الانتماء الحزبي بصفته بعداً جديداً للعلاقة مع الواقع، حاجة مغايرة، لا تلغيها الانخراطات الاخرى، لا بل تفترضها، كما ان الانتماء الحزبي يفترض ولا يتعارض وكل انواع الانخراط الاخرى. وكل مسعى او فهم يدفع هذه التعددية الى التعارض، ما هو إلا بسبب الرغبة الاختزالية المتعامية عن تعقيد منطق الانخراط البشري وتعدد حاجاته.
بناء على هذه المنطلقات، سنجد انفسنا امام ضرورة اعادة النظر بمجمل اشكال انخراطنا السابق مع مؤسسات المجتمع، اكانت نقابية او ديموقراطية عامة: شبابية ونسائية واندية وجمعيات بيئية وتعاونيات وبلديات... الخ، آخذين بعين الاعتبار، الجهود الكبيرة المبذولة على مر السنين، والتضحيات العالية المبذولة التي من المفترض تقديرها، لانها ليست هي المسؤولة عن المآزق التي وصلت إليها، وانما لكونها كانت تستند الى رؤية وخلفيات غير مناسبة لتطور علاقتها مع الواقع، مما افقدها القدرة على تطوير صفتها التمثيلية لدى الجهات المعنية بنضالها. لقد حصل التناقض بين اولويات الحزب المركزي، واولويات النقابات والمؤسسات الديموقراطية على تنوعها، وهذا التناقض مرده غياب فكرة التكامل، وتعدد الوظائف وطغيان اعتبار ان الحزب هو الغاية النهائية لكل انواع الانخراط عند اعضائه. فهو اداة الثورة وهو اداة التغيير النهائي. والتغيير يحصل من خلاله وليس من خلال تحولات معقدة على اكثر من صعيد، وميدان. وان التغيير عملية دائمة ومتطورة غير قابلة للانجاز النهائي، حتى الثورة ليست فعل قطيعة بين ما قبل وما بعد، وإنما هي عمل تفرضه احيانا ممانعة متمادية رافضة منطق التغيير والتطوير المستمر. واذا لم تسارع القوى <<الثورية>> لمعاودة الاندماج بعد <<الثورة>>، فإنها تقع في خانة المعيق لمسيرة التغيير ولمسار التطور.



#حركة_اليسار_الديموقراطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- العلاقات التجارية والموقف من روسيا.. الرئيس الصيني في أوروبا ...
- الحوثيون يعلنون إحباط أنشطة استخباراتية أمريكية وإسرائيلية ب ...
- الجزائر تعدل قانون العقوبات.. المؤبد لمسربي معلومات أو وثائق ...
- المغرب.. ارتفاع حصيلة ضحايا التسمم الغذائي في مراكش
- المغرب.. -عكاشة- ينفي محاولة تصفية سجين
- ضابط أمريكي: القوات الروسية دخلت أراضي خالية من هياكل دفاعية ...
- قيادي كبير من حماس: النصر قاب قوسين أو أدنى وسننتصر ونهدي ال ...
- مادورو: واشنطن تمهد لخلق صراع بين غويانا وفنزويلا كما فعلت م ...
- مسعفون: مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين في قصف إسرائيلي على رفح ...
- اعتداء رجال شرطة أميركيين على طالبة مؤيدة لفلسطين.. حقيقة ال ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حركة اليسار الديموقراطي - مشروع النظام الداخلي لحركة اليسار الديموقراطي في لبنان