أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سناء الموصلي - اسماعيل فتاح الترك لم يرحل عنا















المزيد.....

اسماعيل فتاح الترك لم يرحل عنا


سناء الموصلي

الحوار المتمدن-العدد: 908 - 2004 / 7 / 28 - 11:10
المحور: الادب والفن
    


عرفته منذ بداية الستينات في مدينة الناصرية حينما كان صديقاً لأخي الكبير سميرالموصلي. كان من ضمن مجموعة المثقفين الذين ساهموا بنشاط في تزيين ساحات المدينة أيام احتفالات ذكرى ثورة 14 تموز السنوية التي يساهم فيها كالعادة جمع غفيرمن مثقفي المدينة كل حسب اختصاصه وهوايته؛ من فنانين تشكلييين ومسرحيين وحرفيين وشعراء وغيرهم. لم ينقطع الترك عن زيارة مدينته اثناء العطلة الصيفية خلال دراسته في ايطاليا لفن الخزف. كانت تربطه بها علاقة روحية سومرية. وكيف لا والمدينة لا تبعد سوى عشرة كيلومترات عن عاصمة السومريين أور- مدينة الملكة شبعاد. كان مولعاً منذ بداية طريقه الفني بإكتشاف ذاته من خلال اكتشاف أسرار الذات السومرية؛ أسرار معابد أور والوركاء وأوريدو. ولم يكن هذا سهلاً؛ كان عليه أن يبحث ويحلل ويفك االطلاسم السومرية والبابلية؛ كان عليه أن يسبر غور كل الفلسفات التي سادت في بلاد ما بين النهرين. كان عليه أن يعرف بماذا كان يفكر سكان بلاد الرافدين؟ وماهو سر تركيب بنائهم الفني والمعماري؟ وأي المواد يستعملون لإضفاء صفة الخلود السومرية على منحوتاتهم ومعابدهم وبيوتهم؟ وغيرها من الأسئلة التي حيرته. كان عليه أن يستعمل أدوات بحث علمي خاصة مستفيداً من كل ماتعلمه ودرسه في العراق وايطاليا. لقد ساعده الموروث العراقي القديم والاسلامي في الوصول الى أسرار الوجود السومرية. ربط الحاضر بالمستقبل والماضي وتوصل الى سر الألوان والضوء ومساقطه الذي برع في استخدامها وطوّعها من أجل الوصول الى الهدف. لم يجعل من الهزيمة السومرية والبابلية أمام الأعداء منطلقاً لمراثيه وإنما على العكس استخدمها لإنطلاقة النصرمستنداً على أصول المعرفة للعراقيين القدماء وهذا ما تدل عليه أعماله المتنوعة. لم لا ونحن بناة أول زقورة في العالم ؛ لم لا ونحن من اكتشف أول ساعة في العالم ‘ لم لا ونحن أول من اكتشف الرقم واللوغاريتم وعلم الهندسة التحليلية؛ لم لا ونحن أول من كتب أول شريعة في الوجود‘ لم لا ونحن أول من وضع أنظمة الري وغيرهما من الاكتشافات الانسانية والحضارية والعلمية.
كتب شوكت الربيعي في كتابه "لوحات وأفكار" الصادر في العام 1976 من قبل وزارة الإعلام العراقية عن اسماعيل فتاح الترك مايلي: " يبحث اسماعيل فتاح في لوحاته وتخطيطاته ودراساته المختلفة عن قيمة بنائية بنظرة مختزلة ووسيلة تلك النظرة، اللون الأحادي: الأسود وسحناته والرمادي ودرجاته. وفي
الرسم بالزيت يستعمل اللون الأبيض والأزرق ومشتقاتهما بحساسية رقيقة متفاوتة بين أهمية الموضوع لديه وبين أهمية التقنية الشكلية . واجمالاً فأن رسومه بالحبر الصيني اتجاه حيوي يواجه به توصلاته على معراج البحث عن الهوية من بين الوسائل التشكيلية المتعددة والمتشعبة التي تسود اتجاهات الفن المعاصر في العراق. وهو ما بين التشخيصية والتحويرية والتجريدية الصورية ينتقي فقرات الاتصال بين نماذجه البشرية، انسانه المديد المتطاول اللامنتمي للأرض بل للحرية والذي يعتمده بالنحت كأجمل ما يكون الاعتماد في التكنيك. وكأرق ما تكون عليه الشفافية في ألوانه بالمائية وبالحبر وما بين بقعه اللونية ظلاً كانت أم نوراً تتجسد التشبيهات الانسانية بطرواة وغنائية" . واجه اسماعيل فتاح قضيتين فنيتين: الأولى هي الفكر المحرك الرئيس للطاقة الإبداعية والثانية هي الخلوص الى الشكل ومعناه ودوره في التوصل الى الأصالة في الفن التشكيلي. أن أهم ما يميز أعمال اسماعيل الترك من لوحات ومنحوتات هو تجاوزه حساسية الاتجاهات السائدة، واتجاهه الى وعي التراث وفهمه لتاريخ العراق بشكل خاص والوطن العربي بشكل عام قديماً ومعاصراً.
وقالت عنه الناقدة الفنية آلا بوغدانوفا المتخصصة في نقد الفنون التشكيلية في العراق والتي شرعت منذ أكثرمن عام بكتابة كتاب حول تطور الفنون التشكيلية في العراق من عبد القادر الرسام الى الوقت الحاضى بالإشتراك مع كاتب المقالة: ( تملك أشكال نصبه التذكارية دقة غرافيكية. أما أعماله الزيتية والغرافيكية ذات الخطوط المنجرفة بنعومة تعبر عن نفسها كنصب تذكاري قائم لوحده. كما تعكس حرية لغته الغرافيكية والزيتية حرية تحليق أفكاره الفنية دون قيود. وقد صمم اسماعيل فتاح الترك أكثر النصب التذكارية تمجيداً من قبل العراقيون- "الشهيد" الذي دخل كعلامة مضيئة في تاريخ الفن التشكيلي والمعماري العراقي حيث لا زال الترك على قيد الحياة. هذا وصمم اسماعيل تماثيل مازالت قائمة حتى الآن في ساحات بغداد وشوارعها مثل أبو نواس والواسطي والشاعرين عبد المحسن الكاظمي والرصافي. أن أرثه العبقري الذي تركه يشكل صفحة كبيرة في تطور الفن التشكيلي العراقي).
وكتب ضياء العزاوي في كتابه "لون يجمع البصر – نصوص وحوارات في الفن التشكيلي ( الذي صدر في لندن سنة 2001 : طرح اسماعيل في معرضه الأول (1963) تفاصيل الحياة اليومية وبشكل خاص المرأة كجسد وعلاقات حياتية، وقد حقق هذا الاهتمام بالقليل من التفاصيل، كما كان زاهداً في استخدامه للون حيث اقتصرت لوحاته على اللونين الأبيض والأسود وما بينهما من تدرجات لونية إلى جانب وحدات من ألوان محدودة أخرى، وكانت عناوين لوحاته مطابقة لأعماله:"انسجام بالأبيض "،"أشكال وردية" وغيرها. وإلى جانب لوحاته عرض فتاح أعماله النحتية في "قاعة الواسطي" وهذه الأعمال تعتبر من أبرز نماذج النحت العراقي والذي سيتخلى عنها ولسنوات طويلة لصالح أعمال محافظة. مثّل معرض فتاح اتجاهاً جديداً وإعلاناً واضحاً لغياب ما عرفناه من موضاعات وأساليب في الخمسينات، فبين هذا المعرض الذي كان أشبه بنشيد صوفي غارق في الوجد والتأويل وبين معرض كاظم حيدر كمسرح ميثولوجي شعبي غارق في التراجيديا وذات مرجعية واضحة من حيث رموزها الشعبية، ما بين هذين النموذجين سيأخذ الفن العراقي طريقاً في فردية الأبحاث على الرغم من استمرار ظاهرة الجماعات الفنية ومحاولات البعض صياغة مفهوم جماعي متسرع للعمل الفني).
كان اسماعيل فتاح الترك عضواً في جماعة بغداد منذ سنة 1957 وشارك في معرض جماعة الزاوية سنة 1967 . حاز على جوائز عديدة في ايطاليا أهمها الجائزة الأولى للفنانين العرب في ايطاليا للرسم سنة 1962. وعمل استاذاً في أكاديمية الفنون الجميلة بجامعة بغداد لمدة تزيد على 30 عاماً وتتلمذ على يده فنانون كثيرون من جيل السبعينات والثمانينات. وإذا رحل عنا اسماعيل فتاح الترك جسدياً فهو لم يرحل عنا فكراًً وعبقرية وروحاً؛ فهذه أعماله الفنية من نصب ولوحات فنية لازالت قائمة في روح العراق، في شوارعه وساحاته وسوف تخلده وتخلد العراق إلى الأبد.



#سناء_الموصلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وأخيراً كشر الشيشان عن أنيابهم في قضية الشعب العراقي
- الأجر المنخفض في ظل اطالة وقت العمل وتكثيفه
- نزار دعنا- شهيد الصحافة الحرة


المزيد.....




- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سناء الموصلي - اسماعيل فتاح الترك لم يرحل عنا