|
|
كلام مقاهي (3) : الشعر الحديث وعلم التسويق الحديث ج1
خلف علي الخلف
الحوار المتمدن-العدد: 920 - 2004 / 8 / 9 - 08:39
المحور:
الادب والفن
أرسى علم التسويق الحديث قاعدة أساسية في التسويق .. أظن انه لم يتح لشعراء الحداثة الإطلاع عليها ، وهي إن الزبون لم يعد يأتي ليشتري السلعة عليك أنت أن تذهب إليه واتيح لي أن اعرف هذا من خلال عملي في التسويق لأكثر من عشر سنوات في بلاد مختلفة وبناء على هذه القاعدة ومن خلال النظر إلى الكتاب بوصفه سلعة أولاً دون النظر إلى محتواه ، فيجدر بشعراء الحداثة وأنا هنا لم أتحدث عن شعراء العامود والتفعيلة لأنهم يبدو إنهم مدركين لهذا بالفطرة .. إذ تراهم دائما يحملون شعرهم ويذهبون به إلى الزبون وقد يكون زبونهم مختلفا عن زبون شعراء الحداثة لأنه غالبا يكون الممدوح ذاته أو صاحب الفصل في تثمين الشعر المقال في أمسيات النصر والاحتفالات بأعياد الجلوس أو بكائيات الشعراء حول النكبة والاحتلال والمقاومة ، فهنا الزبون محدد بذاته ويعرف كل شاعر منهم الزبون المفترض أو المحدد لقوله بوصفه سلعته التي يرتجي منها الخير العميم ! أما شعراء الحداثة فإن زبونهم غير محدد الملامح مثل شعرهم وبالتالي هم يتوجهون إلى زبائن افتراضيين وبناء على هذا عليهم أن يدرسوا السوق جيدا ويعرفوا السوق المحتملة لشعرهم ويتوجهوا إليها و إذا أتيح لي أن أقرأ كتب في التسويق من مثل : زبائن مدى الحياة .. أو كيف تجعل زبونا طارئاً زبوناً دائماً .. أوأفضل عشر نصائح للتسويق الناجح .. فإني وجدت أن هذا ينطبق على الشعر الحديث ، لأن المشكلة الأساسية في التسويق الحديث هي وفرة العرض كما أن الشعر الحديث يعاني من هذه الوفرة ، وبالتالي سأصب جل اهتمامي على البحث في أساليب تسويق الشعر الحديث ، كيف نذهب إلى الزبون وهو هنا القارئ مع ملاحظة أساسية وهي أن البضاعة المعروضة هي مجانية أو ما شابه ! على الشاعر الحديث أن يرتاد المقاهي ، وخصوصا مقاهي المثقفين ، ودائما عليه إثارة الانتباه إذا لم يكن معروفا ، ويختار صنما شعريا مكرساً وليكن من الرواد مثلا وينال من شعره ، وهذا مشتق من النيل من سمعة الشركات المنافسة في نفس الصنف ..! على الشاعر الحديث أن يختار بعناية عناوين قصائده بحيث تكون ملفتة للانتباه ، وليس بالضرورة أن تعبر عن المضمون ، وان يكون العنوان مختصرا أو معقدا ولا وسط بينهما كأن يختار لقصيدته عنوان مثل : مضاجعة والقصيدة تتحدث عن عمود وحيد واعزل في الشارع المقابل للحديقة .. أو معقدا من مثل : الوردة المعقوفة على انف عنزة كسرت مرايتها ، وتكون القصيدة تتحدث عن إهتراء الزمن مثلا . وان يكون عنوان الديوان يغازل سلوك المستهلك / القارئ .. من مثل على مرمى من القبلة..........الخ وهذا يتقاطع مع مسائل تسويقية من نوع اختيار اسم المنتج واختيار العلامة التجارية والشعار وهذه أصبحت علم منشق ومشتق من علم التسويق الحديث . على الشاعر الحديث أن يعلن عن سلعته ، إذ أن الإعلان في عالم وفرة العرض أصبح مهماً إما كيف يعلن مجاناً فهذه مسالة عويصة لكن لابد منها .. كأن يتعرف على مذيعة المجلة الثقافية لتستعرض كتابه في نشرتها .. أو يشوف ا حد يتوسط له مع معد برنامج ثقافي.. أو يدور على المراكز الثقافية الأجنبية ليحصل على أمسية أو جزء من أمسية .. طبعاً المراكز الثقافية الوطنية لن يستفيد منها كونها لا تعلن عن أمسياتها ! ونحن هنا لا نهتم بمن سيحضر أو سيسمع ! ولكننا مهتمون بما سيحصل عليه من إعلان مجاني او يذهب إلى البحر فتستضيفه المذيعة التي تحب الشعر هناك كشاعر يقضي إجازته الصيفية أو جاء ليستلهم البحر بديوانه القادم ، وحبذا لو يكتب قصيدة عن البحر قبل ذهابه ليقرأها فوراً ..! ومن الإعلانات المجانية التي يمكن الحصول عليها للشعر الحديث ، هي الاستعراض في الصحف ، وعليه إن لم يكن يعرف أحداً من مستعرضي الكتب في الجرائد المحلية والعربية أن يدبج إهداء لمسؤول الصفحة الثقافية في جرائد مختلفة ولأولئك الذين يستعرضون الإصدارات الجديدة كباب رزق .. وان يكون الإهداء حمال أوجه .. كي لا يترك ممسكاً عليه عند من يهديه ، وذلك لأنه بعد أن يصبح معروفا سيشن حربا على اللذين لم يكتبوا عنه أو الذين أهداهم الكتاب وتناولوه بسلبية ! فعليه أن يكون الإهداء من مثل: انتم تجربة فتحت آفاقاً لحرف خانته اللغة .. أو الليل هو بعينه ذاك الذي يجمع الشعر مع محبتي .. وحبذا لو كان المهدى إليه شاعر بأن يستهل الإهداء بفقرة من شعره دلالة على قراءته له الشاعر الحديث يجب أن يوقع على البيانات التي أصبحت ظاهرة ملفتة ، إذ ربما يحا لفه الحظ وتذكر اسمه وصفته وهي هنا شاعر قناة الجزيرة ، أو على الأقل العربية ، أو جريدة الحياة مثلا ، ونحن هنا لا نهتم إلا بالجانب الإعلاني من المسألة ولا نهتم بمضمون البيان حتى لو كان لمناصرة الفئران التي تتعرض لحرب إبادة في الكونغو مثلا ! عليه أن يترصد إصدار الببلوغرافيات أو المختارات أو الملفات ويعمق علاقته مع من يعدها كأن يدفع عنه حساب السهرة مرتين متتاليتين .. لا أكثر ! كي لا يتصيده آخرون لم ترد أسمائهم ويتهمونه بالتزلف والنفاق ، وهي مبالغ زهيدة على أية حال إذا كانت في فريدي أو الريس أو نادي الصحفيين . على الشاعر الحديث أن لا يخجل من إن يدعي السكر في أحدى السهرات ، ويقرا قصائد من شعره ، إذ هناك ستكون الطاسة ضايعة ، ولن يعلق من ذلك إلا انه شاعر ، وهذا يكفي مبدئيا ، وهذا في علم التسويق يسمى ترسيخ صفة الشركة في ذهن المستهلك . ولا ننصح الشاعر الحديث بالاهتمام بكرة القدم ، بل بممارسة التنجيم في الفنجان ، فهذا ربما سيكون مدخلا للفت الانتباه من الجنس الآخر واللواتي غالبا يهتممن بهذه الأمور ، ولا يتركن له فرصة لقول الشعر ، وبالتالي تعرف صفته ، ولا يعرف شعره وهذا يدخل في باب العلاقات العامة التي أصبحت إدارة منفصلة في كل شركة لما لها من أهمية في التسويق الحديث والشعر الحديث .
#خلف_علي_الخلف (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كلام مقاهي(1) : شاعر الحداثة وشاعر الربابة
-
ديمقراطية عالريق
-
عراقهم ...يا منذر مصري
المزيد.....
-
-كان فظيعًا-.. سيسي سبيسك تتذكر كواليس مشهد -أسطوري- في فيلم
...
-
اشتهر بدوره في -محارب الظل-.. وفاة الممثل الياباني تاتسويا ن
...
-
عرف النجومية متأخرا وشارك في أعمال عالمية.. وفاة الممثل الإي
...
-
السيسي يوجّه بمتابعة الحالة الصحية للفنان محمد صبحي
-
الفنان المصري إسماعيل الليثي يرحل بعد عام على وفاة ابنه
-
الشاهنامة.. ملحمة الفردوسي التي ما زالت تلهم الأفغان
-
من الفراعنة إلى الذكاء الاصطناعي، كيف تطورت الكوميكس المصرية
...
-
-حرب المعلومات-.. كيف أصبح المحتوى أقوى من القنبلة؟
-
جريدة “أكتوبر” الصادرة باللغة الكردية والتابعة للحزب الشيوعي
...
-
سجال القيم والتقاليد في الدورة الثامنة لمهرجان الكويت الدولي
...
المزيد.....
-
الذين باركوا القتل رواية
...
/ رانية مرجية
-
المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون
...
/ د. محمود محمد حمزة
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية
/ د. أمل درويش
-
مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز.
...
/ السيد حافظ
-
إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
المرجان في سلة خوص كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
بيبي أمّ الجواريب الطويلة
/ استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
-
قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي
/ كارين بوي
-
ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا
/ د. خالد زغريت
-
الممالك السبع
/ محمد عبد المرضي منصور
المزيد.....
|