أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم حيدر الخياط - ملائكة الزمن














المزيد.....

ملائكة الزمن


ابراهيم حيدر الخياط

الحوار المتمدن-العدد: 2981 - 2010 / 4 / 20 - 22:16
المحور: الادب والفن
    


في العدد 49 ليوم الخمبس المصادف 1/3/2001، نشرت جريدة (الزمن) البغدادية للقاص مؤيد سامي فصة " الملائكة تأكل الخبز" ويشدّك العنوان - لعذوبته - كي تقرأ، والقصة الجيدة تجذب من سطرها الأول أو تترك، وقصتنا تستدرجك لقراءتها وتغريك لأنها فلذة منك، إلتقطها القاص وسبك صياغتها على نار مجربة تتذكى حكمة.. ثم أعاد النائحة إليك كي تعلم أين أنت؟ .. إنك تحت جبروت غيلان الحصار وإرهابه، وتحثك - أي القصة - أن لا تنسى رجاء.
لغـة، تبوح القصة بأسرار فيض مشرق من مفردات السهل الممتنع.. وانسيابية في الألفاظ المدوية كضوع الرقراق مثل الدموع.. وبهذه الآيات النواقع بالفصاحة مثل البيان.
صياغة، تعثر في القصة - لنباهتك- على ثريات من لآلئ البديع، وحزمة من التراكيب الباهرة والناطقة بالدهشة، وتشعر أنك أمام قاص عليم في صنعته، وبارع في حرفته، ومتكاملة أدواته الموصلة، ولجودة إرساله يخلق فيك منظومة إستقبال لحظوية تستقطب هذه الآتية بفسيفساء السحر، ثم تصير القصة قطب الرحى عندك لأن لك "عنـد"، وتدرك - آنئذٍ أن مشغل قاصنا مترامٍ كاطراسه.
بناء، تنبئك القصة من جملتها المؤكدة الاولى (( لليوم السابع)) بطلاسم تمتدّ من أناك الى الجمع عبر التأريخ، فتسقط القصة - مدلولات الرقم الكهنوتي علينا من عهد الاستواء والزقورات والمثاني، واكتمال دورة الاسبوع و -قبلذاك- عدّة طبقات السماء وعدّة حروف أسماء بعض أولي العزم، وجميع الأصفياء من كبار الملائكة، فتريد القصة بلمحة مرفقة إخبارنا إن ناي الحزن في أول شجوه كان عراقياً، وتفلح... ثم تأتيك رسالة من القاص - ضمناً- ان في العدد ايحاء يشي بعمر بطلنا وخطواته الشبيبة .. وتتواشج أحداث اليوم السابع المهولة بريشة تسرّبت - على مهل مرّ- قطرات دم الأيام المُحاصَرة الى عروقها الشفيفة فأسبغت ما فيها من مرارة على صورة بطل تكاد تنطق مخابئه من بين السطور المقيَّدة .. قاص لم تقله إشارة ذي جدوى، وما غفل عن هامش يزين المتن، فكست الروعة حتى الحواشي، وباء بفوز مزدان بقطوف التميز والامتياز إذ إختصر بكفاية، ووصف برواية، وتقمّص لدرايه، وحاكى المَقاتل بنهاية، حتى نحسب ان بطلنا لو قرأ القصة لبكى من تأثره وتأثيرها. لأن فيها أحجية القصّ ودرابة الفلسفة ومحليَّة الحدث، بله عاديته التي سمت تحفة تضاهي قطع آثار أدبية شاهدة خالدة حاكية على يدِ - وجدير بي أن أقول في صومعة- ملهم مبدع.
معالجة، تكفيها - قصتنا- أن تعتدّ بنهايتها البرشتية، ومطاولتها - غزيرة- وبلا طائل ضدّ طائر موت يرفرف على كتفي بطلنا سبعاً عجافاً يابسات، فتتكرس الغيبة ومشتقاتها- من غياب وتغيّب وغيبوبة وغبّ- وتنصهر في حالة لا أستطيع أن أتعدّى مصطلح " التطهّر" مواءمة لها، كي يسمو بطلنا بروحه التي ألحق بها مروق حركة الكون ما ألحق لتكون آدمية الملائكة نتيجة، ويكون عقاب الذات - التي يُفتَرض أنها - أقصد الذات- بضعة الإله على الأرض- إدانة لناموس التشئ، وإذابة للتعقيد الرمادي، ويبقى سؤال ما منه بدّ - إن كان بطلنا قد مات - ونسأل به الطب العدلي:- ترى أين يكون الازرقاق في جسده؟ .... وبداهة أجزم ان في روحه - دون شك-. ولكن قصتنا مفتوحة المديات كباقي أيامنا الحبلى بالقصص. ويجاز أن تصفها - أي القصة- بالواقعية، نقديتها أو السحرية، بيد أنها قصة طبقية تنوء جذلانة بثيمة شعب يمرّ عليه يومه وهو في كفاح مستميت مستديم أوّار. والنظام العالمي الجديد في لهو لاهٍ عنا. وحين تستنتج ويتبين لك أن القصة الفائزة بمجمع الفلوب يجب أن ترفل وتتفيء بظلال الشعر فلا أظنك بمستطيع استبعاد فصتنا الرشيقة هذه إنموذجاً ودالة.
وبعيداً عن الأستذة يحلو لي أن أشير على قاصنا الشاعر بتصويبات ترونق بهاء ما قرأنا، وتضفي ديباجاً جميلاً على ما يكتب. ثم استزادة للمتعة التي رجونا فكانت. لذا تمنيت أن أرى كلمة " تُرتجى" بعد (فائدة) في سطرها التاسع، وأن أتأوّه بـ " آه" قبل (لو) في سطرها السابع عشر، وكان من الجمال بمكان لو أبدل (رغم) في سطرها الحادي عشر بـ " قبل" ، و (كنّ) في السطر عينه بـ " هنّ "، و (ضائعة) في السطر الحادي عشر بـ " سائبة" وهذه الأخيرة يفرضها المنطق دوني. وتمنيت - في هالة الأماني المسؤولة - أن يحذف حرف النداء في الحوار الذي تتلألأ فيه مفردة (( الأستاذ)) كما تلألأ الأمل في عيون البطل وهو يتوسّل دون أن يرتضي التسوّل، لأن الموت في عرفه وعرف السياب أهون من " خطيّه"؛ وأهون من إذلال ملائكة تلوّثهم شاردةُ خيبةٍ، أو واردةُ حصار، ولكن بطلنا وهو من شغيلة اليد لو كان مبدعاً مثل خالقه - أي من شغيلة الفكر- لأدرك أن التسوّل أهون بكثير من الدخول في نظام البرمجة الأدبية، وكفى بذلك

ـــــــــــــــــــ
*نشرت هذه المادة في العدد الثامن من مجلة ضفاف الثقافية في النمسا- 2001.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...
- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم حيدر الخياط - ملائكة الزمن