مشروع القانون العنصري الذي طرحه النائب المفدالي المتطرف، حاييم دروكمان، حول تخصيص أراضى الدولة للبناء لصالح اليهود فقط، والذي حظي يوم الأحد الماضي بموافقة الحكومة بغالبية 17 وزيرا, يعتبر مشروع قرار عنصري مع سبق الإصرار والترصد والخلفية، وهو موجه بشكل رئيسي وأساسي ضد المواطنين العرب الفلسطينيين الذين لازالوا على أرضهم في فلسطين التاريخية صامدين وصابرين, يردون ويصدون غلاة العنصريين الصهيونيين المنفلتين من عقالهم والعائدين من زمن يهوشع الدموي وعقلية مناحيم بيغن الإرهابية.
ان الخطأ الأكبر الذي ارتكبته الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة هو العودة عن قرارها الذي يقول "الصهيونية هي شكل من أشكال العرقية والتمييز العنصري" لأن الصهيونية المنحطة والمتمثلة بالنظام العنصري القائم في إسرائيل العرقية واليهودية, لم تتوقف في يوم من الأيام عن ممارساتها العنصرية, أن كان من خلال مصادرة وضم الأراضي التي تعود ملكيتها للشعب الفلسطيني وللعرب الفلسطينيين الباقون هناك أو للذين أضطرهم الإرهاب الصهيوني عام 1948 لمغادرة ديارهم واللجوء إلى الدول المجاورة للعيش في الشتات واللجوء, بينما اليهود يجمعون من كافة الأصقاع ويحضروا إلى بلادنا ليتمتعوا بثرواتنا وأرضنا ودورنا, ثم يصبحون مواطنين إسرائيليين لهم كافة الحقوق والواجبات فقط لأنهم يهود ولأن هذه الدولة الصهيونية العرقية العنصرية هي ليهودها فقط ولن يسمح للعرب الفلسطينيين أن يتساووا في الحقوق مع اللمم من اليهود الذين جيء بهم على سفن العودة وبقانون العودة اليهودي الذي يمنحهم أرض الفلسطيني وفي المقابل يمارس ابشع أنواع التفرقة العرقية والعنصرية بحق أصحاب الأرض الأصليين.
أن مشكلة القرى والبلدات الغير معترف بها لازالت وصمة عار توبخ وجه إسرائيل الصهيونية العنصرية وتعطينا مثالا حيا ولامعا عن مدى القهر والظلم الذي تمارسه الصهيونية بحق أبناء القرى الفلسطينية التي سلبت وتم احتلالها, حيث أن هؤلاء الناس لازالوا منذ سنة 48 يسكنون لاجئين قرب أراضيهم التي تمت مصادرتها أو اعتبارها مناطق مغلقة وعسكرية تابعة للدولة.
تصوروا مدى القهر والعنصرية, صاحب الأرض لاجئ في أرضه وعلى حدود ممتلكاته وعند سياج داره وحقله, بينما اليهودي القادم من أثيوبيا وأمريكا وبولندا والاتحاد السوفيتي سابقا يتمتع بالمواطنة الكاملة ويتم إعطائه الأرض والمال ويتمتع بامتيازات تشجعه على التعايش والاستيطان في البلاد كاملة.
اضافه إلى ذلك هناك تمييز ضد العرب الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية في كل نواحي الحياة, من التعليم إلى المساعدات التي تقدمها الدولة, فالحريات التي تم تحديدها بشكل سافر وعنصري يعلن العداء على العرب. وما قضية النائب العربي عزمي بشارة ومحاكمته على خلفية تصريحاته وإبدائه لرأيه في قضايا عامة تخصه وتخص شعبه ومستقبل وجود هذا الشعب ألا أوضح دليل على ذلك.
كذلك محاولات الضغط والابتزاز التي مورست بحق النائب أحمد الطيبي والشيخ رائد صلاح وآخرين من قادة العرب الفلسطينيين داخل الخط الأخضر وفي أراضى الـ48. كذلك ما تبع ذلك من حملات اعتقال واتهامات طالت أكثر من مائة مواطن فلسطيني من أراضي فلسطين التاريخية, تارة بتهمة الإرهاب وتارة أخرى بمساعدة الإرهابيين وما شابه ذلك من اتهامات سخيفة تم أعدادها والتحضير لها بعناية للضغط على مجتمع فلسطينيي ال48 الذين تم قمعهم بقوة يوم تحركوا سلميا للأعراب عن تأييدهم وتعاطفهم مع شعبهم الفلسطيني المنتفض في الضفة والقطاع.
كلنا نذكر كيف تم قتل 13 منهم وجرح المئات بلا داع وبلا سبب أمني أو حتى للدفاع عن النفس, لكن الحقيقة هي أن هذا النظام الصهيوني العنصري الإسرائيلي هو نظام عرقي وأثني فاشي لا يتردد في قتل كل من ليس يهودي وفي أباده كل ما هو فلسطيني وحتى عربي.
ان الأخطر في سياسة العنصرية الصهيونية هو البناء الفكري للمجتمع اليهودي الإسرائيلي, هذا الذي تأسس على نظرية التفوق الأمني والفكري والعرقي الصهيوني الذي جعل معظم المجتمع اليهودي بيساره ويمينه ووسطه يؤكد من خلال الاستطلاع الذي أجرته الإذاعة الإسرائيلية الرسمية تجذر العنصرية وتغلغلها عميقا في النفوس والعقلية اليهودية الشاملة.
هذا المجتمع اليهودي في إسرائيل لم يكن في يوم من الأيام يرى في العربي الفلسطيني الذي بقي على أرضه وفي بيته وبلده شريكا في المواطنة أو في الدولة, بل كان ينظر له كعدو داخلي يجب محاربته ومن ثم تذويبه وإلغائه.
من هنا نعرف لماذا كل هذا العداء للعرب الفلسطينيين ورفض مجاورتهم أو العيش معهم في مباني واحدة أو أحياء واحدة وحتى في مدن وبلديات واحدة.
نعم إنها إسرائيل الصهيونية العرقية التي تشرع العنصرية بموافقة غالبية المجتمع اليهودي.
على العالم كله والإسرائيليين أولا أن يتذكروا كلمات الرئيس الصهيوني الأول حاييم وايزمن "أن العالم سوف يحكم على الصهيونية وفقا لمعاملة الصهيونية للعرب الفلسطينيين".
واليوم على العالم المتحضر والذي يسبح كما يريد هو لا كما تريد أمريكا والصهيونية العالمية أن يقف ويعيد الحياة للقرار الدولي الذي يعتبر الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والذي كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتخذته يوم العاشر من نوفمبر 1975 ثم أعادت إلغائه تحت ضغط أمريكا في نهاية الثمانينات.
إسرائيل دولة مارقة تحظى بحماية ودعم دولة عظمى مارقة, قامت هي أيضا بدورها على أنقاض شعب آخر وفوق جماجم أبناء ذاك الشعب الذي تمت أبادته بشكل مرعب ومخيف, كي يتسنى للبيض أقامه أمريكا الحديثة التي تصدر للعالم كل ما هو مرعب ومؤسف ومخيف وغير عفيف ونظيف, من إرهاب الفرد إلى إرهاب الدولة.
*الكاتب فلسطيني يقيم في العاصمة النرويجية "أوسلو".