أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرا دمبكجيان - مصلحة أمريكا في صيانة أمن الخليج العربي















المزيد.....

مصلحة أمريكا في صيانة أمن الخليج العربي


آرا دمبكجيان

الحوار المتمدن-العدد: 2962 - 2010 / 4 / 1 - 10:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة تاريخية
أرسلت بريطانيا العظمى حملة عسكرية في عام 1914 من الهند نحو الخليج العربي فاحتلّت شبه جزيرة الفاو في البصرة شمال الخليج و جنوب بلاد ما بين النهرين، و لم تكن تريد أكثر من موطئ قدم في تلك الولاية العثمانية.
أَجبَرَت مستجدات السياسة الدولية في عام 1916 أن يتقدَّمَ الجيش البريطاني شمالاً في عُمقِ العراق بقيادة الجنرال تشارلز تاونزند الذي واجه مقاومة تركية شديدة بقيادة خليل باشا فأوقعَ هذا الأخير هزيمة منكرة بالجيش البريطاني في معركة كوت- العمارة بعد حصارٍ طويلٍ مرير تَبعَهُ إستسلامٌ مشين، إذ أسرَ الأتراك 16 ألفاً من البريطانيين و الهنود أُجْبِروا على السير شمالاً نحو معتقلاتِ أرضروم و طرابزوند. فأرسَلَت بريطانيا حملةً عسكريةً أُخرى بقيادة الجنرال ستانلي مود الذي قامَ بتطهيرِ المنطقتين الجنوبية و الوسطى في العراق من الأتراك و دخلَ بغدادَ (مُحرِراً و ليس مُحْتَلّاً - كما أعلن) في 11 آذار (مارس) 1917 متوجِّهاً نحو الشمال حتى توقَّفَ عند مدينة الشرقاط قرب الموصل عشيّة إنتهاء الحرب العظمى (العالمية الأولى) في 11 كانون الأول (نوفمبر) 1918.
ماذا كانت (مستجدات السياسة الدولية) آنذاك التي أجْبَرَت بريطانا العظمى أنْ تُرْسِلَ الحملة العسكرية تلوَ الأُخرى لإحتلال العراق و ضمانِ أمنِ الخليج العربي؟

في آذار 1916 أرسَلَت روسيا القيصرية جيشَ القفقاس نحو الجنوب بقيادة الجنرال باراتوف لدخول العراق من مناطق رايات و خانقين و دربندخان (على الحدود العراقية – الإيرانية) و التوغُّل جنوباً نحو الخليج العربي، و كانت في طليعة الجيش الروسي الكتيبة الفدائية الأرمنية الرابعة بقيادة آرشاك كافافيان (كيري الأرضروملي) الذي قُتِل في معركة راوندوز في شمال العراق في 16 أيار (مايس) 1916. كان هدف روسيا إحتلال الخليج و مضايقة بريطانيا العظمى (حليفتها في الحرب) للمطالبة بحصةٍ أكبر من أراضي الدولة العثمانية بعد هزيمة الأخيرة في الحرب. لم تطمع روسيا القيصرية في ممتلكات "الرجل المريض" غير العاصمة إسطنبول (القسطنطينية) و مضيقي البوسفور و الدردنيل بإعتبارهما الطريق الموصل من المياه الباردة في البحر الأسود نحو مياه البحر الأبيض المتوسط الدافئة.
في هذا الوقت بالذات كانت المحادثات تدور بين الدولتين و فرنسا لتوقيع الإتفاقية المسماة (سايكس-بيكو-سازونوف). فمجرَد إحتلال روسيا لمنطقة الخليج العربي كان سيجبر بريطانيا العظمى على تقديمِ تنازلاتٍ جوهرية لضمان طريقِ الهند، دُرَّة التاجِ البريطاني.
كانت مضائق البوسفور و الدردنيل مُهِمَّةً لروسيا القيصرية بقدر ما كان أمن الخليج مهّماً لبريطانيا العظمى...
كان الخليجُ العربي آنئذٍ مهمّاٍ كممرٍ جغرافي استراتيجي و ليس كمستودع للنفط و معبرٍ لناقلاته، و بذلت بريطانيا العظمى جهدها للحفاظ عليه ضمن ممتلكات التاج...

حاضراً
إنسحبت المملكة المتحدة من مسؤولياتها الأمنية في شرق السويس عام 1968 مُخَلِّفةً للولايات المتحدة جسامة تلك المسؤوليات. ومن ضمن الإلتزامات التي ورَثَتْها هذه الأخيرة تأمين عمليات إستقرار و أمن منطقة الخليج العربي الفائقة الأهمية و التي أدْخَلَتْها في خططها الإستراتيجية الحيوية. و في خلال العقود القادمة من ذلك التاريخ إتَّبّعّت واشنطن عِدةَ أساليب للقيام بمهِمَّتِها الصعبة... ففي السبعينات من القرن الماضي إعتمَدَت على إيران الشاه و على المملكة العربية السعودية، و تَقَرَبَت من عراق صدام في الثمانينات في أثناء حرب العراق مع إيران الخميني...و في التسعينات ضَغَطَت على الإثنتين معاً كاشفةً عن أنيابِها. و في الحالات الثلاث المذكورة في أعلاه لم تنجَحْ الولايات المتحدة في مهمَّتِها نجاحاً تامّاً مما أضطَرَّت الى التَدَخُّلِ المباشرِ ثلاثَ مراتٍ لتأمين الأمن، في إيران 1987-1988، في العراق 1991 و 2003... و الآن بعد خلع الرئيس العراقي صدام حسين، على الولايات المتحدة أنْ تُعيدَ النظرَ في حساباتها الإستراتيجية لتلك المنطقة لأن المشاكل الأمنية في الخليج العربي ستتصاعد بتحدٍ أكبر...
إنَّ مصلحة أمريكا الرئيسة في منطقة الخليج العربي هي في التأمين التام لتدَفُّقِ النفط بكل حرية و ثبات الى الأسواق العالمية، و هذه حقيقةٌ واقعة ليست لها أي علاقة بكل نظريات التآمر التي لُفِّقَتْ على الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس بوش و الخاصة بنفط العراق قبل بدء الحرب مع النظام العراقي السابق. فالمصالح الأمريكية لا تتركز حول أسعارِ الوقودِ في محطات التعبِئة، أو أن تفوز شركةٌ أمريكية مثل إيكسون بعقود النفط بدلاً من لوك أويل الروسية أو توتال الفرنسية، و لا تعتمد هذه المصالح على كمية النفط التي تستوردُهُ الولايات المتحدة من منطقة الخليج أو من أيِّ منطقةٍ أخرى مُنْتِجة للنفط. فالسبب الذي يدع الولايات المتحدة أن تكون لها المصلحة الشرعية و الحرجة في مراقبة تدفُّقِ نفط الخليج العربي بحرية و أمانٍ واستمرار بإنتاجٍ مناسبٍ و رخيصٍ نوعاً ما هو أن الإقتصاد العالمي قد بُنيَ خلال الخمسين سنة الماضية على أساس إنتاحٍ نفطيٍ غزيرٍ و قليل ِ الكلفة، و إذا تمَّ الإخلال بهذا الأساس المتوازن، فإنَّ الإقتصاد العالمي سينهار حتماً...و أترك للقارئ اللبيب أن يتخيَّل نتائج هذا الإنهيار على دول العالم.
يتدفّق اليوم 25% من إنتاج النفط العالمي من منطقة الخليج العربي، والعربية السعودية وحدها تزوَّد العالم ب 15% من هذا النفط. و من المتوقع أن يرتفع الإنتاج السعودي بدلاً من أن ينخفض. و يحتوي منطقة الخليج على ثلثي الأحتياطي العالمي من النفط ذي تكاليف الإنتاج المنخفضة جداً. فكلفة البرميل المنتَج من السعودية تساوي خُمس الى عُشر كلفة البرميل المُنْتَج من روسيا. فالسعودية ليست فقط أكبر مُنْتِجَة للنفط في العالم، و لكنها تملك أضخم أحتياطي مُعْلَن، في الوقت الذي يملك العراق أضخم أحتياطي غير مُعْلَن. و إضافة الى هاتين الصفتين، ففي إمكانها المحافظة على ثبات أسعار النفط في السوق بزيادة الإنتاج أو خفضه حسب متطلبات السوق العالمي. و بسبب كل هذا ، فإن الفقدان السريع لشبكة إنتاج النفط السعودي سيشل الإقتصاد العالمي و يسبب إنهيار الأسواق المالية و يعيد العالم أجمع الى أيام انهيار الإقتصاد الأمريكي في 1930، إنْ لم يكن أفظع منه. و لهذا، فإن حقيقة كون الولايات المتحدة لا تستورد معظم إحتياجاتها النفطية من منطقة الخليج العربي هي مسألة بعيدة عن الواقع. فإذا كان مقدَّراً أن يتوقف إنتاج النفط السعودي لأيّ سببٍ كان، فإن أسعار النفط سترتفع بجنون، مدمِّرةً الإقتصاد الأمريكي و أقتصاد العالم بدورِهِ.
و يُشْغِلُ بال الولايات المتحدة أيضاَ كيفية منع قيام أيّ دولة تحاول السيطرة على المنطقة و مصادِرِها النفطية لإستخدامها في إبتزاز العالم. و لهذا، فإن المصلحة الأمريكية تستدعي تأمين قوة عسكرية في منطقة الخليج العربي ذات الموقع الإستراتيجي الحرج و القريب من مناطق الشرق الأوسط و آسيا الوسطى و شرقي أفريقيا و جنوب آسيا. و يعود الفضل الى التواجد العسكري الأمريكي الكثيف في منطقة الخليج الى الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين الذي بغزوِهِ الكويت وضع تخويل الأُمم المتحدة الشرعي للتحشّد العسكري الأمريكي و الدولي في إناءٍ من ذهب و تقديم هذا الإناء الى الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش مع المباركة السياسية لساسة العرب مصحوبة بفتاوي أئمَّتِهِم من وعاظ السلاطين بجواز قتال صدّام.

هناك ثلاثة مشاكل من الممكن أن تسيطر على أمن الخليج العربي في خلال السنوات القادمة، و هي الوضع الأمني العراقي الصعب، برنامج السلاح النووي الإيراني، و عدم الأستقرار الداخلي لدول مجلس التعاون الخليجي (السعودية، البحرين، عُمان، قطر، الكويت و الإمارات العربية المتحدة).
ضمن نتائج التناقض الحاصل في الأمر العراقي، فإن أي عراقي يملك قوة كافية لموازنة قوى ايران و احتوائها سيكون بطبيعة الحال عراقاً قادراً على اجتياح الكويت و السعودية، إذ كانت هذه بالضبط هي المشكلة التي واجهتها المنطقة في نهاية الحرب العراقية-الإيرانية عندما نتج عن تدمير العراق للجيش الإيراني و قوتها الجوية و فتح طريق الكويت أمامه مُهدِّداً آبار النفط السعودية.
و تشير تقارير الإستخبارات الأمريكية مع التقارير المحايدة من لجنة الطاقة الذرية الدولية أن ايران قد خطت خطواتٍ حثيثة نحو إنتاج السلاح النووي، أي قنبلة واحدة أو إثنتين قبل نهاية هذا العام. و على عكس الحالة في العراق، حيث كان التدخل الوقائي (كما أطلقت أمريكا على عملية الغزو آنذاك) خياراً عملياً، و كان بإمكان الولايات المتحدة أن تغزو و تحتل البلد من دون تعبئة قتالية ضخمة حيث كانت الأبواب مُشَرَّعة أمامها بسبب توافر عدة أسباب داخلية، إنْ كانت إجتماعية و أقتصادية و عسكرية و سياسية و غيرها. و هذا الأمر بعيدٌ جداً عن واقع الحالِ مع ايران. فمساحة ايران أكبر بأربع مرات من مساحة العراق، و سكّانها أكبر بثلاث مرات من سُكّان العراق، و مسالكها أصعب، والشريحة المتديِّنة من شعبها مُلْتفَّةٌ حول القيادة السياسية-الدينية...على الأقل ضد أي تهديد خارجي، وعلى الرغم من النفور الموجود بين الشريحة الليبرالية الشابة و تلك القيادة فإن طبيعة التكّبُّر و الأستعلاء الفارسية تجعلهم يقاومون أي غزوٍ خارجي. فغزو ايران صعب جداً و هو خيارٌ لا يمكن التفكير فيه.

و على أرضِ الواقع، هناك إمكانية قوية جداً أن تحلَّ القضية النووية الإيرانية مشكلتَها بنفسها. فالشعب الإيراني لا يشعرَ بسعادةٍ عميقة تجاه رجال الدين الرجعيين في مركز السلطة في طهران، و منذُ 1997 صوَّتَ الشعبُ باستمرار ضدَّ المتشددين. و يُشَكِّلُ الشباب نسبة عالية في المجتمع الإيراني، فنسبة 37.4 بالمائة من الشعب تحت سن 15 سنة و 3.4 بالمائة فوق 65 سنة من العمر، و قد عارضت هذه الفئة العمرية (الشباب) النظامَ الحالي لمراتٍ عديدة خلال السنواتِ الماضية، و هي تفضِّلُ نظاماً ديمقراطياً حُرّاً على نظامٍ ديني متشدَّدٍ رجعي. و اعتماداً عى كلِّ هذا، سيحل الوقت هذه القضية لصالح الإصلاحيين الذين أظهروا اهتمامَهم بإقامة علاقاتٍ حسنة مع الولايات المتحدة.
و يبقى سؤالٌ مهمٌّ وهو: هل سينتصر الإصلاحيون في ايران على رجال الدين المتشددين؟ و متى؟ و ليس واضحاً أيضاً إذا كان حكم رجال الدين سيسقط قبل أن تحصل ايران على السلاح النووي.و لهذا السبب تتحضر الولايات المتحدة لإحتواء الأمر اذا حصلت ايران على السلاح النووي بوجود النظام الحالي.

من الواضح أن ايران ترغب في الحصول على السلاح النووي لردع أي هجومٍ أمريكي محتمل، و عند حصولها عليه ستتغيَّر حساباتها الإستراتيجية و يمكن أن تتبنّى سياسة خارجية أكثر هجومية. و بما أن القوات المسلحة الإيرانية ضعيفة لتتوغل عبر العراق نحو شبه الجزيرة العربية أو تعبر الخليج العربي نحوها. و لهذا إن الخطر الإيراني لإغلاق مضيق هرمز بالسلاح التقليدي أمام إبحار السفن و الناقلات العملاقة هو أمرٌ غير وارد. فإن تواجد قوة أمريكية متميِّزة على طول الخليج العربي لردع أي ابتزاز يبقى الخيار الأسوأ...و هذا ما فعلته الولايات المتحدة منذ الإنسحاب البريطاني في 1968، و خاصة في حربي 1991 و 2003.

أمن منطقة الخليج العربي
إن أفضل طريقة متحفظة لضمان أمن الخليج العربي هو الرجوع الى الإستراتيجية الأمريكية القديمة في المراقبة من السواحل القريبة من المناطق الحارة. لقد حاولت أمريكا هذا الأسلوب من "التواجد" في السبعينات و الثمانينات من القرن الماضي و فشلتْ لأن ايران و العراق كانتا في أوج قوتهما و لم يكن الظهور الأمريكي فوق الأُفقِ رادعاً ما فيه الكفاية... و لكنهما الآن أصبحتا ضعيفتين جداً و من المؤمَّلِ أن تبقيا هكذا...إلاّ إذا حصلت ايران على السلاح النووي. و ردَّدَتْ واشنطن عدة مرات أنها ستتدخَّل في الخليج العربي لحماية مصالحها و منع أي هجوم عليها و على مصالح حليفاتها. و هذا ما فعلته في حرب 1991 إذ دخلت المنطقة بالحفاوة و الترحيب و الزغاريد. فمن الممكن أن تنجح هذه الإستراتيجية بسبب ضعف دول المنطقة كما أسلفنا في أعلاه.
سيقلل إتباع هذا الأسلوب من الوجود الأمريكي في المنطقة، هذا الوجود الذي تَسْتَغِلُّه الجماعات الإسلامية المتشددة في دعاياتها المضادة له واصفة إيّاه بالوجود الكافر بعد أن نسي الجميع كيف هلّلوا له و أفْتوا لصالحه تمهيداً لحرب 1991. و مع هذا الإنسحاب المكثّف و التواجد الأقل، من الممكن أن تبقى الولايات المتحدة في قاعدتها البحرية في البحرين مع بعض التواجد في الكويت و قطر. و إذا كانت الحكومات العراقية المرتقبة سهلة الإنقياد، ستحافظ واشنطن على تواجد برِّيٍّ رمزي مع تحويل إحدى القواعد الجوية العراقية الى أميريكية...في الوقت نفسهِ تقوية قاعدتها العسكرية في جزيرة دييكو كارسيا بالمحيط الهندي للتعويض عن النقص العسكري الحاصل في بلاد العرب.
هناك طريقة ثانية للمحافظة على أمن الخليج العربي هي في خلقِ كيانٍ دفاعيٍ إقليمي كما كان الحال في أوروبا بولادة حلف الناتو في أثناء الحرب الباردة.ففي عام 1954 أقْنَعَتِ الولاياتُ المتّحدة كلّا من العراق و ايران و تركيا و باكستان و المملكة المتحدة (التي كانت تتسيَّد الشرق الأوسط آنئذً) على التوقيع على معاهدة حلف بغداد للدفاع المشترك. إنسحبَ العراق بعد أربع سنوات (بعد إنقلاب 14 تموز 1958) و بقيت ايران و باكستان و تركيا لتكوين منظمة الحلف المركزي (CENTO) التي أصبحت الذراع الأميركية لتسليح و تقوية شاه ايران للسنوات العشرين المقبلة. و لم ينجح هذا التحالف لوجود مشاكل أمنية إقليمية لكل واحدةٍ من عضواتِهِ (باكستان مع الهند، تركيا مع كل من الإتحاد السوفييتي السابق و اليونان و ايران مع تتابعات الشرق الأوسط).
من الممكن أن تُنشئ الولايات المتحدة حلفاً دفاعياً رسمياً من دول مجلس التعاون الخليجي و العراق الجديد، و يكون الهدف من هكذا حلف قبول الأميركيين في الداخل، إبعاد الإيرانيين الى الخارج و دفع العراقيين نحو حالة ضعفٍ أكبر.
إذا كانت مساوئ الطريقة الأولى صعوبة الرد على عدوان خارجي على منطقة الخليج لضعف التواجد الأميركي في الداخل، و إن الطريقة الثانية ستجلب حالة تواترٍ داخلي في دول المنطقة بسبب الأحلاف و الإتفاقياتِ العسكرية، هناك طريقةٌ ثالثة تجمع الأولى و الثانية مع بعض و تُجبر الجميع على الجلوس حول مائدة مناقشاتٍ و مفاوضات مشتركة لبحث المشاكل معاً فتوفرعلى الولايات المتحدة الجهدَ الكثير في الحفاظ على أمن المنطقة. و من الطبيعي أن يجمع هكذا حلف بين الولايات المتحدة و العراق و ايران و دول مجلس التعاون الخليجي.
فيما يخص دول مجلس التعاون الخليجي مثلاً، ذا نجح الحلف في قلع أنياب ايران و تحديد الإقامة على العراق، فإن المشاكل الأمنية لدول المجلس ستُحَلّ من دون وجود ثقلٍ عسكريٍّ أميريكي قوي، أي أن العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة و دول المجلس ستكون أقل وطأة على شعوب الأخيرة.
أما فيما يخص ايران، فقد طالبت في السنوات العشرين الأخيرة أن تولي الولايات المتحدة و العراق (القوي آنئذٍ) و دول مجلس التعاون الخليجي قضيتها الأمنية الإهتمام و الجدية...و ستعطي هذه العمليةُ ايرانَ و للمرة الأولى، الفرصة لمناقشة مشاكلها مع هؤلاء بكل صدقٍ. فدعوة ايران لمناقشة مشاكل المنطقة الأمنية على مائدة مفاوضاتٍ مشتركة مع الولايات المتحدة ستعطي ايران ذلك الإنطباع أنها تلقّت ذلك الإحترام الذي تستحقه من واشنطن. و هذه العملية هي الطريقة الوحيدة و الممكنة التي تستطيع ايران بواسطتها التأثير على قوة أعتى منافساتها، الولايات المتحدة...و كما فعلت واشنطن في أوروبا في أثناء الحرب الباردة، عليها أن تقبل، و لو بالحد الأدنى من التنازلات الإقليمية التي سيكون الثمن المناسب لإحتواء ايران، و اذا عارض صقور ايران هكذا إتفاق فإنهم سيعزلون أنفسهم محلياً و عالمياً و يكونون في موقفٍ لا يُحسدون عليه مع الشعب الإيراني. و سيتأكد المتفرج من الخارج في الوقت نفسه أن ايران رفضت غصن الزيتون و أنها لا تُعْنى بالوسائل السلمية لبحث مشاكلها الإقليمية.

و أخيراً، للحفاظ على أمن منطقة الخليج العربي لضمان تدفق النفط الرخيص باستمرار و لقرنٍ من الزمان على الأقل، على جميع دول المنطقة، مع الولايات المتحدة، أن تقدِّمَ بعض التنازلاتِ فيما بينها للوصول الى حالة من الأمن و الإستقرار للجميع، فليس بمقدورِ أحد أن يتصرف بالنفط تصرُّفاً مطلقاً حسب أهوائِهِ حتى لو كان ينبع من داخل أرضهِ، و ليأخذ الجميع من دروس التاريخ الحديث عبرة.

آرا دمبكجيان



#آرا_دمبكجيان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيء من التاريخ عن العلاقات العربية-التركية
- المسؤولية الأخلاقية في شحة مياه الأنهر العراقية
- بروتوكولات حكماء الأناضول


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرا دمبكجيان - مصلحة أمريكا في صيانة أمن الخليج العربي